&
قرر مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي حقن الاقتصاد الذي يزداد ترنحه يوما بعد يوم جرعة جديدة من علاج الصدمة عبر خفض معدلات الفوائد نصف نقطة، وذلك للمرة الثالثة منذ اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) الماضي.
وهذا الخفض الذي تقرر أثناء الاجتماع العادي للجنة المالية في المجلس هو العاشر خلال السنة الحالية (أربع نقاط بشكل إجمالي) وبالتالي بات معدل الفائدة بين المصارف، وهي سلاح المجلس للتدخل في سوق القروض 2% وهو أدنى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) العام 1961.
ونظرا لقلقه الواضح من تدهور الأوضاع الأميركية والعالمية برر المجلس خطوته التي لا سابق لها "بتصاعد القلق والشكوك إزاء تدهور مناخ الأعمال في الولايات المتحدة والخارج مما يسبب انهيارا للنشاط الاقتصادي".
وترك المجلس الباب مفتوحا أمام ليونة إضافية معيدا ما ذكره في كانون الأول (ديسمبر) العام 2000 بان "المخاطر مستمرة في الاتجاه نحو أوضاع يمكن ان تؤدي إلى ضعف اقتصادي". وبوضوح، فان خطر الانكماش ما زال أقوى من خطر التضخم.
واعرب المتتبعون للأوضاع الاقتصادية ان الاقتصاد الأميركي دخل في مرحلة انكماش في حين يؤدي التصاعد الحاد في نسب البطالة في تشرين الأول (أكتوبر) (5.4% بزيادة نصف نقطة وخسارة 415 ألف وظيفة) إلى انهيار ثقة المستهلكين اكثر فاكثر والتي سبق لها ان اهتزت بسبب الاعتداءات.
ويراهن المراقبون على تراجع بنسبة اكثر من واحد في المائة من الوتيرة السنوية للناتج الإجمالي الداخلي في الفصل الرابع بعد ان تراجع 0.4% في الأشهر الثلاثة السابقة مما يعني عمليا مرحلة الانكماش.
وكان ديلوس سميث من "كونفرانس بورد" وهي مؤسسة خاصة في نيويورك تعنى بمراقبة الأوضاع الاقتصادية أعلن قبل قرار المجلس الاحتياطي ان خفض الفائدة بين المصارف بنصف نقطة له ما يبرره على المستوى "النفسي" بغية رفع المعنويات المنهارة للمستهلكين. وتعتبر نفقات الاستهلاك المحرك الرئيسي لثلثي النشاط الاقتصادي أو الناتج الإجمالي الداخلي.
وإذا كان المجلس يبدي تشاؤما إزاء الأوضاع الحالية إلا انه يحتفظ بثقته حيال احتمالات طويلة المدى لتحقيق أرباح من الإنتاج ومعاودة إنعاش الاقتصاد تدريجيا والذي يتوقع المراقبون حصوله في الأشهر الأولى من سنة 2002.
في غضون ذلك، اعتبر العديد من الاقتصاديين ان الخفض الأخير للفائدة كان مبالغ به، مشيرين إلى وجوب الاحتفاظ بمزيد من الهامش نظرا للشكوك العديدة المخيمة على الاقتصاد الأميركي والعالمي وبينها مخاطر وقوع عمليات إرهابية جديدة.
وقال سون وون سوهن كبير الاقتصاديين في مصرف ويلز فارغو ان معدلات الفوائد "متدنية للغاية بحيث سيجد مجلس الاحتياطي نفسه في وقت قريب من دون ذخيرة".
وقد تعتبر الأسواق ان المجلس بات ضعيفا ومن دون سلاح حقيقي للتدخل في أسواق القروض.
وبات معدل الفائدة بين المصارف أدنى بكثير من نسبة التضخم في حين زاد مؤشر أسعار الاستهلاك بنسبة 2.6% خلال الأشهر الـ 12 الماضية.
واشاد جيري جازينوفسكي رئيس تجمع الصناعات الأميركية التي خسرت اكثر من مليون وظيفة خلال سنة بقرار مجلس الاحتياطي الفدرالي.
وقال في بيان "لا شك أننا نمر في مرحلة انكماش وان المجلس يبذل أقصى جهوده لخلق الظروف الآيلة إلى انتعاش اقتصادي خلال الفصل الأول من سنة 2002".
واضاف جازينوفسكي "ولكن يتعين على الكونغرس القيام بعمله عبر الإقرار سريعا لإجراءات تهدف إلى تحفيز الاستهلاك والاستثمارات".
واقترح الرئيس جورج بوش والجمهوريين في الكونغرس مشروعا قيمته مائة مليار دولار (واحد في المائة من إجمالي الناتج الداخلي تقريبا) يتضمن تخفيف الأعباء الضريبية على الشركات.
إلا ان الغالبية الديموقراطية تعترض على المشروع معتبرة إياه غير كاف لمساعدة أصحاب الرواتب المتواضعة والعاطلين عن العمل.
(أ ف ب - جان لوي سانتيني)