الزواج الثالث لرئيس العراق:

لاشك ان خطاب الموت اليومي للعراقيين، اصبح قدرا ومشيئة، بل بيئة الاشضاء – من شضايا- الناري، والمسالخ البشرية، كما هي امطار سكوتلندا وثلوج النرويج ومقانق السيبريا، هذا الخطاب لم يخلق ورعا ادبيا لدى رمز الرئاسة، فيمسه الحزن وتتآكله المرارة كما تآكلت قلب بيغن الذي يقال: ان نبضات قلبه تقل من ضرباتها كلما سمع بموت جندي اسرائيلي، كذلك الحال بتلك الدموع التي كانت تتهاطل من عيون رئيس اكبر دولة، عند كل حادثة موت، وهو الرئيس كلنتون صاحب القامة الشكسبيرية، قادة اخرون لا يتسع المكان لذكر ماثرهم الميلودرامية، اما رئيس العراق الجديد الذي استبشرنا خيرا بملامح الرحمة في وجهه، فان دموعه من نوع اخر!وهي بين كل هذا الزحام من الاجداث المقطعة والدماء الشاخبة، وهي تسيل على الاستمناء النسوي، معيدا الى الاذهان ارث الخلفاء اباطرة، وامراء القبائل، حيث الزعامة الموروثة بلا شرف المسؤولية ولا احزان الرعية ولا ايثار التقشف، ذلك لان الرئيس فوق الاحزان والماسي، مزاجه محفوظ بحصانة العصمة، لاسيما النساء والخيول والخصيان والعلوج مملوكات ومقتنيات شانها شان صناديق مجوهرات على بابا !!ثلاث نسوة بذمة الفراش الزوجي لرئاسة العراق، تلك الرمزية الاولى التي تقدم المصير القانوني والرمزي لكائن اشبع مهانة وتهميش وهي المراة، حتى اصبح الوضع على مستوى الاسرة والحب، ادنى من مستوى فصائل حيوانات لا تتزوج مثنى وثلاث ورباع، بل تبقى هذه الحيوانات كل العمر مع زوجة واحدة( هل كان الحوت موبيديك اشرف من انبياءنا؟).. لكن الشرع الاسلامي طور الامتياز الذكوري، الى حد النزول به لاقل من مستوى الضباع الوضيعة. لا ندر أي قلب لدى هذا الرئيس الجديد، الذي جعل الجنس اولوية على ارتال الموتى والقتلى والمعذبين والمقابر؟فيما تقام الدنيا ولا تقعد على قصة مثل قصة مونيكا وكلنتون، ذلك لان العدل لا يجيز لا للرئيس ولا لغيره ان يهبط بمستوى النظام العاطفي لمستوى الكلاب المتلاقحة في موسم الولادة..لا ندرك أي وجدان وضمير هذا الذي يفكر بالمتعة بين حرائق بغداد ؟ربما اهوج كصدام معذور بهذه الشائنة، ومع ذلك لم يفعلها الا سرا كما تشاع الدعاية، ولكن في عهد العدالة الجديد وحقوق المراة، تتقلص مساحة الشرف العاطفي في اقصى رمزية للبلاد وهي الرئاسة الاولى، ولا نعرف ان كانت الرئاسات الاخرى تحضر حفل زفافات جديدة في محاذاة موت العراقيين اليومي؟ كيف ارتضت هذه المراة العبد ان تحتل منصبا رفيعا وتتواطا على كرامتها لتتزوج من رمز الرئاسة كامراة ثالثة، في وقت كن النسوة يطالبن بالمزيد من العدل والحقوق؟ الا يعني ان النسوة يقبلن بلقب الحريم والاخناث لاغراض جنسية بلحاف الدين وغطاء الشرع الفاحش وهو يقوم بكبر جريمة انسانية، حيث احال النبل الانساني، في النظام العاطفي، الى وضاعة الحيوانات الخسيسة؟ الا تستحق هذه النقلة الرئاسية الجنسية اعترافا صريحا باهانة المراة وتوضيع كرامتها في وحول الامتاع؟ مثل ها الموضوع يستحق بحثا مطولا يشفي الغليل، ويكرس الى ان وقائع الشرع احالة الجنس البشري الى جنس اكثر تفلتا وانهيارا اخلاقيا من ادنى الكائنات؟ تلك عوامل تضبطها مفاعلات كيميائية وبيلوجية وفيزيائية ومنظومة عاطفية، لا تقبل ان يكون النص الديني كتاب طب او باحث في العادة الشهرية للنساء.. كم سيكون الله عادلا لو انه اخطا وانزل الرسالة على ابو العلاء المعري مثلا؟ اما ان تتنزل على قادة المثنى والثلاث والرباع، فاننا لا نملك غير تقديم التعازي لنسوة العراق، وهن محصورتان بين مزواجين يتنافسون على قنص غفلتها وسذاجتها، بين مزاويج شريعة الزرقاوي الباحثة عن بؤر لنسوة الجهاد في البوسنة والشيشان وافغانستان وبين رئاسة امرائية جعلت تزاوجها فضلا على العالمين.. انه لمخيب ان تترمّز الرئاسة بهذا التهور الادبي والانفلات الجنسي والعاطفي.كيف يوفق الاسلام بين ادعاء علوه ووضاعة هذا النظام العاطفي الذي يتفوق به الغراب والحوت وبعض الفصائل على شهوات فقيه او نبي؟ ارجوكم اقنعونا.

خطاب الفضيلة عنوان للجريمة:

من غير الشك يتحجر الفكر، حيث يستفيق كل يوم على قواطع صلبة لليقينيات، حتى لتبدو الثقة بالوقائع وبالا وماساة على متعة الخيال، وقد عطلته قوة الوضوح، وتلفته غياب الظنون، فالظن دائما يقاسم الياس بحصة الامل..كل المؤكدات تكرس امكان توقف الحكمة وتعطيل الرويّة، فالظلم والجريمة لم يمنحا نفسيهما قدرا من الغموض والتحجب، يتبرجان كثوب عروس، كحرير موشى بالشوك ..كل شيء اقل غموضا بحيث لا يحتاج لكلمات تبرز حوافه الحادة.الكلمات هي الجزء الغامض مما يفقده الواقع من وضوح، ترى هل الوضوح تعطيل للافكار والكلمات؟ هل اصبح الكشف ماساة بعد ان اسس الغموض نفسه في اللباب؟ محير تكوين سكنانا في الوعي، حيث لا نجد في الشيء او نقيضه مخلصنا ومخرجنا..في كل الاحوال، يتوقف التراتب النظري حين يكون كل هذا التخلع الصريح في الوقائع اليومية، وهي تقفل علينا أي رغبة للتفكير الظني في جريمة وكربة، لصقت عنوانها بفكرة الدين والفضيلة والحقيقة، واصبح علينا ان نحاذر خطاب الفضيلة لانها عنوان الجريمة.
في هذا القسط الوافي من الاشباع والاستغراق الصوتي المطنطن، حيث لم تعط مساحة ضئيلة لامكان تقبل دهاء وخداع مقولات الفضيلة، تبدو تواريخ الافكار والنظريات والادبيات التي قدمها الآباء الأوائل ممن اسس لنتائج حضارتنا، كان مغفلا او ناقص ثقة بالوقائع، وربما مصاب بتلف حسي، او كان حقا قد ورث العرافة والشعوذة والخداع كاي عمل صالح، وهنا فرضت هذه اللاشيئية والفراغية المهلكة امكان تبني نهاية تاريخ الافكار والكلمات والادبيات وخطاب الفضيلة، وهي تفرض حاجة واحدة لتحديد وجودها ومكانها بيننا، تنطوي على تهذيب احترام الموتى، حتى المجرمين منهم لان الموت هو حركة سلامهم والحياة هو حركة شرهم ووضوعهم!!اذن موت خطاب الفضيلة سيكون صمام امان الحياة والوجود.
اصيحت الافكار والحقائق والفضائل بعض اخطر الامراض في الجنس البشري، وعليه لابد من خلق تطبيب ادبي ومعنوي وثقافي يتعامل مع هذه الخطورة الجدية عبر عقاقير كيميائية توقف نزيف الشر والاخطار والكوارث التي احدثتها طاقة تحويل المتخيل الى جنحة مخلة بامن وسلام الواقع، فخيره قهرا وشره مثل خيره..خطورة ما نتفكر به هو الفطرة الوظيفية للتفكير، وتقاليدها القائمة على التوضيح، والتوضيح هنا يقع في قتل الجوانب الحوادثية الحية، ليكون اجبار بديلها، والقاعدة تبين ان ذلك مشروط بقهر الحدث لمصلحة تحديده بفكرة وتسكينه بكلمات موثنة للا حراك، ومن القهر تبدا مظلمة الافكار والفضيلة...وحيث تصبح الخرافة بلحم ودم، وتقود الشعوذة مصائر الاحداث، لا يسعنا الا ان نفك ارتباط الخرافة عن اللحم والدم، وهنا نقدم نماذج احداث جاءت من مساحة متخيلة لتصبح وقائع، تلعب دورا في تحديد الافعال وردودها، في وقت هي لا تحمل رد فعل، بل جاءت من مناطق تتوالد من الجزء الفراغي، لتشكل سلطة فراغية اضافية، لا فعل لها غير تدمير الفعل وتفريغ بيئة الحراك المنتظم بحاجات الطبيعة، التي يفترض، انها خضعت لضابطة انسانية، لكن هذه الفراغية جعلتها ادنى ثقافة وسلوكا من الحيوان نفسه.



