أبرزها التعليم والاختلاط والوضع الاجتماعي وقيادة السيارة
باحثات أوروبيات وأميركيات يناقشن قضايا المرأة السعودية

* أدى تسلم الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في السعودية إلى تعزيز الأنشطة النسائية في المجال العام
* التعليم في السعودية يحقق نجاحات تنمو باطراد بسبب عدم الاختلاط
* النساء يستثمرن 42 بليون ريال في السوق السعودية، و مدخراتهن في المصارف تربو على 100 بليون ريال
* معظم السعوديين يؤكدون على الفوارق بين الجنسين، و يعارضون الحرية على النهج الغربي

عبدالله السمطي من الرياض: تشغل قضايا المرأة السعودية جانبا بارزا في وسائل الإعلام السعودية، ولعل المساحة الإعلامية المفتوحة التي أعطيت لهذا الموضوع تشكل نوعا من الظاهرة البارزة خاصة في الصحف السعودية، فثمة أقلام نسائية كثيرة اتخذت من الزوايا الصحافية مجالا للتعبير عن هذه القضايا، كما أن صفحات الرأي بالصحف السعودية لا تكاد تخلو يوميا من طرح هذه القضايا التي تتعلق على الأغلب بموضوعات مثل حقوق المرأة، والتعليم، ومجالات عمل المرأة، وقيادة المرأة للسيارة، فضلا عن القضايا الاجتماعية الأخرى التي تتعلق بالزواج والطلاق ومشكلات العنوسة، والعنف الأسري.

ولعل هذه الظاهرة التي تتمثل في طرح قضايا المرأة السعودية لا تنأى كثيرا عن مشكلات المرأة في العالمين العربي والإسلامي فهي تتماثل وتتقارب إلى حد بعيد، بيد أن قضايا المرأة السعودية تظل هي هاجس الإعلام لما تشكله من وضعية معينة في مجتمع ما تزال القيم والأعراف والتقاليد تشكل صورته المحافظة، فضلا عما تمثله السعودية من قيمة دينية للعالمين العربي والإسلامي، وبالتالي فإن ثمة صورة نمطية تركز على التقليد، وعلى إعطاء صورة غير إيجابية تتشكل في الذهنية القارئة لحالة المرأة السعودية، كما أنها تشكل هاجسا لبعض وسائل الإعلام العربية والغربية، ولعلنا نلحظ اهتمام بعض الفضائيات بطرح هذا الموضوع على فترات متقاربة حين يتعلق الأمر بإثارة المشاهد العربي وتقديم هذه القضايا في صورة نمطية عمل على ترسيخها الإعلام الغربي.

ومن الكتب التي صدرت مؤخرا كتاب :quot; المرأة في السعودية ndash; رؤى عالميةquot; الصادر عن دار غيناء للنشر والدراسات بالرياض، وهو كتاب يسعى لبيان حقيقة وضعية المرأة في السعودية، ويؤكد بشكل مبدئي أن المرأة السعودية تحصل على حقوقها كاملة، ويستشهد في ذلك بآراء وردت في دراسة ميدانية استطلاعية يضمها الكتاب.

حيث يتضمن هذا الكتاب ndash; كما جاء في مقدمته- أطروحات نظرية هادئة حول عدد من القضايا ذات العلاقة بالمرأة السعودية، أعدتها نخبة من النساء السعوديات، شاركهن مجموعة من الأصوات المنصفة من الولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا واليابان في مجالات التنمية المختلفة التي ارتكزت على تناغم الثقافي مع التنموي، ويدفعن عددا من الشبهات التي تثيرها المؤسسات الغربية عن واقع المرأة في السعودية.

