محاولة لفهم المسالة
اعادت الاحداث الماساوية في بيسلان في القوقاز والتي راح ضحيتها مئات الابرياء اغلبهم من الاطفال حتى الرضع منهم والنساء وموجة التفجيرات التي تعرضت لها روسيا في الفترة الاخيرة، الموضوع الشيشاني بحدة الى صدارة الاحداث، وطرحت من جديد التساؤل عن السبل الناجعة لتسوية النزاع الشيشاني، الذي اندلع منذ بداية تسعينات القرن الماضي، كامتداد للقرون الماضية، وتحول الى طاحونة لحصد الارواح، ولم تلح في الافق لحد الان امكانية تسويتها وفق الخيارات المطروحة سواء من الجانب الروسي او من جانب الحركة الانفصالية المسلحة. فالرهانات عليها باهظة. والخيارت في الوقت الراهن تلوح معدومة مما استدعى البعض للدعوة الى ان يتدخل طرف ثالث في مهمة الوساطة. و بالنسبة للكرملين فهو احتمال غير وارد باي شكل من الاشكال، خوفا من تدويل النزاع.وترفض موسكو دعوات امريكية واوربية بالدخول في مفاوضات مع الجناح المعتدل في الحركة الانفصالية التي ترى ان مسخادوف يمثله وتفضل الاعتماد على رموز تثق بولائها.
وتقول روسيا انها ا تسعى الى ارساء السلام والامن في الجمهورية، مشروط بعدم التفريط بالارض الروسية، وان تضمن بقاء الشيشان عضوا في الاتحاد الروسي، لان هذا وحده كما يرى الكرملين يستجيب للمصالح الامنية والقومية، وبغيره فانها مستعدة لمواصلة الحرب في سبيل ذلك. لماذا؟
تبني روسيا موقفها على ان انسلاخ الشيشان عنها سوف يلهب شهية الجمهوريات الاخرى المنضوية في الاتحاد الروسي، التي تقطنها غالية غير روسية، سيما الجمهوريات الاسلامية بالانسلاخ من عنه. وهي تدرك الى ما ستؤدي هذه الحالة وخاصة في الظرف الراهن. اضافة الى ان العديد من القوى السياسية المغامرة، او المدفوعة من قوى اجنبية او حتى النزيهة والوطنية جدا،سوف تستغل الحالة لتبني موجة الانفصال، كما تبنت القيادات الشيوعية في الجمهوريات السوفياتية السابقة موجة الاستقلال بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1990. وتتوجس روسيا خيفة من ان حلف الناتو والقوى الحربية الدولية الاخرى ستسارع لملء الفراغ في المناطق المنفصلة، واحاطتها بالقواعد العسكرية. وهناك هاجس روسي تاريخي من نوايا الغرب والجيران( تركيا والصين) ازاء روسيا. اضافة الى ان ضعف روسيا الحالي يجعل الشعور الروسي بالكرامة القومية اكثر حدة.وهناك ايضا هاجس قوي من تغلب العامل الاسلامي في روسيا الارثذوكسية. ان هذه العوامل مجتمعة وربما غيرها وغيرها، تمنع الكرملين الان التفكير ولو للحظة واحدة القبول بانفصال الشيشان، او اية جمهورية اخرى في داخلها، عن الكيان الروسي. سيما في العصر الحاضر وتجعله يفكر بان القضية ذات بعد وطني وقومي، وانه سيوظف قدراتها الدفاعية لمنع ذلك التطور.
والتسوية التي تطرحها موسكو معدومة الافق رغم انها تعتمد بالاتكال في تمرير التسوية السلمية على قوى شيشانية ايضا، ترى ان مستقبل الشيشان مرتبط بروسيا.
