مراكش: قال محمد الشارخ رئيس شركة صخر لبرامج الحاسب: "إن التخطيط والتطوير التقنيين، والمساهمة العربية في صناعة البرمجيات، مسائل ذات أولوية ثقافية ومعرفية لا تقل عن الأمن الغذائي، والأمن الاجتماعي، والتعليم الإلزامي، مثلاً. بل هي توازي في أهميتها مسألة الأمن القومي والدفاع عن الوجود. فثمة فرصة حقيقية في أن يكون هذا التطوير بمثابة قاطرة للتقدم الاجتماعي في عصر المعلومات، تتيح لنا الالتحاق بالركب العالمي، ومن ثم مجاراته، والعودة للمساهمة في مسيرته. وعلى النقيض، فإن تجاهل هذه المسؤولية لن يفوت فرصة سانحة أمامنا لكي نلحق بالركب فحسب، بل سيعني أيضاً أننا قبلنا أن نكون مخترقين، وبالأحرى تابعين وهامشيين".
جاء ذلك عقب إعلان رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل أن مؤتمر مراكش سيكرم هذه السنة رئيس شركة صخر لبرامج الحاسب محمد عبد الرحمن الشارخ.
يذكر أن الشارخ أطلق في العام 1982 شركة صخر لبرامج الحاسب كإحدى شركات مجموعة العالمية، التي طورت العديد من التقنيات الفائقة التي تركت بصمة قوية في مجال صناعة تقنية المعلومات العربية، حيث أخذت على عاتقها مهمة القيام بأبحاث ومشاريع تطوير، على مدى عقدين، بغية تطويع تقنيات الحاسب والاتصالات، وتلبية المتطلبات الفريدة للغة العربية. وقد أثمرت هذه الجهود تقنية صخر الخاصة للمعالجة الطبيعية للغة العربية NLP، لتتوج صخر اليوم بدون منازع الرائدة عالمياً في تطوير الحلول والمنتجات باللغة العربية.
ويأتي استلام الشارخ جائزة مؤسسة الفكر العربي المخصصة للرواد، ضمن فعاليات مؤتمرها الثالث الذي يفتتح أعماله اليوم في مدينة مراكش بالمملكة المغربية، برعاية جلالة الملك محمد السادس، تحت عنوان: "العرب بين ثقافة التغيير وتغيير الثقافة"، بمشاركة ما يقارب 1000 شخصية من الأكاديميين والمفكرين ورجال الأعمال والدبلوماسيين.
وأضاف الشارخ: "ليس لدينا أي شك، أننا، نحن العرب، نمتلك كل المقومات اللازمة لتجسير أي فجوة معرفية أو تقنية أو ثقافية، بفضل ما يمتلكون من موارد كبيرة وقدرات واسعة وتراث عريق. وقد أدركنا منذ البداية أن المسألة وثيقة الصلة بالأبعاد الثقافية والاجتماعية، إذ لا ينبغي لنا أن نقف مكتوفي الأيدي بانتظار الحلول من الخارج، وكذلك لا يجب أن نكتفي برفض تلك الحلول والمراوحة في المكان، بل إن علينا أن نشرع في بناء حلولنا لتتواكب ثقافتنا الغنية الأصيلة مع عصر المتغيرات التقنية السريعة. ولأن التطوير التقني يحتاج تطويراً متوازياً في الأنظمة الإدارية والاقتصادية، وأنظمة البحث العلمي، فقد أسسنا في صخر وحدة فريدة من نوعها عربياً، متخصصة بالأبحاث المتعلقة بمعالجة التقنيات اللغوية. وقد أثمرت هذه الأبحاث عن تقنية فريدة للمعالجة الطبيعية للغة العربية، نبني عليها اليوم مجمل تطبيقاتنا وحلولنا المنتشرة عربياً وعالمياً". واستطرد الشارخ: " اسم شركة صخر وشعارها العربي بدأا منذ الثمانينات رحلة مواكبة الثقافة العربية لعصر تقنية المعلومات، ولقد حددنا بدقة منذ ذلك الحين التغيير المنشود الذي نسعى إليه، وشخصنا أبعاده وأهدافه ووسائله وأدواته.. وجاءت جهودنا استناداً لإدراك وإيمان عميقين في أننا لا يجب أن نقف متخاذلين أمام الحلول الجاهزة".
وأشارت اللجنة المنظمة للجائزة إلى أن "الوعي المعرفي العميق الشامل هو مدخل للتغيير والإصلاح وللحوار الهادف والبناء وأن المفكرين العرب يملكون من الفكر والمعرفة والرؤية والقدرة ما يمكنهم من بلورة رؤية واضحة للإسهام في إنضاج مشروع نهضوي شامل للأمة".
وينظر إلى جائزة مؤسسة الفكر العربي المخصصة للرواد، بأنها عرفان بإسهامات الفائز في مسيرة نهضة الأمة في مجال مواكبة الثقافة العربية لعصر المعلومات، وتقدير لدوره الإيجابي في مستقبل الأمة، وتثمين لجهوده الكبرى لإنشاء ودفع صناعة تقنية المعلومات، منذ أوائل سبعينات القرن الماضي، ومع البدايات الأولى لظهور هذه الصناعة عربياً، والمتمثلة بابتكار الكمبيوتر العربي، والمضي بصناعة البرمجيات العربية نحو آفاق العالمية.
ويذكر أن مؤسسة الفكر العربي التي يرأسها الأمير خالد الفيصل، هي مبادرة تضامنية بين الفكر والمال للنهوض بالأمة العربية، سبق أن منحت جوائزها في دورتيها السابقتين لعدد من المفكرين الرواد والمبدعين العرب منهم الدكتور إدوارد سعيد لريادته الفكرية، ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي لريادتها العلمية، والدكتور عبد الله محمد الغذامي لإبداعه الأدبي، والشاعرة فدوى طوقان لإبداعها الشعري، والدكتور يونان لبيب رزق لإبداعه في التاريخ، ومحمد بن عيسى، وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، والفنان التشكيلي الفلسطيني إسماعيل عبد القادر شموط، والشاعر والأديب اللبناني جـورج جـرداق.