في المقال السابق تطرقت الى الاخطار المحدقة بالاقليم ونوهت الى تاريخ 19 آب موعد انتهاء مدة السيد رئيس الاقليم مسعود برزاني وخطورة حدوث الفراغ السياسي والاداري في الاقليم وقد ركزت على الازمتين الاقتصادية والسياسية و التي ستؤدي الى كوارث رهيبة.

كيف يمكن للاقليم تجاوز المحنة التي يعانيها و منع حصول الكارثة التي تهدد مصير الاقليم ووجوده؟

تجدون مايلي اقتراحات عملية وبشكل مبسط وقابل للتطبيق اذا خلصت النوايا ، علما انها عبارة عن عناوين عريضة و رؤوس اقلام لا بد من التعمق فيها وذلك من خلال تشكيل لجان مختصة تشمل اختصاصيين وخبراء اكاديميين وكذلك سياسيين لهم تجارب في الحياة العملية من خلال الممارسة.

بالرغم من بساطة الاقتراحات الا ان آليات التطبيق وتهيئة الظروف وتحقيق التوافق ليس سهلا بل يجب بذل جهود وطاقات جبارة للوصول الى الاهداف المرجوة.

علينا ان لا ننسى ان هناك قلق كبير من ان تتجه بعض القوى الى التخلص من الازمة الحالية وذلك باحداث ازمات اكبر واخطر بهدف استمرار الاوضاع على ماهي عليه وهي:

ــ اعلان دولة كردستان دون تهيئة الظروف اللازمة لانجاز الاستقلال اقليميا ودوليا وبالاخص تهيئة الاقليم بالذات لاسيما في ظروف الازمات التي تحدثنا عنها في الحديث السابق.

ــ انشاء اقليم جديد في السليمانية.

ــ دخول بيشمركة روجآفا الى كردستان سوريا دون التمهيد الكافي للاتفاق مع وحدات الحماية الكردية والادارة الذاتية وبقية القوى الاخرى من المعارضات والنظام.

حال الاقليم هو انه يراوح داخل حلقة مفرغة لا بد من تحطيمها وذلك من خلال الانتقال الى مرحلة انتقالية او حالة طوارئ استثنائية لترتيب الامور للانتقال الى حالة صحية للخروج بالدرجة الاولى من مرحلة الحزبوية الحالية وبناء المؤسسات الحكومية وتوحيد الادارتين هوليراربيل سليمانية على اسس علمية حديثة.

الاقتراحات يمكن تقسيمها الى تدابير عاجلة وتدابير متوسطة المدى واخرى على المدى الابعد:

التدابير العاجلة ويجب ان تتحقق قبل تاريخ 19 آب وهي:

&

في المجال السياسي:

ــ تمديد فترة السيد رئيس الاقليم السيد مسعود برزاني لسنة مع امكانية التبديل في بعض الصلاحيات او تقاسمها مع الحكومة. في حال عدم التوافق يمكن تشكيل هيئة للرئاسة من ثلاثة اعضاء ا و على الاكثر من خمسة اعضاء من زعماء الاحزاب لتقديم الدعم لحكومة ستقوم باجراء التغييرات الجذرية في ادارة الاقليم حتى يتم وضع القطار على السكة. يمكن تسمية هذه الفترة بـ: مرحلة الحكم الانتقالي.

او دخول زعماء الاحزاب الممثلة في البرلمان في اجتماع متواصل الى ان يتم التوافق على رئيس مؤقت للاقليم اي حتى خروج الدخان الابيض.

التوافق على رئيس جديد للاقليم وضمن فترة زمنية قصيرة والتي لا تتجاوز اربعة اسابيع يكاد يكون مستحيلا والفراغ السياسي يعني الانتحار وانهيار الاقليم.

ــ تشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين الذين يتمتعون باحترام ابناء الاقليم والمشهود لهم بالاستقامة والنزاهة والكفاءة.عدد اعضاء الحكومة يجب ان لا يتجاوز عشرة وزراء.

ــ اعطاء صلاحيات واسعة للحكومة من قبل البرلمان ورئاسة الاقليم ووضع حد للبيروقراطية لاحداث التغييرات بالسرعة اللازمة.

ــ يستمر البرلمان في اعماله على ان تكون مهمته الاساسية دعم الحكومة وتسهيل اعمالها.

ــ من الافضل ان يركز البرلما ن على اعمال الرقابة والتفتيش على اعمال الحكومة والمحافظين والبلديات لاسيما في مجال واردات النفط وحصرها في يد الحكومة وادارتها بشفافية مطلقة لا تضر بالشؤون الامنية ولوضع حد للاتهامات التي لا يجهلها احد.

