القاهرة : أشادت دراسة متخصصة بفكرة تأسيس دولة الكويت لصندوق احتياطي الأجيال وذلك باستثمار جزء من الفوائض البترولية في الأصول الأجنبية بالخارج كوسيلة لبناء مصدر بديل للدخل غير البترول وكذلك كبوليصة تأمين للأجيال مستقبل.

وذكرت دراسة لمنتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية وإيران وتركيا انه ومنذ عام 1975 ومع تدفق النفط وارتفاع أسعاره شهد اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي نموا متسارعا تقوده إيرادات صادرات البترول الخام وهو ما جعل الميزان الخارجي يحقق فوائض كبيرة زادت من الاحتياطيات الخارجية للمجموعة.

وأوضحت انه خلال هذه المرحلة اتبعت الدول الأعضاء استراتيجيات متنوعة لاستخدام الفوائض البترولية غير المتوقعة فاتجهت الدول الصغيرة من حيث عدد السكان والأسواق مثل الكويت إلى إستراتيجية التنوع وذلك باستثمار جزء من هذا الفائض في الأصول الأجنبية بالخارج كبوليصة تأمين للأجيال مستقبلا.

وأضافت الدراسة ان الدول الأعضاء الكبرى ذات الأسواق المحلية الأوسع مثل السعودية أثرت استخدام إيراداتها البترولية في تنويع قاعدة إنتاجها المحلى وبناء مواردها بالخارج في صورة أصول مالية قصيرة الأجل وسائلة فيما انتهجت بقية الدول طريقا يضم عناصر من كلا الإستراتيجيتين.

وذكرت ان دول مجلس التعاون قامت بضخ استثمارات هائلة في إقامة بنى تحتية حديثة ومواكبة لأحدث الفنون التكنولوجية إضافة إلى أنها قامت بتطوير صناعاتها البتر وكيماوية ولو بدرجات متفاوتة حسب الموارد المتاحة.

وأضافت أن دول المجلس حاولت إشراك القاعدة السكانية فى الثروة البترولية فاتبعت الحكومات بالإجماع نظاما متوسعا للرفاهة اشتمل على دعم السلع الأساسية والخدمات بما فيها السلع الغذائية والطاقة والنقل وغيرها إضافة إلى التعليم المجاني وخدمات الرعاية الصحية الأساسية والتمويل العقاري وغيرها.

وأوضحت الدراسة أن الحكومات اتبعت سياسة ضمان التوظيف الحكومي وتم تمويل سياسة الرفاهة الموسعة والمكلفة هذه من الإيرادات النفطية ولم تفرض هذه الدول ضرائب على الدخل إلا في حالة المشاريع الأجنبية في حين كانت التجارة الخارجية هي المصدر الرئيسي للضرائب غير المباشرة.


وأشارت الدراسة إلى أن أعداد السكان تزايد بشكل متسارع وارتفع الطلب على العمالة المغتربة والتي استفادت أيضا من مزايا الرفاهية إلا انه سرعان ما بدأت هذه الاقتصاديات تعانى من العجز المزدوج "عجز الموازنة الميزان الجاري" مع تمتع القطاع الخاص ببيئة سوقية جيدة.

وأضافت انه على الرغم من كل هذه المزايا بما فيها الإعفاء الضريبي لم تفض هياكل الحوافز والأسعار إلى الاستثمار وذلك باستثناء الخدمات المحلية أما بالنسبة للقطاعات القابلة للتجارة وخاصة الصناعة فلم توفر ميزة نسبية وذلك في ضوء مستويات الحماية المنخفضة للغاية " الرسوم الجمركية " والمعوقات في المعرفة التقنية والروتين المرهق.

وذكرت الدراسة ان دول المجلس آثرت بشكل عام ربط عملاتها المحلية بالدولار الأمريكي بدلا من حقوق السحب الخاصة وذلك بسبب الرغبة فى حماية العملات من التضخم المحلى الناجم عن انخفاض قيمة حقوق السحب الخاصة كما كان ذلك طبيعيا نظرا لان أسعار البترول كانت مقومة بالدولار الأمريكي.

وحول التعاون الإقليمي العربي ونمط آلية التكامل ذكرت الدراسة انه على الرغم من التجارب والجهود المبذولة على مدار النصف قرن الماضي إلا أنها لم تسفر عن شيء مشيرة إلى أن الجهد الحالي لإقامة منطقة تجارة حرة عربية يسير بخطى بطيئة فضلا عن غياب القاعدة المؤسسية لدفع هذا الجهد للأمام بوتيرة أسرع.

وأوضحت انه من العقبات الرئيسية التي تواجه المنطقة أنها قاصرة على السلع إضافة إلى العديد من العوامل التي تجتمع لإبطاء عملية خلق هذه المنطقة بصورة فعالة ومنها تشابه الهياكل الإنتاجية في المنطقة ونقص الفوائض التنافسية والقابلة للتصدير والتباين الشديد في مستويات الحماية واعتماد الحكومات على الرسوم الجمركية.

وأكدت الدراسة ان ارتفاع أسعار البترول واستخدامه في المنطقة العربية بأكملها كقاطرة للنمو كان مسؤولا عن ظهور أداة هامة للتعاون الإقليمي وهى حركة العمالة من الدول ذات العمالة الفائضة وخاصة اقتصاديات المشرق العربي إلى الدول الخليجية المصدرة للبترول والتي تعانى عجزا في العمالة.