كانت الخمسينات من القرن العشرين سنوات مدّ في الروح القومية، والنضال التحرري، ومواجهة الاستعمار، والرغبة في خوض الصراع العربي الصهيوني من أجل تحرير فلسطين، وكانت الأقطار العربية تُعاني من وقع هزيمة 1948 وآثارها ومن وقوع فلسطين تحت الاحتلال، وإقامة الكيان الصهيوني دولة في ذلك البلد العربي على حساب شعبه الذي شُرّد في بلدان الوطن العربي والعالم، وكانت بوادر التهديد والتحالف مع الكيان الصهيوني ضد هذا البلد العربي أو ذاك لا تغادر الآفاق السياسية والفكرية العربية.
وكان الوعي العربي يتمثّل في طلائع ونُخب سياسية وثقافية وإبداعية رأت في رصّ الصفوف، ومواجهة الأنظمة المتعاملة مع الاستعمار أو الموالية له، وتحقيق عدالة اجتماعية ورفع الظلم عن الطبقات المسحوقة، أحد المداخل لتغيّير الواقع والانطلاق نحو حركة نهضة وبناء وعدالة اجتماعية تحقق للشعب بعض الإنصاف والعيش الكريم وفرص التعلّم والتقدّم، وامتلاك قوة تحقق للأمة حضوراً مؤثراً من خلال وحدة صف وموقف ورؤية، واستقلال إرادة وقرار.
ولم تكن الثقافة العربية تعاني من قلّة الإمكانيات وضعف الاهتمام وانتشار الأميّة بنوعيها الألف بائي والمعرفي فقط، وإنما كان ضعف الأداء وطغيان الشعار والإنشاء ورغوة الحماسة وغياب رؤية موضوعية ومنهجية مستقلة للأمور في بعدها العربي العام، وضعف الإنتاج العلمي وغياب أجناس أدبية عديدة ممّا عرفه الغرب وتقدّم في مجالاته.. كان كل ذلك حالة بادية للعيان لأبناء الأمة المتنورين.
وكانت اللغة العربية والهوية القومية مستهدفتين، والثقافة العربية تتعرّض لأشكال من التغيّيب والتهجين بمعناه السلبي، وتُفْرَض عليها تبعية لمرجعيات ثقافية أخرى أوروبية بشقيها على الخصوص، والأمة ذاتها في مشروعية تكامل مقوماتها كأمة موضع تشكيك من شرائح اجتماعية وموضوع نضال من أجل وحدتها وقوتها ونهضتها من تيارات قوية في البلدان كلها.
وكان تسلّط الاستعمار على عدد من الأقطار العربية طاغياً سواء أكان ذلك في ثوب احتلال دموي مثل وضع الجزائر وثورتها الناشئة مع الاستعمار الفرنسي ذي المشروع الاستيطاني الذي استهدف اللغة العربية والثقافة والعقيدة هناك ليجعل الجزائر أرضاً فرنسية، أو في صورة وجود قواعد وسيطرة مباشرة على القرار في أقطار عربية أخرى، كما كان كل قطر عربي تقريباً يعاني من عدم الاستقرار، والانقلابات، والأنظمة الطغيانية، والإقطاع، وهي الأنماط العامة السائدة في وطن العرب بشكل عام.
والصراع كان قائماً على سوريا، والأحلاف تتشكل وتنسج شباكها وتقيم قواعدها هنا وهناك، ومنها حلف بغداد الذي قاومته المنطقة وأسقطته، ومحاولات الاستقطاب السياسي والأيديولوجي على أشدها، وخوض الحروب بالوكالة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي في نطاق الحرب الباردة الواسع سمة ظاهرة للسياسة الدولية ومقاومتها سمة ظاهرة أيضاً، وكل ذلك كان يصب في دائرة التحكم بمستقبل الوطن العربي ورسم صورته وفق الاستراتيجيات الكبرى للحلفين العالميين الكبيرين المتنازعين: حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو، ولفرض نوع من الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأنظمة الحكم على شعوب وبلدان من جهة، وللسيطرة على دول عربية مستقلة حديثاً أو خارجة حديثاً على أنظمة كان ولاؤها للاستعمار وعجزها أو تواطؤها في حرب 1948 سبب انقلابات عسكرية ضدها، وبؤرة نشوء قوى وتيارات ثورية جديدة: قومية واشتراكية، مثل سوريا ومصر، الأمر الذي جعل الدولتين مستهدفتين من الاستعمار والحركة الصهيونية. ومن المفيد التذكير بالعدوان الثلاثي على مصر 1956.