ــ التخلص من تسلط الاحزاب على الجهاز التنفيذي اي على الوزارات وبقية ادارات الحكم من محافظات وبلديات....الخ. الوضع الحالي للاقليم بما فيه وجود ادارتين هو نتيجة النظام الحزبوي الحالي وليس للمريخ اي دور فيه

طبعا لا يمكن حذف الاحزاب من الحياة السياسية ولكن يجب العمل خلال هذه الفرة الانتقالية الاستثنائية ان تترك الاحزاب الصراع على الامتيازات وهدر اموال الشعب والثراء على حسابه و العمل على ان تتحول الاحزاب الى منظمات سياسية مدنية كما هو الحال في جميع الدول العادية للتنافس المشروع من خلال تقديم المشاريع وخدمة الشعب وليس تأليه القيادات والنخب والتسلط على رقاب المساكين

ــ حرية الصحافة بكل معنى الكلمة دون كلمات مثل ولكن او ماشابه... اي دون استثناء وفي حال التجاوزات من قبل الصحافة او الصحفي يكون الفصل والتحكيم عن طريق القضاء فقط.لن تكون هناك اية سلطة تقف في وجه حرية الصحافة الا في امر واحد وهو التعرض لحرية وكرامة المواطن او المسؤول كشخص. تفعيل دور نقابات واتحادات الصحافيين لوضع مبادئ العمل الصحفي وحماية الصحفيين وفي نفس الوقت التأكد من ان الصحفي ايضا لا يتجاوز حدود الاخلاق والمهنية العالية.

ــ منح الدور الفعال والمؤثر لمنظمات المجتمع المدني والنقابات

ــ توحيد الاقليم بشكل كامل دون اية استثناءات وتوحيد المؤسسات وانهاء ازدواجية الحكم بين اربيل والسليمانية وهذا لا يتحقق الا من خلال حكومة من المستقلين المذكورة اعلاه. لابد من التخلص من الميليشيات جميعا بلا استثنا

ــ الاقلاع عن تقديس المناصب والجميع في ادارات الاقليم هم مستخدمون يعيشون من اموال الشعب ويجب ان يعلم اي مسؤول ان مهمته هو الخدمة وتطبيق القانون واحترامه ليس الا

ــ لا يحق لاعضاء الحكومة المؤقتة ممارسة السياسة بعد انتهاء مهمتهم وذلك بعدم الانتساب الى الاحزاب او تقلد مناصب سياسية في الحكومات القادمة واجهزتها. يمكن ترشيحهم في العمل في المؤسسات المستقلة عن الحكومة او ترشيحهم للعمل في السلك الخارجي في سفارات الدولة الاتحادية لخدمة الشعب العراقي باجمعه.

&

في مجال القضاء:

قبل الدخول في التفاصيل اود ان انوه ان السجون واحوال السجناء هو جرح عميق غائر في معظم الدول المتخلفة. يجب البدء قبل اي تدبير في مجال القضاء هو اتخاذ تدابير فورية لتحسين اوضاع السجناء وهنا لا اعني سجون المخابرات او التعذيب وانما السجون العادية. السجون هي للاصلاح وليس للعقوبات. الحالة المزرية في السجون تعكس العقل المتخلف لحكام الاقليم واحزابه كما ان تلك السجون تتحول الى مكان لتحويل الاسوياء الى مجرمين بعد الخروج من السجن.

عدم وجود العدالة في اي مجتمع ستكون النتيجة انتشار الفساد والرشوة ممهدا الطريق للانهيار الاخلاقي الذي يسبق انهيار الكيان و المؤسسات بالكامل.

جهاز القضاء او المؤسسة العدلية يجب ان يكون مستقلا تماما عن الجهاز التنفيذي اي عن وزارة العدل او الحكومة. تعيين ونقل القضاة لن يكون عن طريق وزير العدل وانما سيكون بيد الهيئة القضائية العليا التي تضم كل المحامين والقضاة والمدعين العامين في جميع انحاء الاقليم. هذه الهيئة تختار اداراتها عن طريق انتخابات حرة مباشرة لجميع المنتسبين اليها دون اي تدخل من الحكومة. يمكن الاستفادة في هذا المجال من الهيئة العليا للقضاء المستقلة من الجار التركي بالرغم من وجود ثغرات في مناهجها. هذه المؤسسة في تركيا كان السلاح الاقوى في يد الدولة السرية التركية والتي تمكن فيه العسكر من التسلط الكامل على الدولة لمدة تسعين عاما من خلال تحكمه بجهاز القضاء في الدولة تبرئ المجرم وتجرم البريء وتلقي بالمنافسين السياسيين والمعارضين في غياهب السجون او تصفيتهم الى ان تم تبديل نظامه وقوانينه قبل سنوات قليلة مضت.

&

هذه الهيئة هي الجهة الوحيدة التي تقوم بتعيين القضاة ونقلهم ومحاسبتهم وتقديمهم الى المحاكم لمقاضاتهم.

