مصر x الجزائر :المعركة مستمرة |
تتواصل فصول الخلافات بعد مباراة مصر والجزائر بكرة القدم، ولا تبدو الازمة في طريقها للانتهاء، وأكد مصدر مصري لـquot;إيلافquot; ان القضية انتقلت من المستوى الشعبي وتحولت إلى قضية سياسية وأزمة مستمرة بين البلدين، الأمر الذي يُصعب الوصول إلى مصالحة قريبا، في وقت; اتُهم الإعلام الفضائي المصري الخاص، والصحف الجزائرية بالمساهمة في إشعال الموقف وجر الشعب الى مواجهات دامية، في وقت أكد فيه إعلاميون جزائريون أن رائحة المؤامرة القوية بدأت تظهر، واتهموا الإعلام في بلدهم بالتقنيين.
القاهرة، الجزائر: لا يبدو ان الأزمة المصرية ndash; الجزائرية التي تفجرت عقب موقعة ام درمان بالخرطوم والتي انتهت بفوز المنتحب الجزائري على نظيره المصري والصعود الى كاس العالم، واعتداء المشجعين الجزائريين على المصريين، في طريقها الى الانتهاء أو الاحتواء في المستقبل القريب . فالحرب الإعلامية بين القاهرة والجزائر مستمرة ولم تعلن العاصمتان بعد اي ضمانات بوقف هذه الحرب الشرسة، ما يشير - بحسب مصدر رسمي تحدث الى إيلاف - إلى أنَّ احتواء الأزمة سيحتاج الى فترة من الوقت قد تستمر أشهر عدّة.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: quot;المشكلة أنَّ حالة الاحتقان انتقلت من المستوى الشعبي الى المستوى القيادي، الأمر الذي يؤكد صعوبة انجاز مصالحة بين البلدين في الاسابيع القليلة المقبلةquot;. وأضاف قائلاً إن القاهرة لها مطالب خاصة لا يمكن ان تتنازل عنها ولن تتوقف الحملة الإعلامية المصرية ضد الجزائر ما لم تقدم الأخيرة ضمانات قطعية وتنفيذ مطالب القاهرة، كما ان الجزائر تنتظر من مصر وقف الحملة الإعلامية التي طالت رموزها وساستها ورئيسها وشعبها.
وقال المصدر إن موضوع المصالحة من جانب القاهرة يتعلق باتخاذ الجزائر إجراءات تتعلق بتأمين سلامة المصريين في الجزائر وحماية المصالح المصرية وتقديم المتسببين في الأحداث الى المحاكمة وتوجيه اللوم الى الشخصيات الجزائرية الرسمية التي شاركت بصورة او اخرى في توتير الأجواء . ورجح المصدر ان يتم احتواء الأزمة قبيل عقد القمة العربية القادمة المقررة فى شهر مارس بليبيا، حتى لا تؤثر على فرص مشاركة الرئيسين المصري حسني مبارك والجزائري عبد العزيز بوتفليقة في القمة العربية التي ستعقد في ليبيا للمرة الأولى.
ومن جهة أخرى، أكَّد الدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية انه يجرى الان إعداد ملف للحصول على التعويضات المناسبة لكل ما حدث من أضرار قام بها الجزائريون ضد الممتلكات والشركات المصرية في الجزائر. وأوضح ان جميع الجهات المسؤولة التي لها علاقة بهذا الموضوع تشارك فى الملف بعد تكليف من الرئيس المصري حسنى مبارك لتحديد المسؤوليات ومدى مسؤولية حكومة الجزائر من عدمها، وأضاف انه في ضوء هذا الملف سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
وقد اتخذت مصر مواقف وقرارات سريعة في مقدمها قطع العلاقات الرياضية مع الجزائر واستدعاء السفير المصري لدى الجزائر، و استدعاء السفير الجزائري لدى مصر , احتجاجًا على ما حدث من جانب المشجعين الجزائريين ضد المصريين بعد مباراة ام درمان . وسلم رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر ملف الأزمة الى سكرتير الفيفا فى سويسرا جيرومى فالك . واحتوى الملف المصري على بيانات ومعلومات للتجاوزات الجزائرية فى السودان مدعومًا بوثائق ومستندات وصور ومحاضر الجانب السوداني بخصوص إغلاق محلات لبيع الاسحلة بعد توافد المشجعين الجزائريين عليها بكثرة لشراء الأسلحة, وكذلك حالتي الوفاة لشخصين سودانيين على يد جزائريين طعنًا بالسلاح الأبيض, الى جانب المحاضر المسجلة عن واقعة الاعتداء على حافلة اللاعبين المصريين وحافلات المشجعين بعد المباراة .