شاركت في هذا الكتاب 16 كاتبة وباحثة، بواقع (10) كاتبات من السعودية، هن الجوهرة بو بشيت، أمل السويح، بدرية بنت سعود البشر، رقية العلولا، سمر السقاف، سهام الشهري، منيرة العميل، ندى برنجي، نورة الفايز، هدى الجريسي و(6) كاتبات وباحثات من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان، هن : آن مويسون، باربرا فيرجسون، تانيا هوسو، سيس مود، كارولين مونتاج، نامي تسويجامي

نظرة طائر:

يحتوي الكتاب على قسمين، الأول: يناقش تسع مقالات تتناول مجموعة من القضايا التي تمس جوانب متعددة لدى المرأة السعودي، فجاءت مقالات هذا القسم لتتناول: تعليم المرأة السعودية، والتعليم غير المختلط في السعودية، وسراب الأخلاقيات العصرية في التعليم المختلط، والمرأة السعودية في سوق العمل، والمرأة السعودية من منظور ياباني، والمفاهيم الغربية الخاطئة عن المرأة السعودية، أما القسم الثاني فهو عبارة عن دراسة ميدانية استطلاعية تعالج مجموعة من المحاور مثل: المرأة السعودية والشأن الاجتماعي، وصورتها في الإعلام العربي والغربي، كما تسعى للإجابة عن بعض الأسئلة مثل: مدى رضا المرأة السعودية عن دورها في تنمية المجتمع، وحرية المرأة السعودية في مجتمعها، وقيادة المرأة السعودية للسيارة، وعمل المرأة السعودية، وعلاقة المرأة السعودية بذويها، ومدى حيادية الإعلام السعودي في تناوله قضايا المرأة، وغيرها من القضايا والأسئلة التي تصبو لمكاشفة هذه القضايا مكاشفة موضوعية.

ينطلق الكتاب الذي شاركت في كتابته هذه المجموعة من الكاتبات والباحثات، وعملت دار غيناء على إعداده للنشر من مبدأ الدفاع عن صورة المرأة السعودية من جهة، وبيان حقيقة وضعيتها في المجتمع السعودي من جهة أخرى، وهاتان النقطتان من حيث وجاهتهما الموضوعية قد تشكلان نوعا من الركض في السياق نفسه الذي تترى فيه الكتابات التي تسعى لبيان حقيقة وضع المرأة السعودية وبيان خواص قضاياها، وبالتالي فإن هذا المبدأ لا يحقق نوعا من الاطراد في هذه المسألة بل يأتي متساوقا مع نمطية ذهنية quot; الدفاعquot; نفسها، بمعنى أن الكتابة الدفاعية هنا سوف تقف عند حدود بيان بعض العناصر والسمات التي تتسم بها المرأة السعودية في مجتمعها، دون الكشف عن الطموحات والتطلعات الحقيقية التي تسعى إليها هي نفسها، والتي تتجلى في جملة الأفكار التي تحملها الكتابات النسوية السعودية سواء على المستوى الإعلامي الصحافي أم على مستوى الكتب الأدبية خاصة في القصة القصيرة والرواية، وهي أفكار تناقض أو لا تتقاطع مع ما يطرحه هذا الكتاب.

ويعنون القسم الأول بعنوان شامل هو:quot; الإطار الفلسفي لموضوع الكتابquot; وهو عنوان لا ينأى عن التوهم، لأن المقالات المعدة فيه لا تنتمي لأية مفاهيم فلسفية، فضلا عن أنها لا تطرح أية إشكالية فلسفية.

سراب الأخلاقيات العصرية:

تتحدث كل من د. الجوهرة بوبشيت ورقية العلولا، عن تعليم المرأة السعودية وتطوره، والمرتكزات الدينية والاجتماعية للتعليم غير المختلط بالسعودية، وتبين دراسة الجوهرة أن العام 1960م شهد افتتاح 15 مدرسة حكومية للبنات، ووصل العدد إلى أكثر من (13) ألف مدرسة في العام 2003م، وكان عدد الطالبات في العام 1960م خمسة آلاف طالبة فقط ووصل إلى ثلاثة ملايين طالبة تقريبا في العام 2003م هذا على مستوى التعليم العام، أما على مستوى التعليم الجامعي والدراسات العليا، فإن الأعداد تضاعفت كثيرا منذ بدأ التحاق الطالبات بالجامعة في العام 1961م فالكليات التربوية يدرس بها اليوم أكثر من 250 ألف طالبة، فيما تحتوي الجامعات السعودية مثل جامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة أم القرى وجامعة القصيم أكثر من 100 ألف طالبة، وبلغ عدد الطالبات المقيدات في برامج الدراسات العليا حتى العام 2005م أكثر من أربعة آلاف طالبة.

