عبد الله الدامون من الرباط: لم يحظ موضوع "الأفغان المغاربة" الذين حاربوا إلى جانب الفصائل الأفغانية ضد الاحتلال السوفياتي، أو إلى جانب طالبان ضد الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك بكبير اهتمام في الماضي، غير أن تسليم خمسة من السجناء المغاربة في معتقل غوانتانامو إلى السلطات المغربية وبداية التحقيق معهم هذه الأيام ألقى بالضوء من جديد على هذا الموضوع.

ولم يتعود المغاربة على سماع عبارة "الأفغان المغاربة" عكس ما حدث في الجارة الجزائر مثلا التي شاع فيها مصطلح "الأفغان الجزائريون" منذ أوائل التسعينات، وسطع نجمهم بعد تحولهم إلى العمل المسلح عقب إيقاف المسار الانتخابي من طرف الجيش حين كان حزب "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" يسير للفوز بالأغلبية الساحقة.

وعلى الرغم من ذهاب الآلاف من مواطني البلدان العربية إلى أفغانستان منذ اوائل الثمانينات من القرن الماضي لمحاربة القوات السوفياتية الغازية فإن دور المغاربة ظل بسيطا ولم يتم الحديث سوى عن أفراد أو عشرات من الأشخاص، أغلبهم من قاطني الدول الأوروبية، توجهوا إلى هناك للقتال إلى جانب الفصائل الأفغانية المناوئة للتدخل السوفياتي.
وعكس ما جرى في العديد من الدول العربية التي انطلق منها الآلاف من المتطوعين للقتال في أفغانستان مثل السعودية واليمن ومصر وبلدان أخرى بما فيها الجارة الجزائر، إلا أن المغاربة اعتبروا أنفسهم في حل من هذا القتال قبل أن يسطع نجمهم في السنوات الأخيرة عقب مقتل أحمد شاه مسعود أحد أبرز فصائل المقاومة الأفغانية ضد السوفيات والذي اتهم باغتياله مغربيان ينتميان إلى شمال المغرب ويقيمان في أوروبا.

وشكلت تفجيرات الدار البيضاء الدامية في 16 أيار (مايو) من السنة الماضية نقطة تحول كبيرة في موضوع الأفغان المغاربة الذين اتهم عدد منهم بالتدبير أو التخطيط للتفجيرات التي أودت بحياة أزيد من ثلاثين شخصا.

ومنذ غزو الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان وإطاحتها بحكم طالبان لم يتم الحديث عن معتقلين أو قتلى مغاربة بين أنصار طالبان، وحتى عندما نقلت الولايات المتحدة الأمريكية المئات من المعتقلين إلى سجن غوانتانامو في قاعدتها العسكرية شمال كوبا لم يتم الحديث احتمال وجود مغاربة بينهم، في الوقت الذي تم الحديث عن مغاربة يحملون جنسيات دول اخرى أوروبية، بينما ظلت السلطات المغربية تحاول النأي بنفسها عن هذا الموضوع على اعتبار أن وجود مغاربة في غوانتانامو نقمة ذات وجهين، فهم يعتبرون بالضرورة رعايا مغاربة وعلى الحكومة المغربية التدخل لدى ولايات المتحدة الأميركية للمطالبة بتحسين ظروف سجنهم، وهم في الوقت نفسه ساخطون على هذه السلطات ويعتبرونها من ضمن "حلف الشر" الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية.

غير أن المغرب وجد نفسه في الأسابيع الأخيرة أمام أمر واقع حين تسلم خمسة من معتقلي غوانتانامو من بين اثني عشر ينتظر تسليم الباقين في وقت لاحق.

المعتقلون الخمسة المنتمون إلى الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة الذين عجزت السلطات الأمريكية عن انتزاع اعترافات مهمة منهم، ربما لن يكونوا سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد في قضية الأفغان المغاربة، في وقت مازال تصريح القاضي الإسباني المكلف بقضايا الإرهاب "بالتاثار غارثون" يثر الكثير من ردود الفعل في المغرب حين قال قبل أسابيع إن هناك حوالي ألف انتحاري في المغرب ينتظرون الأوامر فقط.