اتُهم الإعلام الفضائي المصري الخاص، والصحف الجزائرية بالمساهمة في إشعال الموقف وجر الشعب الى مواجهات دامية، كادت تنتهي بمأساة درامية في الخرطوم عقب فوز الجزائر على مصر وتأهلها إلى كأس العالم.
يرى الدكتور عدلي رضا رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية إعلام القاهرة، أنَّ وسائل الإعلام في الدولتين هما السبب الرئيس وراء الاحتقان الذي آلت إليه العلاقات بين مصر والجزائر، مشيرًا إلى أنّ الإعلام بالغ جدًا في التعامل مع المباراة ولم يضعها في حجمها الطبيعي. وقال ان القنوات الخاصة المصرية والصحف الصفراء انتهجت لغة غير موضوعية واعتمدت على إثارة الجماهير ضد الطرف الأخر من أجل تحقيق نسبه مشاهدة اعلى وتحقيق مكاسب مادية مستغلة حالة الرواج.
وأضاف ان الصحافة الجزائرية كان لها دور واضح في تأزم الموقف بمبالغتها في الكذب والتلفيق وادعائها وفاة عدد من المشجعين الجزائريين في القاهرة بعد مباراة 14 نوفمبر التى انتهت بفوز المنتخب المصري بهدفين نظيفين ومعادلته النتيجة، وهو ما نفاه السفير الجزائري في القاهرة في وقت لاحق بعد ان أثار جمهور الجزائر ودفعهم الى الهجوم على المصريين في الجزائر وتدمير مصالح واستثمارات مصرية هناك.
وبنظر الدكتور عدلى العمل الإعلامي تحكمه ضوابط، وبدا إبتعاد الإعلام في الدولتين عن المهمة الأساسية في نشر الوعي الرياضي ونبذ التعصب والعنف، قائلاً quot;بالطبع لا يوجد في القوانين التي تحكم العمل الاعلامي ما يسمح بالتطاول والإساءة الى الآخرين شعوب ورموز ورؤساء كما حدث في تناول الصحف والفضائيات المصرية والجزائرية لما حدثquot;.
واتفق الإعلامي عمرو خفاجى على مبالغة الإعلام المصري في معالجته لأزمة مصر والجزائر، مشيرًا إلى أن وظيفة الإعلامي هي الحياد والمسؤولية. ويعتقد أن هناك العديد من القنوات الخاصة، بالإضافة إلى بعض وسائل الإعلام الحكومية تعمدت إحداث حالة من الشحن والضغط النفسي على المواطن المصري، كما أن الإعلام المصري على الرغم من أنه أكد وجود اعتداءات سافرة على المواطنين المصريين في السودان، إلا أنه لم يأتنا بصورة واحدة أو فيلم يصور لنا حقيقة ما حدث.
الفتنة صناعة جزائرية
إلا ان القائمين على القنوات الفضائية الخاصة المصرية يرفضون تحميلهم مسؤولية ما حدث، مشيرين بأصابع الاتهام الى الصحف الجزائرية. فالدكتور وليد دعبس العضو المنتدب لقناة مودرن سبورت يقول ان الصحف الجزائرية هى التى أطلقت الشرارة الاولى بالادعاءات الملفقة، فهي التي حملت صفحاتها عناوين ومواضيع محرّضة وملفقة، مثلquot;التوابيت في انتظار الجمهور المصري في السودانquot;، موضحًا ان سوء النية من جانب الصحف الجزائرية وضحت بعد نشرها صورًا وأخبارًا مفبركة عن قتلى جزائريين في القاهرة ما ادى الى تصاعد الأجواء واثارة الفتنة.
وقال ان قناته شاركت في جميع المبادرات لتهدئة الأجواء بين البلدين قبل مباراة القاهرة، مشيرًا أنَّ موقف قناته جاء نابعًا من ضمير الشعب والوطن بعد التطاول على مصر قيادة وشعبًا، وطالب بضرورة اتخاذ إجراءات ضد صحيفة الشروق الجزائرية محملاً اياها أسباب ما حدث.
