- أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.
&
قبل مايزيد عن شهر وبعد أن يئست من المواقف المتعنتة لحزب بارزاني تجاه مسألة إنتخابات رئاسة الإقليم وإصراره على ترشيح رئيسه مسعود بارزاني لدورة رابعة على الضد من كل القوانين والأعراف المعمولة، وسعيه لإحتكار المنصب لنفسه ثم توريثه لأبنائه وأحفاده، كتبت مقالا باللغة الكردية في احد المواقع المحلية عبرت فيه عن توقعي بعودة تقسيم الحكومة الى إدارتين منفصلتين كما كان في سنوات التسعينات، حين إنهارت الحكومة الموحدة أثناء الحرب الداخلية بسبب إستقدام حزب بارزاني لدبابات جيش صدام حسين لإحتلال أربيل في 31 آب 1996، وإستمرار الحال الى عام 2005 حين تشكلت حكومة موحدة بقيادة نيجيرفان بارزاني، وإنيطت رئاسة الإقليم بمسعود بارزاني مقابل تسليم منصب رئاسة الجمهورية ببغداد للزعيم جلال طالباني..
&
وبعد يوم واحد من نشر ذلك المقال أصدر رئيس الإقليم مسعود بارزاني بيانا رئاسيا رسميا وصفني فيه بالخائن لأني دعوت الى تقسيم كردستان. وضم البيان أيضا إتهامات مباشرة الى زميل آخر من كتاب كردستان بالعمالة لإيران،وطال قياديا آخر بحزب العمال الكردستاني الذي دعا الى تشكيل إدارة ذاتية لليزيدبين في سنجار.نحن الثلاثة اتهمنا بالسعي الى تدمير كردستان عبر تقسيمه، وانهالت ردود الفعل الرافضة السياسية والشعبية لذلك البيان الرئاسي..
&
منذ ما يزيد عن شهر أيضا يسعى حزب بارزاني وبجهود حثيثة لتجديد ولاية مسعود بارزاني لدورة رابعة، ويكرس كل أقلامه المأجورة وإعلامه الرسمي وإعلام الظل، ويسخر جهود سياسيه من أجل إنتزاع موافقة الأحزاب الأربعة الرئيسية والسماح لبارزاني بولاية رابعة.. علما بأن هذا الحزب نفسه بذل جهودا جبارة أثناء إنتهاء ولاية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لمنعه من الحصول على ولاية ثالثة، وهذا دليل على لامبدأية مواقف هذا الحزب السياسية وحرصه على مصالحه الشخصية.
&
ولكن يبدو أنه لاجهود قيادات حزبه ولا تهديدات أعوانه، ولا كتابات مرتزقته شفعت لهذا الحزب بالحصول على موافقة الأحزاب الرئيسية الأخرى على تمديد ولاية بارزاني، لذلك خرج علينا كاتب مقرب من نائب رئيس الحزب نيجيرفان بارزاني بمقال نشره في موقع كردي تابع له يدعو فيه ايضا الى تقسيم كردستان الى اقليمين منفصلين، محاولا بذلك طرد الأحزاب المعارضة للتمديد الى خارج الزون الأصفر ( أريبل ودهوك) بغية تمكين العائلة البارزانية من التفرد بحكم هذا الجزء من الإقليم كما كان في السابق دون أي منافسين..
&
ولا أدري ما سيكون حكم رئيس الإقليم مسعود بارزاني الذي إتهمني ببيان رئاسي بالخيانة تجاه هذا الكاتب التابع قلمه لقصر رئاسة الحكومة.
&
جدير بالذكر إن الأحزاب الأربعة الرئيسية ( الإتحاد الوطني وحركة التغيير والإتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية) التي تمتلك بمجملها الأغلبية البرلمانية بمجموع 58 مقعدا ترفض تجديد ولاية&بارزاني وتعمل مجتمعة على تكريس الأسس الديمقراطية الصحيحة بإقليم كردستان عبر فرض مسألة التداول السلمي للسلطة وعدم السماح لأي كان التلاعب بمصير الأمة من خلال إنتهاك القوانين وترسيخ الحكم الدكتاتوري بكردستان.
