تشدد في مسألة التهدئة ونصر على الجبهة الإعلامية ضد حماس وحزب الله
أحداث لبنان: إسرائيل الرابح الأكبر

نضال وتد من تل أبيب: جاءت أحداث لبنان، على تسلسلها الزمني، ونتائجها الأولية بتراجع الحكومة الحالية أمام حزب الله بمثابة نجدة للحكومة الإسرائيلية، وطوق نجاة يريحها من quot;همquot; التوتر على الحدود الشمالية، ومحك التنازلات المعلن عنها من أولمرت للرئيس الأسد، من جهة وورقة لتشددها في مسألة الهدنة المنشودة في قطاع غزة، وهي الهدنة الحاضرة في الإعلام والغائبة على أرض الواقع.فعلى مدار نهاية الأسبوع ، وفيما انشغل العالم بحزب الله وأحداث لبنان كانت إسرائيل تصعد من هجماتها في القطاع، وهو ما تبين أنه كان بضوء أخضر أميركي، وفق ما ذكرت مصادر صحافية إسرائيلية، نتج عن درجة عالية من التنسيق بين أقطاب الحكومة الإسرائيلية الثلاثة، أولمرت، وبراك وليفيني.

وخلافا لمل جاء في الإعلام، فإن إسرائيل ليست مشدودة الأعصاب بانتظار وصول مدير المخابرات المصرية عمر سليمان لتعرف منه تفاصيل الاتفاق بين مصر وحماس وباقي الفصائل في القطاع. بل إنها سعت وبصورة مثابرة إلى التأكيد على أن المبادرة كلها من أولها إلى آخرها، هي مبادرة مصرية، وفق أقوال وزير الأمن الإسرائيلي، أو هي في أحسن حال quot;حوار بين المصريين، شركائنا الاستراتيجيين، وبين حماسquot;، كما وصفها نائب براك عضو الكنيست، متان فيلنائي، أو كما سبق لداني يتوم أن لخص الموقف الإسرائيلي من الهدنة بعبارةquot;عندما تعرض علينا سيكون لكل حادث حديثquot;.

هذا يعني أن الإسرائيليين ومنذ اللحظة الأولى سعوا إلى خفض سقف التوقعات بشأن التوصل إلى هدنة، في وقت كان المحللون الإسرائيليون اعتبروا فيه، قبيل أحداث لبنان، وعشية عيد الفصح اليهودي، أن المواجهات والاجتياحات المتكررة لغزة هي حرب بين إسرائيل وحماس على شروط التهدئة، واليوم، وبفعل ما آلت إليه الأحداث المتسارعة في لبنان، فقد عادت إسرائيل، التي لم تعلن أصلا عن موافقتها على تهدئة مع حماس، بل كررت باستمرار أنها لا تتفاوض مع الحركة، باستثناء اتصالات غير مباشرة معها، بوساطة المصريين في موضوع الجندي شاليط، عادت وعلى لسان أولمرت لتصعد من موقفها الرافض للتهدئة، أو على الأقل لتلمح للجانب المصري، بألا يعول كثيرا على قبولها لبنود المبادرة المصرية وخصوصا فيما يتعلق بابرام اتفاق وقف إطلاق نار مع حماس.

فقد قال أولمرت quot;إنه إذا لم تقم حماس من جانبها وبمفردها بضمان الهدوء في الجنوب فستضطر إسرائيل إلى القيام بهذه المهمة بدورهاquot;، فيما نقلت تصريحات عن مسؤولين إسرائيليين آخرين تحدثوا عن ضرورة أن يحسم الجيش الإسرائيلي الموضوع في عملية عسكرية( كتصريحات الوزيرين موفاز، وديختر).

