واشنطن: قدم الرئيس الاميركي جورج بوش وعودًا هائلة بالوقوف الى جانب الشعوب المقهورة اذا تحدت قادتها الطغاة ، وهو هدف طموح قد يضع واشنطن على خلاف مع بعض حلفائها في الحرب على الارهاب الذين يفتقرون للشعبية.

وأثارت رؤية بوش الشاملة للسياسة الخارجية خلال السنوات الاربع المقبلة كما جاء في خطاب تنصيبه للولاية الثانية الخميس الماضي تساؤلات بشأن علاقات الولايات المتحدة مع قادة (...) في دول مثل مصر والسعودية وباكستان.

وقال ايفو دالدر وهو أحد مساعدي الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون للشؤون الخارجية ويعمل الان في مؤسسة بروكنجز ان الخطاب "قطعة انشاء جيدة لكن على المستوى العملي لا تعني شيئا على الاطلاق لانها لا تقول لنا كيف يمكن أن نتحرك ونحن نحاول تحقيق هذا الهدف." وتابع "هل يعني هذا أننا سنتعامل الان مع الصين بطريقة مختلفة تماما عما كان عليه الحال في الولاية الاولى أو مع السعودية أو باكستان او روسيا." وشدد ريتشارد باوتشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية على أن وعد بوش "لا يعني التخلي عن الاصدقاء." لكنه قال للصحافيين امس الجمعة "يدرك كثير من اصدقائنا أن الوقت حان أمامهم للتغيير على أي حال."

ورغم ضعف الممارسات الديمقراطية أو عدم وجودها في كثير من الدول فان الادارة حتى الان لم تغامر بالتعاون في الحرب على الارهاب للضغط بقوة من أجل اجراء اصلاحات سياسية. الا أن خطاب بوش حدد فيما يبدو هدفا جريئا للقيام بذلك.

وأعلن بوش وهو يسلط الضوء على اثار هجمات تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر ضد الولايات المتحدة على رئاسته "هناك قوة واحدة في التاريخ يمكنها كسر سطوة الكراهية والسخط وكشف ادعاءات الطغاة وتحقيق امال الفضلاء والمتسامحين وهي قوة الحرية الانسانية." وأضاف "الى كل من يعيشون في ظل الطغيان واليأس بوسعهم أن يعلموا.. الولايات المتحدة لن تتجاهل ما تتعرضون له من قهر أو تلتمس العذر لمن يقهرونكم. عندما تهبون من أجل حريتكم سنقف معكم."

وقال ديفيد جيرجين المستشار السابق للعديد من الرؤساء الاميركيين ان الخطاب كان على قدر من الاهمية التاريخية لانه "كشف لنا اليوم أن استراتيجيته للفوز في الحرب على الارهاب أكثر طموحا مما تخيلنا نحن." وتابع "المسألة ليست ببساطة ملاحقة العراق والتخلص من صدام ولا مجرد تعقب تنظيم القاعدة. انها تعني توسيع ونشر الحرية في أنحاء كثيرة من العالم. ولم يحدث أبدا أن رئيسا اميركيا اخر ألزم نفسه تماما على هذا النحو بهذا النوع من السياسية الخارجية النشطة." وأعرب محللون اخرون عن قلقهم من أن الخطاب ربما يثير في الاجواء امالا زائفة. وقال مايكل روبين من معهد اميركان انتربرايز المؤيد لبوش "كان الخطاب في حد ذاته عظيمًا الا أن ضرره قد يكون أكثر من نفعه." ما لم تمض واشنطن فعلا في تطبيق ذلك.

وبعد حرب الخليج عام 1991 حث الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش الاب العراقيين على الثورة ضد صدام حسين . وعندما استجابت الاغلبية الشيعية ضربتها قوات صدام حسين. ولم تتدخل الولايات المتحدة مما قوض ثقة الشيعة فيها. وقال روبين الذي عمل مستشارا للادارة المدنية في العراق بعد الحرب "مكمن الخطر هو اذا كرر بوش خطأ والده (الذي) ألقى الشيعة (العراقيين) في أيدي اعدائنا" في ايران. وتحاول ايران التي تتهمها واشنطن بدعم الارهاب ومواصلة برامج لانتاج اسلحة نووية استغلال العلاقات مع الشيعة العراقيين للتأثير في الانتخابات المزمعة يوم 30كانون الثاني(يناير).

وانتقد روبين الادارة الاميركية أيضا بسبب ادائها فيما يتعلق بالبيانات من أجل نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط مشيرا الى انها لم تعمل بجدية كافية لاقامة علاقات مع معارضين ايرانيين. وقال دالدر ان رؤية بوش تعكس من نواح كثيرة القيم الاميركية الاساسية والقضية ليست ما اذا كانت واشنطن تدعم الحرية بل كيف ستفعل ذلك.
فهل يستخدم بوش القوة العسكرية مثلما فعل في افغانستان والعراق ويطرح نموذجا للتعددية أم انه سيلجأ الى عمل سري أو تقديم مساعدات واضحة أو أدوات اخرى لتحقيق رؤيته. يقول خبراء ان اميركا غارقة في العراق وانها لا تستطيع التفكير قريبا في تحركات عسكرية اخرى. وقال بوش ان تعزيز الحرية "ليس بالاساس مهمة السلاح" لكنه لم يستبعد اللجوء اليه.

وقال الخبير جوشوا مورافتشيك من معهد اميركان انتربرايز ان ثمة مخاطر اخرى تنطوي عليها رؤية بوش منها أن الضغط من أجل اصلاحات سياسية مهمة قد يؤدي الى ظهور حكومات تشبه الحكومات التي حلت مكانها لكن بولاء أقل للولايات المتحدة من الانظمة القائمة الان في السلطة. وقال "لم يحدد أحد كيفية قياس ذلك ... أعتقد ان بوش سيسير على حبل مشدود حيث سيكون هناك لغة خطابية قوية لكن ستكون هناك اجراءات حريصة على الارض وحتى هذا قد يكون مخادعًا.