&
خورخي لوي بورخس عام 1921 وكان عمره 22 سنة
&سبينوزا
يدا اليهودي تصقلان العدسات
وامضتين في الغسق، مرّةً بعد مرة.
الضحى المحتضر خوفٌ، إنه
البرد، وكلّ ضحى هو ذاته.
اليدان، والهواء الذي بزرقة الياقوت
إذ يبيضّ على حواف "الغيتو"
لا وجود حقيقياً له
بالنسبة الى هذا الرجل الصامت
الذي يجترحُ متاهةً واضحة دون أن يزعجه الصّيت
ذلك الانعكاسُ الحُلُمي
في حلم مرآةٍ أخرى
ولا حبّ العذارى الخانع،
انه يشحذ عدسةً عنيدة
حرّاً من المجاز والخرافة: تلك الخارطة
اللانهائية للواحد الذي هو كلُّ نجومه.

&
بورخس عام 1952
البحر
قبل أن ينسج حلمنا (أو رعبنا) الانسانيّ
الأساطيرَ، حكاياتٍ عن نشأة الكون، والحبّ
قبل أن يُسكَّ الزمانُ عنصره في أيّام،
كان البحر، البحر الدائم، موجوداً: كان.
من هو البحر؟ من هو ذلك الكائن العنيف،
العنيف والعتيق، الذي يقرضُ أعمدة
الأرض، وهو، في الوقت نفسه، أكثرُ من محيط
وهاويةٌ، ومجدٌ، وصدفةٌ، وريح؟
من ينظر الى البحر، يراهُ كلّ مرةٍ،
لأوّل مرة. بالعجب الذي نستلّهُ من
الأشياء الأولى، من الأماسي
الجميلة، من القمر، من وثبة النيران.
من هو البحر، ومن أنا؟ هذا ما
يفصحُ عنه اليومُ التالي لعذابي الأخير.

عام 1945 بورخس مع حبيبة القلب، استيلا كانتو

تاريخ الليل
على مرّ العصور
شيّد الرجالُ الليل.
في البدء كان العمى والنوم
وأشواكٌ تمزق القدمَ الحافية
والخوف من الذئاب.
لن يتسنى لنا أبداً أن نعرف
من صاغ الكلمة لمرحلة الظلّ
التي تفصلُ بين غسقين؛
لن نعرف أبداً في أيّ قرنٍ
&&&&&&&&&&&&& كانت تمثلُ لغزاً
يشيرُ الى الفضاء بين النجوم.
رجالٌ اخرون استولدوا الاسطورة.
جعلوها أمّاً للأقدار المستقرة
التي تنسجُ المصائر،
ونحروا من أجلها خرافاً سوداء
والديك الذي يتنبأ بنهايته.
أعطاها الكلدانيّون اثني عشر برجاً
&&&&&&&&&&&&&& من أبراج السماء؛
عوالمَ لا نهائية، "لمعبر"،
وأعطتها الأوزان اللاتينيةُ شكلاً
ورعبَ باسكال.
لوي دو ليون رأى فيها موطناً لروحه المرتعدة.
ونحسُّ بها الآن غير قابلة للنفاد
كخمرةٍ عتيقة.
ولا يمكن لأحد أن يتأملّها دون أن
&&&&&&&&&&&&&&&&&&& يصابَ بالدوار
وقد محضَها الزمانُ الأبديّة.

ولأن نفكر: بأنها لن توجد إن لم يكن
بسبب تلك الأدوات الرهيفة: العيون.

&
في مدريد عام 1963
كامدن 1882

أريجُ القهوة والجرائد.
الأحدُ ورتابته. هذا الصباح،
على الصفحة اللامتفحّصة، ذاك العمود
من الأشعار الأليغوريّة
لثمّة زميل سعيد. يضطجع الرجل العجوز
على ظهره، شاحباً، أبيضَ حتى،
في غرفته المحتشمة، غرفة الرجل الفقير.
انه يتطلع، دونما حاجةٍ، الى وجهه
في المرآة المتعبة. يفكرُ، دونما دهشةٍ الآن،
"ذاك الوجهُ، أنا" يدٌ واحدة
تلمسُ، متعثّرة، اللحية الكثّة، الفم المدحور.
النهاية لم تعد بعيدة. صوته يُعلن:
أنا فانٍ تقريباً. لكن شعري
يرصدُ الحياة ومجدها. لقد كنتُ والت ويتمان.

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &ترجمة الشاعر العراقي سركون بولص
بورخس في اواخر أيامه
وفي مئوية الشاعر اصدرت الحكومة الارجنيتية قطع نقدية مزينة بصورة الشاعر خورخي لوي بورخس.
النقود الارجنتينية