يحتاج المحقق في مرحلة التحقيق الى جمع الأدلة ضد المتهم موضوع قضية التحقيق، وتتنوع الأدلة بين الاستجواب والاعتراف والانتقال والمعاينة والكشف على محل الحادث والتقارير الفنية ( الخبرة ) والتفتيش ومن بينها الشهادة، ولايقتصر الأمر على أن يكون الشاهد من خارج شخوص القضية التحقيقية، بل يمكن أن تكون لأي متهم من المتهمين شهادة ضد متهم آخر.
وفي هذه الحالة يتم الأستماع الى شهادة هذا المتهم حيث يتم تفريق قضيته التحقيقية عن المتهم الذي تقدم للشهادة ضده.
والشهادة تعني إدلاء الشخص بالمعلومات التي لديه عن الجريمة التي ادركها بأحدى حواسه سواء أكانت تلك المعلومات لها علاقة بأثبات الجريمة أو ظروف وقوعها، او الملابسات التي احاطت بها.
والشهادة قانوناً تقوم على أخبار شفوي يدلي به الشاهد في مجلس القضاء بعد يمين يؤديها.
وقضية المتهم صدام حسين التي تنظر بها محكمة التحقيق الخاصة والتي جمع قاضي التحقيق والمحقق العديد من البينات والدلائل والقرائن في العديد من الأتهامات، وتعتبر الشهادة من الأدلة الرئيسية في الأثبات، ذلك لأنها تقع بصورة عامة على مسائل مادية لاتثبت بالمستندات كما هو الحال في الأمور المدنية، ولاهمية الشهادة في المسائل الجنائية فقد جوز الشارع لكل شخص ان يكون شاهداً مهما كان جنسه أو سنه ( اللهم الا اذا اعتبره القانون غير آهل للشهادة ). أو توفر مانع قانوني لايجوز له ادائها، وقد اورد قانون اصول المحاكمات الجزائية في المادة ( 68 ) على موانع الشهادة
وأذا ماقورنت الشهادة بالأدلة الآخرى فانه يمكن القول بأنها هي الغالبة في الأمور الجزائية، والشهادة على هذه الصورة تنظمها قواعد تتمثل بمايلي :
1-أن الشاهد حين يدلي بالمعلومات يكون قد بنى معلوماته على امور سمعها أو رآها هو بالذات، وبذلك يكون شاهد عيان، وقد يبني معلوماته عن طريق الآخرين فيكون عندئذ شاهد سماع، وقد تكون المعلومات التي يدلي بها تبين الحالة الأدبية للمتهم وعندئذ يسمى شاهد تزكية.
2-الشهود نوعان، شهود اثبات وشهود نفي وذلك حسب الشهادة التي يدلون بها.
3-القواعد التي تحكم الشهادة هي ان تكون قد ادركت بالحواس.
ونص قانون اصول المحاكمات الجزائية في المادة ( 62 ) على وجوب سماع شهادة الشاهد بشكل منفرد أي على انفراد، وذلك لغرض ابعاد كل مامن شأنه التأثير على الشاهد، كما يجوز مواجهة الشهود ببعضهم وبالمتهم ايضاً.

وقد تقدم للشهادة ضد صدام كل من المتهم طارق عزيز وهو شخص تبوء العديد من المراكز الوظيفية المهمة في السلطة، وهو متهم في مشاركة صدام في العديد من القرارات التي انتجت القتل والاعدام والأبادة و كذلك القرارات التي تشير الى أنتهاك حقوق الأنسان والتفريط بالسيادة العراقية والأضرار بالمصلحة الوطنية، ويقينا أن لشهادة طارق عزيز اهمية كبيرة في نتيجة قرار الحكم الصادر بحق المتهم صدام والتي سيتم تصنيفها من بين أهم الادلة والقرائن التي يتم جمعها في مرحلة التحقيق.
كما تقدم للشهادة ضد صدام شاهد مهم آخر وهو المتهم سلطان هاشم، والذي شغل مناصب عسكرية مهمة وخطيرة، وكان آخرها وأهمها أنه كان وزيراً للدفاع عند أسقاط النظام.
وبالتأكيد أن لسلطان هاشم شهادة منتجة ومهمة تدفع بأتجاه أدانة المتهم صدام، بالأضافة الى قدرة المتهم المذكور وهو يدلي بشهادته على كشف قضايا مهمة وجرائم كبيرة أرتكبها صدام بحق العراقيين او خلال الحروب الكارثية التي دفع بها صدام القوات المسلحة العراقية، بالأضافة الى أقدامه على التفريط بالقوات المسلحة وزجها في حروب مدمرة وقاتلة أزهقت فيها مئات الالاف من العراقيين.
كما تقدم للشهادة ضد صدام المتهم كمال مصطفى وهو من اقارب الطاغية، وكان يشغل منصب سكرتير الدكتاتور لشؤون الحرس الجمهوري.
والفرصة سانحة لأن يتقدم العديد من المتهمين بالشهادة ضد الطاغية العراقي المتهم صدام، وأن يساعدوا العدالة في أن تتوصل الى أثبات الوقائع وتنسيب الفعل الى الفاعل الحقيقي.
لقد جوز القانون سماع شهادة متهم على متهم آخر بعد تفريق قضيته وحلف اليمين، ويلاحظ هنا أن هذه الشهادة تكون دائماً محل ريبة وشك لأحتمال صدورها بقصد النكاية الا اذا ظهر دليل آخر يطمأن بواسطته الى صحة هذه الشهادة.
وبعد التطور الأخير في تشكيل المحكمة التي ستختص في محاكمة الطاغية العراقي وتسمية القاضي ( نعيم العكيلي ) وهو من قضاة الصنف الأول ومن القضاة الذين أمضوا عشرين سنة في العمل القضائي بعد تخرجة من المعهد القضائي في العام 1984، ولم يعينه الأحتلال أو الحكومة المؤقتة أنما وصل الى مركزه القضائي بجدارة ووفق استحقاقه القضائي المثبت قي قانون التنظيم القضائي، ولمعرفتي الشخصية بهذا المرجع والخبير القضائي، ولما اعهده فيه من قوة الشخصية والمعرفة القضائية والقانونية بالأضافة الى الجدارة وسرعة البديهة، فانني اتوسم في اختياره أن يكون القضاء العراقي قادراً على البت في قضية المتهم صدام بجدارة وأن يصدر قراره العادل في القضايا المعروضة امامه وانجاز المهمة الملقاة على عاتقه بما يشرف القضاء العراقي ويضمن تحقيق العدالة .
وبالنظر لعدم توفير الأمان والحماية المطلوبة للقاضي المذكور فقد اعلن استقالته وأعتذاره عن أداء المهمة المناطة به في رئاسة المحكمة حسب ما اوردته قناة العالم الفضائية، اذ تكون حياة القضاة العاملين في مثل هذه المحاكم الحساسة عرضة للأغتيال والارهاب، ونجد ان انسحاب القاضي المذكور من هذه المهمة مبرراً ومشروعاً، لأن السلطة المؤقتة كان عليها التكتم عن أعلان الأسم وصورة القاضي لحين توفير الحماية المطلوبة له، أو عدم الأعلان عن اسمه في الاعلام العربي.
وعليه ان على الحكومة المؤقتة ان تعي أن العبرة ليست في الاسراع بأعلان الاسماء مالم تضمن للناس حياتها، وحتى لايفقد العراق هذه الكفاءات والطاقات والخبرات، فالعبرة بتحقيق النتائج، والعبرة بتحقيق العدالة بأيدي عراقية مقتدرة.

انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص

ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف