رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس الموقف الإسرائيلي بتحميله المسؤولية عن عملية كارني الأخيرة ، نافياً في الوقت ذاته أن يكون هناك حديث عن لقاء مرتقب بينه و بين رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ، و قال عباس أن اللقاء مع شارون سيتم بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية المقرر لها في غضون أسبوعين ، مجدداً رفضه لسياسة إسرائيل بوقف الاتصالات مع السلطة الفلسطينية .
و أكد الرئيس الفلسطيني في حديث خاص أجرته معه وكالة الأنباء الفلسطينية ، و وسائل الاعلام المحلية أن الأمن يأتي في مقدمة أولوياته و هو المفتاح لحل مختلف القضايا السياسية ، و الاقتصادية ، و غيرها .
و أجاب عباس في حديثه الذي ستنشره الصحف المحلية ، اليوم ، على التساؤلات المثارة على مختلف الأصعدة، بعد انتخابه رئيساً للسلطة الوطنية، خاصةً في المجال الأمني وسيادة القانون، والحوار الوطني، وطبيعة العلاقة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية أر ئيل شارون، والدور الأمريكي، وتشكيل الحكومة الجديدة والعلاقة مع رئيس الوزراء السيد أحمد قريع ، ونظام الانتخابات التشريعية، وسقف توقعاته بعد تسلمه لمهامه الرئاسية، ودور منظمة التحرير الفلسطينية، وقضايا أخرى.

لست مسؤولا عن عملية كارني

و رفض عباس الموقف الاسرائيلي بتحميله مسؤولية العملية الأخيرة، ووقفها للاتصالات. وقال: " إنه موقف لا نقره ولا نقبله، وعليهم إعطاء الفرصة كي نستطيع القيام بعملنا، مشيراً إلى أن المسؤولية مشتركة، ترتب علينا التزامات كما ترتب عليهم إلتزامات . ونفى الرئيس عباس أن يكون هناك حديث في اللحظة الراهنة عن لقاء يجمعه مع رئيس الوزراء الاسرائيلي أريئيل شارون.
وأوضح أن اللقاء مع شارون سيتم بعد الانتهاء من تشكيل الحكومة في غضون أسبوعين، أو ربما أقل أو أكثر قليلاً، وليس لدينا مانع من أن تجري اتصالات على مستويات أخرى، وهي اتصالات لم تتوقف في الماضي.
ورفض عباس منطق وقف الاتصالات، موضحاً أنها هي التي تمهد لاجتماعات ناجحة، وتعطي كل طرف فكرةً عن مطالب الطرف الآخر.
وحول اللقاء مع شارون بوجود أمريكي، قائلا : " إن اللقاء معه أمر ممكن بدون وجود أمريكي، والحوار معه ممكن دون وسيط، وإذا حضر الأمريكان، فإننا نرحب بحضورهم " .

الوضع الأمني و الحوار الوطني

و قال الرئيس عباس، الذي وصل إلى غزة، أمس : " إن الأمن يأتي في مقدمة أولوياتي، وهو المفتاح لحل مختلف القضايا السياسية والاقتصادية، فالشعب بحاجة إلى الأمن على حياته، وعلى معيشته، وبحاجة للتخلص من البطالة والفقر، والخروج إلى حالة من الأمن والتهدئة " . و تابع " ولذلك يظل الأمن هو أول أولوياتنا ، لأن الأمن هو المفتاح السحري لكل القضايا الأخرى، ولكن هذا لا يعني أن نقصر أعمالنا على الأمن، وانما سنعمل بالتوازي على كل القضايا التي تهمنا، وهو ما أبلغت به الأخوة الوزراء في المجلس، وطلبت من كل منهم ان يهتم بشؤون وزارته ويحل مشاكلها أولاً بأول، لندخل في مرحلة العمل.
وأضاف عباس أنه أجرى جولتين من الحوار مع حركة "حماس" في غزة، أخرى مع مختلف الفصائل في دمشق أثناء جولته العربية، مشيراً إلى أن هناك لجنة تجري حواراً مع حركة "حماس" من أجل الوصول إلى تهدئة . وقد أثمرت تجربتنا السابقة مع "حماس" والفصائل الأخرى هدنةً لاثنين وخمسين يوماً. وهذا يعني، من حيث المبدأ، أنه لا يوجد ما يمنع من الوصول إلى هدنة، قد تطول وقد تقصر .
و قال : " نتمنى أن نصل إلى اتفاق، لأن الجميع أصحاب مصلحة وطنية في أن يعيش الشعب الفلسطيني بهدوء، فالبوابات الثلاث في قطاع غزة، في رفح وإيرز و كارني مقفلة ، ويعيش الشعب كله في سجن سياسي واقتصادي، فلا تصل المواد إلى المواطنين، ولا تخرج من عندهم، ولا بد من الشعور بالمسؤولية والوصول إلى اتفاق في اقرب فرصة ممكنة.
وحول الوضع الأمني، قال الرئيس عباس: " لقد أصدرنا اليوم التعليمات للأجهزة الأمنية، لتعد نفسها لكي تقوم بواجباتها جميعاً، ومن هذه الواجبات انتشار الشرطة وتفعيل دور الأمن الوطني والاستعداد لموجهة أي طارئ، كانسحابات متوقعة قد تأتي فجأة، لأنها قضايا تم الاتفاق بشأنها مع الإسرائيليين في الحكومة التي ترأستها في السابق .
وأوضح الرئيس عباس أن هذه هي القضايا التي تم بحثها مع الأجهزة الأمنية، مستبعداً أي رغبة في الصدام مع أحد، أو في قتال مع أحد، أو حرب أهلية، مشدداً على ما أعلنه في السابق أكثر من مرة، وهو أن الحرب الأهلية خط أحمر.
ورفض افتراض أن لا تلتزم حركة "حماس" والفصائل الأخرى باتفاق، يتم التوصل إليه مع السلطة الوطنية، مؤكداً على ما تطالب به "حماس" والفصائل الأخرى من انسحاب إسرائيلي، ووقف للعمليات العسكرية الاجتياحات والاغتيالات وجدار الضم والتوسع والفصل العنصري، والمستوطنات، والإفراج عن الأسرى.
وأبدى سيادته تخوفه من سقف التوقعات العالية لدى شعبنا، قائلاً: ليس لدينا عصا سحرية حتى نحل هذه المشاكل، وأخشى من إحباط سريع لدى المواطنين خلال أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة، وقد حاولت أن أقول للناس أكثر من مرة: إنه ليس لدي عصا سحرية، ولن أعدكم بشيء لا أستطيع القيام به، ما قدمته هو ما قلته قبل أربع سنوات، فأنا لم آت بشيء جديد لأقول للناس: هذا ممكن وهذا غير ممكن.
وتمنى سيادته أن لا تكون التوقعات عالية حتى لا تصاب بإحباط، لأن القضية لا تعود إلينا وحدنا حتى نقرر بشأنها، وإنما هناك إسرائيل وأطراف دولية أخرى، نحن بحاجة الى بحث كل القضايا معها والتوصل إلى اتفاقات، وليس بالعصا السحرية .

تشكيلة الحكومة المقبلة

و أوضح عباس أنه لا يستطيع تحديد شكل الحكومة الجديدة الآن، وآمل أن يتوصل مع رئيس الحكومة إلى تشكيلة يقبلها المجلس التشريعي.
وتناول الرئيس العلاقة الخاصة التي تربطه برئيس الوزراء، السيد أحمد قريع ، وقال: " إن ثمة علاقة صداقة طويلة مع "أبوعلاء"، امتدت لأكثر من عشرين سنة قبل توقيع اتفاق أوسلو، ولن يكون هناك خلاف بيننا، لأن هناك قانوناً أساسياً هو الحكم في أي خلاف قد يحدث لاسمح الله، وأضاف: لن أفرض وجهة نظري، و كذلك أبو علاء " .
وقال الرئيس: " عندما نقول سيادة القانون، لا نعني بذلك سيادة القانون على الشعب فقط، وإنما على علاقة المسئولين ، وعلاقة السلطات بعضها بالآخر.
وحول صلاحيات رئيس الوزراء، قال الرئيس: " أنا لا أمنح ولا أمنع صلاحيات. ما كنت أطالب به من صلاحيات، أثناء تقلدي لمنصب رئيس الوزراء، هو ما أعطاني إياه القانون الأساسي، وما كنت أطالب به لنفسي لا يمكن أن أمنعه عن رئيس الوزراء . موضحاً أن جوانب الخلاف، التي بدت حول الموقف من قضية مؤتمر لندن، إذ قال: لم يكن هناك اتفاق على موقف من المؤتمر. فقد قلت رأيي في المؤتمر، وقال الأخ أبوعلاء رأيه فيه، وبالتالي لم يكن هناك اختلاف بيننا، لأننا لم نكن قد اتفقنا على رأي موحد، فاجتهد كل منا، ثم تفاهمنا بعد ذلك.

