بحسب تقرير الاليكسو فإن عدد الاميين لدى الفئات العمرية التي تزيد عن 15 عاما، ارتفع عموما من 50 مليونا (73%) في 1970 الى 61 مليونا في 1990 (48،7%) ويتوقع ان يصل الى 70 مليونا (63.5%) هذا العام.
وهو ما يعني ان الامية متفشية في أهم قطاعات الامة وهو قطاع الشباب بالاضافة الى طاقة أخرى معطلة في قطاع النساء اللواتي يعاني نصفهن تقريبا من آفة الامية نحو (54.6%).
هذا التحدي يعني أيضا ان الامية تطال المنطقة بأسرها وأنها تشكل عائقا حقيقيا أمام التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية.
ويعني كذلك اخفاقا للجهود المبذولة منذ نصف قرن للحد من هذه الظاهرة التي أكد التقرير ان الدول العربية فشلت في بلوغ الهدف لخفض معدل الامية الى النصف لدى الراشدين في عام 2000 في اطار تعهداتها في المؤتمر العالمي الاول حول التربية للجميع في1990 في تايلاند.
أما الملاحظة المرة التي كشفت عنها الارقام هي أنه مع حلول هذا العام2005 فإن المنطقة العربية تسجل اكبر نسبة للامية من المنطقة الافريقية جنوب الصحراء الكبرى (63.4%) وهي مفارقة غاية في الغرابة بالمقارنة بحجم الثقافة والحضارة المتراكمة عند العالم العربي وبالمقارنة أيضا بحجم الثروة والناتج المحلي وهو ما يعني أنه وفقا لمعدل الوتيرة الحالية للتقدم المنجز (1% سنويا) يحتاج العالم العربي لاكثر من ثلاثة عقود للقضاء على هذه الامية.
واذا كانت الارقام مقلقة ومثيرة للمخاوف وتحتاج الى التعامل معها بجدية من خلال اعادة النظر في البرامج العربية الخاصة بالقضاء على الامية التي تجاوزنا فيها المعدل المتداول عالميا والذي يدور حول 18% فإنها أيضا كشفت عن تداعيات المشكلة على النمو الاقتصادي العربي للصلة الوثيقة بين الامية والتراجع الاقتصادي والاجتماعي باعتبار ان المعرفة - مفتاح التقدم - هي أحد مؤشرات هذا النمو.كما أنها كشفت عن الهوة التي تفصل العالم العربي عن المعدلات العالمية ليس في مجال الامية الابجدية التي تقارب ضعف المتوسط العالمي ولكن في مجال الامية المعلوماتية حيث لا يتجاوز مستخدمو الانترنت في العالم العربي نسبة 20 في المائة من العدد الاجمالي للمستخدمين في العالم.
الامر الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى تحقيق مفهوم المعرفة بشكل صحيح.
فبالارقام ومن واقع مؤشرات التنمية البشرية العالمية نجد ان عدد العاملين في البحث العلمي والتطوير من عام 1990 الى عام 2000 في أمريكا الشمالية 4000 عالم لكل مليون نسمة وفي أوروبا2300 عالم لكل مليون نسمة وفي جنوب شرق آسيا 500 عالم لكل مليون نسمة أما في العالم العربي فالنسبة أقل بكثير 300 عالم لكل مليون نسمة.
في مجال الصحف اليومية بالنسبة لعدد السكان في الدول المتقدمة 285 صحيفة لكل ألف نسمة وفي الدول العربية 53 صحيفه لكل ألف نسمة.
في مجال الكتب والتأليف والترجمة: اجمالي الكتب المنتجة في الوطن العربي 10.1% من اجمالي الانتاج العالمي من الكتب مع ان العرب يمثلون 5% من تعداد العالم واجمالي الكتب العربية المنشورة عام 1995 هو 1348 كتابا وبالمقارنة فإن اجمالي الكتب الاسرائيلية المنشورة في العام نفسة 3284 كتابا.. معدل المواطنين العرب القادرين على استخدام الانترنت يبلغ 16 بالمائة والرقم، يشمل دولا كالعراق والسودان واليمن، حيث لا وجود فعلياً للإنترنت.
