إسرائيل غير آسفة على رحيل أولمرت المؤجل
الصحافة الإسرائيلية: كان عليه القيام بخطوته منذ زمن طويل

نضال وتد من تل أبيب:
كان أو ظهور علني لأولمرت، قد اقترن في أذهان الإسرائيليين، بصورته وهو يهمس لمناحيم بيغن، مع إعلان التلفزيون الإسرائيلي عن سقوط العمل وصعود الليكود في الانتخابات العامة عام 1977 قبل واحد وثلاثين عاما. كان أولمرت لا يزال في مقتبل العمر، واحد من ثلاثة اعتبر بيغن أن طريق حيروت التاريخية مرهونة ومتعلقة بهم، وهم الذين عرفوا فيمال بعد بأمراء الليكود، لأنهم أبناء مجموعة من مؤسسي حركة حيروت، وهم إيهود أولمرت، ودان مريدور، وبيني بيغن.
اختار بيغن أولمرت، الشاب، السياسي الواعد سكرتيرا لحكومته الأولى، ثم مرشحا للكنيست، واختار دان مريدور، سكرتيرا لحكومته الثانية، خلال حرب لبنان، وفقط بعد رحيل بيغن، وخلال أواسط التسعينات، دخل بني بيغن الإبن الكنيست عن الليكود، لكن أمراء الليكود الثلاثة، سرعان ما وجدوا أنفسهم بعيدين عن مركز القرار بعد أن اجتاح نتنياهو قيادة الليكود بعد مقتل رابين في عاصفة ذكرت الإسرائيليين بالأعاصير الأمريكية.
استطاع أولمرت طيلة حياته السياسية، البقاء، وعرف كيف ينحني أمام عواصف نتنياهو، وهو ما أبقاه طيلة الوقت داخل الحزب، في المشهد الأمامي، إلى أن حانت الفرصة وانتقل مع شارون إلى كديما في الانتخابات الأخيرة.
لكن أولمرت، الذي حظي دائما بتأييد لا يستهان به، ترجل أمس عن المنصة العامة، (وإن كان لن يختفي من المشهد السياسي الإسرائيلي، قبل عدة شهور) دون أن يجد من يقول بحقه كلمة واحدة، بل أجمعت الصحافة الإسرائيلية، التي اعتبرت أن خطوة أولمرت كانت صحيحة، وأنه تأخر كثيرا في الإقدام عليها، وأنه حاول قدر استطاعته التمسك بكرسيه.
لم يحظ أولمرت في الصحف الإسرائيلية، الصادرة، الخميس، بأي تعاطف، وكان أقصى ما قيل لصالحه، أنه أخيرا، والتركيز هو على كلمة أخيرا، قام بما كان عليه القيام به منذ البداية. وهناك من اعتبر أن ترجل أولمرت كان بمثابة الفصل الأخير لحرب لبنان، وأنه أصبح بالإمكان الآن القول إن حرب لبنان قد انتهت أخيرا، وهو ما ذهب إليه المحلل السياسي في هآرتس، يوسي فيرتير.
وبطبيعة الحال، تفرغت الصحف الإسرائيلية لمتابعة ملف إسرائيل بعد أولمرت، دون أن تغفل حقيقة أن إعلانه أمس، لا يعني استقالته الفورية، بل مجرد وضع تاريخ نهائي لمسيرته السياسية، فأولمرت سيبقى إلى حين انتخاب خليفة له في السابع عشر من سبتمبر رئيسا فعليا للحكومة،( مع أنه كان بمقدوره الاستقالة بشكل مباشر، لكنه يرفض إعطاء تفوق لليفني على موفاز، بأن تشغل لحين الانتخابات منصب رئيس الحكومة لكونها القائمة بأعماله)، وسيبقى يمارس صلاحياته حتى بعد انتخاب خليقة وتمكنه من تشكيل حكومة بديلة.
وفي هذا السياق يختلف المحللون في الصحف الإسرائيلية، حول فرص حزب كديما بتشكيل حكومة بديلة، مع إجماعهم على أن المركبين الرئيسيين للحكومة الحالية (العمل وكديما) لا يرغبان بخوض انتخابات تشير كافة الاستطلاعات إلى أن نتنياهو سيكون الرابح الأكبر منها.
فقد اعتبر محلل الشؤون الحزبية في صحيفة يسرائيل هيوم، ماتي توخفيلد، أن موفاز قادر على تشكيل حكومة بديلة تتمتع بتأييد 65 عضو كنيست، فيما تستطيع ليفني تشكيل حكومة تتمتع بتأييد 60 عضو كنيست، ، حيث يحظى موفاز وفق توخفيلد بتأييد من يهدوت هتوراة، فيما يرى أن ليفني ستحظى في المقابل بتأييد من ميرتس، وغياب أي تأييد من قبل الأحزاب اليهودية الأرثذوكسية.
في المقابل اعتبرت يديعوت أحرونوت أن الاثنين لن يكونا قادرين على تشكيل حكومة بديلة تتمتع بتأييد أكثر من 61 عضو كنيست مع ترجيح الكفة لصالح موفاز.
وفي معاريف اعتبر المحلل السياسي، شالوم يروشاليمي أنه مهما كانت هوية الفائز في الانتخابات الداخلية في كديما، فإنه سيواجه صعوبات في تشكيل حكومة جديدة، وأن مفتاح الحل يبقى عمليا بايدي حركة شاس التي تملك 12 عضو كنيست، فهي الوحيدة القادرة على ضمان استقرار حكومة بديلة إذا تمت الاستجابة لمطالبها، وخصوصا ما يتعلق برفع مخصصات التأمين المدفوعة للأطفال، وهو ما ترفضه تسيبي ليفني كليا، في حين ألمح موفاز أكثر من مرة إلى أنه يمكن التوصل إلى تسوية حول هذا الموضوع.

وذهبت صحيفة هآرتس هي الأخرى إلى القول إن الرئيس القادم لكديما سيواجه صعوبات في تشكيل حكومة بديلة مستقرة، وفي هذا السياق لفتت الصحيفة مثلا، إلى تسيبي ليفني لن تتمكن من ضم حركة شاس، أو حزب يسرائيل بيتينو اليمينيين إلى حكومة ترأسها، فيما يتمتع موفاز، اليميني الميول، بفرص أكبر في تجنيد شاس ويسرائيل بيتينو. وعليه يرى المحللون أنه إذا تحققت النبوءات حول عدم قدرة خليفة أولمرت على تشكيل حكومة بديلة، فإن هذا يعني بقاء أولمرت في منصبه إلى ما بعد الانتخابات العامة، التي يتوقع أن تجري في هذه الحالة في مارس/ آذار 2009.