ما يجري في العراق هذه الأيام من عمليات خطف للأشخاص الذين يعملون في مختلف المهن والأعمال ومن مختلف الجنسيات والدول والمطالب التي يعلن عنها الأشخاص أو الجماعات التي تختطفهم وما يجري من مفاوضات ووساطات تشترك فيها عناصر وجماعات وهيئات عديدة والنهايات التي تنتهي به هذه العمليات سواء كانت نهايات سعيدة كما هي في حالة الأشخاص السبعة اللذين كانوا يعملون في شركة كويتية وتم الإفراج عنهم بعد فترة ستة أسابيع وبعد قيام الشركة(حسب ما ذكرته الإنباء ) بدفع فدية قدرها نصف مليون دولار أو النهاية الحزينة والمأساوية للعمال النيباليين الاثنى عشر الذين تم قتلهم قبل عدة ايام وسط صمت وانشغال العالم بأسره بقضية الصحفيين الفرنسيين اللذين مازالا إلى حد الآن رهن الاختطاف، فكل تلك الاحداث والعمليات خرجت عن كونها عمليات أو جرائم اختطاف لتدخل في مرحلة يمكن تسميتها بانها حرب الاختطاف لأنه وكما يبدو فقد أصبح العراق ساحة مفتوحة لكل من هب ودب ان يمارس نفوذه وعلاقاته واتصالاته كي يفيد ويستفيد من هذه الحرب والتجارة المربحة التي لا تلتزم بقواعد وأخلاق التجار المتعارف عليها بل تأخذ من السوء الموجود من كل مهنة أو عمل وتطبقه في هذه العمليات التي عادة تبدأ بخبر قصير عن قيام جماعة ما باختطاف شخص أو مجموعة أشخاص ثم يعقبه عرض فيلم مصور مع عبارات اصبحت معروفة بمطالبها ومددها المطاطة التي تستجيب لكل من يدفع أو يقدم أكثر وأسرع.

وعلى الرغم من ان معظم المطالب التي يطالب بها المختطفون كانت تنحصر في المحيط العراقي أي تتعلق بسحب قوات أو التعهد بعدم العمل مع قوات الاحتلال إلا إنها أخذت طابع الامتداد خارج الحدود في مطالبتها الحكومة الفرنسة بإلغاء قرار يحظر ارتداء الحجاب في المدارس الفرنسية وهذا المطلب هو ابعد ما يكون عن اهتمام واحتياجات الشعب العراقي الذي هو كما يقال ( مافيه يكفيه ) لكن الإطراف الكثيرة التي تمارس نشاطها في العراق تريد خلط الأوراق وتعقيد الوضع اكبر درجة وهذه الجماعات والإطراف قد تختلف في أهدافها وإفرادها ومصادر تمويلها والناس الذين يساعدونها ويقدمون لها الدعم والإسناد الميداني أو المعلومات التي تجعلها تستطيع الوصول إلى أهدافها وخطف من تريد خطفه وتستطيع إيصال أشرطتها التي تصور وتقدم مطالبها وكل ذلك يجري في مناطق جغرافية محددة أو في محيط ومدن معروفة لان جثث اللذين يتم قتلهم يعثر عليها في تلك المناطق أو بالقرب منها وكل ذلك يجري والعمليات في ازدياد وتوسع وليس لنا إلا ان ننتظر بيان أو شريط يعلم العالم عن مصير الأشخاص المخطوفين.

اسمحوا لي ان اطلب من الصحف ووسائل الاعلام و الكتاب والمواقع التي يكتب فيها العراقيون ان يستخدموا هذا المصطلح ونطلق على الاختطاف الذي يجري الآن في العراق بأنه حرب موجه ضد العراق والعراقيين أولا وقبل ان تكون ضد الأشخاص الذين يتم اختطافهم أو الدول التي ينتمون إليها وهي حرب تستهدف حاضر العراقيين ومستقبلهم الذي بدأ يبدو أرحب وأوسع رغم كل الحرائق والمعارك والأزمات التي تندلع هنا أو هناك من مناطق العراق والتي يراد منها تدمير العراق الجديد الذي يجري بناءه يوما بعد يوم وخطوة بعد خطوة رغم كل معاول الهدم والتدمير التي يقوم بها البعض في ضرب هذا البناء.

فلم يعد من الممكن الآن تسمية الاختطاف بأنه جريمة أو مجموعة جرائم وعمليات أو صورة من صور المقاومة عند من أرادوا التعبير عن رفضهم للوضع الجديد في العراق أو غيرها من التوصيفات التي تبين ان هذا الفعل أو الحدث مؤقت أو مرتبط بالظرف الراهن الذي يعيشه العراق بعد سقوط النظام السابق وماحصل فيه من أحداث وأحوال، بل علينا الاعتراف وبكل صراحة ووضوح بان الاختطاف أصبح جزءا من الحالة العراقية الراهنة وأصبح كابوسا يؤرق حياة العراقيين قبل الوافدين إليه من عرب أو أجانب وهو حرب علينا جميعا.

محام وكاتب عراقي مقيم في الدنمارك

Sattar88 @hotmail.com