درّاجيات مزعجة... كوميديا مأساوية (2/2)


منذ فترة تؤرقني كلمة قالها مرجع ديني وابن مرجع كبير، وقد بدت هذه الكلمة اصدق تعبيرا على حصيلة ما تتصوره مراجع الدين، في زمن اصبح قياسه الاعلام، والنجومية والشهرة، والكلمة تتحدث عن قياسات نجومية افراد رشحوا انفسهم لمنصب ما، وكان جل نقده على انهم غير معروفين، أي بلانجومية كحضرته. حسنا فعلوا هؤلاء ليزاحموا الراقصات والعارضات وبائعات الرشاقة والانوثة، وهن قد تسلطن لفترة طويلة على محاور الاعلام، فأضفن نكهة لدى المتلقين اكثر سلاما وحبورا وقلة عنف، في مجتمع ذكوري جعل اداته الجنسية كامنة بقوة شراسته وفحولته وقسوة خشونته، وهذه الخلاعة نوع من الدين حتما، طالما هو يقلل الاذى والقسوة ويحل الرحمة واللين والمرونة والليونة، أي هيفاء وهبي ونانسي عجرم واخريات كن راهبات القيم البصرية، قمن بادوار تستحق الاحترام، وهن ضيقن فجوة القسوة والعنف لدى الذكور، وجل فضيلتهن هي ما دفعنه من ثمن كبير في سم احتكار الاخلاق لقادة العنف الذكوري، الذي تجلى اكثر بخطاب رجال الدين، في الامر قياس رحماني بقي محتكرا لوكلاء الله، بل لفعل الرحمة على الناس والوقائع، فما قدمه رجل دين لا يساوي الواحد تحت الصفر مما قدمنه عارضات الكبح الذكوري، من تخفيف لغلو الذكورة، وتاليا فك عزلتها عن الانوثة، واحلال الرحمن بدل الشيطان بهذه العلاقة، التي بقيت في ازليتها وديموتها، منذ الازمنة البربرية المحاربة، حتى ازمنة التكريس المقدس للذكورة، وتاليا جعل المؤثم النسوي منطقة الضغط الوحيدة لمصلحة هذه الانظمة الهمجية. هذه المساحة المهملة من البحث، تستحق مطولات جريئة، تبين بقوة حياد معرفي كم ان رهبانية عارضة الازياء اكثر رحمة ورسولية من رجل دين قبيح الخطاب والمنظر والسلوك يعمل تحت منومة الحجاب بقوة فحش مريبة، فيما اثر الاعتماد على تراكم طويل جعل قبحه فاضلا وجمالهن منكرا اسوة بالاميّّة البصرية الفاضلة.في هذا الزمن الذي استعاد منهجية الاستلابات الفاضلة، وسط التقنية الحديثة، منافسا سطوة الجمال، الذي خلقت منهجه هذه التقنيات ولم يخلقه الاستلاب المحجب، أي عالم المسرة والفرح والكبح الغريزي، تمكن هؤلاء احتلال التقنية الاعلامية فبدو نجوم لا تضاهيهم قوة الجذب الجمالي والجنسي، حيث تمكنوا من استعادة القمع السيكولوجي والارهاب البصري، ليحيلوا منطق الجاذبية الى ارث الهزيمة الانسانية الاول، وما انطوى عليه من عدمية وسوداوية واحباط منذ فكرة النشوء المثيلوجي الاول، حيال فكرة النزول من الجنة، الى قربان ابراهيم، وفدائيات الرموز المتعففة، وحجب سيول الحياة عن فطرتها، لجعل القمع فطرة وثواب مثالي..لعله تقويض الانقلاب الفاوستي على الغموض وجعل الكشف مرة جديدة مهزوما امام الغموض والغياب.ولكن هذا نوع من التموّض والزوبعة القصيرة، وهو يذكر في ازمنة الرقابة الذاتية القمعية خلال موضات الاشتراكية، حيث تمحورت كل التقليعات، المشابهة لعروض الازياء حول الاشتراكية، وراح خصومها يبحثون، عن تعشير ما، بين افكارهم وبينها، حتى اصبح مرتكزها معصوما بالاعماء الفاضل، غير خاضع للفحص والشك، وهكذا اتخذت الاسلمة حليلا جديدا لنفس المجموعات والتيارات، وانقلبت الصورة، اذ اصبحت الاشتراكية تبحث عن تعشيرة لاسلمتها فيما كان الاسلام يبحث عن يساريته، كما اشيع وحدث سابقا، واصبح قادة الشيوعية يحجون مكة ويكنون ب"الرفيق الحاج"!!.
الفضائيات وقادة العلمانية اوجدوا خطابا بديلا عما كنا نسمعه في كل سطر عبارة، تتذيّل ب" وعلى راسها الاتحاد السوفياتي"، ، ، اما الان فان كل مفتتح كلمة يبدا ب" بسم الله الرحمن الرحيم" او صدق الله..الى بعض التبهيرات القرآنية، وان كان الحديث عن مرض الاسنان او العطور...الكرنفال النجومي للهوليودية الاسلامية الجديدة اصبح اسير قياسات كمية الظهور على الشاشات، حتى زاحم موديلات الازياء وعارضات الاجساد الشيقة، ما لا يليق، ، ، بل لا يحسد عليه من ارتكب حماقة هذه الشرهة الاعلامية، فهو بذلك يحاول استنزاف الغياب الساحر الذي تمتع به سابقا رموز الدين، مما ضاعف هيبتهم وكارزميتهم، اما وان الفضائيات حققت قتل الغامض وفضح استظهاره السري، فلا يسعنا الا ان نشكر خلاعة هذه الشرهة النجومية، لان ما يبقى سرا اكثر لصوقا، وما يعلن فانه سرعان ما يسير نحو الاكسدة والفساد والنفي في مكب المالوف مثله مثل أي عرض اعلامي، ففي هذا القانون البقاء للاجمل والموت للاقبح، فابقوا على القبح سرا سينافس الجمال، اما حين تنافسوه فالبقاء له...هكذا فان حرب بين نانسي عجرم وفقهاء الجهاد هي الحرب الشاملة الجديدة، فلا نحسدن نجومية القضاوي وغيره وهي تنافس احتلال ذاكرة الجمال وممثليات الجنة في الارض، من حور عيون لا احى قبيحة.