في هذا المناخ ارتفع صوت الأدباء والكتّاب العرب بنداء التقارب والتعاضد والتلاقي في أطر وصيغ من اللقاءات والتنظيمات لها وعليها، استدعاها واقعهم ومشاعرهم وما يلمسونه من تحديات تستوجب الرد عليها، ومن وقائع على الأرض لا بدّ من التعامل معها بمسؤولية لن يعفي التاريخُ منها الفكرَ والأدبَ والإبداع والمقصرين.
ورأى معظمهم أن الأدب مسؤولية وانتماء، وأن الكلمة الحرة تُحرّر وتبني، وأن مناخ الحرية الذي ينبغي أن تنمو فيه الكلمة يشكل شرطاً رئيساً لنهوضها ولمساهمتها في ايجاد مناخ نهضة قومية صحي ينمو فيه الفكر والأدب والإبداع في ظل المسؤولية، ويربّى فيه الإنسان على النضال والبناء والقيم، ويتطور فيه المجتمع تطوراً سليماً؛ وأن الفكر والإبداع مفاتيح لتقدم الأمة وتقارب صفوف أبنائها ومناضليها وكفاحها من أجل الاستقلال والدفاع عن الأرض والمصالح والوجود والهوية والثقافة والحضارة في الدائرة الأوسع عربياً ودولياً، وأن تحقيق النهضة النصر يستدعي تكامل عناصر القوة التي توفرها الوحدة.. وأن حماية الأديب والمحافظة على حقوقه وفسح الفرص أمام الإنتاج الأدبي وطباعته وتحقيق انتشاره وترويجه والارتقاء به ودعمه وانتفاع الناس بما يقدمه لهم من زاد معرفي ودافع للتوحد والتحرر والتقدم، كل ذلك أحد أهم المداخل لتغيير الواقع والارتقاء بالفرد والأمة، وأن ذلك يحتاج إلى أطر تنظيمية قطرية يجمعها تنظيم قومي شامل، لأن معركة العرب واحدة والتحديات التي تواجههم في أقطارهم متشابهة ومتشابكة ومتداخلة عضوياً.
وشهد شهر سبتمبر من عام 1954 حركة قوية في بلاد الشام عامة وفي سوريا ولبنان خاصة باتجاه العمل العربي العام والمناداة بتأسيس أطر تنظيمية: روابط واتحادات ونقابات وأندية.. إلخ تجمع المعنيين والمهنيين العرب في تجمعات منظّمة تعمل على تحقيق أهداف قومية ووطنية وإنسانية. وفي دمشق ذاتها تنادى المحامون والأطباء والمهندسون العرب لتكوين أطر تنظيمية على المستوى القومي، وعُقِد في الوقت ذاته تقريباً بدمشق المؤتمر الشعبي العربي لتوحيد النضال القومي في تلك الظروف الحساسة التي كانت تحيط بالوطن العربي آنذاك.
وقد بدأت إرهاصات تأسيس منظمة عربية للكتّاب والأدباء في ذلك المناخ العام الذي أشرت إليه، من استلهام واقع الناس وتطلعهم والاستجابة لهذا الواقع والتطلع، ومن استشعار أهمية دور الكلمة ورسالتها، ومن الحاجة للقاء الكتّاب والأدباء في لقاءات عربية ومؤتمرات ومهرجانات يتعارفون فيها ويتبادلون خلالها الرأي والتجربة ويبلورون رؤية، وينسقون جهودهم وأنشطتهم ويقوون موقفهم لتشكيل قوة حضور للكلمة والفكر في ساحات اجتماعية وسياسية وثقافية عربية تحتاج إليهم ويحتاجون إليها.
