&
حوار : نبيل شرف الدين
لا يختلف حتى خصومه، على أن د. عبد الحليم مندور طراز فريد من المحامين، فهو وفدي النشأة ، ثم انخرط في صفوف حركة "مصر الفتاة" القومية ، ثم دخل السجن بعد أن اصطدم ببعض قادة ثورة يوليو، وبدأ مسيرة العمل السياسي والعام من باب المحاماة ، فتخصص في الدفاع عن المعارضين .. كل المعارضين، بمختلف درجات الطيف السياسي ، من
عبد الحليم مندور
الإخوان المسلمين إلى أعضاء الحزب الشيوعي المصري ، ومن قتلة الرئيس السابق السادات إلى قتلة الكاتب فرج فوده ، إلى قاتل الحاخام اليهودي كاهانا في الولايات المتحدة .
ومندور رغم سنوات عمره التي تخطت السبعين ، لم يزل يمتلك أدوات المقاتل الشرس ، كما لم يفقد القدرة على "الأحلام" الممكنة بل والمستحيلة أحياناًً ، فها هو يبدأ - في هذا العمر - معركة رئاسة مشروع حزبي جديد ، هو حزب الإصلاح الذي رفضته لجنة شئون الأحزاب في مصر ، وهي تجربة مغايرة تماماً لتجاربه السياسية السابقة ، فإذا كان من الممكن أن نتفهم أسباب دفاعه عن ممثلين لكافة القوى السياسية استناداً لمقتضيات مهنية أو إنسانية ، إلا أن الحديث عن رئاسة حزب سياسي أصولي التوجه والوجوه ، أمر يطرح العديد من علامات الاستفهام حول الرجل والتجربة التي تقدمها "إيلاف" لقرائها :
وتناول معنا د. مندور ما وصفه بالمغالطات التاريخية ، والأخطاء التي شابت تدوين وقائعه المعاصرة , مؤكداً أن معظم الأحداث التي شهدتها مصر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن لم يتم الكشف عنها لأسباب تتعلق بالمراحل السياسية التي مرت بها البلاد.
وأكد د. مندور أنه يعتزم كشف جميع هذه الحقائق وسرد كافة التفاصيل التي يعلمها من خلال مذكراته التي يكتبها حاليا والتي تحمل اسم "طائر في عنقي" مشيرا إلى أن ما تحت يديه من وثائق ومعلومات تعتبر أمانة في عنقه ينبغي عليه كشفها للأجيال القادمة.
وأضاف د. مندور أن جميع الذين كتبوا عن هذه الأحداث مثل ثورة 23 يوليو والاغتيالات السياسية الكبرى لم يذكروا الحقائق وأن جميع ما ذكروه كان مجرد اجتهادات أو تزييف للحقائق, وضرب مثالا على ذلك حادث اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات مؤكدا أن جميع الذين كتبوا عن حادث المنصة لا يعرفون كيف قتل السادات ومن الذي قتله .
وأوضح أنه باعتباره أحد أبرز المحامين الذين ترافعوا في هذه القضية فقد تمكن من الانفراد بجميع المتهمين مما أتاح له الفرصة لمعرفة أدق وأخطر التفاصيل والتي لم تنشر حتى الآن ولم يتمكن أحد من الاقتراب منها باعتبارها منطقة محظورة لما تحمله من أسرار سياسية وعسكرية.
وأضاف د. مندور أن المجموعة التي قامت بتنفيذ عملية الاغتيال لم تكن تتحرك وفق تخطيط محكم للغاية كما قيل, أو أن الأمور كانت تسير معهم بالعناية الإلهية.
وأوضح أن ذلك لا يقلل من شأن الذين قاموا بتنفيذ العملية لأنهم لم يكونوا على علم بالأيادي الخفية التي تساعدهم, وتذلل لهم العقبات تمهيداً لتنفيذ عملية الاغتيال بالشكل الذي ظهرت به.
وفجر د. عبدالحليم مندور مفاجأة من العيار الثقيل حيث أكد أن أن خالد الإسلامبولي ورفاقه لم يتمكنوا من إصابة الرئيس الراحل أنور السادات بأية إصابة قاتلة مؤكداً أن التقارير الطبية التي تحت يديه تكشف أن الإصابات التي لحقت بالسادات لا تتجاوز ثلاث طلقات.. اثنتان منها في قدمه والثالثة مرت بجوار عظام الصدر واستقرت بالكتف وتحديدا عند "الترقوة".. ومن ثم فإن التقارير الطبية تثبت عدم إصابته بأية إصابة قاتلة من هؤلاء.
