عبارة quot;ضد الإنسانيةquot; تتيح ملاحقة كبار إذا أقرت
المحكمة الدولية قد تتشكل بمعزل عن لبنان

الياس يوسف من بيروت: يقترب مجلس الأمن الدولي من إنجاز مشروع قانون المحكمة الدولية التي ستكلف النظر في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري على أن تتبلّغ الحكومة اللبنانية خلال أيام بمسودة اتفاق على إنشاء المحكمة من أجل درسها والموافقة عليها، والأمر متوقف على انتهاء الاتصالات بين لبنان ومجلس الأمن حول صيغتها النهائية، خصوصا انه بموجب هذه الصيغة ستُرسى الأسس القانونية والتأسيسية للمحكمة التي تعتبر محكمة خاصة بامتياز في اطارها وقواعدها وبنيتها ومعطياتها.
وكان مجلس الأمن قرر إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي بموجب قراره ١٦٤٤ الذي يستند الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، بمعنى ان مبدأ المحكمة ملزم لكل الدول وليس للبنان وحده. أما المسألة الباقية فتتعلق ببعض الآليات التي ستؤدي الى إنشاء المحكمة، مثل الاتفاق الذي يمكن أن يتعرض للعرقلة بذرائع مختلفة، ولكن هذه العرقلة لا تمنع مجلس الأمن اذا أراد من إنشاء محكمة دولية خاصة حتى من دون اللجوء الى أي اتفاق مع لبنان بالإستناد الى الفصل السابع بالذات. ويعود القرار في هذا الشأن إلى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
وتؤكد مصادر دبلوماسية ان إجراءات إقامة المحكمة ستستكمل قبل نهاية السنة الحالية وستكون جاهزة في حال توصل رئيس لجنة التحقيق سيرج براميرتز الى استنتاجات quot;التحقيق الإرهابيquot; الذي أودى بحياة الحريري في تقريره المزمع تقديمه الى مجلس الأمن منتصف كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وكانت الدائرة القانونية في مجلس الأمن ناقشت مع مختلف المسؤولين اللبنانيين ومندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الإشارة الى quot;جرائم ضد الإنسانيةquot; في بنود المحكمة. مما يعني إسقاط الحصانات بأنواعها كافة عن أي شخص ترى المحكمة ضرورة مثوله أمامها حتى لو كان رئيساً لجمهورية .
وجاء تعثر ذكر هذه العبارة صراحة لاعتبارات قانونية أساسية، ولكن اذا ربط تقرير براميرتز بين اغتيال الرئيس الحريري والاغتيالات الأخرى التي وقعت في لبنان أو بجزء منها فلن تتمكن أي دولة من معارضة ما يترتب على quot;المنهجيةquot; في هذه الاغتيالات المترابطة. وهذا يعني عمليا ان هذه الجرائم quot;ضد الانسانيةquot;، حتى وان لم يرد التعبير صراحة، وهذا بدوره يعني سحب الحصانة عن أي طرف او دولة او مسؤول ضالع في هذه الجرائم. علماً أن روسيا تعارض إيراد عبارة quot;جرائم ضد الانسانيةquot; صراحة كما تعارض ما تسميه quot;توسيع مهمات المحكمةquot; على أساس انها يجب ان تكون معنية باغتيال الحريري وليس بالاغتيالات الأخرى.
وركزت الملاحظات اللبنانية على مسألتين أساسيتين، الأولى ان تكون المحكمة جادة وفاعلة، والثانية ان تكون قادرة على تنفيذ أحكامها بصورة قاطعة وكاملة، سواء كان المجرمون لبنانيين أم غير لبنانيين وأينما وجدوا. ورغم حصول إجماع في مؤتمر الحوار على موضوع المحكمة، لا يزال الكلام عنها يمتزج بالكلام السياسي لدى فريقي الأكثرية والمعارضة.
ويرى قريبون من قوى الغالبية ( قوى 14 آذار/ مارس) ان قانون إنشاء المحكمة سيقر في مجلس الوزراء بالاجماع اذا كان ذلك متيسرا أو بالأكثرية اذا تعذر الإجماع، تماما كما حصل عندما طرحت قضية المحكمة يوم استشهاد النائب والصحافي جبران تويني وانسحاب الوزراء الشيعة من الجلسة. وبعد ذلك سيحال القانون إلى مجلس النواب للمصادقة عليه ثم يسلك مسلكه القانوني والدستوري، واذا حصلت أي عرقلة سواء من رئيس الجمهورية إميل لحود، او من أي فريق لبناني بإيحاءات خارجية وتحديدا سورية، فإن مجلس الأمن سيقر المحكمة ويشكلها ويحدد صلاحياتها بمعزل عن لبنان، وعند ذلك ستكون قدرة اللبنانيين على الحد من التدويل في هذه القضية أقل بكثير.
ويضيف فريق الأكثرية أنه لن يقبل بأي تسوية في موضوع الحكومة والمطالبة بتعديلها أو تشكيل أخرى تحت شعار quot;الوحدة الوطنيةquot; قبل اقرار المحكمة، ويسأل: هل يستطيع أحد اعطاءه ضمانًا بأنه اذا أعطى الثلث المعطل سيعطى المحكمة؟ لكن أوساط المعارضة تقول ان الأكثرية تتصرف مجددا كأنها تحكم لبنان وحدها، quot;واذا تصرفوا مع موضوع المحكمة على هذا الأساس فإنهم يقودون البلد الى المشكل السياسي. يجب ان يقتنعوا بأنه لم يعد بمقدورهم فرض الشروط على الآخرين في البلد. نحن وافقنا في مؤتمر الحوار على المحكمة وقلنا بفصلها عن موضوع العلاقات مع سورية. القصد إبعادها عن التسييس وحصرها ضمن مصلحة الوصول الى الحقيقة. أما اذا أرادوا المحكمة لاستهداف سورية سياسيا ومن خلالها المقاومة فإننا سندخل البلد في نفق أسودquot; .