قال إنهم يحتاجون لمليار دولار لحل مشكلة دارفور
طه لـ"إيلاف": الأميركيون يوجدون الآن في الخرطوم

علي اوحيدة من بروكسل: أنهى النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان طه زيارة الى بروكسل امس الخميس استمرت أربعة أيام وشملت المؤسسات الاتحادية الاوروبية وبلجيكا. ووقع المسؤول السوداني أول اتفاقية أوروبية سودانية منذ عام 1999 وتقضي باستئناف الحوار السياسي والتعاون الاقتصادي بين الطرفين. وافرج الاتحاد الأوروبي بمناسبة الزيارة وبشكل فوري عن مبلغ خمسين مليون يورو كمساعدة طارئة لاعمار مناطق الشمال والجنوب السوداني كما انه قرر الموافقة على بدا تنفيذ برنامج التعاون الثنائي السوداني الأوروبي والبالغ حجمه 520 مليون دولار. ويريد الاتحاد الأوروبي في المرحلة المقبلة مواكبة الجهود المبذولة لحل النزاع في دارفور من جهة وتوسيع دائرة المصالحة الوطنية في مجمل السودان من جهة أخرى. نائب الرئيس السوداني خص ايلاف بحوار استعرض فيها أهم محاور تحرك الحكومة السودانية في الفترة المقبلة.

هل يمكن الحديث اليوم عن تطبيع فعلي أوروبي سوداني ؟
بلا شك زيارة بروكسل هي إيذان لبداية تطبيع العلاقات والدخول في مرحلة التعاون الإيجابي مع الاتحاد الأوروبي وذلك أمر نسعى الى تطويره وفق برامج محددة ومنها ما تعلق بتطبيق بنود اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية في جنوب السودان.
ونرى ان أفاق التعاون السوداني الأوروبي في مرحلة ما بعد السلام هي افاق واسعة ونحن من جانبنا نسعى الى استثمار هذه الفرصة وتوسيع دائرة التعاون خاصة في مجالات التنمية والتعاون الفني وسائر القطاعات التي نحتاجها لاعادة البنية التحتية وتعمير ما دمرته الحرب ليس في جنوب السودان فحسب بل في مجمل المناطق الأخرى.
وبلا شك تشكل الأحداث في دارفور عامل غيوم على هذه العلاقات ولكننا وبالحوار المستمر والمباشر والضروري نرى انه بالإمكان التوصل الى تحديد درجة من التعاون المتقدم بينا و بين أوروبا لاحتواء آية تداعيات قد تعيق هذه الرحلة الجديدة بيننا و بين الاتحاد الأوروبي.
كلفكم الرئيس البشير بمتابعة مشكلة دارفور فما هي الاستراتيجية التي ستتبعونها في إدارة هذا الملف ؟
أولا هناك موقف واضح و إيجابي من الحكومة بالنسبة لعدد من الحقائق الهامة الأولى هو إقرار بأنه توجد قضايا ومشكلات قررت الحكومة الاهتمام بها وتسعى الى إدارتها وهذه الرؤية تقوم على معالجة الاوضاع الاجتماعية وإزالة أسباب التوتر القبلي وتوفير الاحترام الداخلي للجميع والنهوض بمستوى الخدمات المختلفة مثل الصحة والطرق و البنى التنموية لرفع مستوى الدخل وإتاحة الفرص للجميع. وقد سبق وان قدمت للمجتمع الدولي في نوفمبر الماضي في نيروبي ورقة محددة حول الإشكالية التنموية في إقليم دارفور ودعونا الى مساهمة في هذه الرؤية ودعم تلك المشروعات و أوضحنا ان مثل هذه الخطة تستوجب تكريس مليار و 200مليون دولار تنفذ على عدة مراحل وتمتد لفترة الأربع سنوات على الأقل. و لازالت الدعوة قائمة للأطراف الدولية والإقليمية للمساعدة في هذا الجانب والذي بسببه تولدت كافة المشاكل والمصاعب وجرى تسييسها فيما بعد .
أما المحور الثاني وهو الإشكالية الحالية الخاصة بقتال له اجندة سياسية ومن هذا الباب نرى ان الاوضاع على الأرض ما هي إلا ذريعة لتأجيج صراع ليس له ما يبره الآن والحكومة أعلنت جديتها في حل القضية من جذورها وسعينا بالاعتراف بالمجموعات التي تحمل السلاح وقبلنا بالجلوس معها حول مائجة المفاوضات و أعلنا قبولنا بترتيبات وقف إطلاق النار واحتواء التداعيات الإنسانية. ونحن من هنا ندعو الأطراف جميعا بالتزام الجاد بالاتفاقيتين الموقعتين وتخفيف معاناة المواطن على الأرض و معالجة القضية في الإطار الوطني وعلى الصعيد السياسي.
ولكن هناك من يشكك حتى في الاتفاقية الموقعة مع الجنوبيين فكيف يمكن استنساخها في دارفور؟
لا ادري على أي شيء يبنى هذا الشك فالاتفاقية واضحة ومن المعايير التي استخدمت في اقتسام الثروة والسلطة هي معايير أسست على التقييم الكلي لحجم المساهمة الجنوبية في عائدات الدخل القومي ووزن السكان ...
التشكيك هو إنها على المدى المتوسط سوف تتمخض عن انفصال...
أمر الانفصال هو أمرمختلف وتشبه رؤية الكوب هل هو نصف فارغ ام نصف ممتلئ. نحن نرى ان إعطاء الجنوب حقه بعدالة هي الضمانة الوحيدة لبقاء السودان موحدا ونحن نعلن من هذا الباب إننا جادون لمنح الجنوب حقه بموجب احكام هذه الاتفاقية لاننا نرى ان ذلك هو الحل العملي وعندما يرى المواطن الجنوبي انه يتمتع بنفس حقوق إخوانه في الوطن تقل عنده الدوافع للانفصال لان عالم اليوم لا يتعرف بالكيانات القزمية والأجزاء المبعثرة.