والأخطر من ذلك أن د. مندور أكد أيضاً أن السادات لم يمت من إطلاق النار عليه في المنصة من الأصل حيث إنه نقل من مسرح الحادث إلى المستشفى وهو لا يزال على قيد الحياة مشيرا إلى أن عملية نقله من المنصة إلى المستشفى استغرقت أكثر من 45 دقيقة..!!
وأشار د. مندور إلى أنه يعتزم نشر كافة الحقائق التي تتعلق بهذا الحادث والعديد من الأحداث التاريخية الشهيرة الأخرى موضحا أنه سيكشف ما يمكنه بينها سيكتفي بالتلميح ووضع علامات الاستفهام أمام الأحداث الأخرى التي ينبغي عليه كشفها ولكنه سيقوم بكتابة كافة التفاصيل التي تتعلق بها على أن يتم نشرها في الوقت المناسب .
وفي مكتبه الذي يقع أمام "محكمة عابدين" بميدان الأوبرا وسط القاهرة ، حيث يمكنك أن تلتقي بعشرات المحامين ، ليس من الضروري أن يكونوا جميعاً من العاملين بمكتبه ، بل ربما كان معظمهم لا تربطهم به صلات عمل على الإطلاق ، لكن تجمعهم روابط أخرى كالزمالة .. أو التلمذة .. ، أو أن مكتبه كما يؤكد هو لم يعد ملكه وحده ، فقد أصبح المحامون يطلقون عليه "نقابة المحامين الشعبية" ، وساهم في هذا وجوده أمام واحدة من كبريات المحاكم المصرية التي لا يكاد المرء يجد موضعاً لقدمه بها من فرط الزحام ، أثناء ساعات الدوام الرسمي ، ومن قلب هذا الزحام ، وعلى الرغم منه ، التقت "إيلاف" به لتجري معه واحداً من حواراته النادرة :
* من أي محطة يفضل عبد الحليم مندور أن يقدم نفسه ؟
من محطة التكوين ، وتحديداً سنة& 1946 حينما كنت طالباً وعضواً في لجنة الطلبة والعمال لحزب الوفد ، وقد اشتركت في إحراق ثكنات قصر النيل التي أجبر بعدها الإنجليز على مغادرة القاهرة& والذهاب لمدن القناة ، وفي 48 يوم الجلاء عندما خرجت المظاهرة الشهيرة من الأزهر يتقدمها القساوسة والشيوخ ، واتجهت إلى ثكنات قصر النيل ، حيث أحرقها& عامل بسيط مجهول ، وفي 10 أكتوبر بعد إلغاء المعاهدة خرجت مظاهرة من النادي السعدي وهو نادي الوفد ، وكنت على رأسها أنا وأحمد بدر الدين عبد الله وسعد زغلول فؤاد وهو صحفي كان يعمل في مجلة "المصور" ، وتلت ذلك مظاهرات في ميدان عابدين والأحياء الشعبية تهتف بسقوط الملك ، واعتقلت في 2 مارس سنة 1952 ، والذي اعتقلني هو أحمد رشدي وزير الداخلية الأسبق الذي كان حينئذ ضابط مباحث قسم السيدة زينب ، وكنت في طريقي لطباعة منشور في صوت الأمة لتوزيعه في الجامعة ، ثم قامت الثورة .. التي لم تكن ثورة بل انقلاب عسكري ، ولم يكن هؤلاء ضباطاً أحراراً ، ولكنهم عندما عادوا من فلسطين من المعتقل بعد حصار الفالوجا في فلسطين ، كانوا حاقدين على الملك ، ويعتقدون أنه احضر أسلحة فاسدة ، وكانت النتيجة أن اليهود تفوقوا على سبع جيوش عربية ، ونسب الضباط هذه الهزيمة للملك مع أنه برئ من هذه الهزيمة ، وأعلن عن قيام الثورة الساعة 7 صباحاً قطع الإرسال وأذيع اللواء محمد نجيب البيان ، ثم أعاد السادات تلاوة البيان الساعة 10 صباحاً& ، وأذكر يومها أنني بكيت رغم إطلاق سراحنا ، فقد كنت حينئذ وفدياً حتى النخاع ، تربيت في مؤسسات مدنية تؤمن بأن العسكر عندما يأتون لا يرحلون ، وفي 10 أكتوبر جاء محمد نجيب يزور الجامعة وكان معه جمال عبد الناصر ، وصلاح سالم وكمال الدين حسين ، ودارت مناقشات حامية ، وكان عبد الناصر هو الذي يتصدى للرد على تساؤلات الطلبة ، وفوجئت بالبوليس الحربي يقتحم منزلي ليلتها ، ويقوم باعتقالي ، وهناك وجدت عشرات من زملائي في الجامعة ، وقيل لنا أن من سيكتب إقراراً بعدم العمل بالسياسية سيفرج عنه فوراً ، وبالطبع لم يكتب أحد منا شيئاً من هذا الذي طلبوه منا .
