القاهرة: قديما قالوا "كذب المنجمون ولو صدقوا" وبعيدا عن العرافين والمشعوذين يعكف حاليا مجموعة من الخبراء الاقتصاديين لقراءة طالع الاقتصاد المصري ووسائل تنميته والتي تختلف كثيرا عن السحر والشعوذة التى كانت تتم قديما حيث يستعد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري للإعلان عن الافتتاح الرسمي لأول مركز متخصص لقراءة طالع الاقتصاد المصري تحت مسمى مركز دراسات المستقبل والذي يتخذ من ضاحية مصر الجديدة مقرا له حيث يعتمد في آليات عمله على التكنولوجيات الحديثة والمتطورة.

وقالت ورقة العمل الخاصة بالكيان الجديد والتي حصلت عليها " إيلاف " في القاهرة أن هناك مجموعة من الصعوبات التي تواجهها مراكز دراسات المستقبل من بينها : غياب الرؤية المستقبلية فى بنية العقل العربي ، و ضعف الأساس النظري الذي تستند إليه الدراسات المستقبلية وبخاصة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية ، قصور المعلومات والقيود المفروضة على تدفقها وحرية الوصول إليها ، كما تعانى الدراسات المستقبلية فى مصر من جراء عدم توافر ظروف مواتية لعمل الفريق فالدراسات المستقبلية تعتمد على التكامل المعرفي وهى فى النهاية عمل متعدد التخصصات يجرى فى إطار جماعي وعلى أرضية من العمل المشترك والحوار والتبادل المعرفي وهى تقاليد فى العمل العلمي والبحثي تكاد تكون مفقودة حتى الآن فى مصر ، بالاضافه لغياب الأطر المؤسسية المتخصصة فى الدراسات المستقبلية وإذا وجدت فإنها شكلية تفتقد الهدف أو تعانى كغيرها من مؤسسات البحث العلمى من البيروقراطية ونقص الموارد والخبرات المتخصصة ونقص الطلب الإجتماعى على مخرجاتها ونواتجها الذي يشكل حافزاً مهماً لتطويرها وانطلاقها.

ويهدف هذا المركز إلى صياغة منهج جديد لإدارة الاقتصاد والمجتمع إدارة رشيدة واعية بالتغيرات الجوهرية التى يتعرض لها المجتمع فى حركته، وقادرة على إعادة ترتيب الأوليات القومية لصالح التنمية طويلة الأجل، وعلى استكشاف الاحتمالات والمسارات المستقبلية وتحليل ما ينطوي عليه كل مسار من منافع وتكاليف ، تنمية رأي عام مهتم بالمستقبل وإثارة الوعي والتفكير المستقبليين ، توفير مرجعيات مستقبلية لصانعي القرار تساعده على التحليل والتقييم والمراجعة بدلا من التعويل المطلق على المرجعيات التاريخية والتجارب السابقة وذلك من خلال صياغة صور بديلة للمستقبل قابلة للتحقيق. ، التنبؤ بالآثار المستقبلية للسياسات والتشريعات الحالية التي يؤثر بعضها في أجيال لاحقة ، تنمية المهارات والخبرات العلمية وتأهيلها لإعداد الدراسات المستقبلية ، بناء شبكة من العلاقات مع المراكز العالمية والإقليمية والمحلية للدراسات المستقبلية والتعاون معها ، اقتراح وتطوير سياسات واستراتيجيات حديثة للتنمية تتضمن خططاً وبرامج لتغطية نقاط القوة فى المجتمع وتقليل التحديات والتهديدات التى تعترض سبيلها فى المستقبل.

