لايمكن فصل تحركات وأساليب جماعات القتل والتفجير والإختطاف السلفية الأصولية وذراعها السياسي في العراق ممثلة بما يسمى ب (هيئة العلماء المسلمين)، وكذلك مغامرات ومراهقة جماعة المختل (مقتدى الصدر) عن الجهود الحثيثة والمتواصلة من أكثر من طرف إقليمي ومحلي والهادفة لتقسيم العراق وتجزأته وزرع بذور الفتن الطائفية والمناطقية النتنة وتحت ستار الشعارات الدينية والمذهبية! فبؤرة الفلوجة على سبيل المثال والتي يحلو للإعلام العربي المضاد لحرية العراق ومن على شاشة بعض الفضائيات الرثة أن يقدسها قد أضحت مستنقعا لجماعات وعصابات الإسلام السياسي بعد أن تحول رجال المخابرات والأمن السابقين وبقايا فدائيي صدام والحرس الخاص لشيوخ ومجاهدين يفتون في أمور الدين والدنيا ويشكلون المجالس الجهادية ويفتحون الحدود لبلطجية الأصولية الإرهابية بالتدفق للعراق عبر توفير المأوى والمرعى والأموال القادمة من بعض المصادر الخليجية تحديدا! بل ويمارسون المقدمات الموضوعية لقوانين الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في دولة ( الخلافة الفلوجية ) القادمة وعبر فقهاء القتل وسمل العيون وقطع الرؤوس ممثلين في الشيخ عبد السلام الكبيسي وعبدالله الجنابي وبقية فقهاء ( مسجد أم المعارك )!! والذي تحول في طفرة وراثية ل ( أم القرى)!!، أما عصابة الغر والمختل ( مقتدى الصدر) فهي تنساق كالنعاج السقيمة خلف تكتيكات وأساليب هيئة علماء القتل والخطف! وتتماشى مع أوهام العظمة والزعامة المهدوية التي تلبست عقل وكيان المختل ( مقتدى الصدر) المسؤول مسؤولية مباشرة عن دماء الآلاف من الشباب الجاهل الذين يقذف بهم في سوح معاركه الخاسرة والسقيمة والتي تنسجم نتائجها تماما مع مخطط تدمير العراق المنهجي الذي وضعه النظام البعثي البائد والذي كان يعمل عليه طيلة العقدين الأخيرين !، فليس سرا أن النظام البعثي البائد ومنذ أيامه الأولى كان يلوح بورقة تقسيم العراق فيما لو فقد السلطة لأي سبب من الأسباب والنظام بإعتباره كان يقود الشعب والبلد بعقلية وأساليب المنظمة السرية المافيوزية بكل هياكلها السرية وأساليبها البلطجية كان يعلم إن نهايته متوقعة بين فينة وأخرى لذلك فقد هيأ السيناريوهات البديلة وهي سيناريوهات تخريبية تنسجم تماما مع عقلية النظام ورجاله وأساليبهم وهي الأساليب التي شهدت خلال سنوات النظام الأخيرة تطورا نوعيا وكميا إتسم أساسا بركوب الموجة الدينية التي سادت في الشارع العراقي بعد سلسلة الهزائم والإحباطات منذ غزو إيران ثم غزو دولة الكويت وماأتبع ذلك من حصار دولي إستفاد منه النظام في تعزيز قبضته الأمنية والإقتصادية ليطلق في منتصف التسعينيات من القرن الماضي مشروعه السلطوي الموجه إستخباريا والمعروف ب ( الحملة الإيمانية)!! حيث حاول صدام ومن خلفه حزب البعث إسباع ( الأسلمة) على جوانب الحياة العراقية فاتحا المجال لأجهزة مخابراته بالتسلل للعديد من التنظيمات الأصولية الدولية وممهدا الطريق السري للتعاون الإستخباري واللوجستي والذي توج مؤخرا بما يدور في الفلوجة وبعقوبة وسامراء والموصل والأنبار وغرب العراق عموما من أعمال قتل وترويع وإثارة للفتنة الطائفية ومحاولة فرض الخيار الأصولي المتخشب التدميري بعد أن إنهارت دولة البعث وإلى الأبد!