مفاوضات حول حقوق القتلة وباطل المقتول:
تناقلت الاخبار مفاوضات سرية بين علاوي وبين جماعات المقاومة، وقادة بازار خطف الاجانب، وعلم ان الطرف المقاوم طالب باستعادة امتيازات مذهبية فقدها هؤلاء، الامر الذي يدل على وضوح ما بعده وضوحا، منوط بغريزة، تجعل الاعتداء نوعا من الاستحقاق والعدل والحق، كاعتداء الذئب على فريسة، حين يزيد في استخدام المنطق الانساني/التفاهم والمفاوضات، أي اعتبار قاعدة الظلم والاعتداء سوية دستورية..لا ندري أي فصيل للديناصورات قبل بذلك؟ في كل الاحوال هؤلاء فقدوا امتيازات وسلطة وامتعات لم يحققها غير افتراس الضحايا ومشاهد القتل والدم، اذ لم يكن في العالم ديمقراطية تمنح حاجة الساديين الحق في ممارسة افتراس الضحية!!ان هذا القانون يحتاج لرئيس وزراء سوريالي او دادائي، ولكن المصيبة ليست في جماعات الفلوجة وقادة الافتراس ممن اشبع ادمانا بمشهد الدم، حتى فرضت حاجته البيلوجية رعشات شاذة للمتعة، وهي البحث عن ضحية يومية..انه مثير للشفقة ويحتاج لاعادة سوية، ولكن المشكلة في جمهور ضحاياهم ممن اعتاد ان يكون كشوانا ابديا لاحذية جلاديه.. حقا هذا العالم لم يثبت يوما ان الازمة في القاتل فقط، لاسيما وان الكشوانية المقابلة تثبت ان الازمة في المقتول ايضا، كما لو ان توطئا بينهما جعل رعشة القاتل تساوي رعشة المقتول، واصبح كلاهما حاجة للاخر...هكذا تتبادل الفلوجة حاجة الكشوانية المقابل لحركة مقتد، فتطبق الدائرة على قاعدة تواطؤ المقتول مع القتل.