ورفض مدير تحرير بأحد الصحف الرياضية مقارنة أخطاء تعامل الصحف المصرية مع الأزمة بأخطاء الصحف الجزائرية، وقال quot;اخطاؤهم كانت قاتلة وأكثر استفزازاquot; وأضاف quot;نجحوا في جرنا نحو الانزلاق في هذا الاستفزاز، ودفعنا الى معارك متدنية وكان يجب علينا ان نرد ونصحح اخطاؤهم، فقد وصل بهم الامر الى حد ان قالوا ان حكم مباراة مصر وزامبيا، خريج جامعة الأزهر، وساعدنا على الفوز، وشتموا لاعبينا وفنانينا دون أي مبررات، وختموها بوقوع قتلى من الجزائريين في مصرquot;. ويقول جورج ان quot;الصحف الجزائرية لجأت الى هذه الأساليب لزيادة توزيعها ورواجها وأصبحت ارقام توزيعها بالملايين بعد ان كانت توزع مئات النسخ، بينما لم يؤثر ذلك بالإيجاب على أرقام التوزيع الخاصة بصحيفتي واعتقد بجميع الصحف الرياضية في مصر quot;.
توظيف سياسي
وخلف هذا المشهد لا يظن الكاتب والناشط البارز الدكتور ثروت الخرباوي أن الهوس الذي حدث بين البلدين مبعثة وطنية حقيقية، بل وطنية مزيفة تم تسييسها لمصلحة فئة بعينهاquot;، مشيرًا إلى لجوء قادة الحكم في البلدين الى تفريغ حالة الاحتقان التي يعاني منها الشعبين بسبب ظروف الفقر والجهل في مجال أخر بعيد عن رؤوسهم وهو كرة القدم، للتغطية على الواقع الاليم الذي تعاني منه الدولتين في كل مجالات البحث العلمي والصناعة والزراعة والتعليم والصحة. quot;فكان لا بد من التوظيف السياسي لكرة القدم وتحويلها من مجرد لعبة إلى مشروع قومي يلتف الناس من حوله ويعتبرونه هو الوطن، فإذا انهزمنا فإن الوطن هو الذى انهزم وإذا فزنا فاز الوطنquot;.
وعلى الرغم من انه حسبما يقول ممن لا يعتقدون في نظرية المؤامرة إلا أنه يرى ان quot;أصابع إسرائيلية كانت ظاهرة quot;، مشيرًا الى أصابع إسرائيل في تصاعد الأجواء بين البلدين، بعد القبض على صحفي إسرائيلي في مصر يلتحف بالعلم الجزائري بعد المباراة الأولى ويهتف ضد مصر هتافات مستفزة، وغيرها من الشائعات التى انطلقت من تل أبيب وانساق وراءها الاعلام الجزائري الرسمي من خلال ما ظهر من شتم للشعب المصري ومهاجمة الفضائيات المصرية الخاصة.
أهداف اقتصادية
ويسود اعتقاد بين عدد كبير من المفكرين والكتاب المصريين بأن ما حدث كان مخططًا ومرتبًا له من قبل الجزائريين لفتح باب الاعتداءات على المصريين والمصالح المصرية في الجزائر واخراج الاستثمارات المصرية التي تقدرها ارقام محايدة بسته مليارات دولار. كما قال الناقد والمحلل الكروي البارز حسن المستكاوي متسائلاً عن سر تجاهل الجزائريين حماية شركة الاتصالات التى يملكها المصري نجيب ساو يرس في الجزائر. لماذا يتحرك الجزائريون ضد شركة تستثمر في بلادهم وتوظف أربعة آلاف مواطن وتساعد بذلك على التخفيف من ظاهرة الشباب العاطلون عن العمل؟
ويعتقد حمود النجار مدير مكتب وكالة انباء الشرق الأوسط في الجزائر سابقًا ان النمو الذي شهدته العلاقات المصرية ndash; الجزائرية في السنوات الأخيرة والذي أصبحت مصر بموجبه المستثمر العربي الأول في الجزائر ولّد نوعًا من الحقد والغيرة لدى كثير من الأطراف التي كانت تريد الاستئثار بالكعكة الجزائرية، مثل قطر على حد قوله، متهمًا اياها باللجوء الى طرق غير مشروعة لضرب مصر في الجزائر، من خلال التغلغل في عدد غير قليل من الصحف الجزائرية لدس الأخبار والتصريحات التى تشوه صورة مصر تارة أو تنال من الجزائر على لسان مصريين تارة أخرى. وأشار الى ان الحرب الإسرائيلية على غزة كانت بمثابة فرصة للنيل رموز مصر وشعبها ومواقفها باتهام مصر بالعمالة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية وهو ما لقي تجاوبًا من قبل القيادة السياسية التي رأتها فرصة أيضًا لحصد التأييد الشعبي بإبراز موقف الجزائر الداعم لغزة والهجوم على مصر.