في دمشق عقدت (رابطة الكتاب السوريين) ـ لمناسبة مرور ثلاث سنوات على تأليفها ـ اجتماعاً عاماً تضمن جلستين رئيسيتين تمت الأولى لبحث القضايا الفكرية حيث ألقيت كلمات وأبحاث، والثانية لبحث القضايا التنظيمية وأُلقيت فيها أبحاث أيضاً، وأقيم مهرجان أدبي في نادي أبولون في نهاية اللقاء الذي أطلقت الرابطة في نهايته نداء لتأسيس رابطة للكتاب العرب، وأعلنت عن حل نفسها تمهيداً للانضواء في الرابطة الأوسع، لكن الأمر انتهى في كونه دعوة، واستمرت رابطة الكتاب السوريين حتى بداية عام 1958، ومن نادتهم الرابطة وتوجهت إليهم بدعوتها وخطابها كانوا في معظمهم من لون واحد وأيديولوجيا يدفع باتجاهها تنظيم، الأمر الذي جعل الكتاب العرب لا يبنون على الدعوة المشار إليها دعوة أعم لمؤتمر تأسيسي في فضاء عربي مفتوح، وجعل الرابطة تقف عند حدود الدعوة إلى تأسيسها تقريباً. وقد أصدرت بياناً ومقررات وتوصيات جيدة، ومما دعت إليه تكوين رابطة للكتاب العرب وفروع لها في البلدان العربية.
وهو الأمر الذي تحقق بصورة أفضل في بيت مري بعد أسبوع ـ وكأن هناك سباقاً مع الزمن وتنازعاً تحت الماء ـ حيث ارتفع صوت في اتجاه مغاير استقطب شخصيات من مشارب عربية متنوعة شكّلت أرضية عربية وتمثيلاً للتيارات والتوجهات الفكرية والأدبية، تجاوبت معه وأسست عليه، ولم يغفل التفاعل مع النداء الذي صدر في دمشق فأتت الدعوة أوسع وأغنى وأعم.
في بيت مري، وبمبادرة من جمعية أهل القلم عُقد لقاء عربي باسم أسبوع بيت مري ووجهت الدعوات من الجمعية لشخصيات أدبية عربية للحضور والمشاركة على أساس مكانتها وتمثيلها لبلدانها وموقعها الأدبي، وقُدِّمت في الأسبوع محاضرات وأبحاث، وأُلقي في أماسيه شعر، وأصدر بياناً واتخذ قرارات وتوصيات يتجاوب معها الشارع الأدبي الأوسع في الوطن العربي وتعبر عن همومه واهتماماته.
ومما دعا إليه في قراراته وتوجهاته: تكوين أندية أو تجمعات أو روابط عربية تكون نواة لتجمّع قطري ومن ثم قومي، لأن الأقطار العربية كانت تفتقد لمثل تلك الروابط على مستوى البلد الواحد. وهي خطوة لا بد منها لتكوين تنظيم قومي أشمل.
وقد استشعر وفد الأدباء والكتاب المشارك باسم سوريا والجانب الرسمي فيها ـ وكان يرأس الوفد وزير المعارف آنذاك الأستاذ نهاد القاسم ـ استشعر الأفق الواسع لتوجه عربي أشمل قد ينبثق من ذلك اللقاء الذي اعتبر المؤتمر الأول للأدباء والكتّاب العرب فوجّه دعوة رسمية لعقد المؤتمر الثاني في دمشق بعد سنتين من لقاء بيت مري ( 21 ـ26 سبتمبر 1954) ووجه وفد السعودية الدعوة إلى المؤتمر الذي يليه. وفي السادس عشر من الشهر ذاته عام 1956 أي بعد عامين من مؤتمر بيت مري، كان رئيس الجمهورية العربية السورية شكري القوتلي يرعى مؤتمراً للأدباء والكتّاب العرب في سوريا عُدَّ المؤتمر الثاني وتم فيه التأسيس الرسمي عملياً للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وقد افتتحه في دمشق على مدرج الجامعة السورية ومعه وزير المعارف الأستاذ عبد الوهاب حومد الذي ألقى هو الآخر كلمة في الافتتاح. وقد قال الرئيس القوتلي في تلك المناسبة مخاطباً الأدباء والكتاب العرب : أيها الأخوان: أرحب بكم في دمشق الخالدة، ويسعدني أن يلتقي في هذا البلد العربي الأمين نخبة مختارة من رجال الفكر وحملة الأقلام، تنادوا إلى مؤتمر الأدباء العرب من جميع الأقطار الشقيقة، وأرادوا أن يكون اللقاء بينهم قومياً تحت لواء الفكر، ومن أولى منهم برفع هذا اللواء ومن جدر بحمل رسالة الثقافة النيرة ليبشر بها في العالم العربي، والعالم أجمع، رسالة حق وخير وحرية.