? لنبدأ من المحاماة ثم ننتقل إلى السياسة لاحقاً ، متى بدأتها ومن هم أساتذتك ؟
بدأت المحاماة متأخراً قليلاً لأن السياسة اختلطت بالمحاماة كما اختلطت بالدراسة فعطلت دراستي كثيراً ، لأنني فصلت من الجامعة مراراً ، وقبل الثورة اعتقلني نجيب الهلالي باشا ، وكان سكرتير عام الوفد ، وعندما قامت الثورة كنت داخل المعتقل فأخرجني عبد الناصر يوم 26 يوليه ، ورجعت للجامعة وفوجئت في 10أكتوبر سنة 52 بحضور محمد نجيب ومعه عبد الناصر وصلاح سالم ولم نكن وقتها نعرفهما ، لزيارتنا في الجامعة ، وطالبنا بنفس المطالب التي كنا نطالب بها قبل الثورة وهي عودة الجيش لثكناته وقيام جمعية تأسيسية لوضع دستور للبلاد ، وعودة الحياة النيابية . المهم تخرجت في كلية الحقوق عام 1954 وعملت بعدها بالمحاماة مباشرة ، ولم أتدرب بمكتب أي من الأساتذة ، وأول قضية لا أنساها حيث أنني وقتها حلفت اليمين ولم أكن قد استلمت الكارنيه وكانت قضية عمال ، وكان الخصم فيها المحامي الشهير جاد العبد جاد وأنا كنت وجهاً جديداً ، ولم يرني من قبل في المحاكم ، لذا فقد اشتبه في شخصي ، فقال للقاضي أنني جاد العبد جاد وأخرج كارنيه النقابة ، وطلب من القاضي أن يتأكد من أني محام ، فقال القاضي محتداً : "هل ستطلب مني الكارنيه الخاص بي أيضاً ؟! " .
? متى بدأ مشوارك مع القضايا السياسية ؟
(مبتسماً) مشواري بدأ كمتهم ، ويبدو أنه سينتهي هكذا ، بدأ كمتهم عندما اتهمت أنني أخطط لتأسيس ما يسمى بالجبهات الشعبية وكانوا سيقدمونني لمحكمة عسكرية كانت تسمى أيامها محكمة الثورة ، ومعي ستة من زملائي الطلبة ، ولولا أنه كان معي تسجيل لكمال الدين حسين عندما جاء الجامعة ونحن معتصمون وناقشته وقلت له أننا نريد أن نضع دستور جديد وتجرى انتخابات ، فرد قائلاً بتهكم "عايزين انتخابات علشان تيجي زينب الوكيل أم تحية كاريوكا؟" ، فقلت تأتي تحية كاريوكا إذا اختارها الشعب .
? اشتهرت بالدفاع عن الإسلاميين وعن الوفديين ، ألم تدافع عن اليسار سواء الشيوعيين أو الناصريين وغيرهم ؟
أنا لم أدافع عن الوفديين لأني وقت تقديم الوفديين للمحاكمة فؤاد باشا سراج الدين ، ومحمد صلاح باشا لم أكن قد أتممت دراستي بعد ، بل كنت في حاجة لمن يدافع عني لأني كنت متهماً ، وبدأت دفاعي عن الإسلاميين الحاليين منذ عام& 1964 عندما كان الإخوان المسلمين متهمين بإحياء التنظيمات ودافعت عن تنظيم المنصورة وطلخا والمحلة ، وكانت محكمة عسكرية وترافعت عن الأستاذ إبراهيم شرف عضو مكتب الإرشاد الحالي للإخوان المسلمين سنة64& ، وبعد ذلك ترافعت عن الشيوعيين بدءً من سنة 71 حتى سنة 79 ترافعت عن المرحوم زكي رئيس الحزب الشيوعي المصري وعن نبيل الهلالي ، رغم أن والده نجيب باشا الهلالي حبسني ذات يوم ، لكن نبيل اسم على مسمى ، أنه الشيوعي ابن الباشوات الذي عاش طيلة حياته من أجل الحرية والفقراء .
