نصر المجالي من لندن، وعامر الحنتولي من عمان: من المتوقع أن يزور وفد فلسطيني رفيع المستوى العاصمة الأردنية خلال الساعات القليلة المقبلة في مهمة استيضاح حول التصريحات التي أدلى بها العاهل الهاشمي الملك عبد الله الثاني لفضائية (العربية) الليلة الماضية حول مسالة القرار الفلسطيني، حيث دعا إلى ضرورة تبديل القيادة الفلسطينية لقراراتها في التعامل مع الظروف الراهنة، واعتبر فلسطينيون أن الملك الأردني، يتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية.

وما عرفته خزنة "إيلاف" من معلومات هو أنه في الوقت الذي يعلن الملك الأردني موقف بلاده من قضايا حساسة لها تأثير كبير على مجمل حالة وطنه الصغير الضئيل الإمكانيات، ويحاول الحفاظ عليه بكل السبل، فإنه من بعد الاتفاق الجوهري مع رئيس الحكومة العراقية الانتقالي إيادعلاوي، فإنه استقبل في شكل غير معلن زعامات فلسطينية ولعل أبرزها العقيد محمد دحلان الرجل المرموق سياسيا للمرحلة المقبلة على صعيد قطاع غزة.

فعلى مائدة نائب اردني وبحضور سياسي لافت كان العقيد دحلان يهاجم عرفات بشدة ويمهله حتى 10 الجاري ويطالب برحيله، وقال مراقبون سياسيون ودبلوماسيون عرب في عمان، أن الأمور تتجه بسرعة لافتة الى التصعيد والانقسام الخطير داخل حركة فتح بزعامة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات، بعد الهجوم الشرس وغير المسبوق الذي دشنه القائد الامني الوقائي الفلسطيني السابق العقيد محمد دحلان وزير الأمن الداخلي في حكومة محمود عباس (أبو مازن) المستقيلة قبل نحو عام، حيث فوجئ حضور غداء دعا اليه نائبا في البرلمان الأردني معروفا عنه صلاته الوثيقة مع الحركات الفلسطينية، بحجم الهجوم والإيحاءات والتحذيرات، والمناكفات كذلك التي أطلقها دحلان الذي يتواجد في العاصمة الأردنية منذ نحو أسبوعين.

وأكدت شخصيات سياسية ودبلوماسية وإعلامية حضرت الغداء لـ"ايلاف"، أن دحلان قال كلاما خطيرا يتعلق بمستقبل الأوضاع السياسية في مناطق السلطة الفلسطينية، فيما قالت مصادر أخرى حضرت اللقاء بان دحلان تطرق الى مواضيع محرمة جدا لدى الرئيس الفلسطيني الذي وصفه دحلان بأنه ديكتاتورا ومركزيا ولم يعد يصلح لقيادة الشعب الفلسطيني، معتبرا ان عرفات طعنه في الظهر حينما وصفه بأنه المندوب السامي الذي يحرك الأسطول السادس، مؤكدا انه من المعيب والمخجل ان يصف عرفات ابومازن بانه كرزاي فلسطين، وقال المسؤول الفلسطيني السابق طبقا لحضور سياسي اردني مكثف ولافت خرج مذهولا وقلقا من شدة التوتر والشد العكسي داخل اجهزة السلطة، ان عرفات آذاه كثيرا لدرجة انه يترحم على زمن التعذيب والتحقيق من قبل الضباط الاسرائيليين.

وقال محمد دحلان، ان ياسر عرفات لم يعد صالحا لممارسة اي دور تفاوضي مع حكومة اسرائيل مستذكرا بمرارة كيف ان الرئيس الفلسطيني كان يناكف قادة اسرائيل خلال مفاوضات كامب ديفيد ولم يكن مفاوضا حقيقيا، معتبرا ان رفضه لمبادرة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون ضربة قاصمة للشعب الفلسطيني، وانه لايحق لعرفات ان يقبلها من جديد.

واكد المسؤول الفلسطيني انه اجتمع الى عرفات واحمد قريع رئيس الوزراء الفلسطيني وروحي فتوح رئيس المجلس التشريعي، وان عرفات وافق خلال ذلك الاجتماع على القيام بخطوات اصلاحية الا ان شيئا منها لم يتحقق ماادى لنشوء تيار اصلاحي يقود مطالب عادلة هي نفسها التي وافق عليها عرفات، الا ان دحلان شن هجوما على المقربين من عرفات معتبرا اياهم بانهم الخطر الحقيقي الذي يتهدد المستقبل الفلسطيني.
ودعا دحلان الى رحيل عرفات معتبرا انه يجثم بشكل محير ودون مبالاة فوق جماجم وجثث الشهداء الفلسطينيين اللذين صنعوا مجد وشعبية ابوعمار.

وانتقل دحلان للحديث بعد ذلك كيف كانت علاقة عرفات حميمة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وانه زار البيت الأبيض عشر مرات خلال عام واحد ، ويقول دحلان أن معادلة دولية هي التي صنعت عرفات وجعلت المجتمع الدولي يدفع خمسة مليارات دولار لتمويل السلطة الفلسطينية لكن الغطاء الدولي رفع عنه لاحقا اثر الخلاف معه.

وفي السياق ذاته ينفي دحلان، أن تكون العلاقات مع الدول تهمة بحد ذاتها، وانه اقترب من الأميركيين لان ذلك اعتبر في صميم واجباته الأمنية. وقال دحلان أن مروان البرغوثي أمين سر حركة فتح المعتقل لدى السلطات الاسرائيلية قد دفع برسالة اليه قبل أسبوعين ينتقد فيها عرفات بشدة ويطالب باطلاق الرصاص على من أطلق الرصاص الى ساق الوزير السابق نبيل عمرو.

وقال الحضور لـ"إيلاف" أن دحلان ألقى قنبلة من النوع المتفجر سياسيا وإعلاميا وحتى أمنيا بتأكيده على ان تياره الإصلاحي يمهل الرئيس عرفات حتى العاشر من الشهر الجاري لتطبيق الخطوات الإصلاحية، وإلا فان ثورة عارمة ستجتاح مدن قطاع غزة والضفة الغربية، وقال دحلان أن يترتب على عرفات تحمل النتائج حينذاك.، وحول علاقة أبومازن بتيار دحلان الآخذ في التنامي في الداخل الفلسطيني اكد دحلان، ان الاحترام وحده يجمعه بأبو مازن وان لا علاقة للأخير بتاتا بعمله إما لأنه لا يريد أو انه متردد.