كتل سياسية تنفي إتصال المالكي بها لبلورة التشكيلة الوزارية
الحكومة العراقية الجديدة مؤجلة لخلافات حول آليات تشكيلها

أسامة مهدي من لندن: نفت كتل سياسية عراقية استلامها اي دعوة من رئيس الوزراء نوري المالكي للمساهمة في تشكيل حكومة جديدة فيما اكد مستشارون للمالكي ان هذه الكتل رفضت التخلي عن حصصها في الحكومة الامر الذي سيغير خيارات اعلان تشكيلة وزارية جديدة الى ملء الشواغر في حوالى نصف الوزارات الخالية نتيجة انسحاب ثلاث قوى سياسية منها وهو امر سيؤخر العملية حتى انعقاد مجلس النواب بفصله التشريعي الجديد الذي يبدأ في الثامن عشر من اذار ( مارس ) المقبل .. وحيث عقد نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي والمالكي اجتماعا مغلقا بحثا خلاله آليات تشكيل الحكومة المنتظرة والشراكة الحقيقية في الملف الأمني .

حزب الفضيلة يؤكد أن المالكي لم يتصل به حول تشكيل حكومة جديدة

وفي مؤتمر صحافي عقدته في قصر المؤتمرات في المنطقة الخضراء وسط بغداد اليوم اكدت الكتلة البرلمانية لحزب الفضيلة الاسلامي أنها لم تتسلمأي دعوة رسمية او غير رسمية من المالكي للمساهمة في بلورة تشكيل حكومة جديدة . وقال النائب حسن الشمري رئيس الكتلة quot; اننا لم نستلم اي دعوة رسمية او غير رسمية من رئيس الوزراء نوري المالكي للمساهمة في بلورة تشكيل حكومة جديدة quot;. وأعرب عن استغرابه من هذا الموقف الذي وصفه بأنه لا ينسجم مع المعايير والاسس التي طرحها رئيس الوزراء واشترطها في إعادة تشكيل الحكومة ومنها ان تكون ممثلة لمكونات الشعب العراقي وبعيدة عن المحاصصة السياسية .

واكد quot;ان إصلاح العملية السياسية في العراق اصبح امرا ضروريا في ظل المعاناة التي يعيشها المواطن العراقي والتي من اسبابها بالدرجة الاولى سياسية . وشدد على quot;ان عملية الاصلاح ترتكز على محورين الاول صنع القرار بتفعيل المجلس السياسي للامن الوطني من خلال إعادة تشكيله واعطائه صلاحيات قوية والثاني هو إدارة الدولة بإجراء تعديل شامل للحكومة وتتحمل اغلب القوى السياسية المسؤولية وفق معايير قانونية بعيدا من المصالح الحزبية والفئوية quot; . ودعا الشمري القوى السياسية الى وقفة جادة لوضع نهاية للمشاكل السياسية ومعاناة العراقيين . ولم يستبعد الشمري وجود دوافع سياسية وراء عدم دعوة كتلته الى هذه المفاوضات .. وقال quot;اننا نؤكد في الوقت نفسه ان اصلاح العملية السياسية في العراق اصبح ضروريا في ظل المعاناة التي يعيشها المواطن العراقي والتي نعتقد ان اسبابها سياسية بالدرجة الاساسquot; .

واضاف القيادي في حزب الفضيلة الذي يقوده المرجع الشيعي آية الله الشيخ محمد اليعقوبية وله 15 مقعدا في مجلس النواب ان الحزب يرى ان quot; عملية الاصلاح ترتكز على محورين : الاول صنع القرار بتفعيل المجلس السياسي للامن الوطني من خلال اعادة تشكيله واعطائه صلاحيات قوية .. والثاني ادارة الدولة بإجراء تعديل شامل للحكومة يتيح لاغلب ان لم يكن لكل القوى السياسية شراكة حقيقية في تحمل المسؤولية وفق معايير قانونية لا يسمح بموجبها ببناء المصالح الحزبية والفئوية ومن قبل اي جهة كانت على حساب المصالح العامة للدولةquot; . واشار الى انه quot;قد ثبت ان التحالفات الضيقة وحالة انفراد جهات محددة بالسلطة لم ولن تقدم حلا سياسيا يعالج حالة التردي في العراقquot; .. وتساءل قائلا quot;فلماذا الاصرار على هذه المنهجية الخاطئة التي يدفع ثمنها المواطن العراقي وحده اننا ندعو القوى السياسية الى وقفة جادة بهذا الصدد تضع نهاية للمشاكل السياسية وخاتمة لمعاناة العراقيينquot; .