الحوثي بديلا للحنين القبائل الديالكتيكية:
في جمهوريات القات، الموغلة في تخدير الحواس، خرافة وقاتا واحاجي عتيقة، لم تقفز عن ازمنة الخرافات السبئية – من سبأ القديمة-، التي توصف شارة الكارثة عند انهيار "سد مأرب" من تبول عنزة، او عطسة ديك!!عالم اشبه بكائنات في متحف، ارادت الشيوعية سابقا التصرف معه كمجتمع صناعي منهك من التمدن والطبقية!!يا للنكتة؟؟ يا للشفقة .. حيث انتهت القبيلة الماركسية الى "ارم ذات العماد"، و"العصف الماكول"، حين تحول الديالكتيك الى ارث داحس والغبراء، وحروب القبائل على امتياز الشرفية البدوية، وهكذا انتهى الامر بان خُذلت بيانات ماركس، وقد اثبت العقل البشري والبشر، كم هم مخادعون، يستطيعون التبجح بانتحال الثورة الصناعية فيما هم في اقصى بدء التكوين والبداوة يستخدمون الغزل البدائي لحياكة الثياب وينحلون افكار ما بعد الحداثة!! ي للسخرية.
وكذلك اثبتوا انهم قبليون جاهليون في صيغة الحداثة وما بعد الحداثة، حتى جاء الحوثي ليكمل صورة ارث الديالكتيك القبلي، ويزيد اكثر، وهو يثبت ان الاسلمة، ومن اقدم الازمنة لم تنهي مجتمع القبيلة، بل اصبحت الاسلمة هذه احد اهم مصادر ارث القبيلة، ومنذ الحركة المحمدية وايحاءها القريشي المتعالي، وشبه العنصري، لم يتخلخل مجتمع القبيلة ومنظومات قيمها، بل اسس المنهج الاسلامي حضوره على هياكل ذلك الارث، اذ لم تتزاوج حركة الحوثي الا في سياق القبيلة كما العهد الماركسي، ولكن ما هي الاسباب الحقوقية التي دفعت مجتمع القات الى هذه الحركة؟ ما هو المشروع الاخلاقي والانساني البديل ضد مجتمع الدولة الردعية؟ لا شيء سوى ان الحوثي يطبق حق الخيال الديني، الذي ترجمه بتدمير النسيج الاخلاقي لوحدة العائلة وتشويش النظام الحميمي للمجتمع بصيغه البدائية، حتى بدا الابناء متمردون ومكفرون لاسرهم ومجتمعهم، وهذه الخلخة البديلة للتطور والبديل الذي احدثته حركة الحوثي، وهي تقوم على تطوير نزعة الشر والخراب الساكنة سابقا، كي يفجرها كبديل حتمي لمجتمع ما يزال بعضه يتصرف مع التلفزيون كالة ينام داخلها الشيطان، ويعتبر طيران الحديد تحديا لارادة الخالق، فاي حقوق بديلة ارادها هذا الذي ازعجه وجود مصاعد كهربائية او فضائيات، غير انه مصاب بحنين وطني لارث الملكة بلقيس وسد مارب "وارم ذات العماد"، بحيث ان نظرية تبول العنزة هي الامر الحاسم في مصائر الوجود..يا للثوار والثورات التي تاتي ببيان كتب في محبرة البول؟؟

