هل أنصح كل كاتب مغمور بإتهامي بالسرقة من أجل غد أفضل?

استغربت كثيرا عندما قال لي صديق أن موقع إيلاف المحترم نشر إتهاما غير محترم لي بسرقة قصة فيلم خارج على القانون من كاتب شاب، استغرابي لم يكن مبعثه الإتهام نفسه فهو إتهام أتشرف أنه تكرر لي للمرة الخامسة، لأنضم بذلك إلى قائمة عظماء تكرر إتهامهم بهذا الإتهام في أكثر من عمل على رأسهم أساتذتي وحيد حامد وأسامة أنور عكاشة، والإتهام في حد ذاته صار دليلا لي على نجاح العمل الذي أقدمه نجاحا فائقا بحيث صار مطمعا لآخرين يرغبون مشاركتي فيه، ولو كان العمل فاشلا لما فتح أحد منهم فمه بأي إتهام لي. إستغرابي كان مبعثه أن موقعا عربيا كبيرا كإيلاف يقدم ممارسة مهنية راقية يفترض أنها تقتضي أن لاينشر الموقع إتهاما مرسلا دون تقديم دليل عليه أو حتى دون أخذ الطرف الذي توجه إليه أصابع الإتهام، كاد الإستغراب يتحول إلى غضب من أصدقائي في إيلاف لولا أنني لم أكتف بالسماع وقرأت نص الخبر المنشور الذي يوجه لي الإتهام والذي تناقلته عن إيلاف منتديات كثيرة، وعندها أدركت أنني لاينبغي أن أغضب من إيلاف لأن الموقع الكبير وقع مثلي ضحية لرغبة صحفي شاب في مجاملة زميل دراسته على حساب المهنية والأخلاق والضمير.


المدهش أن كل من يقرأ وقائع الإتهام الموجه لي والذي نقله الصحفي محمد عبد العزيز عن مدونة زميل دراسته محمد علاء الدين سيندهش لأن صديقه لم يوجه لي إتهاما صريحا بسرقة الفيلم كما تطوع الصحفي بإيلاف وسجل ذلك في العنوان وأقره عليه مسئولو الموقع دون حتى أن يقرأوا متن الخبر. والذي أعرفه أن من له حق في فيلم أو قصة لايقوم بنشر كلام مجهل به من التلقيح حسب التعبير المصري أكثر من الإتهام، بل يتجه برجولة ومسئولية للجهات المسئولة لكي يثبت حقه إذا كان حقه فعلا يوجعه. المدهش أيضا أن الأستاذ علاء لم يتهم أساسا الكاتب المدافع عن الحقيقة والذي قام زميل دراسته بالإشارة إلى أنه أنا، بل اتهم الإثنان تجهيلا ثم تصريحا المخرج الشاب أحمد جلال لأنه أخذ الفيلم الذي كتبه علاء وقام بإعطائه لي وطلب مني أن أنقله، وطبقا لهذا الإتهام المضحك فإن أحمد جلال هو زعيم العصابة وأنا مجرد فرد فيها، بل إن علاء يفترض أنني لم أعلم أساسا بنية جلال في السرقة، بل كل تهمتي هي أنني تمليت ماقاله لي جلال، ولاأعتقد أن الإملاء يدخل في بند السرقة، لكن الأخ عبد العزيز تطوع بذلك، وهو مايجعل منه هدفا سهلا لقضية سب وقذف مضمونة يخجل المرء من رفعها ضد كاتب أيا كان مافعله، ويترك فيه الأمر لله عز وجل ليقتص له.


كنت أتمنى أن يمارس الأخ عبد العزيز وقائع التثبت من التهمة نيابة عن صديقه كما تولى عنه وقائع الإتهام والقذف، فيسأل الأستاذ أحمد جلال عما نسبه إليه علاء، ولو فعل لأوضح له أحمد جلال الصورة كاملة كما أوضحتها أنا لصديقه علاء الذي كنت أعتز بصداقته وقدرت له حزنه على ضياع جهده ولذلك أوضحت له والله على ماأقول شهيد أن الفيلم الذي كتبته وهو خارج على القانون أعمل على جمع تفاصيله منذ سنوات، ويمكن لعلاء ان يسأل في ذلك صديقه وصديقي الروائي أحمد العايدي، كما أنني كنت أعمل عليه منذ نهاية عام 2006 مع النجم كريم عبد العزيز والمخرج محمد ياسين، وظللنا نعمل عليه حتى وصلت أنا ومحمد ياسين إلى طريق مسدود في فبراير 2007 عندما أدركنا استحالة اللحاق بالموسم الصيفي لأن الفيلم يحتاج إلى تحضير طويل، وبالتالي اعتذر محمد ياسين عن المشروع، وقمت بإدخال السيناريو إلى الرقابة في شهر إبريل 2007، وفي هذا الوقت كان أحمد جلال مشغولا بتحضير وتصوير فيلم كده رضا للنجم أحمد حلمي، وظل منشغلا فيه حتى نزول الفيلم إلى الأسواق في شهر يوليو 2007، وبعد أن انتهى واطمأن على فيلمه قرأ نسخة فيلمي وأعجبته جدا وبدأ التحضير، ولم يكن لديه وقت لكي يضيف شيئا إلى فيلمي الذي كان وقتها قد قرأه كل من يعمل في شركة الإنتاج فضلا عن بطل الفيلم كريم عبد العزيز والنجوم نور الشريف وشريف منير ومجدي كامل ومي عز الدين وكل هؤلاء كانوا مرشحين للعمل في الفيلم قبل مجيئ أحمد جلال أساسا لإخراج الفيلم وقبل أن يعلم عنه شيئا، وجميعهم اعتذروا لتفاصيل تتعلق بحجم أدوارهم لكنهم جميعا قرأوا سيناريو الفيلم وأعجبهم بشكل عام، وجميعهم موجودون ويمكن سؤالهم فضلا عن سؤال المخرج محمد ياسين الذي ولد الفيلم على يديه منذ كونه فكرة في سطرين نبعت من رغبتي في عمل فيلم يستلهم حيرة هاملت بطل شكسبير الشهير ووصولا إلى النسخة الأولى من السيناريو. يعني باختصار أحمد جلال دخل على الفيلم مباشرة دون أن يقرأ سيناريو الأخ محمد علاء وليس شرطا أن يقرأ كل مخرج أي سيناريو يقدم إليه، ولو كان قرأه ورأى وجود تشابه بين الفيلمين لكان قد حذرنا ولفت إنتباهنا لذلك لأنه في نهاية الأمر سيكون حريصا على إسمه في السوق، وهو إسم يعلم الجميع أنه متميز ولاتشوبه شائبة.


لقد أوضحت للأخ محمد علاء أن مايظنه من تآمر قمنا به عليه لمجرد تشابه الخط الدرامي للفيلمين أمر غير معقول، ليس فقط لأننا لسنا من السذاجة أن نسرق سيناريو صديق لنا، وليس لأننا أناس معروفون لدى الجميع بأخلاقنا ومواقفنا المحترمة، بل لأن الفيلم كان قد انتهت كتابته قبل أشهر من تولي أحمد جلال إخراجه مما ينسف شكوك علاء واتهامات زميل دراسته.


لقد كنت أظن أن لدى علاء وزميل دراسته من الوعي مايجعلهما يفرقان بين وجود تشابه درامي في تيمة شائعة عالجتها عشرات الأعمال العربية والأجنبية سينمائيا ومسرحيا وأدبيا هي أن يقوم قاتل بتربية إبن من قتله وينكشف هذا السر في وقت معين، وبين فعل شنيع كالسرقة، وكنت أظن أن لديهما من يقظة الضمير مايجعلهما يسعيان لأن يتثبتا قبل إتهام الناس بما ليس فيهم لمجرد فش الغليل والتنفيس عن الإحباط، لكن ظني خاب في الحالتين فضلا عن خيبة ظني في أن يقدر بعض ناس هذا الزمان قيمة العشرة والعيش والملح.


عموما أنا في العادة لا أرد على إتهامات مرسلة بل أفضل أن أرد أمام الجهات المسئولة التي يلجأ إليها طالبو الحقوق، وقد برأني الله عزوجل في أكثر من إتهام وجه إلي كان أشهرها إتهامي المؤسف بسرقة فيلم واحد من الناس وهو الإتهام الذي برأتني منه لجنة من كبار السينمائيين لاتربطني بأعضائها أي صلة مباشرة، ولم تسارع وقتها عشرات الصحف والمواقع التي نشرت إتهامي بتبرئتي، لكن الله سبحانه وتعالى عوضني بأكثر من جائزة وأكثر من تكريم. ولولا حرصي على مصداقية موقع كإيلاف لكي لايقع ضحية للغرض والمرض، لما كنت قد بادرت إلى هذا الرد المفصل.


يبقى في النهاية أن أعبر عن قلقي من استسهال البعض اتهام من يظنون أنهم هدف سهل للتشنيعات والإتهامات منتهزين فرصة عدم وجود معايير للتثبت من الإتهامات قبل نشرهم، مما جعل صديقا لي يطلب مني أن أوجه نصيحة لكل كاتب مغمور أن يبادر لإتهامي بسرقته عمال على بطال لكي يجد نفسه بطلا على صفحات الإنترنت والصحف، وهي نصيحة أرفض توجيهها، وأستبدلها بنصيحة أن يتقي الله كل من يستسهل تشويه سمعة الناس لأنه سيسأل عن ذلك أمام الله، وأن يوفر الوقت الذي يضيعه في الإتهامات الغير مسئولة في تطوير نفسه والبحث في أسباب قصوره وفشله.


هذا ولايبقى إلا أن أشكر لكل من تطوعوا في مواقع كثيرة بالدفاع عني في غيبتي دون حتى أن يقرأوا هذا الرد ثقة منهم في إبداعي وذمتي وقبل كل شيئ ذكائي، كما أشكر كل من تطوعوا بتصديق الإتهام دون حتى أن يتشككوا فيه مضيفين إليه سيلا من الشتائم والإتهامات فهم فضلا عن أنهم أكسبوني حسنات أنا في مسيس الحاجة إليها أكدوا لي أنني لازلت ناجحا بفضل الله لكي أثير أحقادهم بهذه الدرجة المثيرة للرثاء.
ختاما. رب إني مغلوب فانتصر.


بلال فضل
كاتب سيناريو مصري