العلاقة مع الدول العربية

وأشاد الرئيس عباس بمتانة العلاقة مع جميع الدول العربية ورؤسائها، وخاصةً تلك التي أبدت استعدادها لدعم شعبنا سياسياً واقتصادياً ومادياً. وقال سيادته: إن علاقتي بهم جميعاً ممتازة، ويستقبلوننا بترحاب، ولبوا جميع مطالبنا.

العلاقة مع الإدارة الأمريكية

وفيما يتعلق بالعلاقة مع الإدارة الأمريكية والرئيس الامريكي جورج بوش، قال الرئيس عباس: " لقد شعرت بأن هناك رغبة أمريكية في علاقة جديدة معنا، تبنى على أسس جديدة، لدعم السلطة الوطنية في النواحي السياسية والاقتصادية، وإننا نرحب بهذا، ونتمنى أن يحصل هذا. ويهمنا أن تبقى الولايات المتحدة داعماً أساسياً، سواء من خلال دورها في اللجنة الرباعية، مثل أمريكا ذات الوزن الدولي، وأن تبقى في هذا الدور، ونحن حريصون على هذا الدور.
وقال سيادته: " إنه يرغب في إعادة طرح قضية جدار الفصل العنصري مع الرئيس بوش، حيث أبدى تفهمه لوجهة نظرنا عندما طرحتها عليه أثناء تسلمي لرئاسة مجلس الوزراء، وكذلك بطرح قضية الاستيطان الاسرائيلي.
وتابع السيد الرئيس: " إننا أعلنا رفضنا لرسالة الضمانات الأمريكية لإسرائيل، أو ما سمي "اتفاق بوش-شارون"، لأنه يجحف بمفاوضات المرحلة النهائية، وهو ما لا نقبل به أو نسمح به، عندما يلغى حق عودة اللاجئين، وتضمّ الكتل الاستيطانية لاسرائيل، موضحاً أن هذا الاتفاق يعطي نتائج قبل المفاوضات، مؤكداً أن هذه القضايا يجب أن توضع على طاولة المفاوضات، ومن خلالها يتم التوصل الى اتفاق، وليس من خلال صفقات جانبية.
وتمنى سيادته أن يكون الرئيس بوش في ولايته الثانية أكثر مرونةً وأكثر تحرراً، خاصةً وأنه لن يخوض انتخابات أخرى للتنافس.
ودعا السيد الرئيس إسرائيل للتعامل على أساس خطة خارطة الطريق، مبدياً كامل الاستعداد والتفهم لتطبيق التزامات الجانب الفلسطيني الواردة في الخطة، مؤكداً أن أي ضغوط لن تغير موقفه، الذي وعد به الشعب وأعلنه في خطاب القسم، ورضي به العالم .

عملية الإصلاح الداخلي

و أشار الرئيس الفلسطيني إلى أن الاصلاح سيشمل- كما هو في الماضي- الأجهزة الأمنية ، والإدارة ، والاقتصاد ، والقضاء، موضحاً أنه عندما نتحدث عن الادارة نعني الإعلام ، والسلك الدبلوماسي، حيث وضعت وزارة الخارجية منذ أكثر من شهر خطة لإعادة ترتيب أوضاع سفاراتنا في الخارج.

