هل تنجح مبادرة بري في تخفيف الإحتقان؟
سيناريوهات عدة لتغيير الحكومة اللبنانية
ففي حين لا يزال حزب الله يؤكد على ضرورة انشاء حكومة وحدة وطنية، يرفض تيار المستقبل وقوى 14 آذار(مارس) هذا الطرح في حين يبدي العماد ميشال عون رغبته في تغيير الوضع القائم، خصوصًا بعد نزول القوى المؤيدة له في 15 تشرين الاول(اكتوبر) معلنة وفاءها الدائم له.
وتبدو كل قوّة سياسية على الساحة اللبنانية متمسكة بوضعها ولا ترغب بالتخلي عنه. قوى 14 آذار(مارس) تعتبر ان الرغبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية تهدف في الحقيقة الى ازالة التوازن السياسي القائم لصالح قوى 8 آذار(مارس) والجنرال ميشال عون، ما يعني بالنسبة لها قلب الادوار وهو غير مقبول.
ويعترف مصدر مقرب من حزب الله بهذه الرؤية، معللاً الاسباب بان قوى 14 آذار(مارس) لم تستطع ان تلعب دورًا بارزًا في ممارسة السلطة السياسية في البلد، لانها ارادت احادية في الحكم، وحاولت مرات عدة، وفي مختلف الطرق، تطويق حزب الله والجنرال ميشال عون. ويؤكد المصدر ان اعلان مؤتمر باريس 3 في 15 كانون الثاني ( يناير) ليس الا طريقة اخرى لتطويق المعارضة من خلال فرض الحكومة الحالية الى ما بعد العام الجديد، في حين تصر المعارضة على تغييرها خلال الشهرين المقبلين. كذلك الامر بالنسبة للإعلان عن مشروع المحكمة الدولية، وبالنسبة للمصدر نفسه فان هذا الامر يؤدي الى جعل الحكومة اللبنانية الحالية امرًا واقعًا لا يمكن تغييره.
واذا كان حزب الله موافقًا على مشروع المحكمة الدولية، وعلى ضرورة محاكمة المجرمين الحقيقيين، الا ان تحفظاته تكمن في طريقة محاكمة المجرمين في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وفي حال تم اعتبار الحكم في المحكمة الدولية جرمًا ضد الانسانية، سيعطي ذلك المحكمة الكثير من الامتيازات اما اذا تم تسييس الحكم، ستصبح المحكمة الدولية اداة للغرب ضد حزب الله، والامر يتعلق ايضًا بمدى تطوير المحكمة الدولية لتشمل ليس فقط جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بل ايضًا الجرائم الاخرى التي حصلت في لبنان العام الماضي، وباختصار قد يرى حزب الله في انشاء المحكمة الدولية فخًا يستهدف تصفيته في لبنان.
وفي هذا الجو المتنامي من عدم الثقة بين الاكثرية والمعارضة، يرى حزب الله اكثر من اي وقت مضى ضرورة انشاء حكومة وحدة وطنية ويسانده الجنرال عون في ذلك.
لكن كيف بالامكان التوصل الى حكومة وحدة وطنية في ظل التجاذبات القائمة في لبنان؟
هناك احتمالات عدة يتم التطرق اليها في الأوساط السياسية والإعلامية ومنها اولًا اللجوء الى الشارع تحت ذريعة الأوضاع الاقتصادية الصعبة الذي انهكته الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة على لبنان، ويمكن ان يشكل التأخير في دفع التعويضات ذريعة اضافية لتحريك الشارع ضد الحكومة الحالية، وقد تؤدي الازمة الى استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة، وفي حال تعذر استبدالهم، تصبح الحكومة غير شرعية، ويبقى هذا الاحتمال الاسوأ بين كل الاحتمالات، وليست مبادرة الرئيس نبيه بري في احياء الحوار اللبناني الا طريقة فضلى لتجنبه، رغم ان المعارضة تجد فيه الطريق الاسلم للانقلاب على الحكومة.
اما الاحتمال الثاني فيعتمد على تغيير بطىء في الحكومة يعتمد على تسوية بين الاقلية والاكثرية، هذا التغيير تباركه دول عربية تأتي في مقدمتها المملكة العربية السعودية، غير ان هذا الاحتمال يبقى ضعيف الفعالية خصوصًا وان المملكة العربية السعودية لم تبد اهتمامًا كبيرًَا في تغيير الحكومة اللبنانية نظرًا لعلاقاتها غير الودية مع سورية.
اما الاحتمال الثالث فيكمن في توسيع الحكومة الحالية من اجل ادخال قوى التيار الوطني الحر فيها، وهكذا يتم تعزيز القوى المسيحية في الحكومة، وهذا الاحتمال قد يسمح للحكومة الموسعة ان تشارك في باريس 3 دون اي ضغط من الشارع او في الحكومة نفسها، أما الاحتمال الاخير فيكمن في ابقاء الامور على ما هي عليه حاليًا، لكنه يظهر مدى التخبط الذي قد يعيشه لبنان، ومن اجل تخطي هذا الامر قد يتم لقاء بين الامين العام لحزب الله حسن نصرالله والنائب سعد الحريري، لكن هذا اللقاء سيكون شكليًا اكثر منه تقريريًا.
وكل الامور تبقى رهن التطورات الخارجية وما سيؤول اليه تقرير المحقق الدولي في جريمة اغتيال الحريري سيرج براميرتس، كذلك الامر بما سينتج عن مؤتمر باريس 3.
التعليقات