هناك من انتقد انعدام الدعم العربي للسودان في مرحلة التفاوض الأخيرة؟

لا اعتقد ذلك والدور العربي كان حاضرا سواء بالنسبة لمعاينة إعادة عمار الجنوب او إدارة ازمة دارفور وهناك سند سياسي فعلي وتفهم واضح تمثل عبر بادرة إنشاء صندوق للأعمار تبنته الجامعة العربية وبدأت الدول العربية عمليا في تقديم مساهمات داخله كما إننا تلقينا التزامات فردية على مستوى الدول .

كيف ستجري المصالحة مع التحالف الوطني الديمقراطي ومع حزب الأمة وغيرها من القوى لاستكمال خطة المصالحة في السودان بشكل جدي ؟

يمكن القول ان حركة الإجماع الوطني تتقدم بفعل توقيع الاتفاق الأخير مع الحركة الشعبية وتشكلت ديناميكية جديدة على ارض الواقع وهذا التحول من المواجهة بين الحكومة والحركة الشعبية الى تعاون سياسي سيخلق قوة دفع جديدة سيترتب عليها إعادة بناء كافة التحالفات... والخطوة الأولى هي ما نشهده من تجاوب مع التجمع الوطني الديمقراطي حسث ساوقع اتفاقية مع قيادته في القاهرة بداية الشهر المقبل . ونحن نتجه الى واقع جديد وقوة دفع جديدة وستنضم إليها القوى السياسية المختلفة و التي تريد ان تتجنب العزلة والانكفاء على الذات . ونحن نرى انه بالإمكان توفير مناخ سليم وصحي لظهور إجماع وطني حقيقي.

السؤال الأخير يتعلق بالعلاقات السودانية الأمريكية وهل تتجهون الى طي صفحة الماضي مع واشنطن أيضا؟
الباب مفتوح أمام إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة الى مجراها كما ان الباب مفتوح الى عودة المؤسسات والشركات الأمريكية للعمل في السودان سواء في مجال النفط او البني التحتية او القطاعات الصناعية الأخرى والسودان لديه مجالات واسعة للعمل والاستثمار. ويمكنني الكشف ان العديد من الشركات الأمريكية والمتعاملين الأمريكيين يزورون الخرطوم هذه الأيام ويجرون استطلاعات في مجالات الاستثمار المختلفة ولا توجد لدينا حساسية او حرج للتعاون مع الاستثمار الأمريكي تحت ضوء الشمس.