ما يتعلق باجهزة الحاسوب والانترنت: اجمالي أجهزة الحاسوب واستخدام الانترنت في الوطن العربي 50 جهازا لكل ألف من السكان وتكلفة الوصول للانترنت مرتفعة جدا ونسبتهم 20 مشتركا لكل ألف شخص معنى ذلك ان هناك فجوة معلوماتية بالمقارنة بساعات الجلوس أمام أجهزة التلفزيون لمتابعة البرامج الترفيهية والكليبات.
في أوروبا هناك 400 مشترك بالانترنت من كل ألف نسمة.. ومعدل نسبة انتشار أجهزة الحاسوب يبلغ ثمانية وسبعين جهاز حاسب آلي لكل ألف شخص مقابل ثمانية عشر جهاز حاسب آلي فقط لكل ألف شخص في المنطقة وهو معدل أقل بكثير من المعدل العالمي بما فيه الدول النامية.
علاقة ذلك بالتنمية واضح جاءت البحرين في المركز الاول عربيا، وفي المرتبة 40 على مستوى العالم - بالمقارنة بعدد السكان - بمعدل نمو في التنمية البشرية84.3%، وبلغ متوسط دخل الفرد السنوي فيها 1717 ألف دولار أمريكي، وكان أضعف أداء تنموي بين الدول العربية في جيبوتي، اذ حلت في المركز 154 في العالم بمعدل
نمو في التنمية البشرية 45.4%، وبلغ متوسط دخل الفرد فيها: 199 ألف دولار سنويا.
قارن ذلك مع اسرائيل التي حلت في المركز 22 على العالم في مجال التنمية البشرية بمعدل نمو هو الاعلى في المنطقة، فقد بلغ: 90.8%، وكان متوسط دخل الفرد يساوي: 1953 ألف دولار أمريكي سنويا ونسبة الالتحاق بالتعليم الالزامي
والثانوي بلغت:92%.
لقد اختزلت الفجوة المعلوماتية المسافة بين العالم المتقدم والمتخلف بحيث أصبحت الامية الابجدية التي ما زالت تمسك بتلابيبنا ليست معياراً للتمييز حيث وفّرت القمة الدولية حول مجتمع المعلومات التي عُقدت مرحلتها الاولى في جنيف فرصة لاستكشاف آثار ثورة المعلومات والتكنولوجيا على المجتمعات كافة وعلى التنمية خصوصاً بحيث باتت «الفجوة الرقمية« هي العنوان المركزي لمدى التقدم وموقعنا منه.
ووفق الاحصائيات التي أعادت تقييم المعرفة على مستوى العالم نجد في الولايات المتحدة الامريكية يستخدم 62 في المائة من السكان الانترنت.. أما في النيجر فإن مواطناً واحداً فقط من كل1960 مواطناً يستخدم الانترنت.
وهذان الرقمان كفيلان بتوضيح مدى اتساع الهوة بين عالمين لم تعد تسمح بوجود مكان للأمية الرقمية.
نعود مرة ثانية لتأثير ذلك على التنمية حيث وزع البنك الدولي خلال قمة جنيف آخر تقاريره.. ماذا تقول عن دور التكنولوجيا في التنمية.
من واقع هذه التقارير شكلت مداخيل دولة مثل ماليزيا من انتاج تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات 844 في المائة من مجمل دخلها القومي. هذه واحدة. تغيرت درجة قياس القدرة على النمو التي ارتبطت في الدول الاخرى غير المنتجة للتكنولوجيا بمدى انفاق هذه الدول على امتلاك التكنولوجيا.
وأوضح تقرير البنك الدولي في هذا المجال ان الدول العشر الاولى في الانفاق على امتلاك تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هي:
الصين (27 في المائة من انفاقها العام) فيتنام (26 في المائة) بولندا (25 في المائة)كولومبيا (12 في المائة) الهند (19 في المائة) سلوفاكيا (17 في المائة) اليونان (17 في المائة) رومانيا (16 في المائة) البرازيل (515 في المائة) البرتغال (15 في المائة) وهي بالتالي الدول العشر الاولى في تحقيق نمو اقتصادي من جراء التكنولوجيا وبالطبع ليس من بينها العالم العربي بناتجه المحلي الاجمالي. ومازلنا نتحدث عن الامية الابجدية.