ارث الفراغ العربي، والبحث عن حائط الغائب:

انه لامر دسم وسمين وقد مني العرب بقضية جديدة بعد قضية فلسطين، ومثل حمامات النسوة العوانس والمطلقات، هم دائما بحاجة لقضايا مستعصية عن احل، ترفدهم بمادة التظلم والبكاء والندب، والان وقد تطوب العراق ثاني قضاياهم، فان متاع الهزيمة او سعرة التظلم جددت شيوعها وخطابها، والا فان التضحية باي شيء لاجل خلق مادة لدمدمة حمامات العوانس، ستكون مربحة للتوازن النفسي واستعادة الذات، وهي تقتات على ارث الفراغيات الشرهة..محركات الاحلام بحاجة لازمة وهزيمة وعدمية وياس وخيبة وضعف، التطرف بحاجة لمادة الاحلام، والسلطة بحاجة لفكر بطولي وازمة مهجّرة على الحدود والخارج، والرحمان بحاجة لشيطان ليشد قبضته على الرعية، واسرائيل لا تبدو كافية للاشباع الشيطاني، فقد جاءت زميلتها اللدودة وتوامتها الشيطانية، وراق الخطاب لمستمنييه وسادته، الى حد التخمة والاسراف، يا لهناهم ومسرتهم، لان الفعل الخفي ليس سلبيا ولا سوداويا بل هو المتاع الشخصي الذي اعتاد ممارسة اخفاء كل العيوب بخطاب الضحية والنادب والشاكي، وهذا كفيل بتشويش الضحايا امام سيدهم الذي يقود خطاب الضحية الخارجية.مما يثير الغرابة فان الندب وخطاب التحييف رافق مضمّر خفي، يتحرك في مساحة الثقافة الذكورية بما اصطلح له ب"النخوة والشهامة ورد العدا!!"، وهذا انعكس على تحول المندوب عليه الى كائن ضعيف ورقيق يماهي خيال الحريم والانوثة المحركة لغريزة التعزيم الذكوري، وهكذا جرى نسيان ما للعراق من مركزية اقليمية كبرى، وليس أية قضية او دولة موز وفستق، تتحمل الضعف والشفقة والاحسان السياسي، ومع ما يلزم هنا محاذرة تكريس نموذج النخوة السورية للبنان او الناصرية والليبية والايرانية لفلسطين، على اعتبار ان الصغر الجيوسياسي يثير تلك الخزائن الذكورية من النخوة والشهامة السياسيتين، الامر الذي ينطوي على كوميديا نتائج هذه الشكائية في خلطها وتعميمها، ولعل ما نسي من احتراز حيال خطاب النخوة الاستدراري على صعيد العراق، جعل امثال الزرقاوي او غيره ملتبسا ازاء فكرة الاعانة الدفاعية، او البحث، كعادة المجاهدين العرب عن خيال نسوي اشقر، سواء في البوسنة او الشيشان او افغانستان، لان الابيضاض في خيال الذكورة العروبية المؤسلمة يمثل حالة مائعة، تضمر احساسا بنقض الرجولة، فكل بشرة بيضاء اقل رجولة كما يختزن تضمير العروبة السمراء الاكثر ميلا للمثلية، وهذا يعفي العراق الاكثر سمرة وملوحة، كما يعفيه ايضا ارث العسكرة البروسي والاسبارطي منذ عهد سرجون حتى صدام حسين، لاسيما وان اسبارطة نفسها او هنيبعل ( المطوب كمكتشف للعلم العسكري خطا)، تعلما من المعلم الاول لعلوم الحرب والعسكرة، وهي الدولة الاشورية، التي سحبتها اهواء البطش والتوسع الى حد ابتكار العلوم العسكرية، والزرقاوي هو جزء من اللامعقول والانقلابات على الطبيعة والفطرة الازلية، لاسيما وان اسباب سقوط العراق كل مرة هو الافراط باحساس القوة، وتحويل تحديات المعرفة الى تحديات حربية طالما قادها غزاة همجيون انقضوا، جريا على العادة، وكل مرة، على المدن التي خطت بعيدا في خلخلة مبدا القوة واتباع قوة المعرفة والتمدن.ربما لولا هتلر لكانت المانيا القوة العظمى في العالم، ولولا صدام وتاريخ الانقلابات لقاد العراق تمدين الشرق ودخل النادي الدولي من الباب الواسعة ولاسهم علماؤه في اشراك الشرق مع الغرب في تقرير مصائر الحضارة التقنية، ما يجعل الحاجة لزرقاوي غير معقولة، لان مثله اقل من تلميذ في عقدة القوة العراقية، بل ولعل العالم سيكتظ بزرقاويين كثر واكثر اتقانا في البشاعة ان قاد العراقيون خطاب الندب والتشكي والتظلم وتصدير القوة المفزعة!!وهنا يجدر بالاخوة العرب والمسلمين والوثنيين ان يفرقوا بين بكائية الضعف الفلسطيني وخطورة عقدة القوة في الشخصية العراقية التي حقا تحتاج المزيد من الاحساس بالضعف كي تكون سوية.

مقتدى وبكائية الشيعة الاستغراقية تماهت مع الاذلال المقدس:

ارث الاذلال والعبودية ومسرحة الذنوب وطقوسية البكاء، في التاريخ الشيعي او التكوينة السيكولوجية الشيعية، اذنت لمقتدى ممارسة خنث ابناء الذوات او صبيان الاباطرة العلوج، ممن كان حديث النعمة والسلطة، فتلك الطقوسية افترضت، بعد تلاقي الميلودراما الحسينية الكربلائية التصرف باذلال منهجي طقوسي مع الرموز، بسبب عقدة الذنب الحسينية، والتي لم تكن كذلك، بل هي ابنت مشعوذي الفقه والقرائين والملالي الفاسدة، حيث افرطوا في مسرحة الحدث حتى فقد جوهره وحقيقته الاولى، الاقل تواضعا وحشمة اعلانية مما نحل واشيع، فالمؤرخ العربي، وانطلاقا من قيمه التعبوية، او اولوية بلاغته ولغته، فانه ان صدق سيكون اقل من ثلاثين بالمائة بنصف حق والباقي كاذب وباطل، انها قاعدة جديرة بالاحترام والثقة. كيف سار مئات الالاف وراء مقتدى فيما لم يذكر غيره، من بنوة كان اباءها اكثر علما وشرفا واضحية وتواضعا وورعا ونجابة؟ ( لم يؤذن لي ذكر المومى اليه لاعتبارات مضاعفة في نجابته وايثاره وفضله..لذا ساكتفي بالالغاز) .. يقال انه استخدم ارث ابوه ووظفه، ولعل في الامر ملاقاة مع الاذلال المنهجي وابطرة القائد، ذلك لان وراثة المقدس ركنا من نحولات الفقه المزيف، الذي نقل القبيلة الى مشروع الخالق!!!!حسنا، ولكن ثمة وارثون كثر لاباطرة ونجوم مرجعية، ولكن لماذا مقتدى؟ في الامر تخصيص ورمزية وخصال لابد من حيازتها لاي نزعة سوقية وشعبية ادنوية، اهمها عدم وجود فكر معرفي او طاقة تاملية، كما يحصل في جانب تياري اخر، عرف باتباعه الحجة والبرهان العقلي والمعرفي والفلسفي، وهذا غير مؤهل لجماهيرية غاشمة وسوقة ارث الشعارات الجاهلة، فالجهل اول شروط جماهيرية مقتدى، ولله الحمد فهو متقن بهذا الشرط. اما الشروط الاخرى، ومن اهمها ثقافة الشقاوات والبطش والعنف، فهذا يستجيب لبيئة جعلت من السرسري والشقاوة واللص وقاطع الطريق، او من تبرج بالانهيارات الوجدانية مثالا لها، عبر تراكم طويل، لعله منذ اواخر العصر العباسي، ثم سيطرته في ازمنة التفسخ والانحطاط والفساد، وقد توجت الحداثة نموذج المتصادم الثوري بلبوس هذا الارث الشعبي، فكان صدام حسين هو المنتج الاصدق لتاريخ بيئة شعبية مثالها الساقط والسرسري والشقاوة والقبضاي، ، ، وتلك الصفاة اجتمعت ايضا في شخص مقتدى، حتى بشواهد محيطه والمقربين منه الى استبعاد والده له، ناهيك عن رمزية الكفن التي ابتكرها والده تلبي حاجة رمزيات العنف والتصادم، وتاليا اختلاط فكرة الجهاد بنحل الشقاوات وتكييفها لشروطهم الاخلاقية والسلوكية... كل ذلك يجعل نجاح مقتدى الجماهيري كنجاح صدام في حزب جعل العنف والانقلاب سبيلا له، الامر الذي جعل ذلك الحزب يدفع ثمن خياراته هو، كما ان نفس الحزب تساوق مع الارث التموزي الدموي، وثقافة الحبال، وهكذا كل ام يقتلها وليدها هو، انه قصاص التكافل الطبيعي.ومقتدى هو الوليد الشرعي لثقافة شعبية قوامها العنف والبطش ومثال القسوة وانعدام الرحمة...اذن ثمة حاجة لمثال وممثول، فالممثول ضحية والمثال جلاد، تمكنا من خلق اكبر تواطؤ خلقي في الصيرورة الانسانية، اكثر الظن ان خطورة الممثول هي التي تسبب خلق المثال، حتى التراث ورموزه المحبوبة والمقدسة سيطرت عليها صورة الشقاوة والمتهور، والبسوها اسطوة المحارب السوبر ولم يبرزوا قوة عبقريتها وحكمتها، كما حصل لبعض الموز، وهكذا يحتاج مثال العنف الى جاهل، ومقتدى خير دال عل مدلول.

دورات لمحو الدكتاتورية الشعبية والحزبية:
شوربا و"دليمية"- اكلة عراقية – الديمقراطية التمثيلية في العراق، ستجعل المسرح والفن الكوميديين بربيع من اربعة فصول!!، ولعله من الضروري جدا خلق مستودعات تجنيد اجباري لتعلم فن الديمقراطية، على قدم المساواة مع معسكرات تعليم فن محاربة الارهاب، وفي نفس مستوى التجنيد الالزامي خلال حروب صدام، ينبغي خلق هذه التظاهرة الدهماء في حقل تعلم الديمقراطية او قراءة قوانينها العملية والادارية، واعتبار المواطنة ناقصة ان لم تبرز شهادة محو الدكتاتورية الشخصية والحزبية، أي تعلم فنون السلام بعد ان اتخم المجتمع بفنون الحرب. الامر يشبه ضرورة قيادة السيارة من خلال فهم اشارات المرور وعلوم السير، والا فسياقة السيارة بعقل قيادة الحمار والجمل غير ممكنة في عالم مكتض بالناقلات، لا يملك بيئة البراري الفالتة، هكذا تبدو الديمقراطية الاضطرارية قيادة سيارة بعقل حمار وقيادة طيارة باخلاقية حصان، ولكن في مجتمع البراري الفالتة من الممكن حدوث هذا، ولكن لا يجب تكريسه بل تاهيله.. في ديمقراطيتنا الاضطرارية، سيطر العقل الحزبي حتى على القوى المستقلة، ما جعل مثل هذه الديمقراطية ديكورا لطغاة جددا تمكنوا من السيطرة على الجزء البريء والمحايد في المجتمع، والذي منه تبدا نسائج الديمقراطية، وهي تنجح كلما اعتزلت وعزلت العقائدية عن السياسة وادارة المجتمع، وكي تنتصر هذه القوى سوف لا يكون واقعيا الطلب لمشايخ وعجائز الحزبية ان تنتحر وتتنحى، ولكن ثمة امكانية على اغراءها بالوهن والسكوت والقضم التدريجي، وذلك باشاعة الدعاية الذميّة لفكر وعقائد الاحزاب، وهي حقا مشاعة، الا انها تستخدم نفوها الرسمي، الذي اعتاد تقبل زلفى وتملق المواطن كي تبقى، ولعل مجرد الزلفى سيكون تزييفا من قبل المواطن لها، ومن هذه المساحة تبدا عملية التفكيك الادبي الكارزمي للحزبية، تلك المومياء التي شاركتنا الحياة بعد ان شبعت موتا.المشكلة ان الاحزاب الشيوعية في اوربا الشرقية كما ان الفكر القومي اوربا الغربية او الاسلام التركي، كل هؤلاء حققوا شرعية دستوية كيفت نفسها مع قوة حضور وثقل الحياة المدنية والديمقراطية، ولكن في عالمنا تحولت الديمقراطية شبه ايديولوجيا بسبب حضور وثقل الاحزاب العقائدية، فعدوى الاستبداد هنا اقوى في بيئة تكتظ فيه من العدوى الديمقراطية التي لا يمثلها سوى جنود غرباء، ومع ذلك يبقون جنودا وان جاؤوا من اكبر الديمقراطيات، ستبقى الديمقراطية، لسوء الحظ، في بزة جندي غريب، ويبقى الاستبداد في بزة الوطنيين المدنيين في العراق.

انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص

ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف