درس الشريعة وكفر الجميع وتحدى السقوط
"إيلاف" ترصد سيرة منظر خلايا القاعدة في السعودية بعد اعتقاله

حمود العتيبي من الرياض وسلطان القحطاني من أبها: "أتحدى سفر الحوالي أو رسله أن يصلوا إلي .. وليطمئن المحبون .. فأنا حريص في كل تحركاتي واتصالاتي وأتخذ لذلك الإحتياطات اللازمة" هذه كانت كلمات فارس أحمد جمعان آل شويل الزهراني (30 عاماً) جاءت في سياق رسالة طويلة نشرها قبل أربعة أسابيع عبر موقع الكتروني أصولي تضمنت رفضاً قاطعاً لمبادرة القيادة السعودية التي عرضتها للمطلوبين أمنياً لتسليم أنفسهم على أن يسقط عنهم الحق العام. ورغم إصرار الزهراني المطلوب رقم 12 على قائمة الـ26 للسلطات الأمنية السعودية في التمسك بقناعاته المتشددة تجاه الدولة والمجتمع السعودي وتكفيره للحكومة السعودية إلا أنه سقط خلال دقائق مساء هذا اليوم الخميس بعد أن نجحت قوات من الأمن في الإيقاع به بينما كان يختبيء في أحد الأوكار على مقربة من حديقة "أبو خيال" في مدينة أبها عاصمة منطقة عسير الجنوبية التي تضج بالحركة والحيوية حيث أنها مرتع السواح والمصطافين من داخل المملكة ودول الخليج العربية.
وبحسب معلومات "إيلاف" الميدانية فأن الزهراني سقط في قبضة رجال الأمن دون إطلاق رصاصة واحدة وعثر في حوزته على بطاقتي هوية مزورتين ومسدس شخصي وسيارة تويوتا مجهولة الملكية.
وأصدرت وزارة الداخلية السعودية بياناً قالت فيه "أن قوات الأمن وهي تقوم بواجباتها في متابعة المفسدين في الأرض أرباب الفكر المنحرف من المنتمين للفئة الضالة قد تمكنت بفضل الله وتوفيقه مساء يوم الخميس الموافق 19 / 6 / 1425هـ من إلقاء القبض على رأس من رؤوس الفتنة وداعية للتكفير والتفجير ومن زين له سوء عمله التطاول على علماء الأمة وبث الدعاوى المزيفة والمحرضة على قتل رجال الأمن وهو المدعو فارس بن أحمد بن شويل الزهراني".
وأفاد البيان الرسمي أن الزهراني قبض عليه "وبمعيته أحد الأشخاص" ولم يشأ المصدر المسؤول أن يكشف عن هوية المقبوض عليه مرجعاً ذلك إلى "ماتقتضيه المصلحة"، لكن البيان الرسمي أوضح أنه "كان لسرعة وكفاءة رجال الأمن بعد توفيق الله الأثر المباشر في منعهما من استخدام الأسلحة التي كانت بحوزتهما والقبض عليهما أحياء دون أن يصاب أحد بأذى".
والزهراني يعتبر المنظر الأبرز للخلايا الإرهابية في السعودية مدعوماً بتخصصه الأكاديمي حيث أنه حاصل على شهادة الماجستير في الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وفي سيرته الذاتية فأن الزهراني المتحدر من قرية (الجوفاء) في الجنوب السعودي والتي ترتع بين الضباب والغيم والمطر قد درس المرحلة الابتدائية والمتوسطة في ذات القرية وأنتقل إلى قرية (النعوص) ليكمل المرحلة الثانوية في العام 1996 بتفوق حائزاً على نسبة 97%. وفور إنهائه المرحلة الثانوية ألتحق الزهراني بكلية علوم القرآن في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لكنه مالبث أن ترك الجامعة بعد أن أنهى فصلاً دراسياً واحداً لينتقل إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في منطقة القصيم في الوسط السعودي ودرس هناك لمدة عام ونصف عاد بعد ذلك إلى مدينة أبها في الجنوب السعودي لدراسة الشريعة في فرع جامعة الإمام محمد بن سعود.
وأثناء ذلك وتحديداً في العام 1999 وقبل عام من تخرجه تزوج الزهراني من إحدى قريباته وأنجب منها طفلته الأولى (خديجة) التي تبلغ من العمر حالياً خمس سنوات ثم أنجب بعد ذلك (سلمان) ذو الثلاثة أعوام. وتشير المعلومات المتوافرة أن الزهراني حصل بعد ذلك على درجة الماجستير في الشريعة من فرع جامعة الإمام بالقصيم.