ان القوى الانفصالية الشيشانية من جانبها تطرح لحد الان مشاريعا تبدو للجانب الروسي تعجيزية، اضافة الى انها لم تطرح قيادات جديدة للتفاوض،لاتثير حساسية ولايخلق الحوار معها اجواء وكأن روسيا منيت بالهزيمة امام الحركة الانفصالية. اضافة لذلك فان قيادة الحركة الانفصالية لاتدرك تماما مدى عمق التطورات التي حدثت في روسيا مع وصول الرئيس بوتين لدفة الحكم، وان تؤسس استراتيجية التعامل معه لنيل اهدافها القربية والبعيدة.ومن الصعوبة فصل القضية الشيشانية عن مجمل النظام الدولي بل الاقليمي، واصطفاف القوى الذي تشكل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي واحداث الحادث عشر من سبتمبر2001 والوضع في العراق. والرصد اليومي يشير الى ان ذلك الاصطفاف في حالة من التغير والتبدل المستديم. ومن الصعوبة بمكان العثور على المصادر المعنية والممولة والمشجعة للتطورات الحاصلة في شمال القفقاز، بما في ذلك على الساحة الشيشانية. ورغم ان الكرملين يجعلها حصرا بما يصفه بمراكز الارهاب الاسلامية. الا انه يدرك ايضا ان القضبة غدت ورقة بيد العديد من القوى المعنية بالوضع الروسي. واذا لم تتورط القوى الغربية حقا في النزاع بصورة مباشرة، فانها تثير العديد من الاسئلة الجادة بوجه روسيا فيما يتعلق بالوضع الشيشاني, وليس دون اساس، بما في ذلك حقوق الانسان، والامن الشخصي وممارسات جماعات من المؤسسة العسكرية. الى جانب فان دول غربية تجاهلت مطالب روسيا ومنحت قيادات شيشانية تتهمها روسيا بالارهاب حق اللجوء السياسي . وهذا بحد ذاته يكشف الفروقات في فهم مصطلح الارهاب بين روسيا والغرب.
ان كل ذلك يشير الى ان روسيا والحركة الانفصالية تجد نفسها امام مأزق في تسوية النزاع الشيشاني، وان الانتخابات الرئاسية التي حقق فيها الو الخانوف المواي بموسكو، فوزا ساحقا على منافسيه( الشكليين) لايمكن ان توصل الى الانفراج، ومهما كانت نوايا السيد الخانوف نزيه للبلوغ لتحقيق تطلعات شعبه بطرق سلمية وفي اطار الاتحاد الروسي، فان للجانب الاخر حساباته ايضا.
محاولة لفهم المسالة
فالح الحُمراني
اعادت الاحداث الماساوية في بيسلان في القوقاز والتي راح ضحيتها مئات الابرياء اغلبهم من الاطفال حتى الرضع منهم والنساء وموجة التفجيرات التي تعرضت لها روسيا في الفترة الاخيرة، الموضوع الشيشاني بحدة الى صدارة الاحداث، وطرحت من جديد التساؤل عن السبل الناجعة لتسوية النزاع الشيشاني، الذي اندلع منذ بداية تسعينات القرن الماضي، كامتداد للقرون الماضية، وتحول الى طاحونة لحصد الارواح، ولم تلح في الافق لحد الان امكانية تسويتها وفق الخيارات المطروحة سواء من الجانب الروسي او من جانب الحركة الانفصالية المسلحة. فالرهانات عليها باهظة. والخيارت في الوقت الراهن تلوح معدومة مما استدعى البعض للدعوة الى ان يتدخل طرف ثالث في مهمة الوساطة. و بالنسبة للكرملين فهو احتمال غير وارد باي شكل من الاشكال، خوفا من تدويل النزاع.وترفض موسكو دعوات امريكية واوربية بالدخول في مفاوضات مع الجناح المعتدل في الحركة الانفصالية التي ترى ان مسخادوف يمثله وتفضل الاعتماد على رموز تثق بولائها.
