&

إيلاف- نبيل شرف الدين: اوشكت الفصائل الأفغانية على التوصل لاتفاق في المباحثات التي ترعاها الأمم المتحدة في بون التي تهدف إلى تشكيل حكومة ما بعد طالبان التي تقارب يومها السابع - من الاتفاق على هيكل الحكومة المؤقتة التي تحكم الدولة. إلا أن المراقبين يحذرون من أن المشكلة هي تحديد من سيشغل مناصب تلك الحكومة التي سيستغرق الاتفاق عليها أياماً أخرى عديدة. أما المساومات على تلك المراكز فهي واقعة لا محالة مع أن المجموعتين الرئيسيتين متفقتان على المرشح الذي سيرأس تلك الحكومة .
وطبقاً لمسودة العرض التي حصلت عليها "إيلاف" ، فإن سلطة مؤقتة ستتكون من حكومة قوامها 29 عضواً ومحكمة عليا ولجنة خاصة مستقلة لتشكيل المجلس الأعلى للزعماء. ويطلب هذا العرض من مجلس الأمن بالأمم المتحدة دراسة إصدار قرار بإرسال قوة دولية لحماية أمن كابول والمناطق المحيطة وأن يسحب كل المشتركين في مباحثات بون قواتهم من المدينة. وتقترح المسودة أن يلعب ظاهر شاه، الملك السابق الذي يبلغ من العمر 87 عاماً، دوراً رمزياً في افتتاح المجلس الأعلى للزعماء، الذي سينتخب سلطة انتقالية تحكم لثمانية عشر شهراً حتى يتم وضع دستور. وإلى أن يتم ذلك، سيتم إعمال معظم دستور الملك السابق الذي صدر عام 1964 أكثر الأنظمة السياسية التي شهدتها أفغانستان تحرراً كقانون أفغانستان الأساسي. وقالت المسودة أيضاً أن دولة أفغانستان الإسلامية التي يقودها برهان الدين رباني الرئيس المخلوع ستنتهي عندما يتم تشكيل السلطة المؤقتة. وفي غضون ذلك، فقد أنهت الوفود خطة مبدئية صباح الأحد توضح نظام نقل السلطة من التحالف الشمالي، الذي يحكم أفغانستان الآن، إلى حكومة جديدة. وبعد الاتفاق النهائي، فإن مبعوث الأمم المتحدة الخاص الأخضر الإبراهيمي يستعد للسفر فورا لأفغانستان للمساعدة على وضع الاتفاق موضع التنفيذ. ولم يكن واضحاً بعد متى سترسل قوة حفظ السلام الدولية. إلا أن المتحدث باسم الأمم المتحدة، أحمد فوزي، حذر من أن الموضوع سيستغرق بعض الوقت. ودائماً ما تذكر الأمم المتحدة والدول المتبرعة الفصائل المتصارعة بأن عليها أن تتوصل إلى اتفاق لأن هذا يعني مليارات الدولارات التي ستساعد في إعادة إعمار أفغانستان.
اختيار الأسماء
وفي الوقت الذي دخلت فيه المباحثات يومها السادس على الفندق الذي يعلو التل، قال العديد من الدبلوماسيين الغربيين أن الأطراف تحرز تقدماً، إلا أن المساومات ستستمر لبضعة أيام. يقول مبعوث الولايات المتحدة في أفغانستان، جيمز دوبينز: "أتوقع أن تستمر المباحثات يومين بعد أن يتم الموافقة على الأسماء. وأعتقد أن الاتفاق سيكون يوم الأربعاء وهو تفاؤل إلا أنه موضوعي."
