كنت أقف كل يوم أمام المرآة أتأمل ملامح غريبة في وجهي لم ألتفت إليها من قبل: أنفٌ مِعوج من المنتصف وأذنان كبيرتان لوجه صغير يعلوه شعر ملفوف كحلقات لولب مرت من فوقه عشرات الأقدام... و عشرات الملاحظات ضلت عالقة بذاكرتي ردحا ً طويلاً من الزمن كقيء عالق فوق لوحة فنان... " ثم ماذا بعد؟؟؟!!!" ، قلت في نفسي و أنا أقف مجددا ً أمام تلك المرآة اللعينة. ثم تذكرت أنني لم أفحص صندوق بريدي جيدا ً طوال السنوات الماضية.
فتشت جيدا ً فوجدت رسالة بعد أربعين سنة، في البداية ظننتها مزحة لكنني عرفت فيما بعد أنها حقيقة مرة، فتحت الرسالة بدهشة طفل صغير وحزن امرأة ثكلى وقرأت ما يلي:
" أنا صوت النعيب الذي ولد بداخلك في الزمن القديم ثم سافر معك بمحاذاة خط الزمن، اختطفت لحظة منك في كل مقطوعة منه و حولتها إلى لحظة نحيب أو قرع طبول في حرب غير معلنة بين رفيقين فتحطم عمرك المجيد المليء بالطموح فوق جسدي المليء بالجراح.
ثم ها أنا ذا واقف أمامك في الزمن الحاضر أردد أنشودة البكاء فوق جسد الأحلام الميتة فيرتد الصدى على حاجز الزمن المغمور في عمق المكان في ترتيلة أشبه بنغمات ناي حزين كأن روحك تعشق سماعه دائما وتستوحش عندما يغيب بداخلك برهة من الزمن.
سيتوقف كل شيء عندما تقف و تتأمل فتكتشف أنني و أنت كالصوت والصدى...وسيذبح النعيب في حضرة الفجر.
بعدها جاء توقيع : (صوت النعيب)
ثم كان موتٌ ليس معه بكاء و نحيب،
و أحسست ولادة جديدة،
تلاها صوت زقزقةٍ صغير،
ونشيدٌ صباحيٌ جميل.
قاص سعودي/ القطيف
التعليقات