&
وفي آخر محاولة بذلها نيجيرفان بارزاني رئيس الحكومة وصهر رئيس الإقليم وإبن شقيقه مع كل من الإتحاد الوطني وحركة التغيير، تلقى منهما صفعة قوية لأول مرة في تاريخ هذا الحزب.
&
فقد أبلغه الدكتور برهم صالح الذي تولى قيادة وفد الإتحاد الى المحادثات" أن حزبه لن يكرر الخطأ الفادح الذي إرتكبه بتمديد ولاية بارزاني لسنتين من قبل البرلمان عام 2013، وهو غير مستعد لدفع الثمن باهضا لخيانة أخرى للشعب ولأنصاره، وعليه فإنه لايوافق بتمديد الولاية ويصر على تغيير النظام السياسي الرئاسي الحالي الى النظام البرلماني الديمقراطي، وتقليل صلاحيات رئيس الإقليم وجعله تشريفاتيا فقط، مع إجراء إنتخابات رئاسة الإقليم من داخل البرلمان وليست إنتخابات مباشرة.
&
وحاول نيجيرفان، كعادة قيادات حزبه بإتباع سياسة( فرق تسد) أن يخدع قيادة الإتحاد الوطني بعرض إمتيازات جديدة على قيادة الإتحاد من خلال إدارة الإقليم بصفة مشتركة بعد طرد الأحزاب الثلاثة الأخرى من العملية السياسية، لكن قيادات الإتحاد وعلى رأسها برهم صالح رفضت هذا العرض أيضا، وأصرت على موقفها الثابت.
&
أما رئيس حركة التغيير السياسي الكردي نوشيروان مصطفى فقد كان أكثر حدة في رده على طلب نيجيرفان بارزاني بتمديد ولاية عمه لسنتين أخريين حين قال" هناك مشروع قدمناه لتعديل قانون الرئاسة الذي لايسمح بإعادة ترشح بارزاني، وعليكم تقديم مشروعكم لينضم الى المشاريع الأخرى وسنتناقش حولها جميعا، وشدد مصطفى أيضا على تغيير النظام السياسي وإجراء الإنتخابات من داخل البرلمان وجعل المنصب تشريفيا. وحين رد نيجيرفان عليه بأن النظام الرئاسي في أمريكا هي أفضل الأنظمة نموذجا. قاطعه رئيس حركة التغيير قائلا" لاتذهب بعيدا بإيراد أمثلة حول النظم الرئاسية بأمريكا وأوروبا، بل تحدث عن الأنظمة الرئاسية من حولنا بالمنطقة، وأنظر الى ماذا آلت الشعوب الرازحة تحت نير هذه الرئاسات في مصر مبارك وسوريا الأسد. وحاول نيحيرفان أن يمن عليه بإشراك الحركة في حكومته، فرد نوشيروان" عليكم أن تشكروننا على مشاركتنا بحكومة فاشلة وعاجزة كحكومتكم والتي تسلمنا منها وزارتي المالية والبيشمركة وهما من أكثر الوزارات معاناة من الأزمات والمشاكل المستفحلة، وإن كنتم تريدون إستعادتهما فخذاها فلا حاجة لنا بهما".
&
وعاد نيجيرفان بارزاني خالي الوفاض بعد أن رشحه حزبه ليكون رئيسا للوفد على إعتباره أكثر القيادات الحزبية إحتراما لدى الآخرين، ولكن تصرفات ومواقف حزبه الأخيرة هي التي أفشلت جهوده وأعاده بخفي حنين.