وكان مستشار في مجموعة الملك ظاهر شاه قد قال أنهم قد عرضوا اسم المساعد المقرب للملك السابق، عبد الستار سيرات ليرأس الحكومة المؤقتة. وقال مستشار للتحالف الشمالي أن مجموعته قد ساندت هذا الاختيار. وإذا وافقت كل الفصائل المشاركة في المباحثات في ذلك الفندق في بون على اسم سيرات، فسيرأس الرجل الحكومة المؤقتة حتى يتشكل مجلس الزعماء المؤقت في حوالي ستة أشهر. وليس من الواضح حتى الآن ما هو الدور الذي سيلعبه زعيم التحالف الشمالي، برهان الدين رباني في الحكومة المستقبلية. ومع ذلك يقول أعضاء من وفد الملك السابق أنه لن يكون له أي دور. والجدير بالذكر أن رباني هو المعترف به رئيساً لأفغانستان من قبل الأمم المتحدة. يقول فوزي: "سيستمر في لعب دور حتى تتشكل الحكومة المؤقتة. نحن نحتاجه للتوصل لاتفاق." وهناك بعض الأسماء التي تتردد لشغل بعض المناصب. ويقول دبلوماسيون أنه يبدو أن وزير خارجية التحالف يونس قانوني ووزير الخارجية عبد الله واثقين من الاحتفاظ بمنصبيهما. يقول فوزي: "الرابطة المفقودة هي قائمة الأسماء إلا أننا نتحدث عن قائمة صغيرة وأعتقد أن هذا يمكن إنجازه." وهذه الفكرة غير التي كانت مقترحة سابقاً من مجلس أو برلمان يضم من 120 إلى 200 شخص. وقد تم التخلي عن تلك الفكرة للإسراع بالمباحثات. وقد تقلصت فرص حميد خارزي القائد البشتوني البارزالذي يحارب طالبان في قندهار المحاصرة في رئاسة الحكومة المؤقتة وهو الذي كان مرشحاً لها في السابق بعد الموافقة على سيرات. يذكر أن سيرات أوزبكي. أما العرق الغالب في أفغانستان فهو البشتون. تقول عضوة من مجموعة قبرص، سيديجي بالخي: "المندوبون يريدون أشخاصاً مؤهلين للحكومة المؤقتة إلا أن الموازنة بين الجماعات العرقية بما يتفق ونسبة السكان مهمة." أما عباس كريم، وهو مندوب عن التحالف الشمالي، فقال: "كنت متأكداً من توصل الأطراف المختلفة لاتفاق حول الأسماء. ليس هناك خلاف حول المناصب. تم حل المشاكل وسيكون هناك اتفاق اليوم أو غداً." وليس هناك تأكيد ما إذا كان سيتم اختيار سيدة في الحكومة المؤقتة أم لا. وكانت الأمم المتحدة والقوى الغربية قد طلبت حقوقاً كاملة للمرأة بعد أن منعتها طالبان من العمل والدراسة والخروج من المنزل من غير محرم.
مرحلة فاصلة
وقد دخلت المباحثات في ألمانيا مرحلة مهمة عندما أعلن التحالف الشمالي من كابول أنه سيسمح لمندوبيه بالعمل على تكوين مجلس والسماح بقوة حفظ سلام دولية. وكان رباني قد أوقف المباحثات عندما أعلن في وقت سابق أنه لابد من اختيار أعضاء الحكومة المؤقتة في أفغانستان وليس في ألمانيا مما ألقى بظلال من الشك على ما إذا كان الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه في ألمانيا سينفذ في أفغانستان. إلا أن عبد الله، وزير خارجية التحالف أعلن عن تغيير في وجهة نظر المجموعة يوم السبت في كابول. وقال: "نحن مستعدون لنقل السلطة إلى حكومة مؤقتة وبما أننا قررنا ذلك فلن يكون من المعقول أن نطلب الدور المهم الرئيسي. عندما دخلنا كابول أعلنا أنه ليس في نيتنا الاستيلاء على السلطة بالقوة ولكن كان هدفنا الرئيسي هو ضمان أمن المواطنين. وقد نقلت صحيفة الصنداي على لسان عبد الله عن صحيفة كورير ديلا سيرا الإيطالية قوله: "لقد فعلنا ذلك. والآن نحن مستعدون لنقل السلطة لحكومة مؤقتة." وقد قال وزير التحالف أيضاً أن مجموعته مستعدة لأن تكون "مرنة" فيما يتعلق بقوة حفظ السلام الدولية في أفغانستان إلا أنه سيتطلب قراراً من مجلس الأمن ويجب أن تكون إقامتهم في أفغانستان محدودة. وقد أتى هذا التحرك بعد ليلة من الدبلوماسية المجهدة اتصل فيها الإبراهيمي بكابول ليضغط على زعماء التحالف الشمالي ليسقطوا معارضتهم لأي مجلس يتم الموافقة عليه في ألمانيا. وقد مارس الكثير من الدبلوماسيين الأميركيين والتابعين للمنظمة العالمية والإيرانيين والبريطانيين الضغط على برهاني مباشرة.