الجزائريون يتحدثون عن المؤامرة
إلى ذلك تدافع الفعاليات الجزائرية بشراسة عن إعلام بلادها في الأزمة الناشبة بين الجزائر ومصر منذ الذي حصل في الأراضي السودانية، ويقول الأمين العام لفيدرالية الصحفيين الجزائريين quot;عبد النور بوخمخمquot;، إنّ الجزائر تتوافر على ضوابط قانونية تتصدى لأي انحراف صحفي محلي، فيما يشير الإعلاميان quot;أنيس بن مختارquot; وquot;رياض وطارquot; إلى خلفية تجارية تحرّك بعض الصحف، بينما يجزم الإعلامي الجزائري quot;هيثم ربانيquot; أنّ ما يُراج عن (مؤامرة) في الموضوع هو أمر واقع، يعزوه إلى رغبة كلا السلطتين الجزائرية والمصرية في إلهاء الجماهير، ويصف ما يحصل إعلاميا بـquot;صيد وسخ في ماء عكرquot;.
quot;إيلافquot; تابعت الموضوع مع المعنيين في الجزائر:
يشدّد quot;عبد النور بوخمخمquot; الأمين العام لفيدرالية الصحفيين الجزائريين، في مقابلة خاصة مع quot;إيلافquot;، على أنّ قانون الإعلام الجزائري صارم جدا مع الصحافة المحلية ويضع عديد الخطوط الحمراء لا سيما حين يتعلق الأمر بدولة عربية، ويضاعف العقوبات أكثر مقارنة إذا تمّ المساس بمسؤولين محليين، ويضيف بوخمخم وهو صحفي بجريدة quot;الخبرquot; الجزائرية، أنّ قانون الإعلام في بلاده يقر عقوبات ثقيلة على الكتابات المفسّرة قانونا بـquot;القذفquot;، وكل من يتم إدانته بـquot;قذفquot; دولة أجنبية ورموزها ، تسلّط ضده عقوبات تتراوح بين الغرامات المالية، وقد تصل إلى عقوبة السجن مع النفاذ بحسب ماهية quot;القذفquot; الذي يكون ضحاياه أجانب سواء دبلوماسيين أو سائر الرعايا.
ويركّز بوخمخم على أنّ الأمور مُفعّلة في الجزائر، حيث أنّ الرقابة القانونية موجودة في قانون الإعلام الجزائري بحد ذاته، ويستدل بما حصل في الأمس القريب، من خلال المقال الذي نشرته صحيفة الشروق الجزائرية قبل ثلاث سنوات حول دعوة الزعيم الليبي quot;معمر القذافيquot; لانفصال قبائل الطوارق، وهو ما دفع القذافي إلى مقاضاة الصحيفة المذكورة بالجزائر، وقد حكم القضاء المحلي لصالح القائد الليبي وسلّط عقوبات بالحبس والغرامات على مسؤولي تلك الصحيفة، قبل أن تستأنف الأخيرة الحكم.
بالمقابل، يجزم الأمين العام لفيدرالية الصحفيين الجزائريين، أنّ هذه الاعتبارات غير متوفرة بدولة مصر، طالما أنّ الإعلام المصري مؤخرا لم يراع أدنى خطوط وأتى على الأخضر واليابس، وذاك راجع بحسب عبد النور بوخمخم إلى كون الهجمات الإعلامية المصرية استفادت من ضوء أخضر وتزكية، تفسره إقدام فضائيات بينها التلفزيون الحكومي الرسمي في مصر على إطلاق نعت السفير الجزائري هناك بصفات قبيحة والتعرّض للجزائر تاريخا وحكومة وشعبا، وهو أمر لو حصل بالجزائر لما مرّ مرور الكرام.
على طرف نقيض، يذهب الإعلامي الجزائري البارز quot;هيثم ربانيquot; إلى أنّه ليست هناك آليات قانونية لمراقبة العمل الصحفي في الجزائر، خاصة في مثل هذه الحالات، على اعتبار أنّ الرئاسة الجزائرية رأت أنّ سلوك الفضائيات المصرية وسلوك الرئاسة المصرية هو تعد على كرامتها، وبالتالي يقدّر رباني أنّه لا مجال للحديث عن أي تدخل لحلحلة الوضع.
