&
القدس- يتحدى المسؤولون عن العمليات الانتحارية في القدس وحيفا، مساء امس السبت وصباح اليوم الاحد، رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، اكثر من الحكومة الاسرائيلية، بحيث بات يتعرض لضغوط شديدة من اجل وقف هذه الهجمات. ومن الجانب الاسرائيلي، يعتبر عرفات انه واقع تحت التهديد برد مباشر بعد ان حذر رعنان غيسين المتحدت باسم رئيس الوزراء ارييل شارون والذي يرافقه في جولته الى الولايات المتحدة من ان الرد على العلميات سيكون "مناسبا".
وقد اوقعت العمليات عشرات الضحايا. الا ان الضغوط الاميركية على عرفات كانت شديدة ايضا. ولم يجامل الموفد الاميركي الجنرال انتوني زيني الذي وصل الى القدس الاثنين الماضي لاقرار وقف لاطلاق النار كلماته تجاه عرفات. قال زيني الجنرال السابق في مشاة البحرية الاميركية "المارينز" انه ابلغ عرفات "بطريقة واضحة للغاية" انه يتعين عليه "اعتقال المسؤولين عن تنفيذ هذه العمليات والاعداد لها".
واضاف "انها مهمة ملحة جدا ولا تحتمل التاخير او الاعذار لكي لا يتم التصرف بطريقة حازمة". ومن جهته، قال الرئيس الاميركي جورج بوش انه "يجب على الرئيس عرفات والسلطة، الان اكثر من اي وقت مضى، ان يؤكدوا عبر خطواتهم وليس بالكلام فقط، تعهداتهم من اجل محاربة الارهاب". وبدوره، شدد وزير الخارجية كولن باول على مطالبة عرفات خلال اتصال هاتفي بالقيام ب"اعمال فورية كاملة ضد الاشخاص المسؤولين والبنى التحتية للجماعات التي تدعمهم".
وبالاجمال، فقد انذرت الولايات المتحدة عرفات بوجوب القيام بما حاول تفاديه حتى الان، اي شن حرب لا هوادة فيها على الجماعات المسلحة وليس فقط ضد الجهاد وحماس، وانما ضد عناصر تنتمي الى منظمته فتح والذين يرفضون احترام وقف النار المعلن في 26 ايلول/سبتمبر الماضي.
وقد طلبت اسرائيل من الزعيم الفلسطيني مرارا توقيف ناشطين ضمن لائحة سلمته اياها وتتضمن 108 اسماء. وفي الايام الاخيرة، ومنذ وصول زيني وسسلسلة الهجمات التي تزامنت مع ذلك، باشرت السلطة حملة اعتقالات في صفوف الجهاد الاسلامي وهي منظمة صغيرة الحجم تتبنى عددا من العمليات الانتحارية. واوقفت الشرطة الفلسطينية امس السبت اكثر من عشرة من اعضاء الجهاد في الضفة الغربية واحد قادتها في غزة بعد مواجهات تخللها اطلاق نار.
لكن اسرائيل تؤكد ان ذلك لا يتعدى كونه مناورات لذر الرماد في عيون الولايات المتحدة واوروبا. ونظرا للتطرف السائد في الشارع الفلسطيني، وضمنه الارتفاع الكبير في شعبية الاسلاميين، فان السيطرة على هذه الحركات وشلها عن التحرك يشكل مجازفة سياسية كبيرة بالنسبة لعرفات. الا ان عدم الانصياع للاوامر الاميركية سيعرضه لانتقام اسرائيلي واسع النطاق وعزلة دولية شاملة على الصعيد الدبلوماسي. وبالتالي، فان وضع عرفات يعتبر اسوا مما كان عليه في الاول من حزيران/يونيو الماضي لدى تفجير مرقص قرب تل ابيب حيث فقد 23 شخصا حياتهم.
وهددت اسرائيل حينها بالانتقام الشامل ومارس الاوروبيون ضغوطا لا مثيل لها على عرفات وخصوصا وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر الذي كان موجودا في المنطقة. ويكمن الفرق حاليا في ان الولايات المتحدة كانت حينها في حال من الانكفاء. اما اليوم، فقد تغير كل شيء مع اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر وقرار الولايات المتحدة التدخل في افغانستان وعودتها اى المنطقة من اجل التوصل الى حل للنزاع بين الفلسطينيين واسرائيل.