&
الآن دعونا نتساءل عن أسباب هذا الكره الشعبي والحزبي تجاه حزب بارزاني، ولماذا تفشل كل الجهود الجبارة التي يبذلها قيادييها من أجل الحصول على مجرد سنتين إضافيتين لولاية مسعود بارزاني رغم أن هذا الحزب يدعي أنه بات قاب قوسين أو أدنى من إعلان الدولة الكردية المستقلة:
&
- أراد حزب بارزاني مع إقتراب إنتهاء ولاية رئيس الإقليم أن يستعرض عضلاته كما إعتاد على ذلك في غياب الحكمة السياسية لدى قيادته، فخرج عدد من قيادييه بتصريحات تهدد بالويل والثبور لمن يرفض تمديد ولاية بارزاني، ودفعت تلك التصريحات بإثنين من أعضاء كتلته البرلمانية الى توجيه عدة لكمات لنائب عن حركة التغيير ببرلمان كردستان بسبب تصريحه أن مسألة ولاية الرئيس هي مسألة قانونية، ولكن نائبين عن حزب بارزاني إعتبرا ذلك مساسا بقدسية بارزاني فضربا نائب التغيير تحت قبة البرلمان، وقد باركت قيادة حزب بارزاني لاحقا هذا التصرف الطفولي من نائبيه،ما أثار غضب رئيس حركة التغيير وبقية الأحزاب الكردستانية التي توقعت أن تواجه نفس ردود الفعل الصبيانية في حال التعبير عن مواقفها السياسية، ولذلك حصل نوع من التضامن والتقارب بين الأحزاب الأربعة فعملت مجتمعة على تقديم مشروع يكاد يكون موحدا لإزاحة بارزاني عن السلطة وإضعاف حزبه، ولعل المواقف الحازمة والقوية من رئيس حركة التغيير أثناء لقائه بنجيرفان بارزاني والوفد المرافق له هي رد فعل لما قام به نائبا حزب بارزاني داخل البرلمان بضرب النائب وإسقاط هيبة البرلمان، وهكذا كان ثمن اللكمتين هي رفض ترشيح بارزاني. وهكذا تجني قيادات هذا الحزب على نفسها وزعيمها بتلك التصرفات الصبيانية والتصريحات اللامسؤولة بإحداث الحرب الداخلية وغيرها من التهديدات العنترية.
&
- يسعى حزب بارزاني للحصول على ولاية ثالثة ورابعة وخامسة وعاشرة، لكنه يفتقر الى الأدوات التي تساعده على ذلك. من أهم تلك الأدوات هي تحقيق بعض المكاسب المهمة للشعب لكي يحصل على دعمه أثناء مثل هذه الأزمات.. فالمعروف أنه منذ أن تولى هذا الحزب السلطة بكردستان عبر رئاسته لأربع ولايات للحكومة لم يستطع هذا الحزب من تحقيق أية مكاسب مهمة للشعب. بل أغرق الإقليم في فساد عظيم بحيث باتت حتى ثروات الشعب تدخل في جيوب العائلة وأعوانها وحتى الموظفين لم يتسلموا رواتبهم وهي قوت عيالهم. بمقابل ذلك نرى بأن نجل رئيس الحكومة وهو نائب رئيس الحزب يبعثر أموال الشعب على المغنيين الأميركيين في وقت لا يملك أفراد البيشمركة ما يدفعون به إيجار منازلهم.. وتقوم الحكومة بتسجيل ملكية الساحات والملاعب الرياضية بإسم منظمات شبابية حزبية تابعة لها، وتخصص عشرات الآلاف من الدونمات لأعوان هذا الحزب تحت إسم مشاريع إستثمارية،وهناك تجاوزات بآلاف الدونمات على الأراضي الزراعية حسب وزير الزراعة من قبل أعضاء هذا الحزب، الى جانب تكريس المناصب والوظائف لخاصة لانصار هذا الحزب فقط. ومقابل كل هذه التصرفات السيئة يعتمد هذا الحزب على بعض الإقلام المأجورة مدفوعة الثمن وعلى مستشاري السوء من فلول البعث السابق يزينون له الدنيا وكأنه " شام شريف" مصورين كذبا تقدم الإقليم في ظل حكم آل بارزان، محاولين بذلك زرع الأوهام بعقول قياديي هذا الحزب للحصول منهم على المزيد من السحت الحرام..
&
إن هؤلاء الكتاب وبعض المأجورين من أصحاب التعليقات على المقالات يتاجرون بآلام الشعب، ويحاولون زرع الأوهام بعقول قيادات حزب بارزاني كما فعل مرتزقة صدام وبشار وغيرهم من الدكتاتوريين الذين إنخدعوا بمثل تلك الكتابات الرخيصة والمتزلفة، وإلا كيف يمكن إختزال نضال الشعب الكردي طوال ثمانية قرون بعائلة واحدة هي العائلة البارزانية، وأين ذهبت تضحيات مئات الألوف من شهداء الحركة التحررية من كل عوائل وعشائر كردستان، ولماذا تسجيل جميع الثورات الكردية ماركة مسجلة بإسم عائلة بارزان؟.