وخلافا لقراءة quot;عبد النور بوخمخمquot;، يتصور quot;هيثم ربانيquot; أنّ ما جرى للعقيد القذافي قبل ثلاث سنوات مع جريدة الشروق الجزائرية، حينما وصفته وصفا قبيحا، حيث يرى رباني أنّ الرئيس بوتفليقة لم يسعف القذافي ولكنه أنقذ الجريدة.
بدوره، يعتقد الصحفي الجزائري quot;رياض وطارquot; أنّ ليست هناك ضوابط قانونية للصحافة في الجزائر، ويقحم وطار أنّ كل ما تكتبه الصحف الجزائرية خارجيا لا يمكن أن يتم بمعزل عن تأشيرة سلطوية عدا بعض الاستثناءات التي تصنعها صحف كبرى، ويتذرع رياض وطار بكون quot;لجنة أخلاقيات المهنةquot; شكليا موجودة، ليس لها أي أثر أو تحرك في أرض الواقع، وذاك ما لمسه مراقبون في منعطفات سابقة مرت بها السلطة الرابعة في الجزائر.
ويؤيد الإعلامي الجزائري quot;أنيس بن مختارquot; النظرة ذاتها، معتبرا أنّ الضوابط القانونية موجودة وظاهرة بوضوح، لكن تفتقد لفعالية في ظلّ طفو بعض ما يسميها quot;فقاقيعquot; على السطح ولعبها على وتر الإثارة بغرض كسب المال الناتج عن الإشهار، وهي سمة ظهرت بوضوح في صحف جزائرية تعدى سحب بعضها حدود المليون نسخة ليس بسبب نقلها هموم الشارع المحلي، بل للعائدات الإشهارية الضخمة التي تهاطلت عليها، وهو أمر ينسحب برأيه إلى حد كبير على الفضائيات المصرية.
وتعليقا عما يُحكى عن (نظرية مؤامرة) واستفادة السلطات المحليَّة من الضجَّة الحاصلة، يرى الأستاذ هيثم رباني أنّ ليس هنا تآمر بل هو الأمر الواقع، لأنّ كلا السلطتين الجزائرية والمصرية ترغبان دوما في إبعاد العامة عن الحكم ومظاهره ومزاياه ومآثره، لذلك وجدتا مخرجا في غاية القوة وألهتا جماهير بلديهما وللأسف أوصلتهما إلى حبل العداوة.
لكن رباني يعتقد أنّ الأمور ستعود إلى نصابها لأنّ الأمور ستخرج عن السيطرة إذا زاد الشيئ عن حده، وإذ يلفت إلى أنّ فوز quot;ثعالب الصحراءquot; في الخرطوم، والدعم المادي الكبير الذي قدمه الرئيس بوتفليقة للأنصار الجزائريين قد زاد من شعبيته، فإنّ هيثم رباني يقرر أنّ لا أحد يمكنه نكران الفضيحة الأخلاقية التي وقعت فيها الصحف الجزائرية والفضائيات المصرية من حيث غش القراء والمشاهدين.
وكلتا الجهتين quot;الجرائد والفضائياتquot;، بمنظور رباني، ما كانت لتحلم بازدياد عدد قرائها ولا بعدد مشاهديها لولا الأزمة الكروية بين الجزائر ومصر، وما لا يعلمه القارئ أو المشاهد أنّ مداخيل كلتا الوسائل في الجزائر ومصر أضحت بملايين الدولارات، لأنّ شركات الإشهار صارت تتكالب عليهما، وهذا برأيه يشكّل ما يصطلح عليه بـquot;صيد وسخ في ماء عكرquot;.
بيد أنّ نقيب الصحافيين الجزائريين، لا يرى الأمر بالعين ذاته، ويقول عبد النور بوخمخم إنّه في البداية كانت المسألة تجارية وتقوم على مبدأ quot;إثارة من شأنها توسيع المقروئيةquot;، لكن الإفراط حدث ما بعد مباراة الخرطوم، وإذ ينفي أي مآخذ عن الجزائر التي كان ردها محتشما بمنظار بوخمخم، فإنّه يشاطر الرأي القائل بوجود مؤامرة من الجانب المصري، في ظلّ quot;مباركةquot; السلطات المصرية لما بثه على الأقل التلفزيون الحكومي الرسمي وموجات السب والشتم اليومي ضدّ الشعب الجزائري، ويضيف بوخمخم:quot;مستحيل أن يسير أمرا كهذا دون تزكية أو مباركة سلطوية مسبقة، هناك في مصر الرقابة غائبة والسلطات تلعب دور المحرّضquot;.
لغة غير موضوعية بهدف الاثارة
التعليقات