إنه لمن أبلغ دلائل النهوض والإشراق في هذه الأمة العربية، أن يتداعى اليوم أدباؤها ـ كما تداعى من قبل محاموها وأطباؤها ومهندسوها ـ وسواهم إلى مثل هذه المؤتمرات ليتدارسوا فيما بينهم شؤون الثقافة والمعرفة وأسباب التعاون وتبادل الآراء وهم الذين لا تنظمهم في العمل الأدبي حتى الآن، سوى إرادتهم الواعية، وطموحهم إلى التكاتف والسير في خدمة المثل العليا. وإنني لأرجو أن يبلغوا بنتيجة مؤتمرهم هذا أهدافهم المنشودة في توثيق أواصر الاتصال والتعارف وإقامة المنظمات لهم تتوفر على تحقيق ما يصبون إليه من حياة منتجة فعالة تجتمع لها أسباب الطمأنينة وتليق بكرامة الرسالة التي ندبوا نفوسهم لها، وعزموا على نشرها في الآفاق العربية الواسعة.
إنها لمناسبة طيبة أن أعلن لكم بكل اعتزاز مع افتتاح مؤتمركم هذا، إننا نولي هذا المؤتمر وجميع المحاولات الأدبية الصادقة، كل عناية واهتمام ونريد أن ترسموا منهاج العمل المشترك والاتصال الدائم بين الحركات الفكرية لأننا نضع قضية تعزيز الإنتاج الفكري العربي وتشجيعه ونثره على نطاق واسع بين أولى القضايا التي ينهض عليها بناء قومي ثابت الأركان يعتز بقادة الفكر فيه، ويسترشد بالرأي الصائب، والتوجيه الصادق، وما عناية الدولة بأدبائها، إلا تقليد عربي أصيل درج عليه أسلافنا في مختلف أدوار حكمهم المجيد، لتكريم أصحاب العلم والأدب ممن طوقوا عنق هذه الأمة بالفضل، وكانوا شعلة الهداية والنور للعالم المستيقظ من ظلام القرون.
أيها الأساتذة الكرام
أنتم تعلمون حق العلم أننا في طريقنا إلى وحدة عربية شاملة لا تقف أمام عقبة ولن تثنينا عن عزمنا شدة. وإن هذا المثل الأسمى نطمح إليه هو من روح الفكرة الجامعة التي تتنادون بالأدب إليها وتنظمون صفوفكم حولها. بل نحن على يقين أن أقلامكم هي أقلام رواد في سير الموكب العربي تمهدون بها كل السبل وفي وعي هذه الأمة، وتكونون رسل ألفة ووئام وتعارف وفي رحاب أسرة عربية واحدة.
ولقد كان من أحب الصدف وأبلغها تعبيراً عن وثبة العرب الجبارة، أن يلتقي في أسبوع واحد على صعيد دمشق مؤتمركم الأدبي، والمؤتمر الشعبي العربي لتوحيد النضال القومي في هذه الظروف الحساسة التي تحيط بالعالم العربي، فكان هذا التلاقي رمزاً لما نطمح إليه في أن تجتمع على الهدف الواحد، سيوفنا وأقلامنا، سواعدنا وعقولنا، قوانا الروحية والمادية لمكافحة الاستعمار وتوطيد دعائم الحرية والسيادة في جميع أنحاء الوطن العربي.
إن رسالة النضال القومي أيها الاخوان رسالة واحدة للمناضلين بسواعدهم، وللمناضلين بأقلامهم، لأنها رسالة الحرية والكرامة الإنسانية ونداء الجهاد نداء وحدة وتوحيد لأنه نداء في سبيل الحق والعدل للمجاهدين بسيوفهم، وللمجاهدين بأقلامهم وعقائدهم، وللمجاهدين بأموالهم وأرواحهم، وما نحن باغون ولا معتدون، ولكننا ننشد السلام بالعدل والحرية بالحق، ونعمل لفكرتنا القومية وللمبادئ الإنسانية السامية التي تنصف الحق من الباطل، وتنقذ الإنسان ممن دأبوا على استثماره واستعماره وراء مظاهر خادعة من إعلان حقوق الإنسان.