ــ منح رواتب عالية للقضاة حتى يكون دافعا قويا للصمود في وجه الاغراءات والرشاوى

ــ الكل يتكلم ويشكو من الفساد. الجهاز القضائي المستقل هو العامل الحاسم الوحيد لاقتلاع جذور الفساد والرشوة والاستبداد

اذن الخطوة الاولى هو البدء في تشكيل الهيئة العليا للقضاة والمحامين واجراء انتخابات حرة فيها

&

في مجال الامن

ــ تشكيل مجلس امن الاقليم على غرار مجالس الامن القومي في بقية دول العالم لمراقبة الامن والنظام والاشراف على الشؤون الخارجية واصدار التوصيات الللازمة للحكومة

ــ الاقليم نجح في مجال الامن وبامتياز و كذلك البيشمركة في دحر داعش ونتمنى لهم التوفيق والاستمرار

ــ تشكيل قوات مسلحة محترفة و ليس التجنيد الاجباري وانما من افراد يختارون المهنة العسكرية عملا مع منحهم اعلى الرواتب في الاقليم كأن يضاهي راتب الطبيب او الوزير على ان تكون رواتب الافراد والضباط متساوية. الهدف هنا هو ان يأتي الجندي طوعا وبملئ ارادته عن طريق الاغراءات الجيدة في حياة كريمة من راتب وسكن وووو...الشرط الوحيد للقبول هو البنية القوية والذكاء ومتماسك من الناحية النفسية

جندي واحد محترف يعادل في امكاناته ما يعادل عشرات اضعاف ما يمكن ان يقدمه عسكري بسيط يعيش على الكفاف يحتار في ايجاد لقمة الخبز الى افراد اسرته

البيشمركة والاسايش هو للدفاع عن الاقليم وابنائه وليس لحراسة بيوت اصحاب الكروش وشراء البطيخ والبندورة وحفاضات الاطفال

الجيش المحترف سيكون افضل حل لايجاد الفرص الجيدة لحاملي الشهادات الجامعية الذين لا يجدون وظائف للعمل.الاعداد الهائلة من الجامعيين العاطلين عن العمل هي ازمة كبيرة وستؤدي الى مشاكل وانفجارات اجتماعية وامنية خطيرة في المستقبل القريب.

دونما شك ستكون الافضلية هنا للتطوع لافراد البيشمركة الابطال وذويهم على ان يجتازوا الامتحانات البدنية والنفسية الشاقة والخاصة بالجندي المحترف. ومن لا ينجح من البشمركة سوف يتم تشكيل وحدات خاصة منهم ليعيش مرفوع الرأس مكرما في مجتمعه كامانة موجودة على اكتافنا نعيده الى من يستحق وبكل جدارة

ــ تطوير المؤسسات المهتمة بالشهداء وهذا موضوع فوق كل الاعتبارات وليس من السهل تناوله في هذه العجالة

ــ تشكيل جهاز استخبارات متطور على اسس علمية قوامه اصحاب شهادات جامعية ومن اصحاب الكفاءات العالية ويجب ان يعمل من اجل امن شعب الاقليم وامن ابناء الاقليم وليس بالتجسس عليهم لخدمة السلطات والاحزاب كما هو في الانظمة المستبدة. في الديكتاتوريات تعمل المخابرات على التجسس على المواطن وتحصي عليه انفاسه وهذه هي احقر مهنة على وجه الارض عندما تمارس بهذا السلوب الرخيص. عمل الاستخبارات هو حماية الوطن و المواطن والمحافظة على كرامته وليس التجسس عليه وخرق حرمات الفرد والمجتمع لاجل حفنة تجلس على كراسي السلطة

ــ تشكيل مراكز للابحاث في جامعات الاقليم مهمتها تطوير اسس ومبادئ اجهزة الحكم من خلال المتابعة المستمرة وتقديم نتائج الابحاث مع الاقتراحات اللازمة للبرلمان والصحافة والحكومة بشكل متواصل

سوف احاول العودة قريبا لاكتب الاقتراحات في المجال الاقتصادي وهو الاهم والاصعب والاكثر تعقيدا وتنفيذا

......

اكرر هنا ان الغاية من هذه الكتابات هو ايجاد الحلول وليس الشماتة او الانتقام او القاء التهم جذافا ضد اي تنظيم او شخص. كما ارجو من الذين يكتبون التعليقات في ايلاف ان لا يلقوا التهم والشتائم ضد اي كان. ارجوا منهم ان لا يحولوا ساحة التعليقات الى ميدان لتصفية الحسابات او الانتقام بل اتمنى ان يأتوا باقتراحات وحلول افضل. الهدف هو اطفاء الحريق وليس صب الزيت على النار

&

كاتب كردي

[email protected]

&