وقال الشمري إن التحالف الكردستاني والتيار الصدري وحزب الفضيلة وجبهة التوافق العراقية قد ابدوا استعدادهم لتقليص الوزارات واجراء التغيير الشامل في التشكيلة الحكومية.

واشار الى أن هناك جهات لم تتسلم لحد الان دعوات من الحكومة للمشاركة في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة من بينها القائمة العراقية وجبهة الحوار الوطني.

ويأتي نفي حزب الفضيلة هذا لاي اتصال به لتشكيل حكومة جديدة بعد ايام قليلة من اعلان المالكي الاسبوع الماضي عن ستة شروط لتشكيلها في مقدمتها عدم اعتماد المحاصصة السياسية في اختيار الوزراء والعمل على تعيين وزراء من ذوي الخبرة والمهنية تكون مهنيتهم مقدمة على انتمائهم الحزبي والسياسي وأن لايتجاوز عدد الحقائب الوزارية 22 حقيبة وان يكون له القرار النهائي في اختيار الوزراء .

واعلن رئيس الوزراء العراقي انه وجه رسالة إلى هيئة الرئاسة وقادة الكتل السياسية أكد فيها اهمية الاسراع بتشكيل حكومة جديدة على اسس سليمة تكون قادرة على تحقيق تطلعات ابناء الشعب العراقي وقواه الوطنية المخلصة . واوضح ان تلك الاسس او الشروط تتركز على عدم اعتماد مبدأ المحاصصة السياسية وانما التمثيل العادل لمكونات الشعب العراقي وإختيار وزراء من ذوي الخبرة والمهنية تكون مهنيتهم مقدمة على انتمائهم الحزبي والسياسي وأن لايتجاوز عدد الحقائب الوزارية 22 حقيبة .

كما طالب المالكي بمنحه صلاحية اختيار الوزراء بالتشاور مع هيئة الرئاسة وان يكون له القرار النهائي في هذا الامر مشددا علىاهمية الاسراع بتشكيل حكومة جديدة على اسس سليمة تكون قادرة على تحقيق تطلعات ابناء الشعب العراقي وقواه الوطنية المخلصة .

وكانت ثلاث كتل سياسية قد سحبت وزراءها من حكومة المالكي على مدى الاشهر الثمانية الماضية هي التيار الصدري وجبهة التوافق والقائمة العراقية الامر الذي افقد الحكومة نصف وزرائها ال 36 واصابها بخلل كبير في تقديم خدماتها للمواطنين . لكن مباحثات بدأت مؤخرا بين التوافق والحكومة من اجل عودة وزرائها الخمسة ويبدو انها لم تتوصل الى نتائج مرضية على هذا الطريق لحد الان . وقالت الجبهة الاسبوع الماضي ان quot;العرض الأخير الذي تقدمت به الحكومة ليس كافيا وسوف تجري الجبهة التعديلات المقتضية وتعرضها على الوفد الحكومي المفاوض خلال الأيام القليلة القادمةquot;. واشارت الى انه في هذا السياق تم التأكيد على أن رغبة الجبهة في العودة العاجلة للحكومة يقتضي مرونة الحكومة واستجابتها للمطالب التي تقدمت بها. ولم توضح الجبهة طبيعة العرض الحكومي الذي تحفظت عليه لكن مصادر عراقية قالت إن الجبهة تطالب بمشاركة اكبر في صنع القرارين السياسي والامني .

الكتل السياسية ترفض تقليص حقائب الوزارة

لكن المستشار السياسي للمالكي النائب في الائتلاف الشيعي الموحد سامي العسكري كشف امس أن فكرة تقليص حقائب الوزارة التي ينوي المالكي تشكيلها واجهت رفضا من معظم الكتل السياسية موضحا أن الاتجاه يجري الان نحو ترميم الحكومة من خلال عودة وزراء جبهة التوافق والقائمة العراقية وترشيح بدلاء لوزراء التيار الصدري.

وقال العسكري quot;ان المالكي كان قد كتب لرؤساء الكتل السياسية يخبرهم بنية تشكيل وزارة بعدد اقل من الحقائب الوزارية لكن اغلب الكتل ومن بينها الائتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني رفض الطلب.quot; واوضح في تصريح بثته وكالة اصوات العراق ان التفاوض يجري الآن مع القائمة العراقية برئاسة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي وجبهة التوافق السنية لتقديم مرشحيهما للوزارات الشاغرة في حين سيقوم المالكي بترشيح اشخاص لوزارات التيار الصدري.

واشار الى ان المالكي اعطى مجلس الرئاسة مهلة اسبوع وهو ينتظر انتهاء المدة لتتم بعدها عملية الترميم الفعلية . واضاف ان الوزارات السيادية وهي الخارجية والداخلية والدفاع والمالية باقية على ماهي عليه، ولن يحصل فيها اي تغيير حتى الآن.

وكان رئيس التحالف الكردستاني في مجلس النواب فؤاد معصوم قال امس إن الحديث عن تغيير الوزارت السيادية أو إستبدالها سابق لأوانه، كاشفا عن تمسك التحالف الكردستاني بوزارة الخارجية التي يتولى حقيبتها وزير الخارجية الحالي هوشيار زيباري. واشار الى ان فكرة تقليص الوزارات التي طرحها المالكي جيدة والتحالف الكردستاني مع التقليص لأن عدد الوزارات مترهل جدا ويجب العمل على تقليلها.

ومن جهته قال الناطق باسم جبهة التوافق سليم عبد الله الجبوري إن الجبهة تنتظر الصيغة النهائية لتشكيل الحكومة المرتقبة من أجل تحديد موقفها منها.

واوضح الجبوري في تصريح وزعه مكتب اعلام الجبهة اليوم أن الجبهة تقف مع فكرة إعادة تشكيل الحكومة بالكامل لاعتبارات تعتقد ان لها نتائج ايجابية على الاداء الحكومي .. لكنه اشار الى انه في حال التوجه نحو ترميم الوزارة فلن تعارض الجبهة ذلك وملء الوزارات الشاغرة بوزراء اكفاء.

واضاف أن جبهة التوافق لا تنظر إلى شخص من يحكم وإنما إلى الطريقة التي يحكم بها والى كيفية معالجته للقضايا المختلف عليها وإننا ننظر إلى السيد المالكي بهذا المنظار. وقال إن المالكي صرح في لقاءاته انه سيتبع طريقة جديدة في الإدارة مبنية على شراكة كافة الكتل السياسية هذا الأمر يجعلنا ننظر إلى الخطوة التي تليها ممثلة بتشكيل الحكومة المهم في هذه المرحلة ان يكون هناك تشكيل يعتمد على أساس تنفيذ كتلوي بمعنى الابتعاد عن التمثيل المجتمعي حتى نتجاوز عقبات كانت قد واجهتنا خلال الفترة السابقة.

واكد أن هذا التشكيل الكتلوي سيفتح المجال لكتل سياسية لان تكون ضمن الحكومة وأن ينظر إلى مقدار هذه الكتل وحصتها ضمن الوزارة الحالية وأن لا ينظر إلى التسميات الطائفية والتي ستؤدي إلى خلق أزمة جديدة ومَن من هذه الكتل تريد أن تكون ممثلة في هذه الحكومة وفي تنفيذ القرار حتى تكون إدارة الدولة مبنية على اتخاذ أراء المشتركين ضمن هذه الحكومة حتى لا ينفرد طرف بالرأي دون الطرف الآخر.

وتتكون حكومة المالكي الحالية التي تشكلت في مايو (ايار) عام 2006 من 37 وزارة خمس منها وزارات دولة موزعة بين الائتلاف العراقي الموحد (83) مقعدا من مقاعد البرلمان البالغة (275) مقعدا والتحالف الكردستاني (55) مقعدا وجبهة التوافق العراقية (44) مقعدا قبل انسحابها في اب (اغسطس الماضي) مع وزراء التيار الصدري (30 مقعدا) ووزراء القائمة العراقية (21) مقعدا.

المالكي والهاشمي بحثا وضع الحكومة في اجتماع مغلق

واليوم قال مكتب نائب رئيس الجمهورية ان طارق الهاشمي قد عقد اجتماعا مغلقا مع المالكي في مكتبه تناول العديد من القضايا المهمة على الساحة السياسية .

واشار الى ان الاجتماع quot;تميز بحوار صريح ومفيد ابرز مشتركات مهمة يمكن أن يبني عليها الطرفان علاقات عمل طيبة يتم من خلالها عقد لقاءات أخرى على هذا المستوى في المستقبل القريب للاتفاق على تفاصيل لا زال يعتريها سوء الفهمquot;.

وفي بداية اللقاء ثمن الأستاذ الهاشمي موقف المالكي من قانون العفو العام حيث جرى الاتفاق على تشكيل لجنة لمراقبة أداء الأجهزة التنفيذية والقضائية من اجل الإسراع بوتيرة إطلاق سراح المعتقلين والعمل على تطوير القانون في المستقبل القريب ليشمل المزيد من المعتقلين.

كما جرت مراجعة صريحة للوضع القائم في مختلف المجالات بعد مرور سنتين تقريباً من تشكيل الحكومة الحالية quot;وكان تقويم الطرفين لها متقارباً إذ انه رغم التقدم الذي تحقق في مجالات الأمن والاقتصاد فان الحاجة لتظافر الجهود والعمل بروح الفريق الواحد لا زالت قائمة وان المطلوب هو تبادل الثقة تمهيداً لشراكة حقيقية في السلطة واتخاذ القرار في إطار عمل مؤسسي يتحمل فيه الجميع عبء المرحلة القادمة كشركاء متكافئين في الحقوق والواجباتquot;.

وأجرى الطرفان حوارا حول موضوع الشراكة في الملف الأمني وأبديا رغبتهما بإزالة سوء الفهم في العديد من المجالات وتم الاتفاق على استكمال الحوار حول هذا الملف في المستقبل القريب . وعرض المالكي العديد من الملفات الحكومية التي لا زالت بحاجة إلى موافقة مجلس النواب لإقرارها خاصة تلك التي تتعلق بتسمية وكلاء الوزارات والسفراء ومعاوني رئيس الأركان وقادة الفرق وتمنى السيد النائب تقديمها في اقرب اجتماع للمجلس التنفيذي بهدف مناقشتها وإقرارها.

ونوقشت خلال الاجتماع أيضا الآلية التي اقترحها رئيس الوزراء في تشكيل الحكومة المقبلة حيث عرض الهاشمي طرحها على المجلس التنفيذي الذي يضم كبار القادة بهدف الخروج بحل توفيقي مقترح يحقق الصالح العام ويعجل في المساعي الرامية إلى إعادة تشكيل الحكومة الحالية. وتأكيدا لموقف جبهة التوافق العراقية أشار الهاشمي إلى رغبتها في العودة للحكومة بدليل مساهمتها في تضييق شقة الخلاف مع الحكومة عندما اختصرت مطالبها بالمهم منها مؤكدا حرص الجبهة على أن تجري استجابة طيبة من جانب المالكي في هذا المجال.