خلف خلف من رام الله: بينما كان نصر الله يسحب قواته من شوارع العاصمة اللبنانية، كانت القيادة الإسرائيلية تضعه نصب أعينها، وتتلقى كافة التقارير والإحداثيات عن التطورات الجارية في بيروت من خلال أجهزة استخباراتها وأجهزتها الأمنية ذات الصلة، والتي تعمل على مدار الساعة لمعرفة الآثار المتوقع أن تلقيها الأزمة في لبنان على إسرائيل والمنطقة بأسرها.

وقد بدت أيضا وسائل الإعلام العبرية على غير عادتها، حيث عملت خلال اليومين الماضيين على إحضار خبراء ومحللين لتقديم قراءة محتملة للسيناريوهات المستقبلية في المنطقة بعد عودة شبح الحرب الأهلية لشوارع بيروت. صحيفة يديعوت الصادرة صباح اليوم الأحد نقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير إيضاحه إن قيادة تل أبيب تتابع عن كثب كل التطورات في لبنان، ولكنها تمتنع عن قيادة أي جهد دولي بشأن هذه المسألة.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أشار في وقت سابق أن إسرائيل ترقب بقلق الأزمة الأخيرة في لبنان، ولكنها في الوقت الحالي لن تعلق على الموضوع، وبدلاً من ذلك ستعطي المجتمع الدولي المجال للرد.

وتبرز وسائل الإعلام العبرية ما تسميه quot;انتصار حزب الله في المسرح اللبناني الداخلي، بعد نجاحه في إجبار الجيش على قبول مطالبه، مشيرة إلى أن ذلك يأتي بدعم وتنسيق من سوريا ولبنان. وعقد المسؤولون الإسرائيليون في نهاية الأسبوع الحالي سلسلة من المشاورات الدبلوماسية في أعقاب تواتر التقارير حول وقوع اشتباكات في بيروت ومناطق مختلفة من لبنان، وأعلن أولمرت، ووزير الدفاع أيهود باراك، ووزير الخارجية تسيبي ليفني أنهم تلقوا كامل الإحداثيات الاستخباراتية، والتقييمات الأمنية بخصوص الوضع اللبناني.

وصرح مصدر سياسي في القدس اليوم الأحد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي أطلع طوال نهاية عطلة الأسبوع على كامل التطورات التي نقلتها إليها الهيئات الأمنية ذات الصلة بالموضوع. وقال المصدر: quot;إننا نحصل على تقارير بشأن التطورات الجارية هناك،quot; معتبرًا في الوقت ذاته، إن إسرائيل انزعجت من احتمالية أن تتأثر بالأحداث الخطيرة والتي يجب أن تضع الجهود الدولية المبذولة حداً لها، مبيناً أن تل أبيب ما زالت ملتزمة بعدم إصدار رد رسمي.

ومن جانبها، نشرت صحيفة هآرتس تحليلاً سياسيًا اعتبرت خلاله أن الحرب الأهلية المصغرة التي عايشها لبنان خلال الأيام القلية الماضية، والي يبدو أنها وصلت لفترة الاستراحة المؤقتة يوم السبت، لا يتوقع أن تلقي بظلالها السلبية على الحالة الأمنية في إسرائيل. وبحسب الصحيفة فأنه يبدو أن حزب الله يركز على تحسين وضعه على الساحة المحلية اللبنانية، ولا يسعى إلى المواجهة المباشرة مع إسرائيل في الوقت الراهن على الأقل.

ولكن رغم ذلك ينبغي على قيادة إسرائيل أن تقلق، وبخاصة أن أحد أهم إنجازات حرب لبنان الثانية، المتمثل في قرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن يمكن أن يقوض جزئيًا. وتشير الصحيفة إلى أن المخابرات الإسرائيلية تعترف أن حزب الله تعافى من صدمة الحرب في عام 2006. وتضاعف قوته الصاروخية ثلاث مرات، كما أن تهريبه للسلاح من سوريا استمر دون انقطاع.

وجاءت الأزمة في لبنان، لتطغى على ملف التحقيقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت، والذي قد يجبره على الاستقالة من منصبه، وبخاصة أنه صرح لمجلة نيوزويك الأميركية في عددها الجديد أنه لا يستبعد الاستقالة من منصبه قبل تقديم لائحة اتهام ضده. وأضاف أنه سيدرس هذه الخطوة وانعكاساتها، إلا أنه قال أنه سيكون من الخطأ بمكان التنحي عن منصبه إذ أن أمامه مهامات يجب انجازها ورؤيا يجب تجسيدها. وبحسبه فان رؤيا السلام أصبحت قريبة من أي وقت مضى.

وبحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة فمن المتوقع أن تعود الشرطة قريبا إلى التحقيق مع بعض الضالعين في القضية الجديدة المنسوبة إلى اولمرت ومن بينهم الثري الأمريكي موريس تالينسكي ومديرة مكتب اولمرت سابقا شولا زاكن والمحامي اوري ميسر الذي يعتبر مقربا من رئيس الوزراء. ولكن التحقيق مع أولمرت سيتأجل كما يبدو بسبب عقد مؤتمر الرؤساء في القدس هذا الأسبوع.

كذلك من المحتمل أن تطلب النيابة العامة من المحكمة اخذ إفادة مبكرة من المحامي ميسر بسبب حالته الصحية والنفسية، وتشير الإذاعة أن وكلاء رئيس الوزراء ينويان تقديم اعتراض إلى المحكمة العليا على قرار المحكمة المركزية في القدس السماح للشاهد المركزي في هذه القضية موريس تالينسكي بالإدلاء بإفادة مبكرة أمام المحكمة.

ونقلت الإذاعة عن مصدر مطلع على تفاصيل هذه القضية قوله إنه تتوفر حاليا لدى محققي الشرطة أدلة تشير إلى التورط المفترض لاولمرت في مخالفات تتعلق بقانون تمويل الأحزاب. ويسعى محققو الشرطة للحصول على أدلة ملموسة تؤكد تلقيه رشاوى بمئات ألاف الدولارات من موريس تالينسكي عندما كان رئيسا لبلدية القدس ووزيرا للصناعة والتجارة.

وبالإضافة لشبهات الفساد ضد أولمرت، فأنه متهم بالضعف، وعدم قدرته على اتخاذ القرارات الصائبة خلال حرب لبنان الأخيرة، واستطلاعات الرأي التي تجريها مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام تبين أن الجمهور الإسرائيلي لا يعطيه من الثقة الكثير، ويتخوف بعض المراقبين في الدولة العبرية من إلقاء الأزمة في لبنان ظلالها على إسرائيل بينما هي مشغولة في ملفات عديدة، وأهمها الوضع في قطاع غزة، والتحقيق مع أولمرت، وإحياء ذكرى استقلالها الستين التي سيحضر للمشاركة بها الرئيس الأميركي جورج بوش شخصيًا.