إستقالة الرجوب

وحول استقالة العميد جبريل الرجوب كمستشار للرئيس للأمن القومي، قال عباس : " إن هذه الاستقالة لا تؤثر على وضع الأخ جبريل الرجوب في مجلس الأمن القومي، فهو قد استقال من كونه مستشاراً للرئيس، على أساس أن هناك رئيساً جديداً، وأن التقليد يقتضي منه - كما يعتقد - الاستقالة، وهذا لا يؤثر على وجوده في عضوية المجلس القومي ، مؤكداً بأنه سوف تتم إعادة ترتيب البيت، بالنسبة لمستشاري الرئاسة .

دور منظمة التحرير

و أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن تشكيل لجنة برئاسة سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني، لوضع خطة لتفعيل دور ( م.ت.ف ) ، المسؤولة عن شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، وتفعيل مؤسسات المنظمة والمجلس المركزي و دورها ، وأكد الرئيس اهتمام المنظمة المستمر بشؤون الفلسطينيين في الخارج، وأن هذه القضية كانت في عقل وذهن الأخ ابوعمار، وأننا سوف نتابع هذا النهج ، والدليل على ذلك أننا، عندما ذهبنا الى لبنان، طالبنا بإعادة فتح سفارتنا وتحسين أوضاع أهلنا هناك، وقمنا بزيارة المخيمات وتحدثنا اليهم، و سوف يتكرر هذا الأمر .

مشاركة حماس

وحول مشاركة "حماس" في مؤسسات م.ت.ف، قال عباس :" لقد طرحنا أكثر من مرة إمكانية مشاركة "حماس" في المؤسسات الوطنية، وان تدخل في هذا الإطار، وانه لابد من إيجاد صيغة ما لذلك، شريطة ان نحافظ على قانونية اللجنة التنفيذية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، موضحاً أنه لا يمكن أن نهدم ما لدينا، بل يجب أن نبني عليه .

انتخاب المجلس الوطني

وحول فكرة انتخاب أعضاء المجلس الوطني، قال الرئيس عباس: " إن هناك ظروفاً موضوعية تحول دون انتخاب أعضاء المجلس الوطني. فهو يختلف عن المجلس التشريعي، الذي يمثل شعبنا في الداخل، ويمكن اجراء انتخابات لاختيار أعضائه ، وأضاف : ليست عملية انتخاب المجلس الوطني عملية سهلة، ولكن إعادة تشكيله مطلب مشروع، وبإمكان اللجنة التنفيذية ، وأعضاء المجلس الوطني أن يحددوا أعضاء المجلس، وبالتالي إعادة تشكيله على الأسس السليمة السابقة من خلال الفعاليات، أو الشخصيات، أو ممثلي المؤسسات والنقابات، وغير ذلك.
وتابع الرئيس عباس: " إننا لا نستطيع أن نعد الناس بإجراء انتخابات للمجلس الوطني في الخارج. أما في الداخل، فإن أعضاء المجلس التشريعي المنتخب هم أعضاء في المجلس التشريعي .
وقال : " إن من صلاحيات المجلس الوطني، في حال انعقاده، إعادة تشكيل اللجنة التنفيذية للمنظمة .

نضال سلمي

وحول حشد القوى الفلسطينية لنضال سلمي، قال الرئيس عباس: " إن سياستي التي تقدمت بها للمواطنين، من أجل أن ينتخبوني أو لا ينتخبوني، كانت واضحة، ولقد خولني الشعب، من خلال انتخابي للرئاسة، بالتحرك في العملية السلمية. وسأتقدم بموجب ذلك للتنظيمات ببرنامجي، "وقد يتلكئوا أو يوافقوا أو يرفضوا، إنما
سياستي أريد تطبيقها ، و سأعقد الحوار " .

حركة فتح

و شدد عباس على أن تدافع الأجيال يحتم أن يتسلم جيل الشباب المسؤولية، وهذا حق له، ولذلك قررت حركة "فتح" عقد مؤتمرها السادس في الرابع من آب ( أغسطس ) المقبل القادم، من أجل تجديد القيادة.
وأضاف سيادته: قد قلت أكثر من مرة "يجب أن نفسح المجال لجيل الشباب في السلطة .
ووجه الرئيس عباس، في نهاية حديثه، التحية لشعبنا الصامد الصابر، بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وتمنى أن تكون الأشهر القادمة خيراً من سابقاتها.