الياس توما من براغ: تختلف الانتخابات البرلمانية الخامسة التي تجري في كرواتيا منذ استقلالها في حزيران يونيو من عام 1991 عن الاتحاد اليوغسلافي السابق في أن 55 حزبا وحركة من مختلف ألوان الطيف السياسي تشارك فيها وفي أن حالة متقدمة من التعادل تسود في الشعبية بين أقوى حزبين يتنافسان فيها وهما الاتحاد الديمقراطي الكرواتي الحاكم والحزب الاجتماعي الديمقراطي المعارض ولذلك يصعب تحديد نتيجتها .

ويشارك في هذه الانتخابات الكروات الذين يعيشون في الخارج ولاسيما في البوسنة والهرسك الذين يحلمون الجنسية البوسنية أيضا ويصل عددهم إلى نحو 400 الف نسمة ولذلك فان اختيارات هؤلاء هي التي قد تحسم فيما إذا كان الاتحاد الديمقراطي الحاكم سيبقى في السلطة أو يعود الحزب الاجتماعي الديمقراطي إليها بعد انقطاع استمر لأربعه أعوام .

وبالنظر للتوقعات الكبيرة القائمة بعدم نجاح الحزب الاجتماعي الديمقراطي أو الاتحاد الديمقراطي في الحصول على الأغلبية فان الحكومة الجديدة ستكون في الأغلب إما ائتلافية بينهما أو بين الحزب الذي سيفوز وبعض الأحزاب الأخرى التي يتوقع نجاحها في دخول البرلمان الجديد والتي سيتراوح عددها بين 5ــ 6 أحزاب.

ولا يعتبر الخيار الثاني أكثر ترجيحا لان عدد المقاعد التي ستحصل عليها هذه الأحزاب لن تكون كافية على الأرجح لتامين أغلبية المقاعد مع الحزب الكبير الذي سيفوز في هذا الانتخابات. وبغض النظر عن طبيعة الائتلاف الحاكم الجديد فان مهاما صعبة تنتظر الحكومة القادمة والبرلمان الجديد من أهمها إنجاز عملية انضمام البلاد إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي وتعميق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والقضائية ومكافحة الفساد والجريمة .

وعلى الرغم من انتماء الاتحاد الديمقراطي الكرواتي إلى اليمين ايدولوجيا والحزب الاجتماعي الديمقراطي إلى يسار الوسط إلا أن الحزبين يلتقيان في السياسة الخارجية حول الهدفين الأساسين للسياسة الخارجية الكرواتية وهما أنجاز انضمام البلاد إلى الناتو العام القادم خلال قمة الأطلسي في بوخارست والانضمام إلى الاتحادالأوروبي في عام 2010 أما في السياسة الداخلية فيلتقيان حول ضرورة مكافحة الفساد وإجراء الإصلاحات القضائية والاجتماعية والاقتصادية ولذلك فان إمكانية تشكيل ائتلاف حكومي بينهما لا يعتبر مستبعدا وإن كانا يختلفان الآن حول النهج الاقتصادي فالاتحاد الديمقراطي يشدد على النهج الليبرالي فيما يدعو الحزب الاجتماعي إلى إبقاء دور ملموس للدولة في الاقتصاد والى ضرورة مراعاة للبعد الاجتماعي للإصلاحات الاقتصادية .

الاتحاد الديمقراطي الكرواتي قطع شوطا متقدما على طريق تخلصه من تأثير القوى القومية المتشددة فيه واثبت من خلال حكومته في الأربعة أعوام الماضية انه أوروبي التوجهات ومتعاون مع محكمة لاهاي ويقوم بدور بناء في المنطقة البلقانية وفي العالم ولذلك نجحت كرواتيا في الحصول على مقعد غير دائم لها في مجلس الأمن بدءا من العام القادم ولذلك فان استمراره أو استلام الحزب الاجتماعي الديمقراطي السلطة مكانه أو تحالفهما معا في حكومة واحدة لن تغير كثيرا من توجهات زغرب الأساسية .