وعن آليات تنفيذ تلك الأهداف يؤكد أنها تستوجب إعداد قاعدة بيانات بأغراض المركز وتتضمن قاعدة البيانات- في البداية- معلومات كافية عن مراكز البحوث والدراسات المستقبلية المنتشرة في مصر والعالم العربي والعالم وعناوينها وطرق الاتصال بها وتخصصاتها وأهدافها ومنهجيات عملها وسبل الاستفادة منها كذلك حصر الخبرات الوطنية والعربية والدولية في مجال الدراسات المستقبلية والذين يمكن الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم, كذلك المنهجيات وآليات العمل الواسعة الانتشار في التعامل مع القضايا المستقبلية ، المقابلات والزيارات الميدانية لمراكز البحوث والمشاريع البحثية المهتمة بالدراسات الاقتصادية فى مصر والحوار مع شخصيات وخبراء مشهود لهم بالباع الطويل والخبرة العميقة في مجال الدراسات المستقبلية ، دورات تدريبية لفريق العمل المكلف بإرساء البنية الأساسية العلمية للمركز من قبل أحد الخبراء في المراكز الوطنية المشهود لها بالكفاءة أو استقدام خبراء أجانب عند الحاجة ، لضرورة التوسع المستقبلي وتحسين كفاءة الأداء ومسايرة التطور المعرفي يمكن إيفاد عدد قليل من الباحثين إلى بعض المراكز الأجنبية المشهود لها بالكفاءة لمدة تتراوح بين 6 أشهر وسنة أو الاستفادة من المنح والمساعدات التي يوفرها بعض هذه المراكز للباحثين من دول العالم الثالث ، مسح الجديد المعرفي وجمع مادة علمية من حول العالم عند بداية العمل ليس فقط اعتمادا على الكتب والدوريات العلمية وإنما باستخدام وسائل الاتصال الحديثة للتعرف على موضوعات البحوث التي تشتغل بها المراكز والمؤسسات المعنية في العالم ، عقد ورشة عمل لمناقشة وثيقة إنشاء المركز تضم عددا من الخبراء والمهتمين وقادة الرأي وصناع القرار والشباب للتعرف على وجهات نظرهم فى أنشاء مثل هذا المركز، اختيار عدد من كبار الاستشاريين العلميين يستعين بهم المركز كلما ظهرت حاجة لذلك فرادى أو مجتمعين في إبداء الرأي أو تقييم سياسة أو مناقشة نتائج دراسة معينة. ويمكن دعوتهم للندوات والمؤتمرات وحلقات النقاش التي يعقدها المركز.

وتشمل القضايا التى سيتم البدء بها (مستقبل الطاقة – السكان – المياه - تحديث الصناعة - التعليم وأسواق العمل - البحث العلمي - الفجوة الغذائية - الاقتصاد الجديد – السياحة - عادة التوطين البشرى ومستقبل المناطق الجديدة - البطالة والتغيرات الهيكلية فى سوق العمل المصري - الاقتصاد المصري وخيارات التكامل الاقليمى - الاقتصاد المصرى والاندماج فى الاقتصاد العالمي - الصادرات والقدرة التنافسية - تنمية المناطق الهامشية - النظام المصرفى والمالي - خيارات التنمية الاقتصادية فى الربع الأول من القرن الحادي والعشرين – البيئة - الموارد الطبيعية والموقع).

وعلى المستوى المحلي لتطبيق هذه الفكرة يقول إنه يواجه العديد من التحديات التي تجعل الاهتمام بالدراسات المستقبلية أمرا حتميا وعلى الرغم من ذلك فإن هناك عدد محدود من المحاولات في هذا المجال لعل من أهمها مشروع مصر 2020 ومركز دراسات المستقبل في جامعة أسيوط و التجربة الخاصة بمشروع مصر 2020 حيث ولدت فكرة المشروع البحثي " مصر 2020 كمشروع يلبى الاحتياج الموضوعي لمصر إلى دراسة مستقبلية جادة . ويرعى هذا المشروع منتدى العالم الثالث ( مكتب الشرق الأوسط ) و يسعى المشروع إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية تتساوى فى أهميتها لتطوير مصر، ومساعدتها فى حل مشكلاتها والتغلب على التحديات التى تواجهها. وتتلخص هذه الأهداف فيما يلى : صياغة رؤى مستقبلية بديلة لمصر ، بلورة منهج جديد فى إدارة شئون المجتمع ، تنمية رأى عام مهتم بالمستقبل وتحفيزه لمواجهة تحدياته .