تحج الوفود السياسية الأميركية لزيارة رام الله للالتقاء مع الأطر الرسمية الفلسطينية من أجل رسم بعض الملامح الأمنية والسياسية لليوم التالي للحرب الدائرة في قطاع غزة، في محاولة أميركية لإبقاء توازن سياسي يحافظ على وجود تمثيلي سياسي ورسمي فلسطيني أمام حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرفة.
الرؤية الأميركية لترتيبات اليوم الثاني للحرب يقابلها براغماتية محسوبة من السلطة الفلسطينية وندية مندفعة لتكريس واقع الدولة الفلسطينية وفقاً لمرتكزات التوجه الأوروبي الناشىء نحو الاعتراف بها، والزخم السياسي العربي؛ المتمثل بمسار السداسية العربية، الذي منح الفلسطينيين أرضية صلبة للتمسك بحقوقهم الوطنية في ظل استمرار بنيامين نتنياهو وزمرته اليمنية السعي لفرض حلول غير مقبولة دولياً.
مجدداً... الندية السياسية الفلسطينية الدافعة نحو اشتباك سياسي مع إدارة الرئيس جو بايدن، تمثلت في جزئية معاودة طرح مشروع قرار جديد، والمقرر عرضه للتصويت أمام الجمعية العامة يوم الجمعة المقبل، يعترف بأهلية حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الأمر بطريقة "إيجابية".
التحرك الدبلوماسي الفلسطيني القائم على الاعتراف بالدولة من ثم الذهاب لخوض مفاوضات قضايا الوضع النهائي، تزامن مع تصعيد الخطاب الإعلامي المطالب بثقل أميركي حقيقي وفعال لوقف الحرب مع تحميلها مسؤوليتها الكبرى، والذي توج في سياقه السياسي برفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقابلة الرئيس بايدن في البيت الأبيض كثمن لوقف مساعي التوجه الفلسطيني في الأمم المتحدة في نيسان (أبريل) الماضي، ورفض لقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مؤخراً في رام الله كإجراء اعتراضي على الفيتو في مجلس الأمن على القرار السابق.
تداعيات المعركة السياسية الفلسطينية مع الولايات المتحدة لن تقف عند حدود المساعي الدبلوماسية في أورقة مؤسسات الأمم المتحدة، فتهديدات واشنطن بوقف تمويل أي منظمة تابعة للأمم المتحدة تمنح العضوية الكاملة لأي مجموعة لا تتمتع "بالخصائص المعترف بها عالمياً" للدولة كما ينص القانون الأميركي، حيث أوقفت الولايات المتحدة سابقاً تمويلها عام 2011 للمنظمة الأممية للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بعدما منحت فلسطين العضوية الكاملة.
الإشهار الأميركي لسلاح التمويل ينذر بصادم دولي يؤدي إلى انقسام المؤسسة الأممية، خاصة أمام عجز أميركي عن احتواء الدعم المتزايد لفلسطين لترقية مكانتها من دولة مراقب غير عضو إلى دولة كاملة العضوية.
التعليقات