الفلوجيون والصدريون حوثيو العراق البديل:
"المقاومة"، كلمة جميلة، تبدو وكانها تلبس تاج ملكات جمال الكلمات، هذا ان كنا في حفل تتويج ملكات الجمال، كما يتصرف الخطاب المغرض مع الكلمات، باعتبارها سباقا في عروض الجمال واغراء والجذب، وهذا يليق بفكرة العرض والطلب والدعاية له، فمن المعيب ان تكون هذه الكلمات والافكار مثلما تتسابق دعاية العطور او فوط العادة الشهرية، في ماراتون الدعاية والاعلان..الجمال ايضا أُوقع او وقع بفخ عقلي شيطاني، وتقدم في ارث متلقياتنا ككامل ومطلق ومغلق في ذاته، واتخذ شكل الارتكازات العمياء، المسوّرة بالعصمة والمقدس والابرارية، وقد خلق هذا القمع لادبي شهية للحرية، وهي مضطرة لجانحة الجحود والكفر بالمغلقات السامية هذه. يراهن مقاومو العراق على ارث المتلقيات العمياء هذه/ جمالياتها المعصومة، تراكمها الباسل، دون ان يستدركوا قدرة الحرية على شرعنة الكفر بعد ان ذاق الناس شرور هذه الارتجاعات الايمانية السامية، وهي تحسم نهاية الشك باليقين المغفل والارعن، فلا يحصد الشك، او مجرد التفكير واستخدام القياس والتامل، غير الاثم، أي صلاح الجهل وكفر العلم.
"مقاومة"، كلمة عمياء الجمال، ترصعها بعقات وهويمسات واثقة ورثت افتراضية اجماع الناس على سطوتها ومزيناتها الساحرة، وهذا يكفي لمنحها حصانة الخطا والجرم والتهور والبشاعة، كل شيء مخدر بالسحر والاعماء الحسي بقوة البلاغة والاجماع المغفل، هذا يكفي الى جعل الشق الغامض فيها مؤجلا وغير خاضع للمساءلة، أي لماذا تقاوم، ومن اجل ماذا، وما هي بدائلها؟؟ كل ذلك من الاسئلة الاثمة والعائبة، لاسيما وانها تحتل المجال النقدي التحتي، وكل تحتي، كما جرت العادة هو نقدي وشعبي، وهذا كفيل باستقطابها كل الاحلام بما فيها احلام الجنة والمدن الفاضلة وفكرة الحرية التي لم تسجل، ولا مرة تحققها في مشروع الانسان، فكيف اذا جاءت بعناصر عنف وشر وقتل وجريمة؟ بل كيف وهي تعشعش في عالم تحدد مصائره العرافات والتليباثي والتطير الخرافي؟ مجرد عدم وجود انهار عسل ولبن وخمر وولدان مخلدون، فان المقاومة حق ودين وطاقة نقدية!! يا لحظوظ العرافين والدجالين والمراوغين، وهم وسط نعاج مهددة بخيال الذئب، مدججة بخرافة ارض دلمون، حيث الذئب يصادق الحمل.
طالبان في النجف وطالبان في الفلوجة!!تلك هي حصيلة البدائل المستقبلية، حين تركب طروادة الثورة والمقاومة، حتى ليبدو حكم الطاغية القديم اقل شرا، بل الحصيلة انه خضع لعملية نقدية، تفترض وقائعها الطالبانية انها كانت تطالب بوفرة قمعية اكثر، بزنزانة اضيق، بقمع اشد، أي الحصيلة ان سيد المقابر كان مقصرا في بطشه وردعه وطغيانه، وانه متهاون مع بعض الحريات الشخصية ونحن امام مجموعة من المفتين الذين احترفوا مهنة القصابين والذبح وتقطيع الجثث.ولعل ذلك جعل صدام يتفوه لزائريه، لدى مقابلتهم:"بانه كان عادلا"، في الوهلة الاولى يبدو الامر ساخرا، ولكن في قياسه الحي، وبروز قادة البطش الكامل والبدائل التمامية، وقدة المطلق، تبدو كلمات صدام مقايسة ومنطقية، حين نلمس ان بلاد ليالي شهرزاد وابي نؤاس وبابل قد استعارت ارث البرابرة، ونحلت قناع همجية القبائل المحاربة، فيما يفترض العالم انها بلاد بغداد العباسيين، وحضارة الموسيقى وصناعة الخمر الاول، اذن هذا الطغيان الشعبي وليس الحكومي، جعل من الطغيان كفالة الطبيعة الرادعة ضد نقل المسارات البيئية، وجعل التنكر البيئي" الدارويني" غير ممكنا، وهكذا تفرض بيئة القمع الحكومي عدالة على الارهاب الشعبي، لان القمع امام الشر الكامن اقل الخسائر، وبهذا المعنى يدرج البديل سابقة كونية في عالمنا، وهو بديل اكثر خطورة مما سبقه، والماساة ان هذه البشاعات الطالبانية كرست وبررت مشروعية القمع القديم، الامر الذي فرض على الاطقم الحالية للسلطة ضيق الخيارات، وهي امام دمويات يومية، لم تكن وليدة الصدفة او الزمن الحالي، فهي كامنة قديما، حيث قدمت نفسها في اول فرصة للحرية، مما جعل من سلوكها اعتبار: عبد حميد وجزاري النظام اشبه بدعاة حقوق انسان امام بطشها وجرائمها، وهذا جعل احلام النخبة الحالمة بالحرية قد اصيبت بتلف ماساوي، جعلها خارج لعبة الاضداد، بل لم يقدم لها مساحة ضئيلة غير التفرج من بعيد وترتيب بيت المنفى مرة اخرى، لان احلام هؤلاء بحاجة لاكثر من مئة عام من تاريخ المذابح كي تبدا الحفادة بتسلم ملف الريادة."المقاومة" عارضة ازياء جميلة، لكن ازياءها هذه المرة جبب وعمائم بشعة ...

انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص

ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف