عمان من ياسر قبيلات: استضاف «المعهد الدولي للتضامن بين النساء» الناقد الاردني المعروف نزيه ابو نضال، في ندوة بعنوان «تمرد الانثى» في سياق حوار الاربعاء الذي يقيمه «المعهد» اسبوعيا.
وقدم ابو نضال، في بداية الندوة عرضا للشرط الاجتماعي الذي يفرز خصوصية الابداع النسوي ويدفعه الى اتخاذ شكل المرافعة الانثوية، في مواجهة الرجل/الذكر.
كما عرض ابو نضال لمجموعة من الاعمال التأسيسية لكتابة المرأة في طرح قضيتها، مؤكدا على ضرورة تضافر جناحي المجتمع في خوض صراع مشترك ضد تراتبية القمع الشامل الذي يتعرض له الجميع، ويطالب مختلف مفاصل وجزيئات حياتنا الاجتماعية، مما يقتضي مواجهة القمع الذي تتعرض له المرأة، في سياق «من عملية صراع اجتماعي شامل».
وحذر ابو نضال من ان عدم وعي المرأة الكاتبة لموقع معركتها الجنسوية في السياق الاجتماعي التاريخي، قد تنحرف بها بعيداً عن ميدانها. ورأى ان الخلل في «اكتشاف الموقع والاتجاه الصحيح لمعركة المرأة عائد، في جنب منه، الى ان العديد من الروائيات اللواتي تصدين لهذه المعركة ينتمين اساسا للطبقة البرجوازية التي لا يؤرقها الطحن الطبقي بمعناه المادي والاقتصادي فتأخذ المسألة بالتالي مجرد شكل دعوات للحريات الليبرالية، بل ان الاحتجاج المادي الذي تمارسه بطلات هذه الروايات عادة يأخذ شكل اطلاق الحريات الجسدية بالمعنى الجنسي، باعتباره الحد الاقصى للتعبير عن مثل هذه الحريات الليبرالية، وكأنها بذلك تمد لسانها (جسدها) في وجه المجتمع الذي اراد فرض قيوده وشروطه عليها، كما يقول عفيف فراج».
ورأى ابو نضال «ان نقطة الانطلاق او التنوير في اضاءة الهاجس المركزي في روايات المرأة انما يتمحور اساسا حول رغبة المرأة المحمومة في كسر القالب الذي وضعها فيه الرجل، اعني صورة المرأة، الخادمة، العذراء المومس».
كما رأى «ان صورة المرأة في رواية المرأة هي شيء نقيض تماما لصورتها في ذهن الرجل او روايته، ولكنها في نفس الوقت لا تعكس الصورة المطلوبة للمرأة كما تريدها الكاتبة.. ذلك ان الروائية المبدعة ستكون بالضرورة محكومة للشرط الواقعي الذي تتحرك البطلة من خلاله اي المحكومة لارثها وتربيتها وثقافتها ووعيها ومحيطها الاجتماعي».
وقال ابو نضال «ان التكوين العام او الخاص للكاتبة او لبطلتها محكوم الى وقوعها «في لحظة مفصلية حرجة بين بابي القديم والجديد، الشرق والغرب»، بين المفاهيم البطريركية الاستبدادية والتقاليد الليبرالية الغربية، حيث حصل جسد المرأة على حريته، وتكون نتيجة هذه التصادمات، وفي اللحظة المفصلية، ان تنطبع على بطلات كاتباتنا «اثار المعركة كمشوهي حرب»، كما تقول الدكتورة الهام كلاب».
ورأى ابو نضال «ان الاشكالية الفنية والموضوعية في رواية المرأة تنبع من استحالة وجود البطلة التي تحلم الكاتبة بوجودها، وتحلم بان تحمل افكارها في ارض الواقع، ومن هنا بالضبط تخسر الشخصية الفنية الروائية لمصلحة الشخصية النمطية او لمصلحة الفكرة التي تحاول الكاتبة ان تجعل البطلة تتلبسها فتفشل لانها تأتي من خارج سياقها الموضوعي، الثقافي الاجتماعي».
وخلص ابو نضال الى انه «لا بد من الملاحظة بان الرواية النسوية العربية عموما تهرب بعيدا عن الذات الداخلية الى الموضوع الخارجي، ربما لان مساحة الحرية لم تصل بعد الى ما وصلت اليه في لبنان اواسط الخمسينات، مما مكن ليلى بعلبكي من ان تصرخ «انا احيا» في وجه «الآلهة الممسوخة». وومما مكن كوليت خوري ان تطبع في بيروت رواياتها الخمس الاولى، في «المرحلة المرة» (1959 - 1969) كي تعلن من خلالها حكايات حبها وتحدي «كيانها» سواء في «ليلتها الواحدة» ام في «ايام معه».
وتساءل ابو نضال ان كانت قدرة الروائيات على الكتابة بحرية عن عوالمهن الداخلية، هي احدى المداخل نحو الحريات العامة ويجيب ابو نضال «ربما، ولكن بالطبع شرط ان تكتمل عناصر المجابهة المشتركة ضد تراتب القمع الكلي».