فتلكم مبادؤهم واضحة للعيان يقولون ما لا يفعلون، ويظهرون ما لا يبطنون يبتغون الحرية لأنفسهم والعبودية لسواهم. وها هي مبادؤنا نحن، مرفوعة على ملأ السماء والأرض، تشهد بأننا نريد لأنفسنا ما نريده لسوانا، لا نتاجر بالمثل، ولا نداول الزيوف، ولا نمشي في الأرض كبراً. ولمثل هذه المبادئ الرفيعة تشحذ الأقلام وتجند الأرواح.
على هذا الرجاء العظيم بكم، وبمستقبل الأمة العربية افتتح باسم الله العلي العظيم مؤتمركم وأرجو لكم أوفر النجاح والتوفيق.
وبعد انتهاء مراسم الافتتاح انتقل المشاركون إلى مصيف بلودان حيث تابع المؤتمر أعماله هناك ولذا عُرف المؤتمر بمؤتمر بلودان، وذهب رئيس الجمهورية السورية إلى بلودان ليحضر حفل الختام، وهناك حياه الدكتور طه حسين، الذي ألقى كلمة باسم مصر ولم يكن قد حضر الافتتاح لأنه حضر متأخراً، حيَّاه بتحية خاصة وشاركت في ذلك المؤتمر وفود من مصر والشام والعراق ولبنان والأردن والحجاز واليمن. واتخذ المؤتمر مقررات وتوصيات، وأصدر بياناً عاماً نثبت نصه في مسرد البيانات والتوصيات العامة للمؤتمرات في موضعه من هذا الكتاب.
وفي هذا المؤتمر تقرر أن يتألف للمؤتمر مكتب دائم من ممثلين عن الهيئات الأدبية في البلاد العربية، وينتخب هذا العام مكتب مؤقت لوضع مشروعات التنظيم لعرضها على المؤتمر في دورته المقبلة، كما أوصى بـ(تأسيس جمعيات لأهل القلم يكون لها تنظيم نقابي وضمان اجتماعي)، وتم ضمنياً تكليف مصر بمتابعة إجراءات التأسيس الرسمي واقتراح اللائحة الأساس على المؤتمر التالي، المؤتمر الثالث، الذي عقد في القاهرة 9 ـ 16 ديسمبر 1957 ورعاه الرئيس جمال عبد الناصر.
ومنذ ذلك التاريخ استمرت مسيرة هذا الاتحاد الذي عقد حتى اليوم اثنين وعشرين مؤتمراً وثلاثة وعشرين مهرجاناً شعرياً على مستوى الوطن العربي في معظم العواصم العربية، وأقام عشرات الندوات الثقافية الهامة من حيث موضوعاتها وأبحاثها والمناقشات التي دارت فيها والتوصيات التي نتجت عنها. واتخذ الاتحاد مواقف واضحة وملتزمة ومشرِّفة من القضايا المصيرية للأمة العربية وعلى رأسها الصراع العربي الصهيوني، حيث رفض التطبيع مع العدو الصهيوني وقاوم ذلك كما قاوم موضوع الاعتراف به، وأعلن ثوابت مبدئية في هذا المجال، حيث رأى أن الصراع العربي مع العدو الصهيوني صراع وجود وليس نزاعاً على حدود، وأن القضية تتصل بأمة وأجيال وليس بأنظمة وحكام، وأن الشعب الفلسطيني يجب أن يعود إلى أرضه التاريخية ويمارس سيادته فوق ترابه المحرَّر، وأن هذه القضية قضية الأمة العربية ومسؤوليتها وليست قضية الشعب الفلسطيني وحده.
وكرس الاتحاد تلك الثوابت والتوجهات والمواقف في نظامه الأساس، ولائحته التنفيذية، وفي بيانات مؤتمراته واجتماعات المكتب الدائم، وفي مواثيقه ونداءاته التي من أشهرها ميثاق المثقفين العرب.
وقد توالت مؤتمرات الاتحاد العام واجتماعات مكتبه الدائم بشيء كبير من الانتظام، تحافظ على ما هو قومي أصيل وديموقراطي سليم، وتطور ما ينبغي تطويره من أداء وتنظيم، وتعنى بالشأن الأدبي وشؤون الكتاب والأدباء من منظور عربي عام، وتواكب الأحداث وتتصدى للتحديات، وتعالج الموضوعات الحساسة والراهنة والهامة في مجالات الفكر والأدب، وتعبر عن مواقف الاتحاد من القضايا المصيرية والأحداث الكبيرة.
*الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب
- آخر تحديث :
التعليقات