وتقول روسيا انها ا تسعى الى ارساء السلام والامن في الجمهورية، مشروط بعدم التفريط بالارض الروسية، وان تضمن بقاء الشيشان عضوا في الاتحاد الروسي، لان هذا وحده كما يرى الكرملين يستجيب للمصالح الامنية والقومية، وبغيره فانها مستعدة لمواصلة الحرب في سبيل ذلك. لماذا؟
تبني روسيا موقفها على ان انسلاخ الشيشان عنها سوف يلهب شهية الجمهوريات الاخرى المنضوية في الاتحاد الروسي، التي تقطنها غالية غير روسية، سيما الجمهوريات الاسلامية بالانسلاخ من عنه. وهي تدرك الى ما ستؤدي هذه الحالة وخاصة في الظرف الراهن. اضافة الى ان العديد من القوى السياسية المغامرة، او المدفوعة من قوى اجنبية او حتى النزيهة والوطنية جدا،سوف تستغل الحالة لتبني موجة الانفصال، كما تبنت القيادات الشيوعية في الجمهوريات السوفياتية السابقة موجة الاستقلال بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1990. وتتوجس روسيا خيفة من ان حلف الناتو والقوى الحربية الدولية الاخرى ستسارع لملء الفراغ في المناطق المنفصلة، واحاطتها بالقواعد العسكرية. وهناك هاجس روسي تاريخي من نوايا الغرب والجيران( تركيا والصين) ازاء روسيا. اضافة الى ان ضعف روسيا الحالي يجعل الشعور الروسي بالكرامة القومية اكثر حدة.وهناك ايضا هاجس قوي من تغلب العامل الاسلامي في روسيا الارثذوكسية. ان هذه العوامل مجتمعة وربما غيرها وغيرها، تمنع الكرملين الان التفكير ولو للحظة واحدة القبول بانفصال الشيشان، او اية جمهورية اخرى في داخلها، عن الكيان الروسي. سيما في العصر الحاضر وتجعله يفكر بان القضية ذات بعد وطني وقومي، وانه سيوظف قدراتها الدفاعية لمنع ذلك التطور.
والتسوية التي تطرحها موسكو معدومة الافق رغم انها تعتمد بالاتكال في تمرير التسوية السلمية على قوى شيشانية ايضا، ترى ان مستقبل الشيشان مرتبط بروسيا.
ان القوى الانفصالية الشيشانية من جانبها تطرح لحد الان مشاريعا تبدو للجانب الروسي تعجيزية، اضافة الى انها لم تطرح قيادات جديدة للتفاوض،لاتثير حساسية ولايخلق الحوار معها اجواء وكأن روسيا منيت بالهزيمة امام الحركة الانفصالية. اضافة لذلك فان قيادة الحركة الانفصالية لاتدرك تماما مدى عمق التطورات التي حدثت في روسيا مع وصول الرئيس بوتين لدفة الحكم، وان تؤسس استراتيجية التعامل معه لنيل اهدافها القربية والبعيدة.ومن الصعوبة فصل القضية الشيشانية عن مجمل النظام الدولي بل الاقليمي، واصطفاف القوى الذي تشكل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي واحداث الحادث عشر من سبتمبر2001 والوضع في العراق. والرصد اليومي يشير الى ان ذلك الاصطفاف في حالة من التغير والتبدل المستديم. ومن الصعوبة بمكان العثور على المصادر المعنية والممولة والمشجعة للتطورات الحاصلة في شمال القفقاز، بما في ذلك على الساحة الشيشانية. ورغم ان الكرملين يجعلها حصرا بما يصفه بمراكز الارهاب الاسلامية. الا انه يدرك ايضا ان القضبة غدت ورقة بيد العديد من القوى المعنية بالوضع الروسي. واذا لم تتورط القوى الغربية حقا في النزاع بصورة مباشرة، فانها تثير العديد من الاسئلة الجادة بوجه روسيا فيما يتعلق بالوضع الشيشاني, وليس دون اساس، بما في ذلك حقوق الانسان، والامن الشخصي وممارسات جماعات من المؤسسة العسكرية. الى جانب فان دول غربية تجاهلت مطالب روسيا ومنحت قيادات شيشانية تتهمها روسيا بالارهاب حق اللجوء السياسي . وهذا بحد ذاته يكشف الفروقات في فهم مصطلح الارهاب بين روسيا والغرب.
ان كل ذلك يشير الى ان روسيا والحركة الانفصالية تجد نفسها امام مأزق في تسوية النزاع الشيشاني، وان الانتخابات الرئاسية التي حقق فيها الو الخانوف المواي بموسكو، فوزا ساحقا على منافسيه( الشكليين) لايمكن ان توصل الى الانفراج، ومهما كانت نوايا السيد الخانوف نزيه للبلوغ لتحقيق تطلعات شعبه بطرق سلمية وفي اطار الاتحاد الروسي، فان للجانب الاخر حساباته ايضا.
التعليقات