? هل بدأت دفاعك إذن في القضايا العامة بالشيوعيين ؟
? لا بدأت بالإخوان المسلمين ، وللأسف لم أترافع عن سيد قطب بسبب أنه كان هناك قاض عسكري ينظر قضيته ، قال لي زملائي المحامون حينئذ أنه يسب ويضرب أيضاً .
? من هم أشهر شخصيات جماعة الإخوان المسلمين الذين ترافعت عنهم ؟
في قضية& 1964 لم تكن بها أسماء معروفة ، لأنها كانت تنظيم فرعي في طلخا والمنصورة ، وكان بينهم حلاق اسمه محمود حلاوة لا أنساه أبداً ، فقد كان فصيحاً لا ينطق بكلمة من دون الاستدلال بآية قرآنية أو حديث نبوي ، وكان أشهرهم في هذا التنظيم ضابط في الجيش اتهم أنه يأخذ الذخيرة من الجيش ويسلمها للتنظيم. لكن في سنة 1981 كنت وكيلاً للأستاذ عمر التلمساني وصالح عشراوي وغيرهم من رموز الإخوان الذين كان قد تحفظ عليهم السادات وطلبوني لأحضر التحقيق معهم .
? متى بدأت الدفاع عن الجماعات الأصولية إذن ؟
بدأت سنة 1979 كانت هناك ارهاصات لتكوين الجماعة الإسلامية فكانوا مجموعة منسوب إليها أنها من التنظيم وأعتقد أن معظمهم كان طلبة ، وكانوا حوالي 35 شخص وكانوا يحاكمون أمام المستشار عبد الغفار محمد الذي حكم في قضية "الجهاد الكبرى" في ما بعد ، وللتاريخ أقول أنهم كانوا أفراداً عاديين وليسوا منظمين ، لكن السادات منحهم الضوء الأخضر ، ودفع عمرة ثمناً لهذا .
أما القضية الثانية فقد كانت "التحفظ" ، عندما تم التحفظ على بعض قياداتهم مثل أحمد شوقي الاسلامبولي والد خالد قاتل السادات ، وشقيقه محمد ، ود. عمر عبد الرحمن ، فضلاً عن& مجموعة كبيرة من السياسيين ورفعت دعوى ضد التحفظ على هؤلاء الرموز الوطنية ، ونظرت بالفعل في حياة السادات بعد التحفظ بيومين أو ثلاثة وتأجلت إلى 17 أكتوبر 1981 ، لكنه كان قد لقي مصرعه يوم 6 أكتوبر ، وأنا انشغلت في قضية محاكمة المتهمين في قضيته ، والطريف أن محمد عبد السلام فرج مؤسس تنظيم "الجهاد" عندما قبض عليه قال أريد أحد اثنين د. عبد الحليم مندور أو مختار نوح للدفاع عني ، وهكذا ترافعت في قضية اغتيال السادات ، وكنت موكلاً أيضاً عن المتهم العاشر وهو الدكتور عمر عبد الرحمن ، أما خالد الاسلامبولي فكان قد وكل رجائي عطية المحامي ، وذلك قبل أن يوكلني في الدفاع عنه .
? هل صحيح أن خالد الاسلامبولي سحب توكيله من المحامي الشهير رجائي عطية ؟
الحقيقة أن رجائي عطية كان في مرحلة من حياته ضابطاً ، وممثلاً للادعاء العسكري في قضية الفنية العسكرية ولما عرف خالد وأهله ذلك لم يعجبهم أن يواصل دفاعه فسحبوا توكيل ابنهم منه وشكروه .
? وكيف سارت مرافعتك في تلك القضية التي وصفت بقضية القرن الماضي ؟
ترافعت عن قتلة السادات الخمسة وهم محمد عبد السلام وخالد وعطا وحسين وعبد الحميد ، كما ترافعت عن د . عمر عبد الرحمن وعن السلاموني وعند الجزء الخاص بالشريعة الإسلامية قال الدكتور عمر أنت ستترافع عنا في القانون وفيما يتعلق بالشريعة سأترافع أنا والسلاموني ، وقرأت في الحاكمية وأتقنت هذا الجزء وقلت له إذا كان هناك شئ ناقص أكمله ترافعت بالفعل بالجزء القانوني الأول كله ثم وصلت لجزء الحاكمية وهو الجزء الذي يبرر قتل السادات وهدر دمه ، وهنا تحدث الدكتور عمر في مرافعته الشهيرة "كلمة حق" ، وصارت بعدها بيني وبينه صداقة وطيدة وكنت المحامي له ولعبود وطارق الزمر والباقين في كل قضاياهم .
? ألم تترافع عن قوى سياسية أخرى بخلاف الإسلاميين ؟
&لم أترافع عن قوى سياسية أخرى ، لأن الدولة ببساطة صرفت النظر عن الشيوعيين وكان الإخوان خرجوا من السجون ، ولم يصبحوا قوة سياسية تذكر حينئذ ، ولا يوجد أحد يتعرض للضربات والملاحقات الأمنية إلا الجماعات الإسلامية الراديكالية.
? متى بدأت علاقتك بالشيخ عمر عبد الرحمن ، وأيمن الظواهري تحديداً ؟
منذ توكيله لي للدفاع عنه عام 1981 ، ولم أكن أعرفه قبل ذلك ، أما أيمن الظواهري فلم يكن متهماً في البداية ، بل كان شاهداً في قضية عسكرية في تنظيم عصام القمري ، وظلت& علاقتي به طيبة ، وكان يتصل بي دائماً ، ولكن بعد أن أصبح في نظر الأمن المصري ، بل وأمريكا هو المحرك للأحداث بالخارج لم يعد يتصل بي&
? هل اتصلت بالشيخ عمر عبد الرحمن قريباً ؟
حضرت معه مؤتمر لندن في المجلس الإسلامي الأوروبي ، وكذلك في اسطنبول حضرت معه مؤتمر هناك وكان& معنا الشيخ حافظ سلامة بمناسبة ذكرى فتح القسطنطينية ، كما حضرت معه مؤتمراً في باكستان& ، وآخر في السودان ، وترافعت عنه في أمريكا ، وهي قضية ظلم من أولها لآخرها ، والمحكمة هناك كلفتني أن اقوم بعملية تحري وأكتب تقرير عن الشاهد الذي شهد ضده وهو عميل لمكتب التحقيقات الفيدرالي في أمريكا .
? نعود مرة أخرى للوضع الراهن ، وكيف ترى المشهد الإسلامي الآن ؟ وماذا بعد إعلان وقف العنف& ؟ ، وهل تعتقد أن هذا يشكل تراجعاً حقيقياً أم استراتيجياً ؟
هناك من يقول أنهم تراجعوا ، لكني لي رأي خاص وهو أنني لم أستشعر هذا التراجع أبداً ، فكل ما حدث تغيير في الإستراتيجية وفي التكتيك ، أما الهدف الإستراتيجي باق لم يتغير ، وهو& إقامة دولة إسلامية ، ولكن تغيرت الوسيلة فبدلاً من السلاح والذي خلصوا إلى أنه غير ذي جدوى ، لذلك قرروا نبذ العنف ، واتباع السبيل الأنسب وهو الدعوة والتغيير بالطريق السلمي العلني& .
? مبادرات وقف العنف .. ألم تكن طرفاً فاعلاً فيها ؟
&أثناء محاكمة قتلة رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق ، كانت المبادرة الأولى لكل من الشيخ الغزالي والشيخ الشعراوي وآخرين ، وقال لي صفوت عبد الغني أثناء الجلسة "نحن نعد لمبادرة لم نخبرك بها ، لأن هناك علي سباق والمرحوم عبد الحارث مدني يحضرون اجتماعات مع القائمين على المبادرة لجس النبض وهل هي جادة ومقبولة من الدولة أم لا ، وعندما تقبل ونبدأ حواراً سياسياً سوف تمثلنا في إجراء هذا الحوار" ، ثم جاء منتصر الزيات المحامي وحاول أن يدخل باعتباره ممثلاً للجماعة ، لكن صفوت عبد الغني تلا بياناً في الجلسة العلنية على الصحفيين قال فيه أن منتصر لم يكلفه أحد بالتدخل ، وأنه لا يمثلهم في هذه المبادرة ، أما المبادرات التي جاءت بعد ذلك لم أتدخل فيها نهائياً وأعتقد أن هذه المبادرات لا يوافق عليها الكل والذين في الخارج لم يوافقوا عليها على حد علمي .
? نأتي على الأحزاب ذات الأصول الإسلامية ،فما وجه التمايز بين الإصلاح والشريعة ؟
أنا لم أقرأ برنامج الشريعة حتى أتمكن من عقد مقارنة بينه وبين الإصلاح .
? وهل تحتمل الساحة وجود حزبين كل منهما يزعم مرجعية إسلامية في وقت واحد؟
? الساحة تحتمل عشرة أحزاب إسلامية مثلما تحتمل عشرة أحزاب علمانية .
? بالرغم من أنك محام للإسلاميين ، لكن لم تكن محسوباً يوماً ما فكرياً عليهم ، لأنك قادم من الوفد وأبن ثورة 1919 ، فما الذي جعلك الآن تقود حزباً أصولي التوجه ؟
? منذ أن اتصلت بالتيار الإسلامي لم يكن هناك جهاد أو جماعة ، لكنهم كانوا يشكلون مجموعات غير منتظمة ، وكانوا أصدقاء ، فكرم زهدي وفؤاد الدواليبي وناجح إبراهيم وغيرهم تعرفوا على الدكتور عمر في أسيوط وكان أستاذاً في فرع جامعة الأزهر بها ، ووجدوا فيه فقيهاً يعتنق نفس فكرهم ويؤيدهم بعلمه ، ورغم ذلك فلم يكن يوماً أميراً للجماعة الإسلامية ، لكنهم أمروه عليهم دون أن يطلب ذلك& ، وهو قال أنه لا يصلح للإمارة لأنه أعمى ولا ولاية لضرير، وأنا لم أكن محسوباً قبل هذه التجربة بالفعل على الإسلاميين لأني كنت في حزب الوفد القديم ، واشتركت في إعادة تأسيس الوفد الجديد ، وسجلت كمؤسس ثم عضو في الهيئة العليا للحزب ، وبعد ذلك انشغلت في قضايا الإسلاميين ، واطلعت على أفكارهم عن قرب ، ولا أنكر أنني اكتشفت أنهم على حق ، وإذا كانت هناك أخطاء فهي في الممارسة وليست في الفكرة ، وكما هو معلوم فكل تيار سياسي حقيقي يبدأ راديكالي النزعة ، ثم لا يلبث أن يتحول بعد الخبرات إلى قوة سياسية هادئة ، لكنها فاعلة ومؤثرة .
? لماذا لم تترافع عن جماعات التكفير مثل جماعة شكري مصطفى (جماعة المسلمون) ؟
رغم أني محام يفرض عليّ واجبي المهني الدفاع عن المتهم بصرف النظر عن طبيعة تهمته ، إلا أني لم أترافع عن جماعات التكفير أبداً ، فبدايتي مع الاتجاه الإسلامي كانت ، ولم تزل ، مع الجماعة الإسلامية تحديداً ، وكما قلت أنني عندما قرأت لهم وجدت أن لا غبار على أفكارهم من الناحية الشرعية ، وإن كانت تنقصهم الحنكة السياسية التي بدأوا مؤخراً في اكتسابها .
? هل نفهم من هذا أن المتهمين أقنعوا المحامي بأفكارهم ومعتقداهم ؟
(ضاحكاً) لا& ، هذا غير صحيح .. لكني قرأت كثيراً ، وكما قلت لك أنني اضطررت للقراءة في الحاكمية ولي فيها كتاب هام ، ثم ما المانع في ذلك .
? نعود لفكرة حزب الإصلاح ، ماذا بعد رفض لجنة شئون الأحزاب تأسيسه ؟
رفض "حزب الإصلاح" حلقة أولى في معركة قضائية ستطول ، وقد لا نكون الرابحين فيها ، لكنها تجربة "للتاريخ" ، وتصلح أن تكون "حسن الختام" لرجل ظل يدافع عما اعتقد أنه الحق والصواب ، وهذه التجربة ليست للشهرة ، فقد تجاوزنا هذا الهم منذ عقود ، لكنها مسألة مدروسة من جانبي شخصياً ومن معي من الشباب ، وأرى أن الأحزاب القائمة بالفعل على الساحة السياسية في مصر الآن قد شاخت وترهلت ، ولم تعد تستطيع تقديم شئ ، لأنها ببساطة لا تملك شيئاً يمكنها أن تراهن عليه ، بل فقدت الثقة تماماً من جانب الناس ، وأصبحت عبئاً على النظام السياسي برمته .
? ما تفسيرك لمبررات رفض الدولة تأسيس أحزاب مماثلة مثل الوسط والشريعة وهل ترى أن أسباب الرفض في حالة "الإصلاح" هي ذاتها بالنسبة لغيره من الأحزاب ؟
الدولة تتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين على أنها جماعة منحلة تحاول أن تعود للظهور بطريقة أو أخرى ، لكن لا أعتقد أن هذا التصور ينطبق علينا في حزب الإصلاح ، فهذه تجربة لم يفكر بها المسئولون بعناية على ما أظن ، بل تعاملوا معها بمنطق "الباب الذي تأتي منه الريح" .. وبيننا القضاء العادل .
? هل يعني هذا أنك ترى أن تقديرات الدولة كانت مختلفة في حالة "الإصلاح" عنها مع الإخوان ؟
? أنا أعتقد أن المراقبين للأمور أمنياً أو سياسياً في الدولة يعرفون أن هناك فرقاً واضحاً
? وجود مشروعين لحزبين أصوليين الآن ، قوبلا بالرفض ، ويخوضان معركة قضائية ..ألا يضعف كلاهما ؟
? لا شك ، ولكنهم هم الذين انشقوا وسبقونا في اتخاذ الإجراءات تعجلاً حتى يظهروا أولاً ولكننا منذ سنتين ونصف نفكر في تكوين هذا الحزب وتأسيسه وخطوات ذلك وليس السبق في من يقدم الأول ولكن كان من الأفضل أن نتحد وبسطنا أيدينا للكل فمنهم من جاء ومنهم من رفض ولكن هذا لا يضعف أياً من الحزبين فكلاهما سيعمل وكلاهما سيأخذ خطه والشاطر من يعرف يكتسب أو يجذب إليه جماهير الناس .
? سيناريوهات ما بعد الرفض ، كيف تتوقع أن تمضي ؟
? بعد رفض حزب الشريعة وحزب الإصلاح ، ليس أمامنا سوى ساحة القضاء ، ولو لجأ لي أصحاب حزب الشريعة لرفع دعوى سأرفعها لهم ، ومن جانبنا نحن سأرفع دعوى أمام القضاء ، وإن أنصفنا القضاء أهلاً وسهلاً ، وإن لم يفعل سنظل نناضل إلى أن يتحقق بالطرق السلمية المشروعة ومن خلال القنوات العلنية ، لكن لن يعود أبناؤنا& للبندقية مرة أخرى .
? متى وكيف بدأت هذه الفكرة ؟
? لم يكن لدي فكرة تكوين حزب لكن إخواننا هم الذين فكروا الخروج إلى النور لكنهم لم يحاولوا أن يكسبوا موقع من السياسية أو يستفيدوا منه فهم التقوا وفاتحوني به من سنتين ومنهم منتصر الزيات المحامي ، وجاء لي بمفرده وقال لي أن كمال حبيب وجمال سلطان يفكران في تأسيس حزب ، وأنهما يرغبان في إسناد رئاسة هذا الحزب إليك ، فقلت له يعينهم الله وعندما يكتمل يعرضوه علي لأراه وبالفعل اشتركوا فيه وطلبوا مني إحضار توكيلات وأحضرتها لهم ورأيت البرنامج وأدخلت عليه كثيراً من التعديلات المتعلقة بحقوق الإنسان والإصلاحات الدستورية والجوانب الاقتصادية مثل اتفاقية الجات والخصخصة وغير ذلك من القضايا .
? هناك من يقول أنك غير حاصل على درجة الدكتوراه أساساً .. فما حقيقة الأمر ؟
هذا لغو .. أنا حاصل على الدكتوراه من سوريا منذ أكثر من ثلاثين عاماً .
? هناك من يقول أيضاً أنك مجرد واجهة لجمال سلطان وكمال حبيب ؟
أرفض& مجرد هذا السؤال من حيث المبدأ .. فأنا أكبر من أن أكون واجهة لأحد .