مع بداية السنة الجديدة تحتفل الدول النفطية بنتائج مالية مبهرة و بوفرة مالية عالية لم تحققها الدول النفطية منذ أكثر من 30 عاما . و انتهى العام بزيادة في اسعارالنفط و بنسبة 42% عن عام 2003. وأدت هذه الزيادة في اسعار النفط و بمعدلات مرتفعة لم تتوقعها الدول النفطية على الإطلاق و ستحقق جميع الدول النفطية فوائض مالية عالية مما ستساعدها على إعادة تأهيل و تطوير وصيانة البنية التحتية الأساسية لجميع المنشآت المدنية وفي جميع المجالات من طرق و مباني وخاصة في بناء المدارس و الجامعات و في تحديث المستشفيات و المنشآت و المراكز النفطية. الفوائض المالية العالية للدول النفطية ستساعد و ستساهم كذلك في تطوير حقول النفط و في تحسين و في تنويع المصادر الأخرى بدلا من الإعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات في الموازيين المالية الجديدة للدول المنتجة و المصدرة للنفط.

ونتيجة مباشرة للفوائض المالية لإرتفاع في اسعار النفط ،ستحتفل الكويت وسيستلم كل مواطن كويتي بغض النظر عن عمره و سنه و مركزه في الدولة يوم الأربعاء القادم مبلغ و قدره 200 دينار كويتي اي مايعادل 600 دولار اميركي " منحة أميرية " أو مكافأة نفطية و ذلك نتيجة مباشرة للإرتفاع في اسعار النفط . ومن المتوقع ان تحقق ميزانية الكويت فائضا ماليا بمقدار 2 مليار دينار كويتي مع انتهاء السنةالمالية لها في نهاية شهر آذار (مارس) من العام الحالي. واجمالي كلفة " المكرمة الأميرية " ستبلغ حوالي 600 مليون دولار اي انتاج الكويت من النفط لمدة 10 ايام عند المعدل الحالي لسعر برميل النفط الخام الكويتي. و المكرمة الأميرية مثال آخر للدول النفطية في توزيع الإيرادات النفطية الفائضة و التي لا تحدث سوى مرة في العمر ولكن تصرف بعد التأكد من وجود سيولة مالية كافية للمشاريع المطلوبة للدولة في المستقبل .

ونتيجة للفوائض المالية للدول النفطية هذا و بالرغم من الإنخفاض المتواصل لسعر صرف الدولار الأميركي فان التركيز في الموازنة لهذه الدول النفطية ستكون في تطوير و إستحداث مشاريع كبيرة لتنمية الموارد البشرية و العمل على إيجاد وظائف جديدة لمواطنيها و رفع كفاءة العامليين في القطاعات الصناعية المختلفة و تقليل الإعتماد على العمالة المستوردة بقدر الامكان و تثبيت و تركيز التوجه الجديد للدول النفطية و خاصة الخليجية في هذا المجال الحيوي المهم.

و يجب الا نتوقع تكرار و تجربة العام المنصرم من ارتفاع في اسعار النفط بل من المتوقع حدوث العكس بانخفاض الأسعار عن معدلاتها السابقة و ايضا الحالية و سيكون معدل اسعار النفط في حدود ال40 دولارا للنفط الأميركي الخفيف حيث ستصبح النفوط الأخرى بمعدل ال30 دولارا للبرميل الواحد. ممايعني انخفاض بحوالي 10% عن نسبتها الحالية. و لذا نرى ان جميع اسعار النفط لميزانية الدول النفطية محافظة و اقل من الأسعار السائدة للنفط وبنسبة 30 % تحسبا للإنخفاض المفاجئ في اسعار النفط وعدم استقرار الأسعار في العام القادم حتي تستقر الأمور الأمنية في جميع مناطق العالم دون استثناء.

ومن المتوقع ايضا ان تخفض منظمة الدول المصدرة للنفط " أوبك" من سقف انتاجها الحالي لتؤمن استقرار النفط و الثبات عند معدلات مقبولة عادلة. و لتؤكد على ضرورة وجود فوائض مالية في العام الحالي الجديد و لكن بمعدل اقل عن العام الماضي. ومن المتوقع ان تكون السنوات القادم ستكون سنوات مالية جيدة لدول منظمة " أوبك " مالم ينكمش النمو الإقتصادي العالمي وهذا غير متوقع طالما سعر صرف الدولار الأميركي مازال متجها نحو الهبوط .

*محلل نفطي [email protected]