&
الابراهيمي
لندن ـ& اكثر من "تعظيم سلام" لحاجب الدم الافغاني من دون قاذفات وصواريخ ومؤامرات، وصبر ونال، وخمس سنوات عجاف هي مدة مهمة الاخضر الابراهيمي الافغانية ستأتي بخمس منهن مثمرات
وستمتد الى ما شاء الله.
الابراهيمي، هذا الصابر هو رجل المهمات الصعبة، وليته قاد مشكلة الصحراء الغربية، وليته يقود مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
واذ لكل امرء من اسمه نصيب فان هذا ينطبق في تمام الحال على هذا الجزائري الأخضر، ففي اول مؤتمر لحركة عدم الانحياز كان لولب الحركة الدائبة ذلك الخريج الجديد في القانون وكان يمثل بلدا مستعمرا منذ 150 عاما، وهناك اشير اليه بالبنان من عظماء ثلاثة نهرو الهند وتيتو يوغوسلافيا وناصر مصر.
والنجومية لا تكون في تمثيل الافلام السينمائية او تسجيل اهداف كروية، انها ايضا رخصة الدبلوماسيين العاملين بصمت، فالاخضر الابراهيمي صمته ابلغ من الكلام، وهو حين يلج منتصف ستينيات عمره فانما يقتحم التاريخ.
وهو ليس على ظهر دبابة جاء الى السياسة، ولا في انقلاب عسكري على الطريقة العربية، هو خلاصة الجزائر المتلاحمة اساسا مع نفسها وهي ضد جميع تيارات الغلط في الزمن الصعب وهذا حال الاخضر الابراهيمي.
حتى من حكم الجزائر من الجنرالات ابتداء من الفريق الشاذلي بن جديد لم يجد احدا يتكىء عليه في السياسة الخارجية سوى الاخضر وظل مستشاره لسنوات طوال الى ان ندب للعمل امينا عاما مساعدا للجامعة العربية المكلومة بجراحات العرب.
ومن هناك كانت بوابات اتفاق الطائف السعودي لحل المأزق اللبناني، بمبادرة شهمة من الرياض، وبصبر دبلوماسي من الاخضر، وعلم المملكة على ما يعرف الجميع اخضر اللون.
الاخضر الابراهيمي، فعل في سنوات خمس عاتية بصمت، لم يكن المانشيت الرئيس للصحافة كما هو حال السيناتور الاميركي السابق جورج ميتشيل حين تورط في الصراع البريطاني الايرلندي وتلاه متورطا مرة اخرى بين الفلسطينيين اصحاب الحق والاسرائيليين الغزاة.
ولم يكن الاخضر متحدثا اساسا على شاشات محطات الفضائيات العربية، ونظيرتها الاجنبية. ومن هنا يبرز دور الرجل، واذ عادات وتقاليد الاسلام واضحة وصريحة في النص بعدم اقامة التماثيل فانه من الممكن اقامة تمثالين للاخضر في بيروت وكابول.
هذا الابراهيمي لم يحمل حتى اللحظة لقب "معالي" او "سيادة" على عادة جماعة الجامعة العربية، ونظيرتها الامم المتحدة، وفي بون في الأمس جاء القرار الافغاني على طبق افغاني من ذهب، وليس من قذائف الـ (بي 52 )، انها كانت قذائف من عمره في هذا اليوم 64 عاما، ايهما افضل؟.
عمل الابراهيمي سفيرا لجزائر المليون شهيدا في لندن واماكن مثل نيودلهي نهرو واسلام اباد وعواصم كل جنوب آسيا المكلومة بالصدامات والمناحرات عرقيا ودينيا وغيرها.
وحاور هذا الاخضر ولم يناور كعادة الدبلوماسيين ولم يلبس ربطات العنق الانيقة وهو يعرف ان شعره الكث الأشيب من دون دهانات سوداء يعطيه القدرة على لجم محاوريه فالتجربة هي المحك وليس التشبشب.
للعلم فان الاخضر الابراهيمي ليس موظفا عند هيئة الامم، وحين اختاره الامين العام للهيئة بطرس غالي كمبعوث للحدث الافغاني، فانه يعرف لمن اعطى المهمة، جزا الله غالي خيرا على الاختيار ولا بد الآن لواشنطن ان تعيد للدبلوماسي المصري الغالي الاعتبار على اختياره للاخضر.
لا يملك الاخضر في بلاده الغنية بالنفط وهي مديونة الآن للعالم حتى اذنيها الا شقة متواضعة تأوي اسرته, وفي آخر كل شهر يرسل ما في جعبته من بقية دولارات الى الاسرة وغيرها من الاسر كذلك في المحيط الجزائري.
تجربة الاخضر الابراهيمي العربية كمحاور ومفاوض مثيرة، وتدعونا في "ايلاف" الى الى المطالبة بتدريسها في معاهد الدبلوماسية العربية اينما كانت.
لم يأت الاخضر للعمل الدبلوماسي بواسطة من اولئك المتنمرين بثرائهم وجاههم العشائري وعلاقاتهم العامة، هو خلاصة نفسه الى نفسه ومن نفسه، وهكذا لو كان اميركيا لقاد دبلوماسية هذه البلاد بدلا من كيسنجر وفانس وشولتز والجنرال العسكري الحازم كولن باول.
في الجزائر تقاتل السلطة الحكومية ممثلة بالرئيس عبد العزيز بو تفليقة المتشددين الاسلاميين، وبو تفليقة الذي يقول انه بو مدينيا نسى ويتناسى دور الاخضر الابراهيمي العالمي ولم يتقدم ببرقية شكر له عبر الفاكس او "الايميل" الى رفيق سلاح الامس في الفترة البومدينية.
والجامعة العربية ايضا ممثلة بالوزير المتمكن عمرو موسى لم تقل كلمتها في حق هذا العربي الذي انجز ميثاقا لصالح بلد اسلامي شقيق، والاخضر في النهاية لا ينتظر ذلك، يكفيه كلمة قالها عنه السفير السعودي الامير بندر بن سلطان في العام 1987 "لولا هذا لم نكن ان نعمل هذا"، والامير السفير كان يشير الى اتفاق الطاءف من جهة والى (هذا) الاخضر الابراهيمي.
لا احد يعرف او يتكهن ماذا سيقول الاشقاء الافغانيون عن الاخضر الابراهيمي مستقبلا ، اذ المأساة في السنوات الثلاث الاخيرة كانت بالنسبة لهم عجافا بفعل (عرب اسامة بن لادن وشيشانه وصومالييه وجماعات مدارس فقه السلف) وهم ن مجموعات المرتزقة والمندسين تحت غطاء الدين الحنيف وهي في الاساس مرفوضة من مجتمعاتها الاصل.
لم يحقق الابراهيمي الذي ينوي التقاعد قريبا مصالحة الافغان فحسب، انه صمم هندسة في التعاطي الدبلوماسي بطول نفس مع الاحداث، واذ تقرر جامعات اصيلة وكبيرة اقامة حلقات دراسية معنونة باسماء مبدعين قدموا الكثير فان على جامعة عربية ما ان تعطي هذا الاسم وهو اخضر وابراهيمي كذلك عنوان احدى فصولها الدراسية تدريبا للاجيال في كيفية التعامل بالصبر وبالجهد وبالصمت ايضا.
انه اقتراح من "ايلاف" هذه الجريدة العربية الالكترونية البكر.&&&&&&