وفي مقالتها: سراب الأخلاقيات العصرية في التعليم المختلط تتحدث د. سيس مود من فرنسا عن إشكاليات التعليم المختلط في فرنسا وأثره السلبي على العملية التعليمية خاصة في تقليل نسبة الذكاء ونسب النجاح لدى الطالبات والطلبة، ترى أن التعليم في السعودية يحقق نجاحات تنمو باطراد بسبب عدم الاختلاط في التعليم، فنظام التعليم السعودي يعطي قيمة للتعليم يحترم التوازنات الطبيعية للمجتمع ويكره كسرها، وإذا كان للمرأة أن تعمل فيجب ألا يتعارض هذا العمل مع واجباتها الأسرية، وهذا الإحراج تعلمه جيدا المرأة في الغرب التي يُطلب منها أن تفعل كل شيء ، عليها أن تنافس الرجال في العمل وتكون في الوقت نفسه أما وزوجة مثالية.

نظرة يابانية:

تتحدث الباحثة اليابانية نامي تسويجامي التي أقامت مدة عامين بالسعودية عن وضعية المرأة السعودية، فتذكر: من وجهة نظري لا يمكن تصنيف المرأة السعودية من منظور الاضطهاد أو التمكين من حقوقها، لكن ومن خلال مشاهداتي لاحظت أن المزيد من النساء السعوديات يعملن في وظائف خارج منازلهن، وكل مرة أزور فيها المملكة ألاحظ أن المزيد من النساء المرموقات يتبوأن مناصب، وهن نساء مليئات حيوية ونشاطا، وهناك الكثير من الوزارات والدوائر الحكومية التي افتتحت مكاتب نسائية داخل مبانيها خلال السنوات القليلة الماضية، وهناك أكثر من ثلاثة آلاف سيدة أعمال على نطاق المملكة، والأنشطة الاقتصادية الخاصة بالسيدات زاد معدلها بحوالي 1.16% عام 2004م مقارنة بعام 1990م.

وتضيف تسويجامي: أدى تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في السعودية إلى تعزيز الأنشطة النسائية في المجال العام، وظهرت أصوات نسائية عديدة تطالب بحقوقها على المستويين الرسمي وغير الرسمي، لكن ما هو جدير بالاهتمام أن هؤلاء النساء لا يطالبن بأن تصبح النساء كما هن في الغرب، كما أن معظم السعوديين يؤكدون على الفوارق بين الجنسين، وهم يعارضون الحرية على النهج الغربي، وفيما تشير تسويجامي إلى مسألة قيادة المرأة للسيارة وترى أن هذه المسألة لا تشكل أولوية بالنسبة لقضايا المرأة السعودية، وبينما تشعر بعض السعوديات بالفخر وأنهن يُعاملن كأميرات بوجود السائق الخاص، إلا أن بعضهن يخشى من مضايقة صغار السن لهن في شوارع المدينة، وينبغي التنويه هنا إلى أن من يؤيد قيادة المرأة للسيارة هم أقلية في المجتمع السعودي.

وتقدم كارولين مونتاج قراءة للواقع الاقتصادي للمرأة السعودية، وتشير غلى أن النساء يستثمرن 42 بليون ريال في السوق السعودية، وأن مدخراتهن في المصارف تربو على 100 بليون ريال، وتتحدث آن موريس عن المفاهيم الغربية الخاطئة عن المرأة السعودية وترى أن المشكلة الرئيسية في سوء الفهم الغربي لحال المرأة السعودية تكمن في أن الغرب لا يرى أكثر من الأمور الظاهرية عن حياة المرأة السعودية والمتمثلة في الحجاب وعدم القدرة على السفر دون إذن، وعدم قدرتها على قيادة السيارة والتصويت، لكن الغرب ndash; كما تشير الكاتبة ndash; لا يقدر أن النساء السعوديات لسن فقط مرتاحات في حياتهن ولكنهن أيضا مرتاحات ماليا أكثر من نظيراتهن في الغرب حتى ولم يكن غنيّات.

وتؤكد الكاتبة على أن ما يحتاج الغرب لفهمه أنه بإقحام مفاهيمه في أمور تتعلق بخصوصية المجتمع السعودي، فإنه يعمل ضد حق خيار الاستقلالية في السعودية، أي : يكون التغيير، أو لا يكون، وكيف يكون، هذه أمور تخص السعودية وشعبها فقط.