قاموس...
لهيب عبدالخالق

شكلت قوات «البشمركة » الكردية أحد مفاصل النزاع بين القوى السياسية العراقية أخيرا، والذي انصب على ضرورة حل هذه القوات أو دمجها بالقوى الأمنية والعسكرية العراقية، وبلغ هذا الخلاف أوجه في الفترة الأخيرة بين لائحة الائتلاف العراقية وبين اللائحة الكردستانية على خلفية تشكيل الحكومة المقبلة.

وللمليشيا الكردية هذه دور خطير في معظم النزاعات بين حكومات متعددة في المنطقة التي يتواجد فيها الأكراد كأقليات مثل العراق وسوريا وتركيا وإيران، لكنها لعبت دورا أخطر في العراق منذ تأسيسها في العشرينات وبدء ما سمته قيام الدولة الكردية في الستينات، وقد نسب البعض إليها القلاقل في المنطقة الشمالية، ويؤخذ عليها وعلى قادتها الارتباطات غير المقبولة من العراقيين كالعلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة وإيران وتركيا، حسب ما تمليه المصلحة، وقد ساهمت «البشمركة» عام 2003 مع القوات الأميركية في احتلال العراق.

سماهم الأكراد: الفدائيين. وقال عنهم مسعود البرزاني :«إن قوات البشمركه لم تؤسس بأمر من أي دولة أو حزب أو شخص ولولا وجودها لما كان للكرد أي وجود، ولا يمكن حل البشمركه بقرار من أي دولة أو حزب أو شخص وستبقى البشمركه دوما ولكن واجباتها قد تغيرت».

وتعني كلمة البشمركة في اللغة الكردية المقاتلين الذين يواجهون الموت.

عرفت هذه المليشيا بالصلابة في القتال، ويقول الأكراد انها تثير الرعب في نفوس «جيوش الأنظمة المصادرة لحقوق الأكراد» ،ويبلغ عددها اليوم في كردستان العراق نحو ستين ألفا يتوزعون بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني، لكن البشمركة هي قوام حزب العمال الكردستاني المطارد من تركيا أيضا.

وتذكر دائرة المعارف البريطانية أن البشمركة رافقت حركة مطالبة الأكراد بخلق دويلة مستقلة منذ عشرينات القرن الماضي في المثلث الذي يمتد بين غرب إيران وشمال العراق وجنوب تركيا وشرق أرمينيا، حيث كانت ولاية كردستان السابقة. ويرد في المراجع التاريخية أن معظم الأكراد كانوا يعيشون قبل الحرب العالمية الأولى ضمن حدود الدولة العثمانية في ولاية كردستان التي امتدت على مساحة واسعة من أرمينيا الى حدود إيران وجزءا من تركيا المتاخم للشمال العراقي، وقد تأسست هذه الولاية على يد بدرخان باييز ريفولت عام 1847.

وبانهيار الدولة العثمانية خلق التحالف الدولي عدة دول في المنطقة بعد تقسيم التركة العثمانية وشمل هذا التقسيم الولاية الكردية التي توزعت بين الدول الخمس المشار إليها أعلاه ،فاحتفظت أرمينيا بجزء كبير من الأكراد بينما توزع الباقي بين إيران وتركيا ونزح عدد منهم الى شمال العراق، ويقول الرحالة البريطانيون ان الأكراد كانوا ينزلون من سفوح الجبال الحدودية الى المدن العراقية كالسيول التي تجتاح الوديان منشئين تجمعات سكنية.

وبضغط من كمال أتاتورك عالجت اتفاقية لوزان قضية التحركات الكردية نحو استعادة الولاية وضمتهم الى تركيا، فقد اهتمت القوى الكبرى آنذاك بظهور النفط في شمال العراق وقدمته على ما سواه من المشاكل العرقية التي نشأت.

في أوائل العشرينات من القرن الماضي أنشأ الأكراد مليشيا ارتبطت بالشخصيات البرزانية مثل الشيخ محمود أو انتسبت للأحزاب السياسية وهدفت لتأسيس دولة كردستان، واشتركت في نزاعات مع القوات التركية عام 1984، ومع الحكومة العراقية في منتصف السبعينات وفي الثمانينات وعام 1996.

وساهم بعضها مع القوات الإيرانية في الحرب العراقية الإيرانية، وعام 1991 مع التحالف الدولي، إضافة للحرب الأخيرة تلبس قوات البشمركه الأزياء الكردية التقليدية وهي عبارة عن بنطلون فضفاض معروف بالـ «شروال » وسترة تنغرس فيه وتربط بالأوشحة الملونة بشكل لفات كثيرة تختلف من عشيرة لأخرى.