أعلنوا ان مسلحيهم الملثمين الذين يطلقون على انفسهم جيش المهدي يرفضون نزع أسلحتهم لآنها "شخصية" وسيحتفظون بها حتى لو توقفت المواجهات مع القوات الحكومية!
إذن.. فمدافع الهاون وقاذفات الصواريخ والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة هي مجرد أسلحة شخصية يمكن لآي مواطن حيازتها والتبختر بها في وطن تهيمن على مقدراته ميليشيات يقودها زعماؤها الى الموت دون ان يتوقف واحد من أفرادها ـ خصوصا الشباب ـ ويتساءل " ماذا نحن فاعلون؟ وماذا عن مستقبلنا؟ والى اين سينتهي بنا المطاف؟"
لقد شاهدنا وشاهد العالم معنا شبابا يرقصون رقصة الموت امام عدسات التلفزيون ويلوحون بالرشاشات والمدافع والصواريخ وكل أدوات الموت وكأنهم مسحورون يحلقون في أجواء غريبة غابت عليهم معانيها ومعالمها .
نقرأ في عيونهم ألف سؤال.. من نحن؟ ماذا يريدون منا؟ أين طريق الخلاص؟ انقذونا.. لا نريد الموت.. نريد ان نعيش ونكبر لنرى اطفالنا يتمتعون بالحياة.. لكننا مقيدون بعادات وتقاليد ورثناها من أهلنا.. يقولون لنا موتوا لكي نحيا من أجلكم.. التيار أقوى منا ويجرفنا الى حيث لا ندري .. لم نجرأ على الصراخ في وجوههم بأنهم خدعوننا.. فقد قتلوا أحلامنا وآمالنا.. وها هم يكتبون نهايتنا بأيديهم.. أين المفر؟
زعماؤهم يريدون ان يقيموا امارتهم على جزء من الارض العراقية.. يفرضون على أهلها شريعتهم ومحاكمهم وسجونهم وضرائبهم واسلوب حياتهم وحتى لباسهم وهيأتهم.. ويعلمون الاطفال بأن الكرة الارضية مستوية ويكفر من يروج بأنها كروية.. ويدخل " نارهم" من يصدق ان قدم الانسان وطأت أرض القمر.. او ان المرأة انسانة وليست " عورة" .
اعلنوا مرارا انهم مصرون على حمل السلاح والانتحار.. ويرفضون الدخول في أية عملية سياسية ترسم مستقبل البلاد, وبالمقابل يتحججون بأن أطرافا سياسية تسعى لتهميشهم وأقصائهم.. ويتهمون الحكومة الانتقالية بالعجز والاخفاق في تحقيق الامن والاستقرار.
حسنا.. لنفترض ان حكومة الدكتور أياد علاوي المكلفة بنقل البلاد الى مرحلة الانتخابات العامة استقالت .. او غابت فجأة.. من سيحل محلها؟ ومن سيدير شؤون البلاد داخليا وخارجيا؟ سيقولون ان أنصارهم قادرون على تشكيل حكومة جديدة لديها نفس القدرة والكفاءة.
حسنا.. وهل ستوافق حكومتهم " المنتقاة" على ابقاء الميليشيات الملثمة والمسلحة بهذه الاسلحة "الشخصية" تجوب طول البلاد وعرضها.. وهل ستبقى متفرجة على عصابات النهب والسلب والاختطاف التي تشيع الرعب والخوف بين المواطنين؟ هل ستسمح هذه الحكومة باستمرار خضوع اجزاء من البلاد لهيمنة مسلحين وزعماء حرب يرفعون شعارات سياسية ودينية مختلفة لتمرير مخططاتهم؟ وكيف تضمن هذه الحكومة البديلة كسب موافقة واجماع كل الاطراف السياسية في البلاد؟
نعلم ان حكومة علاوي ليست نهاية المطاف في العملية السياسية.. فهذه العملية المعقدة ستتواصل لزمن ليس بقصير حتى تتبلور ملامحها الرئيسية.. وما الحكومة الحالية والتي ستتبعها وغيرها سوى آليات مطلوبة لآنجاز هذه العملية.
ان الاصوات الاتية من هنا وهناك والداعية الى إستقالة الحكومة الحالية, وان كان البعض يرى انها اولى ملامح الديمقراطية في العراق, هي في واقع الحال ليست سوى محاولات لوضع العصي في عتلات العملية السياسية ولآجهاض اي مسعى حقيقي لآستكمال بناء هيكل الدولة العراقية المنشودة.. وهذا ما يستدعي اظهار اكبر قدر من التأييد والدعم لحكومة الدكتور علاوي في هذه المرحلة الحرجة والمساهمة في الجهود الرامية لتأمين المناخ الملائم لآجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر بداية العام المقبل, كما لا بد من الوقوف بثبات والتصدي بحزم لكل الجماعات المصرة على الهدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي بحجة مقاومة الاحتلال.. وهي ذريعة أثبتت الوقائع انها مجرد غطاء تتستر وراءه الاطراف الرافضة للتغييرات السياسية الكبيرة الحاصلة في العراق والتي ستحصل في المنطقة.

[email protected]