طلال سلامة من روما: إنهم الأقل حضورًا والأكثر تكلفة! نحن نتحدث عن البرلمانيين الإيطاليين في البرلمان الأوروبي بمدينة ستراسبورغ الفرنسية. علاوة على ذلك، فإن نصف هؤلاء البرلمانيين يقدمون استقالتهم مبكرًا ويعودون أدراجه، الى ايطاليا، لمتابعة حياتهم السياسية بصيغة جديدة. كما يتميز هؤلاء البرلمانيون بعدم المشاركة في أعمال البرلمان الأوروبي مما يجعل حضورهم هامشيًا مع أن ايطاليا تنتمي الى مجموعة الدول الثمانية quot;جي 8quot; الصناعية الكبرى، حول العالم. مما لا شك فيه أن ايطاليا تحتل مكانة سوداء في البرلمان الأوروبي حيث يتم تقرير مصير الدول الأوروبية، ومنها ايطاليا! فما نفع الانتخابات الأوروبية، بنظر البروفيسور رومانو برودي، رئيس الوزراء السابق، التي ستجري هنا في 6 و7 يونيو(حزيران) القادم، ان كانت علامات الكسل تظهر على البعثة الإيطالية منذ يوم العمل الأول في البرلمان الأوروبي؟
من المعروف أن البرلمانيين الأوروبيين الإيطاليين هم الأغلى في القارة الأوروبية. يتقاضى شهريًا، كل برلماني أوروبي ايطالي 12 ألف يورو تقريبًا. في المركز الثاني، نجد البرلمانيين النمساويين الذين يتقاضون ثمانية آلاف يورو تقريباً(منذ مطلع شهر يوليو الماضي) ثم الألمان الذين يتقاضون أكثر من سبعة آلاف يورو تقريباً. أما البرلمانيون الفرنسيون فيتقاضون أقل من سبعة آلاف يورو يتبعهم الهولنديون. في حين يتقاضى البرلمانيون الأسبان معاشاً شهرياً مقداره ثلاثة آلاف يورو أي أقل أربع مرات من معاش البرلمانيين الإيطاليين بستراسبورغ. العجيب في الأمر كذلك أن كل برلماني من برلمانيي دولة لوكسمبورغ الغنية، وعددهم ستة، يتقاضى نصف ما يتقاضاه الإيطاليون (وعددهم 78 برلمانيًا) حتى لو أن كل واحد منهم يعمل ضعف مجهود الإيطاليين. وهذه جميعها معطيات تخرج منفم البروفيسور برودي بغضب. ولا يتوقف البرلمانيون الإيطاليون على 12 ألف يورو تقريباً، كل شهر، إنما يستلمون أموالاً لتغطية التكاليف الأخرى. للنفقات العامة، كما الإنفاق للرحلات والهاتف المحمول والكمبيوتر، يُضاف الى معاشهم الشهري 4 آلاف يورو، ناهيك عن ألفي يورو أخرى لتغطية تكاليف الأكل والإقامة أثناء التواجد ببروكسل(لدى المفوضية الأوروبية) أم بستراسبورغ. على صعيد فريق المعاونين، الذين يختارهم كل برلماني إيطالي على طريقته الخاصة، فيمكن لمعاشهم أن يصل الى أكثر من 16 ألف يورو شهرياً أي أكثر 16 مرة من المعاش الشهري الذي يتقاضاه البرلمانيون البلغاريون.
لذلك يريد البرلمان الأوروبي، نظراً لعدم التوازن والمساواة في دفع الرواتب، معاملة الجميع على حد سواء اعتباراً من الصيف القادم، أين سيتقاضى كل برلماني أوروبي، مهما كانت جنسيته، سبعة آلاف يورو إضافة الى تغطية نفقات شهرية لا تتعدى 30 ألف يورو. في هذا الصدد، يعتبر البروفيسور برودي خطة المعاشات الأوروبية الجديدة ضرورية لإسكات التبذير.
وإليكم نص الحوار الهاتفي الذي أجراه معه طلال سلامة، مراسل quot;ايلافquot; من روما:
ما هو موقفكم حيال معاشات البرلمانيين الإيطاليين الفلكية كرئيس سابق للجنة الأوروبية؟
لا أستطيع إلا أن أعبس أمام هذه المعطيات. في الحقيقة، بات غياب البرلمانيين الإيطاليين المزمن وهربهم من جلسات البرلمان الأوروبي مشكلة أخلاقية وسياسية تجرها ايطاليا وراءها منذ سنين طويلة.
كيف من الممكن القضاء على هذه الظاهرة التي تلوث سمعة حكومة روما؟
ينبغي على القانون الجديد، الذي سنته حكومة برلسكوني والذي يعطي كل حزب حصل على 4 في المئة من أصوات الناخبين الإيطاليين فرصة إرسال بعثته الخاصة الى ستراسبورغ، أن يحتوي على عقوبات بحق كل من يتصرف بصورة غير صحيحة وأخلاقية في البرلمان الأوروبي. فهذا عار معنوي يلطخ سمعة البلاد!
في أقل من خمس سنوات اضطرت ايطاليا الى استبدال 36 برلمانياً في البرلمان الأوروبي نظراً لموجة استقالات بالجملة في صفوفهم. ما هو تقويمكم؟
إنها الجانب الأسوأ لهذه المشكلة بغض النظر عن المشاركة الهزيلة لإيطاليا في جلسات البرلمان الأوروبي. ان العمل الدؤوب والمشاركة في هذه الجلسات تعطي فرصة ذهبية للتفاهم مع البرلمانيين الأوروبيين الآخرين بهدف إقامة علاقات بناءة وترويج المبادرات المهمة التي إعتبرها جسرًا قلبيًا يربط الدول الأوروبية في ما بينها. حتى الآن، تعاني الطبقة البرلمانية الأوروبية الإيطالية من نقص في الخبرة والمهارات. للأسف، لا يعي الناخبون الإيطاليون للأضرار الناجمة من تصرفات البرلمانيين المنتخبين، الذين يستعملون البرلمان الأوروبي بستراسبورغ فندقاً لأغراضهم وملذاتهم الخاصة وكأنهم أصيبوا باختلال دماغي ما. ولا يعي البرلمانيون الإيطاليون هناك بأن قرارات البرلمان الأوروبي ولجانه لديها تداعيات كالسيف القاطع على الآلية التشريعية والأنسجة الاقتصادية بإيطاليا.
في الوهلة الأولى، تبدو ايطاليا أوروبية أكثر من جميع الدول الأخرى؟
نعم، إنما عبر الكلمات فقط. في الواقع، يتخذ البرلمانيون الأوروبيون الإيطاليون مسافة كبيرة من المحور الأوروبي. لننظر الى البريطانيين. صحيح أنهم يرفضون التعامل باليورو إنما هم حاضرون دومًا في كل جلسة بستراسبورغ. كما إنني لم أر أي برلماني ألماني يستقيل من منصبه هناك ليترشح في الانتخابات المحلية بألمانيا. ان البرلمانيين الأوروبيين غير الإيطاليين أسسوا quot;لوبيquot; خاصًا بهم يلعب كفريق كرة القدم وليس كفرد. أما البرلمانيون الإيطاليون فانهم يشتكون من النفوذ الأجنبي عليهم. في الحقيقة، ينبغي عليهم الوقوف أمام المرآة لرؤية أخطائهم الفادحة، بحقهم وبحق الشعب الإيطالي.
التعليقات