إن قراءة متأنية للتصريحات الإسرائيلية، لما قبل عيد الفصح وأحداث لبنان والتصريحات الجديدة، في ضوء المتغيرات الجديدة، وأهمها، احتمالات نشوب رياح انتخابات قريبة في نوفمبر القادم، في إسرائيل، مما يعني أن كل تصريح سياسي أو quot;أمنيquot; سيخضع للمزايدات الحزبية الإسرائيلية، مما يعني بالضرورة، وفي مثل هذه الأجواء أن نشهد تشددا إسرائيليا في يسمى بالخطاب الإسرائيلي الرسمي والحزبي quot;بمحاربة الإرهابquot;، وquot;عدم الخضوع لمنظمات إرهابية...quot; وبالتالي يكون الخيار العسكري، مهما كان محدودا، صاحب الأولوية الأولى، ولو من الناحية البلاغية، فإسرائيل لم تتعهد لمصر بقبول المبادرة، ولم تكلف مصر بها، مما يعني أنها ليست ملزمة، ولو من باب مجاملة شريك استراتيجي، بدفع ضريبة كلامية قد تحسب عليها، ولعل أقصى ما سيحصل عليه سليمان من القيادة الإسرائيلية، ه تعهد بدراسة تفاصيل المبادرة المصرية، وعرضها على الحكومة قبل إعلان موقف رسمي يلزم الحكومة.

كما أن إسرائيل التي تنتظر وصول بوش، بانتظار الحصول على شبكة وأجهزة رادار وإنذار مبكر متطورة من الولايات المتحدة، لن تسارع إلى إعطاء مصر quot;حلاوةquot; إنجاز لتهدئة، في الوقت الذي تصطف فيه خلف إدارة بوش وسياسته ضد الحركات الأصولية، في وقت يمكن لها أن تحصل فيه من بوش على مزيد من الدعم والتأييد لجهة شن حملة عسكرية مكثفة في القطاع، وهي الحملة التي نحدثت عنها المصادر الصحافية الإسرائيلية طيلة الشهر الماضي، وعاد الوزيران موفاز وديختير اليوم، ليتساءلان لماذا لا يقوم الجيش الإسرائيلي بتقديم خطة عمل لوقف إطلاق النار من غزة على الرغم من أن الحكومة طلبت منه ذلك قبل شهور؟.

حزب الله وإسرائيل!!

وعلى الصعيد اللبناني ndash; الإسرائيلي، فمن الواضح أن التطورات في لبنان، تصب من الناحية الإعلامية والدبلوماسية، في صالح الموقف الإسرائيلي والسياسية الرسمية الإسرائيلية بخصوص ما تسميه إسرائيل بالمحور الإيراني السوري اللبناني. فحقيقة التزام إسرائيل الرسمية الصمت حيال ما يحدث في لبنان، والاكتفاء بالقول إن ما يحدث هو مشكلة أمنية وإن إسرائيل بطبيعة الحال تراقب التطورات الميدانية والسياسية في لبنان، لا يعني أنها تلتزم الصمت فعلا، ولا يعني أيضا، أنها لن توظف الأحداث، لخدمة سياستها، بل على العكس من ذلك، فأولمرت الذي سيلتقي هذا الأسبوع، يوم الأربعاء، الرئيس الأميركي بوش، على جانب مجموعة من القادة والزعماء الذين ينتظر أن يزوروا إسرائيل، لن يفوت فرصة توظيف أحداث لبنان للتدليل على صحة الموقف الإسرائيلي من الخطر الإيراني، والمد الشيعي المرتبط بإيران، وما يمثله ذلك من خطر على استقرار منطقة الشرق الأوسط بمجملها وليس فقط على إسرائيل.

إلى ذلك فإن إسرائيل الرسمية لن تتوانى عن توظيف هذه الأحداث في كافة المحافل الدولية، كما أنها ستشكل أداة، داخل إسرائيل نفسها، بيد اليمين الإسرائيلي لشن حملة ضروسة رافضة لتسوية مع سوريا في الظروف الراهنة، طالما ظلت سوريا ضلعا من أضلاع ثالث تقف إيران على رأسه وتشكل سوريا وحزب الله قاعدته.

ومع أنه لا يزال مبكرا التنبؤ بتطورات الأحداث في لبنان أو تداعياتها على المنطقة، إلا أنه من الواضح أن إسرائيل، التي كانت وراء منع تزويد الولايات المتحدة للجيش اللبناني بأسلحة متطورة، وفق ما ذكره موقع quot;هآرتسquot; ، ستبقى الحاضر الأول في المشهد اللبناني، وما يحاك للبنان في أروقة الدبلوماسية الدولية، وأروقة الإدارة الأميركية على وجه التحديد.