خلاصة مؤتمر عن الأمن الخليجي والتحديات
إيران quot;نمر من ورقquot; .. لكن ليس دائماً
مجمع ثقافي إماراتي يرتدي الشماغ والقبعة الأوروبية
سلطان القحطاني من أبو ظبي:على مدار ثلاثة أيام كانت عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، أبو ظبي، مشغولة بمؤتمر ينظمه المركز الاستراتيجي الأهم فيها، ألا وهو مركز الإمارات للدراسات الإستراتيجية الذي يقدم المشورة لصناع القرار في حكومة البلاد، وخصص لمناقشة التحديات المقبلة التي تواجهها منطقة الخليج، التي تحوي نصف الإنتاج العالمي من النفط، في ظل القلاقل السياسية على ضفتها الإيرانية وبوابتها العراقية.
وفي ركن ليس ببعيد ٍعن الصالة الكبرى التي كانت تحتضن مجريات المؤتمر، كان معظم المشاركين يسارعون إلى الحصول على نسختهم من ورقة عمل البروفيسور أنتوني كوردسمان التي قال عنها أحد منظمي المؤتمر خلال حديثه مع quot;إيلافquot;، وهو يشد على الورقة المطبوعة، قائلاً بلغة إنجليزية متقنة quot;إنها الأفضلquot;، وهي مخصصة للحديث عن مستقبل جمهورية الملالي، أستفهم خلالها كوردسمان عن مسيرتها أهي إلى الضعف أم إلى القوة؟
ويخيم القلق على عواصم دول الخليج الست التي تراقب بتوجس الطموحات النووية الإيرانية وتحركاتها في منطقة الشرق الأوسط من ناحية نفوذها المتعاظم في العراق عبر الميليشيات الشيعية التي تدعمها، وفي لبنان عبر بوابة حزب الله الشيعي، وفي فلسطين من خلال دعم حركة حماس الإسلامية التي تواجه بمقاطعة دولية بسبب عدم اعترافها بإسرائيل والاعتراف بالاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع الدولة العبرية.
وكان لافتاً كيف أن اغلب المتحدثين في المؤتمر الاستراتيجي الثاني عشر، ركزوا على التفتيت المنهجي للقدرات العسكرية الإيرانية، التي كانت بمثابة هراوة تلوح بها الجمهورية الإسلامية على رؤوس جيرانها، معتبرين أن إيران يمكن أن تكون quot;نمر من ورقquot; في أغلب الأحيان إذا تم استثناء الترسانة النووية التي تجاهد طهران بغية الحصول عليها في ظل دخولها في مواجهة مفتوحة مع الدول الكبرى منذ عدة أشهر.
إلا أن الدكتور خليفة السويدي، الأكاديمي الإماراتي الضليع في الشؤون السياسية، قال لـquot;إيلافquot; إنه كان من الأفضل لو تم التركيز خلال فعاليات المؤتمر على quot;الأمن الفكريquot; لمنطقة الخليج التي تحولت ndash; حسب ما يراه- إلى منطقة quot;صدى للأصوات الفكرية الخارجيةquot;، ليكون هذا أحد المحاور في المؤتمر الإستراتيجي الذي ينظمه المركز في مثل هذا الوقت من كل عام. وعاد إلى التأكيد على هذا الاقتراح من خلال مقالة نشرتها صحيفة الإتحاد الظبيانية يوم السبت الماضي.
وقال كودسمان في ورقته اللاذعة التي قدمها إلى المؤتمر خلال الحلقة النقاشية الأولى أن طهران يمكن أن تتحول إلى quot;قوة شيعيةquot; في حال وجود صدام مسلح بين السنة والشيعة في المنطقة الشرق أوسطية، مشيراً إلى أن القوات القتالية الإيرانية لا تزال هي مثل ما كانت عليه وقت الحرب مع العراق وكل الأسلحة الخاصة بها quot;قديمة جداً وليست صالحة للقتالquot; وثلثها عتيق على حد قوله.
وكانت الورقة الأكثر جرأة التي قدمت في المؤتمر هي ورقة السفير السعودي السابق لدى واشنطن الأمير تركي الفيصل الذي دعا فيها إلى وجود هلال خصيب بدلا ً من quot;الهلال الشيعيquot; الذي حذر منه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في سياق تعليقه على التمدد الإيراني في منطقة الشام من خلال التحالف الوثيق مع النظام السوري.
وتشعر القوى العربية المعتدلة في المنطقة بقلق شديد من النفوذ الإيراني الذي أخذ يزاحم نفوذ اللاعبين الكبار في المنطقة العربية مثل السعودية ومصر.
وكان الحضور الذين استمعوا إلى محاضرة الأمير الفيصل خلال اليوم الأخير من المؤتمر الثاني عشر، الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، شعروا بأن هذا السياسي المحنك الذي يتحدث إليهم من المنصة قد تخلص من القيود الرسمية بعد مغادرته الحياة السياسية وأصبح طرحه أكثر جرأة، إذ تحدث عن الدور الإيراني في لبنان وأشار دون وضوح مطلق إلى عمليات العنف التي تقوم بها القوى الشيعية في العراق.
وفي الكلمة التي نشرت quot;إيلافquot; نصها كاملاً، قسّم الأمير السعودي، الذي أمضى ربع قرن من حياته في العمل الاستخباراتي، الخليج إلى quot;فسطاطينquot;: الأول تمثله quot;إيران الشيعيةquot; حسب وصفه، والثاني الدول السنية الممتدة على شواطئ الخليج العربية، قائلاً أن العديد من الطروحات السياسية التي تأتي من الخارج تميل إلى تقويض حركة التعايش السلمي بين ايران وجاراتها من دول الخليج عبر التحليلات التي تفترض أن طهران سوف تصبح قوة مهيمنة على الشرق الأوسط.
وقد لا يكون هذا المؤتمر هو الأخير من نوعه الذي سوف يجاهد في محاولة تحليل سيناريهات حكام طهران المتشددين بعد أن أصبحت إيران quot;مالئة الدنيا وشاغلة الناسquot; في دول الخليج وعواصمها القلقة.
التعليقات