واشنطن - اعتبرت مستشارة الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس ان الولايات المتحدة وروسيا تتجهان الي علاقات مختلفة جوهريا ، في خطوة فسرها المراقبون بانها تعكس رغبة واشنطن في التقرب من موسكو للاستفادة منها في حربها علي الارهاب، اكثر من كونها شهادة حسن سلوك للتحول الروسي في اتجاه الليبرالية.
وقالت رايس، مساء اول من امس امام المجلس التجاري الروسي - الاميركي، ان هذه العلاقة تستند الي قيم مماثلة اكثر فاكثر ستخدم ليس فقط روسيا والولايات المتحدة بل العالم باسره . واشادت بالمسؤولين الروس الذين اصبحوا اكبر وانشط شركاء الولايات المتحدة في سعيها الي تشكيل ائتلاف دولي لمحاربة الارهاب.
وقالت رايس، معلقة علي هذه الشراكة الجديدة: لا اظن ان ثمة مرحلة اكثر بلورة لنهاية الحرب الباردة من المرحلة الحالية. لكنها رأت ان واشنطن تريد الان ان "تتوسع هذه الشراكة لتتجاوز العلاقات الاستراتيجية والامنية لتشمل التعاون الاقتصادي والتجاري .
ويتناول بعض المعلقين والخبراء الدور الروسي، والتحولات المهمة التي طرأت علي موقف موسكو منذ 11 ايلول (سبتمبر). اذ بدا الرئيس فلاديمير بوتين متحمسا في بروكسل للإرتقاء بمستوي التعاون مع واشنطن والغرب، الي حد التلميح الي امكان أن تخفف روسيا معارضتها لتوسيع حلف شمال الأطلسي شرقا.
ويقوم موقف بوتين علي البراغماتية وحسابات دقيقة للمزايا التي يمكن لروسيا أن تحصل عليها من خلال مشاركتها في الحرب، ومن خلال تسهيل وصول واشنطن الي قواعد ومرافق في آسيا الوسطي، لأنه يدرك جيدا أن واشنطن تعتبر الدور الروسي حيويا ولا غني عنه. ويعتقد الخبراء ان ستكون الرابح الأول في الحرب بغض النظر عن كيفية إنتهائها، للاسباب الآتية:
أولا- الموقع الجغرافي لافغانستان يجعل الدعم الروسي لا غني عنه إلا في حال سقوط نظام طالبان والقضاء علي أسامة أبن لادن سريعا. لكن عدم تحقيق هذا الهدف علي النحو الذي تريده واشنطن قد يؤدي إلي إستمرار الحرب. ونظرا الي ان باكستان ليست مستقرة علي نحو تطمئن إليه واشنطن، ستكون هناك حاجة ماسة لقواعد في طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان. وهذه البلدان الثلاثة تقع في منطقة النفوذ الروسي رغم إستقلالها.
ثانيا - إن عدم تحقيق إنتصار حاسم سريعا قد يجبر واشنطن علي توسيع ميادين الحرب لتشمل مناطق أخري. وسيلقي ذلك اعباء جسيمة علي واشنطن. وستبرز روسيا بوصفها القوة الوحيدة القادرة علي حماية هذه البلدان الثلاث في مواجهة القوي الإسلامية المتطرفة والمرتبطة بـ القاعدة و طالبان . وستضطر واشنطن الي الاعتماد علي موسكو لحماية إستقرار المنطقة، مما يدفعها الي الاعتراف الصريح بالنفوذ الروسي في هذه المنطقة.
ثالثا - ستصعد روسيا في منطقة القفقاز، جهودها للقضاء علي التمرد الشيشاني بمباركة الغرب هذه المرة. وهو ما سيتطلب من روسيا أن تحاول ترسيخ نفوذها في جورجيا وأرمينيا وأذربيجان تحت شعار من ليس مع روسيا فهو ضدها. وسيفضي هذا إلي جهد روسي لبناء تحالفات جديدة في المنطقة علي نحو يضمن لها الغلبة علي الاطراف الأخري.
رابعا - ترتبط روسيا بعلاقات مهمة بقوات التحالف الشمالي للمعارضة الافغانية، وهي ستحاول إستثمار هذا الدعم علي نحو يؤدي الي زيادة مكاسبها علي رغم أن التحالف مستعد للتعاون مع واشنطن الي أبعد حد ممكن.
خامسا - سيحاول بوتين المناورة في دول البلطيق وأوكرانيا، نظرا الي ان الخبرة الروسية بهذه المنطقة وتضاريسها السياسية أكثر دقة وشمولا من الأميركية. وإذا كان فقدان النفوذ الروسي، في هذه المناطق، ناجما عن ظروف مرتبطة بإنهيار الإتحاد السوفياتي وبسياسات بوريس يلتسن، فإن بوتين قد يسعي للإستفادة من إنشغال واشنطن بالحرب علي الإرهاب لإختراق المنطقة من جديد وعلي وجه السرعة للتقليل من قدرة واشنطن التدخلية ومن إمكان إجهاضها لمخططاته لإستعادة النفوذ الروسي المفقود في هذه المناطق. (عن "الحياة" اللندنية)

&