نصر المجالي من لندن: لاحظت مصادر صحافية تابعت المعركة القضائية التي امتدت لسنتين بين رئيس تحرير صحيفة (الزمان) الصحافي العراقي سعد البزاز من جهة والمحامين الموكلين من الشيخة موزة بنت ناصر المسند زوجة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وذلك حول مقالات كانت كتبتها الصحيفة التي تصدر من لندن منذ العام 1997 ، في شهري حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) العام 2001 ، أن الصحف القطرية كلها التزمت بنص ما أوردته وكالات الأنباء العالمية وخصوصا رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية، لكنها أبرزته على صفحاتها الأولى.

كما لاحظت تلك المصادر أن فضائية (الجزيرة) الممولة من وزير خارجية قطر حمد بن جاسم أذاعت الخبر عبر عدة نشرات إخبارية من خلال مراسلها في لندن الذي كان بث الخبر مباشرة من أمام المحكمة العليا البريطانية (أولد بيلي) في قلب لندن. كما أوردت الجزيرة وثائق قالت إنها تدين صحيفة (الزمان) بتعاملها مع أجهزة استخبارات عربية، مشيرة إلى أنها الاستخبارات السعودية. حيث تقول الوثائق التي قالت الفضائية التي تبث من الدوحة إن محامي الدفاع أظهروها أمام قاضي المحكمة "إن صحيفة الزمان كانت تدار من جانب وتظهر الوثائق أن أشخاصا "ومنهم أفراد يقول الادعاء إنهم مرتبطون بجهاز استخبارات عربي كانوا يشرفون على إدارة الزمان، وجعلوا المساعدات المالية للصحيفة تبدو وكأنها عائدات إعلانات".

وبحسب الوثائق "فإن اتفاقا لتنظيم حملة ضد قطر تم التوصل إليه في تشرين الثاني(نوفمبر) 1998 بين رئيس تحرير الصحيفة سعد البزاز وداعميه الذين التزموا بتعويضه عن أي تكاليف مالية قضائية أو غيرها قد تنتج من حملة التشهير ضد قطر". كما تحدثت الوثائق التي استند إليها محامو الشيخة موزة أن صحيفة الزمان "تورطت في عمليات تحريض ضد صحافيين وكتاب عرب معروفين بسبب انتقادهم للسعودية، ومنها رسالة من المدير العام للزمان لشخص في الرياض يحرضه على تهديد ناشرين بحرمانهم من التوزيع في السعودية إن هم نشروا أجزاء من مذكرات الصحافي محمد حسنين هيكل قد تسيء (للمملكة) كما ورد في الرسالة".

وتقول الوثائق أيضا إن إدارة الزمان "اقترحت تأسيس مركز الدفاع عن الحريات الصحافية والفكرية في العالم العربي من أجل توظيفه لخدمة مصالح السعودية والتجسس على معارضيها".
وكانت فضائية (الجزيرة) قالت إن الحكم جاء قبل وصول القضية المرحلة النهائية أمام القضاء وفي إطار تسوية بين الطرفين، وذلك بعد أن تبين للصحيفة أن الأمر قد يتعدى خسارة القضية إلى كشف حقائق أخرى أكثر إحراجا بعدما طرح محامو الشيخة موزة مجموعة من الوثائق على القضاء أظهرت وقوف أطراف وراء الحملة التي قادتها صحيفة (الزمان).

وعلق مراقبون على تلك الوثائق بالقول "ليست صحيفة الزمان وحدها التي تتلقى دعما ماليا من دول عربية أو حتى أجنبية تحت مسميات عديدة، سواء لجهة الإعلانات أو لجهة الاشتراكات أو حتى التحويلات المالية عن طريق حسابات خفية.

يشار إلى أنه في ظل "الحروب الباردة بين الأنظمة العربية والساخنة كلاميا على مدى ثلاثين عاما خلت ولا تزال مشتعلة بين حين وآخر"، فإن أنظمة شمولية مثل حكم الرئيس صدام حسين وحكم الرئيس الليبي معمر القذافي وغيرها من أنظمة حكم معتدل مثل دول الخليج العربي ومن بينها قطر، كانت تمول صحفا ومجلات تصدر في خارج العالم العربي ودول غربية مثل بريطانيا وفرنسا. كما أن هذه الأنظمة أيضا "اشترت ضمائر العديد من رجال صاحبة الجلالة الصحافة"، وفوق ذلك، فإن بعضها كان يمول نشرات صفراء كانت تسمي نفسها "صحفا مهمتها الانتصار لهذا الطرف أو لذاك حسب "الخرجية" التي تصل إلى رئيس تحريرها، أو ناشرها".

وحاولت (إيلاف) منذ صدور الحكم الاتصال برئيس تحرير (الزمان) سعد البزاز لاستطلاع رأيه في حكم التسوية، لكن لم يتسن ذلك، حيث قالت سكرتيرته "إنه خارج بريطانيا"، فيما هاتفه الجوال لا يستجيب للمكالمات العديدة التي حاولت (إيلاف) التوصل إليه خلالها.

واعتذرت الصحيفة علنا أمس، أمام القضاء البريطاني عن أربع مقالات نشرتها في تلك الفترة حيث اعتبر القضاء "أنها شكلت تشهيرا وقذفا بحق الشيخة موزة، وهو ما دفع الصحيفة إلى الإقرار بأن الادعاءات التي نشرتها كانت عارية عن الصحة".

وكانت المقالات محور القضية التي نشرت في العام 1998 "اشتملت ادعاءات بحق الشيخة موزة بنت ناصر المسند، بدءا من التدخل غير المناسب في الشؤون السياسية والقضائية والأمنية في قطر وحتى عقد اتفاقات سرية مع إسرائيل".

يذكر أن حكم التسوية القضائي نص على أن تنشر الصحيفة اعتذارها على الصفحة الأولى في غضون 14 يوما من تاريخ صدور الحكم، على أن يظل منشورا على مدار شهر في موقعها الإلكتروني، كما ستدفع الصحيفة لزوجة الأمير القطري تعويضا قدره نصف مليون جنيه إسترليني كأتعاب للمحامين وتعويض عن الضرر المعنوي. حيث أعلن محامو الشيخة موزة أنها "ستتبرع بقيمة التعويض لمصلحة مؤسسة العون الطبي للفلسطينيين وصندوق دعم التعليم في العراق".