الأصوليون يتساءلون : لماذا الهيئة بالذات ؟
السعودية: تفاؤل بعد تقنين صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف
سعدون السعدون من الرياض:
لماذا الحديث عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالذات دون التطرق إلى ما يحدث في السجون والمستشفيات والتعليم وغيرها من القطاعات الحكومية في المملكة العربية السعودية.

أسئلة يرددها الإسلاميون بكثرة، مغمضين أعينهم عن كل ما تكتبه الصحف السعودية عن الدوائر الحكومية الأخرى ونشر الفساد الذي يحدثه مسؤولون في مختلف القطاعات، فلا يمكن أن ينسى أحد التحقيق الصحافي الذي نشرته صحيفة الوطن السعودية عام 2005، عن مستشفى شهار في محافظة الطائف والذي أصاب وزارة الصحة السعودية بالحرج.
وقبل ذلك تحقيقات صحافية في صحيفة الرياض السعودية والحياة عن إهمال المسؤولين في محافظة جدة عن الإسراع في علاج مشكلة حمى الضنك التي أحدثتها المستنقعات في المحافظة.
ومع كل هذا لم يتحرك الإسلاميون لمهاجمة الصحافة، لأنها لم تمس ركنًا من أركان الدين ndash; كما يقال حاليًاndash; ولم تقترب من القضاء وقضاياه، إذ إن القضية هي أن الهيئة مستهدفة في نظر الإسلاميين، بينما وزارة الصحة والداخلية وباقي الوزارات من حق الجميع أن ينتقدها.
الخدمات السيئة مثلاً التي تقدمها الخطوط الجوية العربية السعودية يمكن للصحافة إنتقادها، لكن لا يحق للصحافة إنتقاد تجاوزات رجال الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وهو ما دفع معلقين إلى التساؤل عما إذ كانت الدوائر الحكومية الأخرى خارجة عن ملة الإسلام.

يرى مراقبون أن مشكلة الإعلام والهيئة، هي لغة التكذيب التي يصدرها جهاز العلاقات العامة في الشرطة الدينية، والتي تكون على شكل بيانات بعد كل حادثة، تنتهي عادة بالرد عليها من قبل وسائل الإعلام بالوثائق التي لا يصدر بعدها أي بيان من الهيئة، وهذا يعني الإيمان بأنها أخطأت، لكن المنتديات الأصولية تبدأ بالهجوم على وسائل الإعلام والتشهير بالكتاب ومحاولة نشر أسرار تحصل عليها من خلال تواطئ بعض المتعاونين والمحبين لجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مختلف الأجهزة الحكومية، والذين يمدون كتاب الإنترنت بمعلومات عن أشخاص يتم التشهير بهم بسير ذاتية كاملة لم تنشر قط.

(لا لإلغاء الهيئة، نعم لتحديد صلاحياتها)، كان شعار وزارة الداخلية السعودية والتي أعلنت في مؤتمرات عدة أن الهجوم ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس منصفًا، لكنها فاجأت المنتسبين إلى هذا الجهاز بقرارها الذي أصدرته ونشرته بعض الصحف السعودية يوم أمس الجمعة، والذي يقضي بعدم سجن أي مقبوض عليه أو التحقيق معه أو إيقافه، وإن مهمة الهيئة تنتهي عند تسليم الشخص لقسم الشرطة ، وهو الأمر الذي سيربك أعضاء الشرطة الدينية كثيرًا، والأمر نفسه الذي قد يؤدي بكثير منهم إلى تجاوز النظام والاعتداء على المقبوض عليهم قبل وصولهم إلى مراكز الشرطة.
وحسب معلومات حصلت عليها quot;إيلافquot; فإن كثيرًا من المنتسبين لجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر quot;الشرطة الدينيةquot; ينخرطون في تدريبات لقتال الشوارع والدفاع عن النفس في عدد من الأندية الرياضية ، ومنها الصالة الرياضية التابعة لجامعة الملك سعود، والتي يتدرب فيها عشرات الأفراد من المنتسبين إلى جهاز الهيئة، وهو السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل من يعرف المعلومة: هل هناك تبييت نية بالضرب والدفاع؟.
سؤال تبقى إجابته للمراقبين، ولأفراد الهيئة ، لكنها حاجة لم توفرها الدولة السعودية لأفراد الهيئة دفعتهم للإنفاق على التدريب الذاتي والدفاع عن النفس، ومحاولة أخذ كافة الإستعدادات البدنية قبل الذهنية، والتركيز على بناء الجسم وإهمال الإشتراك في دورات الوسطية والتعامل مع الآخرين.
جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية أصبح يشعر بالمسؤولية أمام المجتمع، وأن سيّئاته زادت أمام حسناته التي يعتبرها البعض في أنها ضبط الخمور والقبض على المشعوذين والمعاكسين، أمام سيئاتهم التي هي الإستعراض بالسلطة والضرب والإكراه على المرافقة إلى مركز الهيئة، وكانت آخر السيئات المكشوفة هي أن معظم حالات مداهمات الهيئة كانت تنتهي بوفاة المجرم قبل خروجه من منزله.