والزهراني المعروف بتشددة ونشاطه الظاهر في الرسائل الالكترونية التي يبثها من خلال المواقع الأصولية، لم يعرف عنه أنه ذهب من قبل إلى أي من المناطق الإسلامية الساخنة كأفغانستان والشيشان والبوسنة بخلاف العديد من السعوديين الناشطين في الجماعات المسلحة. وكانت أهم رسائله على الإطلاق هي التي نشرها قبل أربعة أسابيع حين أكد أنه لن يسلم نفسه مكذباً الأنباء التي راجت حينها نقلاً عن الداعية الدكتور سفر الحوالي حيث قال الزهراني "أنه لا صحة لما يقوله عني (الحوالي) من تسليمي لنفسي واتصاله معي .. فليس بيني وبينه أي معرفة .. ولم أقابله في حياتي إلا مرة واحدة حين زار إحدى قبائل زهران قبل سجنه .. أي قبل إحدى عشر سنة تقريبا .. إلا أنه استطاع أن يخرج بعض الأسرى من سجن الرويس من أجل البحث عني والوصول إلي بأي وسيلة ممكنة .. وكان بيني وبين بعض هؤلاء الأسرى بريد سابق .. فأرسل لي مقتطفات من كلام سفر الحوالي ... على أنه سمع ذلك منه لا غير ... ولم يكن هناك طلب صريح بالتفاوض أو التسليم .. وكان ردي على ذلك صريح وواضح منذ البداية .. وقد أعلنت ذلك عبر مجلة صوت الجهاد في حينه (الصوت الإعلامي لتنظيم القاعدة في السعودية) .. ورددت عليه رد الناصح الأمين .. وحذرته من المجادلة عن الطواغيت والركون إليهم ..".
ويتضح من عبارات الزهراني ورسائله فضاضته مع المخالفين والتشدد في القناعات وكان يعلب الدور المؤثر في الفكر التنظيري للخلايا الإرهابية والمحرض الأكبر في عمليات العنف التي نشطت في البلاد منذ الثاني عشر من مايو 2003.
وأعترف الزهراني أنه تلقى رسالة من الدكتور سفر الحوالي الذي سبق أن طالب السلطات السعودية بالعفو عن المطلوبين والمطاردين والمعتقلين وأملى شروطاً على الحكومة السعودية قبل نحو تسعة أشهر عبر برنامج تلفزيوني بثته قناة (الجزيرة) القطرية فسرت حينها أن محاولة من قبله لاستثمار الأعمال الإرهابية لتحقيق مكاسب سياسية إلا أن الحكومة السعودية أصدرت بيانا رفضت فيه مايثار من مطالب.
وذكر فارس الزهراني في رسالته قبل أربعة أسابيع أن الحوالي أرسل إليه رسالة خيره فيها بين ثلاث خيارات"الأول : مقابلته ثم بعد ذلك أقابل مسؤولي الداخلية. الثاني: تسفيري إلى العراق .. وهم يقومون بالتنسيق لذلك. الثالث : مقابلة سفر الحوالي فقط".
وأكد الزهراني أنه لم يرد "على تلك الرسالة .. وقد أعرضت عن ذلك البريد الإلكتروني.. ولم أفتحه من فترة طويلة .. ولن أفتحه".
ويمثل نجاح قوات الأمن السعودية في القبض على الزهراني وسقوطه مساء الخميس 5 آب (أغسطس) درجة موازية لسقوط عبدالعزيز المقرن مقتولاً مساء يوم الجمعة الثامن عشر من حزيران (يونيو) الماضي وهو القائد الميداني لخلايا (القاعدة) في السعودية و (جنرالها) كما يصفونه في بياناتهم.
وبالتطورات التي حدثت في العاصمة الجنوبية لمنطقة عسير السعودية مساء الخميس تتقلص عناصر قائمة الـ26 المطلوبين للسلطات الأمنية السعودية إلى 11 شخصاً ويظل أبرزهم على الإطلاق صالح العوفي القائد الميداني للخلايا الإرهابية الذي يعتقد أنه يتنقل بين بعض الأوكار في العاصمة الرياض إثر نجاحه في الهروب من قبضة رجال الأمن أثناء المواجهة المسلحة التي نشبت في حي الملك فهد في العشرين من تموز (يوليو) الماضي والتي أسفر عنها مقتل عيسى العوشن ومعجب الدوسري والقبض على زوجة العوفي وثلاثة من أطفاله وثلاثة مطلوبين آخرين بعد إصابتهم.