، لقد سبق لصدام البائد أن أعلنها مدوية وصريحة في عام 1980 وإثناء التشطيبات والإستعدادات النهائية لحربه الإيرانية : { من يفكر بأخذ العراق منا... عليه أن يأخذه أرضا بلاشعب}!! وهاهو السيناريو الإرهابي المرعب يطبق بتكتيكات إستخبارية تتلامس والوعد الشيطاني المقطوع سابقا؟ وبتحالفات شيطانية مع القوى الظلامية المتسربلة بالأردية الدينية والشعارات التوحيدية والجهادية، وبتغطية معلنة واضحة من الجماعات الفاشية القومية الفاشلة والتي لاعلاقة لها بالدين أو العقائد الروحية مثل جماعة ( المؤتمر القومي العربي البيروتي) الذي يضم الرمم المتبقية والمتفسخة من التيارات العروبية الفاشية المهزومة وبعض النتوءات الجاهلة والمتطفلة على العمل القومي من المحامين العرب الفاشلين الذين يحاولون مجدا زائفا وسخيفا وهم يلعلعون بالدفاع عن أبشع دكتاتور مر بالعالم العربي في تاريخه المعاصر، والجولات التسخينية الأخيرة ودعوات الجهاد الباطلة والمزيفة المنطلقة من حناجر جماعة مقتدى الغبية لاتخفي حقيقة إرتباطاتها التدميرية للواقع العراقي خصوصا وان الأدلة على تورط المخابرات الإيرانية وبعض الجهات الإقليمية في دعم تلكم العصابات بالأموال والأسلحة لم تعد سرية بل واضحة ومعلومة للجميع، ومناورات هيئة العلماء الخاطفين ومحاولاتها لتخريب الوحدة الوطنية ومنع أجواء الأنفراج السياسي ووضع العصي في دواليب العملية السياسية التوافقية عبر إفشال المؤتمر الوطني الذي سينتخب البرلمان العراقي القادم قد أوضحت طبيعة الدور المخاتل لتلكم الهيئة التي لم نعرف عنها شيئا أيام النظام البائد وهو يحز برؤوس القوم ويبيع العراق وشعبه في أسواق النخاسة الدولية ! ثم نبتت فجأة بعد إنهيار النظام لتكون الإحتياطي المضموم والمدخر للنظام البائد المنهار ولتتغير الواجهات من البعثية إلى السلفية في سيرك مضحك شارك فيه كبار المهرجين والمعتوهين والحمقى والمغفلين من أمثال مقتدى الصدر ذلك الجاهل الأحمق الغر الذي يندفع وبغباء منقطع النظير نحو ذبح طائفته وتدمير العراق، ولعل مخططات التجزئة الطائفية والدينية التي تطبخ في دهاليز علماء المخابرات الجهاديين هي التي يراهن عليها اليوم أعداء العراق للإنتقام من الشعب المتحرر الذي يرنو للحرية والسلام والبناء بعيدا عن نار التعصب والغلو والإرهاب البعثي المتسربل بالأردية الدينية ؟ فالتخريب من أجل التخريب، وخطف الأبرياء واللعب على أوتار الشعارات وخلق الإمارات الأصولية المتعصبة في الواقع العراقي وهي الغريبة كل الغرابة عن النفسية العراقية الإنفتاحية والمتحررة ومن ثم محاولة تطفيش وإرهاب مسيحيي العراق ومصادرة هيبة الدولة وفرض القناعات الدينية بالقوة... كلها ممارسات تقسيمية واضحة المعالم تهدف لتجزئة العراق وتدمير مقومات وحدته الوطنية... ولاخلاص للعراق ولاضمانة لمستقبل العراقيين دون التخلص التام من جماعات القتل والخطف والإرهاب وتنظيف الساحة العراقية من أدران الأصولية المتعصبة، فلامهادنة مع القتلة والمجرمين، والمكر السيء لايحيق إلا بأهله.

[email protected]