سمية درويش من رفح: وسط رائحة الدمار والتجريف والموت وانتشار بيوت العزاء في محافظة رفح جنوب قطاع غزة لا تبدو أي مظاهر أو استعدادات فعلية لاستقبال عيد الأضحى المبارك الذي يصادف يوم غد الخميس.

وحلت مظاهر الحزن والمعاناة التي تخيم على الأهالي وسط ركود تجاري وخلو الشوارع والطرقات، فلا يكاد يخلو منزل، أو أسرة من بيت عزاء لشهيد، أو آلام جريح، أو حنين لأسير يقبع خلف قضبان سجون الاحتلال في تلك المدينة التي قدمت عشرات الآلاف من المصابين والجرحى وأصبحت الخيام عنوانا لعائلات فقدت منازلها .

وخلال تجوالنا عبر الشريط الحدودي لاسيما في مخيم يبنا للاجئين وحي الشعوت وسوق الشعرة ،بدت الأحياء كمدينة أشباح حيث خلت من المنازل والسكان الذين هجروا بفعل آلة الحرب وحل الركام وحطام المنازل ،وعلى الجانب الآخر أبراج المراقبة التي شيدها الاحتلال لقنص الفلسطينيين.

وبدت استعدادات الفلسطينيين لاستقبال عيد الأضحى المبارك باهتة، خالية من أي فرحة، ولا لون لها، ولا طعما يوحي باستقبال عيد مميز.

ومنذ اندلاع الانتفاضة لم يشعر أهالي المدينة الجنوبية بفرحة العيد، لانتشار البطالة والفقر في صفوف السكان ،على الرغم من مرور سبعة أعياد عليهم .

ويواجه سكان رفح البالغ عددهم نحو 120 ألف نسمة أوضاعا صعبة للغاية بسبب الحصار والإغلاق الإسرائيلي.

عيد بلا منزل

وذكر نهاد عزمي 33 عاما الذي دمرت قوات الاحتلال منزل عائلته في مخيم يبنا مؤخرا أن العيد الحقيقي بالنسبة اليه سيكون يوم انسحاب القوات الإسرائيلية وإزالة المستوطنات من قطاع غزة.

وقال لـ"إيلاف" لا اعرف أين سأقضي إجازة العيد مع أسرتي بعد أن هدم منزلي ،وأصبحت في العراء، متسائلا في الوقت ذاته "كيف يكون شعور الإنسان عندما يأتي العيد وهو بلا منزل ".

محلات شبه خالية

وامتدت آثار الحصار والإغلاق والإجراءات الإسرائيلية على الحركة التجارية وأسواق المواشي ،التي شهدت حركة تجارية وشرائية صعبة جدا على الرغم من توافد المئات من المواطنين وأطفالهم إليها للاطلاع فقط.

وبدت محلات بيع الملابس شبه خالية من الزبائن حيث أشار عطا الله ابو نحله صاحب محل ملابس إلى تدهور القوة الشرائية لدى المواطنين عشية عيد الأضحى ،مؤكدا أن الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها المدينة صعبة جدا ولا توجد أي عملية بيع أو شراء ،إضافة الى ان كافة التجار لم يتمكنوا من جلب بضائعهم بسبب إغلاق الحواجز في القطاع.

المقابر والمستشفيات

فالاحتفالات بعيد الأضحى في الأراضي الفلسطينية يبدو أنها تختلف قليلا عما هي عليه في بقية دول العالم ، فلا تجد الفلسطينيين يقيمون الاحتفالات فرحة بقدوم العيد ،بل تجد المقابر والمستشفيات والحواجز العسكرية أكثر الأماكن ارتيادا في العيد.

وقال المواطن عاطف الشاعر 52 عاما وعلامات الحزن والأسى ترتسم على وجهه جراء ما يمر به من ظروف اقتصادية صعبة بسبب الحصار وفقدانه عمله داخل الخط الأخضر منذ الأيام الأولى لانتفاضة الأقصى، انه لم يشتر أضحية هذا العام على الرغم من طلب أطفاله منه ذلك، منوها بأن هذا هو العيد السابع، الذي يمر عليه من دون أن يضحي.

وبدا طفله محمود 14 عاما حزينا للغاية لعدم تمكن والده من شراء أضحية له وملابس العيد مشيرا الى أن أطفال فلسطين محرومون من كل شيء حتى من الفرحة والابتسامة في العيد.

مجزرة إسرائيلية

ويخشى المواطنون وسائقو السيارات من استمرار إغلاق حاجزي المطاحن وأبو هولي من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال أيام العيد ما سيعرقل حركتهم ،ويحول دون وصولهم لأقاربهم وأرحامهم.

ويأمل الأهالي في أن ينقضي العيد ،من دون مجزرة جديدة تقوم بها قوات الاحتلال كعادتها من كل عام.