افرج عنه من سجن بريطاني برسم الإقامة الجبرية
أبو قتادة كان مفتيا في الجيش الأردني

نصر المجالي من لندن: كشف النقاب في العاصمة الأردنية عن أن عمر محمود عثمان أبو عمر الملقب بـ (أبو قتادة) الذي أفرجت عنه السلطات البريطانية بموجب قانون جديد لمكافحة الإرهاب من بعد اعتقال دام أكثر من عامين كان عمل في ثمانينات القرن الماضي إماما في القوات الأردنية المسلحة برتبة وكيل ضابط وذلك بعد تخرجه من كلية الشريعة في الجامعة الأردنية العام 1984 . ولا يعرف بعد ما إذا كانت السلطات البريطانية ستسلم أبو قتادة إلى الأردن الذي يتهمه بالتورط في أعمال إرهابية أو التخطيط لها على ساحته.

وظلت بريطانيا ترفض تسليمه حاله حال عدد كبير من عناصر الجماعات الإسلامية المتشددة التي تعيش على أراضيها ومنحتها حق اللجوء لكنها اعتقلت عددا من هؤلاء بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر بعد تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 .

وكانت حجة السلطات البريطانية على الدوام في عدم تسليم هؤلاء لبلدان تطالب بهم ومن بينهم أبو حمزة المصري ومحمود أبو ريدة وآخرون من المتشددين الذين ينتمون إلى بلدان شمال إفريقية خشية تعرضهم إلى الإعدام أو التعذيب في تلك البلدان.

وعلى غير العادة، فإن جريدة (الغد) الأردنية الحديثة الصدور نشرت قبل يومين تقريرا عن أبو قتادة والمراحل المهمة في حياته منذ ولادته في عام 1961، بمنطقة رأس العين الشعبية في الشق الشرقي من العاصمة الأردنية، وقال التقرير أن انقلاب نفسيا كبيرا حدث للمتشدد افسلامي في المرحلة الثانوية، فأقبل على جماعة الدعوة والتبليغ المسالمة والتزم معها، ثمّ دخل الجامعة الأردنية وأنهى دراسة البكالوريوس في الشريعة عام 1984، حاول إكمال الدراسات العليا إلاّ أنه لم يستمر فيها، ثمّ دخل الجيش الأردني وعمل بالإفتاء برتبة " وكيل "، مدة أربع سنوات، وتزوج خلال هذه الفترة، وقد أفاده عمله مفتيا في السجن العسكري في التعرف على أفكار التيارات الإسلامية المختلفة.

ونشط أبو قتادة الفلسطيني الأصل في الاتجاه السلفي في نهاية الثمانينات، وبدأ ينوع في قراءته ومصادره الفكرية، ثم عمل - بعد حرب الخليج الثانية – مع مجموعة من أصدقائه على تأسيس حركة سلفية تشكل ناظما للتيار السلفي الأردني بمختلف فئاته، إلاّ أنهم فشلوا بسبب رفض الشيخ ناصر الألباني وتلاميذه لهذه الفكرة، فأسسوا حركة أهل السنة والجماعة والتي كانت تعبر عن الاتجاه اليساري في التيار السلفي الأردني، لكنه لم ينجح في ذلك، فغادر محبطا عام 1991 إلى ماليزيا، ولم ترق له الحياة هناك فانتقل إلى باكستان، وهناك خاض صراعات فكرية مع عدة تيارات داخل الحركات الإسلامية، وبدأ يطوّر الكثير من مواقفه الفكرية واتجاهه السياسي الذي ظهر فيما بعد بشكل واضح من خلال كتاباته المتعددة .

ويشير التقرير الذي أعده قسم الدراسات في صحيفة (الغد) إلى مغادرة المتشدد الذي تقول السلطات البريطانية أنه يتميز بعلاقات مع شبكة (القاعدة) الإرهابية "إن لم يكن سفيرا لها في أوروبا" إلى أن أبو قتادة غادر إلى بريطانيا عام 1994 طالبا اللجوء السياسي، ولم تكن قد صدرت ضده تهم معينة في الأردن، ولكن لغاية الحصول على الإقامة "وهناك لمع نجمه كمنظر سياسي إسلامي كبير للجماعات السلفية المقاتلة، وتحول إلى مفتي ومفكر لهذه الجماعات خاصة الموجودة في شمال إفريقيا كالجماعة الإسلامية في الجزائر وفي ليبيا، وأشرف على عدة مجلات منها مجلة الفجر ومجلة المنهاج، وأصدر كتابا خطيرا ينظر فيه ويؤسس للحركة السلفية الجهادية؛ وهذا الكتاب يظهر قدرات الرجل في المحاجة والجدال والتنظير، وبعد الكتاب – بحق – أقوى ما كتب في التعريف بالحركة السلفية الجهادية وفي تفسير وتبرير أفكارها ورؤاها".

وأضاف "كما عُرف أبو قتادة بلسانه الحاد ونقده اللاذع للحركات الإسلامية والمخالفين في الرأي، وقد ظهرت هذه القسوة في التعامل مع الآخر في دراسته " الجرح والتعديل " والتي تتضمن تقييما للحركات والرموز الإسلامية المعاصرة، وأثارت فتاوى أبو قتادة جدلا واسعا في الجزائر ، وقد أبيحت بسبب الفتاوى - التي كان يصدرها- كثيرا من الدماء، واستمرتها الجماعات السلفية المقاتلة لإعدام واغتيال المخالفين لها بالرأي من تيار الجزأرة ومن جبهة الانقاذ الإسلامية".

وإليه تقول الصحيفة الأردنية إنه في حين دارة حوله الكثير من علامات الاستفهام في انجلترا وطالبت عدة قوى سياسية هناك باعتقاله "فإن بعض أحزاب المعارضة البريطانية ادعت بأن أبا قتادة على علاقة معينة بالشرطة السرية البريطانية، الأمر الذي لم تكشف تفاصيله إلى الآن"، واتهم أبو قتادة – فيما بعد – بدعم بعض التنظيمات الإسلامية المسلّحة في الأردن وتمويلها وإرشادها، كجماعة الإصلاح والتحدي، ورأت الأجهزة الرسمية في مواقفه وتوجيهاته وكتاباته خطرا على الأمن الداخلي ، مما دفعها إلى المطالبة بتسلمه من بريطانيا على خلفية عدة قضايا، إلاّ أنّ تحركاته وضعت تحت المراقبة الأمنية، وبدأت السلطات البريطانية بالتضييق الشديد عليه، بعد أحداث أيلول ، واختفى حينا من الدهر، ثم قامت الحكومة البريطانية باعتقاله قبل سنوات قليلة ، وأفرج عنه مؤخرا وقد وضع قيد الإقامة الجبرية، ولا توجد أية مؤشرات حول توجه الحكومة البريطانية بخصوصه؛ فيما إذا كان سيحاكم في بريطانيا أو يسلم إلى الأردن ، أو يطلق سراحه ..