&
-اليوم هناك موجة نزوج جماعية للشباب الكردي نحو منافي الأرض مجددا وتشير الاحصائات ان 33 الف شاب هربوا من كردستان خلال الشهرين الماضيين.. فهل سألت عائلة بارزاني نفسها ولو لمرة عن أسباب هروب الشباب من جنة كردستان المزعومة التي بناها آل بارزان. فإذا كانت كردستان كما يصفها مرتزقة الإعلام هي واحة الأمن والآمان وهي أكثر تقدما من سويسرا فلماذا يهجرها شبابها الى منافي الأرض ليعملوا هناك غاسلي الصحون بالمطاعم.
&
إن كانت عائلة بارزان عاجزة عن الرد فأنا سأرد على هذا السؤال..
&
- المواطن الكردي يدخل المدرسة في السادسة من عمره، ويدرس لإثنتي عشرة سنة، ثم يدخل الكلية لأربع سنوات وعندما يتخرج من الجامعة حاملا شهادة تخصصية علمية تقول له حكومة بارزان ليست لدى وظيفة لك، إذهب إعمل صانعا بالمطعم أو بائعا بالسوق أو صباغا للأحذية.
&
- الحكومة تعجز عن تأمين الطاقة الكهربائية، والشاب لايجد تيارا يشغل به جهاز الكومبيوتر. وتقول حكومة بارزان له إذهب وإشتر الكهرباء من المولدات الأهلية بسعر عشرة دولارات للأمبير الواحد.
&
- حكومة آل بارزان عاجزة عن حل مشكلة وقود البنزين رغم أنها ضاعفت ثمنه، ورغم وجود أكثر من 700 مصفاة غير شرعية، والحكومة عاجزة لحد الآن عن بناء ثلاثة مصافي بمحافظات الإقليم لأنهاء هذه الأزمة المزمنة.
&
- لم تستطع حكومة آل بارزان أن تؤمن المواطن صحيا، آخر قراراتها الجائرة أنها أوعزت الى المستشفيات الحكومية بوقف إجراء العمليات القيصرية للحوامل، وتحويلهن الى المستشفيات الأهليةلإجراء تلك العمليات مقابل مليون دينار يجب على العوائل أن تدفعه لكي لا تموت المرأة الحامل.
&
- حكومة آل بارزان لاهي قادرة على بيع نفط الإقليم لتدبير الميزانية، ولاهي تريد التفاوض والإتفاق مع الحكومة المركزية لإستعادة حصة كردستان من موازنة الدولة، فيجوع الشعب ويشحذ المواطن والبيشمركة، مقابل إستمرار العائلة المالكة بكردستان بالتنعم بسفراتها الخارجية ومظاهر الترف والرفاه.
&
والان لكي يستعيد هذا الحزب بعضا من مقبوليته داخل المجتمع الكردي عليه أولا أن يخلع ثياب الدكتاتورية ويرميها، وأن يعمل مجددا على كسب رضا الشعب واحترام القوى السياسية من خلال إنهاء الإستفراد الحزبي وإشراك الجميع بخيرات البلد، ومشاركة الأحزاب الأخرى بالحكم من خلال شراكة حقيقية غير مزيفة،ومن أهم الخطوات التي يجب أن يتخذها هذا الحزب هي فصل مستشاري السوء والأقلام المأجورة من بائعي الأوهام والبحث عن مستشارين أكفاء ممن يخافون الله ويخلصون لشعبهم، وتوجيه إعلامهم نحو الإعلام الإيجابي المتعاطي مع الشعب، وإعادة بناء علاقات سياسية سليمة وصحيحة قائمة على إحترام المقابل وليس إذلاله بقصد تبعيته، وأن يصب جهوده نحو بناء حقيقي للديمقراطية ولإنماء ونهضة الإقليم من كافة النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية.
&