تهانينا الى غبطة البطريرك الماروني بخير هدية يتلقاها في عيد مار مارون.
انها عيدية نتوقف، ويجب ان يتوقف عندها اللبنانيون، كل اللبنانيين من منطلق "نمط المحبة والسلام" الذي تحدث عنه وليد جنبلاط.
أية عيدية نعني؟
بالضبط، كلام وليد جنبلاط الذي لا أحد سواه من وزنه يكتسب كلامه المغزى التاريخي الذي نفتقده في هذه الأيام الببغائية الكئيبة.
* * *
فماذا أكثر من اعلان وليد جنبلاط أنه يلتقي والبطريرك في "صرخة الضمير والألم والوجدان علّنا جميعاً نتحصّن من ورائه ومعه"؟.
ماذا أكثر من هذا الاعلان يمكن ان يهزّ "جمهورية الولايات الطائفية غير المتحدة" التي استحالها لبنان؟
ذلك ان اللبنانيين يحتاجون، كي يصنعوا، مرة اخرى، من "الولايات" وطناً، الى أكثر من التهكّم (ولو كان في نهاية التحليل تهكماً ذاتياً!...) على الرؤساء المنصَّبين عليها، وكأن كل واحد منهم (صحيح!) يرى فيها جمهوريته مختلفة عن جمهورية الرئيسين الآخرين...
والصفة "التاريخية" في كلام الوليد (الخالي من مجاملة لا يحتاج اليها) انه يعود بنا ليس الى لقاء المختارة - دير القمر فحسب، بل أبعد منه الى ذخر كمال جنبلاط وتطلع الدروز المنوَّرين الى إرث الأمير فخر الدين المعني العربي، مؤسس الاستقلال اللبناني والوحدة اللبنانية. فضلاً عن اطلاق الامير، من خمسة قرون، تطلعات حضارية نهضوية هي بالذات ما نحتاج اليه اليوم ليستعيد لبنان رسالته العربية ويتحصن في وجه "عواصف الصحراء"، أكانت ارهاباً أم حروباً على الارهاب.
* * *
أوَنحن في حاجة الى أن نتذكّر ونذكّر أن الموارنة اختاروا الجبل اللبناني وطناً سقوه بزوم قلوبهم والعقول، هرباً من الارهاب؟
ويا ليت مردّدي التصريحات والبيانات اليومية العنترية - البوليسية الهوية - يدركون ان بقاء لبنان وطناً غير معرّض للبيع ولا هو معروض للإيجار... يا ليت هؤلاء يدركون ان البقاء اللبناني رهن بعودة الايمان بلبنان، وليس بتلاوة مزامير التبرؤ الخبيث والاعتذار الجبان.
وبالإيمان، أي بتواصل "الضمير والألم والوجدان" كما بين السيد البطريرك وزعيم المختارة، نعيد بناء لبنان للبنانيين الأحرار، لبنان - نكرر - لا نعرضه للايجار كما فعلنا، ولا نسبغ البطولات على من باعه مرة، فمرتين، ومن يدري ربما مرات!!!... "قبل صياح الديك".
* * *
ولنفصح: لماذا فخر الدين الكبير، في عيد مار مارون؟
أوَفقط لنهضويته وانفتاحه، وتوحيده اللبنانيين واغتصاب استقلالهم من الامبراطورية العثمانية؟
لا، لا... أكثر، أكثر.
لأنه أدرك ان لبنان المستقل يجب أن يقوم على اتحاد الجبل وبقاعه بالساحل المتوسطي... فأقام عاصمة لإمارته في بيروت بالذات (وكان مالكاً صيدا، فليتذكّر من قد لا تزال له اذنان للسمع...) أعظم من عاصمته الجبلية في دير القمر.
بيروت، يا بيروت...
أوَلهذا هدموك بالأمس، الأمس القريب، كما طرد منك العثمانيون اميرك فخر الدين وهدموا قصره وأحرقوا حدائقه الغنّاء وخنقوا مرفأه الذي جعله يحاكي أوروبا؟... ومن بيروت كنا قد ابحرنا، امويين موحّدين، الى الأندلس لنقيم مجداً ظل وحده مجد العرب العرب وعزهم، بعدما سقطت الخلافة الاسلامية في قبضة الغزاة الجنزكيزخانيين وسائر اصناف المماليك.
* * *
بيروت، يا بيروت...
أينَك يا رياض الصلح الصيداوي الأصل، تحقق حلم فخر الدين مرة أخرى؟... وقد كان ميثاقك الوطني عودة الى عهد الاستقلال الأول، لأنك والشيخ بشارة الخوري جعلتماه عام 1943 ميثاقاً بين تطلعات "الساحل" وحزبيات "الجبل" ومعاقل "البقاع" البعلبكي التاريخ.
اذذاك قام "الوطن النهائي" من تآلف مكوِّناته وقد الزم كل زعيم طائفته بهذا التآلف. واذ نسلّم ان الطائف جاء يطوي زمن فكفكة الوطن والتنكر للرسالة، فأعاد تكريس "نهائية" هذا الوطن في الدستور... نتساءل لماذا جعل الحكم "الطائفي" (بكل معاني الكلمة...) الدستور ومناصبه والرئاسات - وأي رئاسات!!! - مجموعة مغانم وأسلاب، كلها معروضة للإيجار وكلها دكاكين لبيع الوطن بالجملة والمفرّق، مواطنين مواطنين.
* * *
... الآن، ها هو العصب الجبلي يعود، وكأنه، كما مع كمال جنبلاط، يجوهر في رؤيويته موازين .1943 وها هي البيعة المارونية، بعدما بخست اثمان تزعمها، وديعة في الصرح البطريركي، ومَن أحرى؟
فمتى يستقيم الميثاق الجديد ويكتمل برياض صلحٍ في الحجم العربي الذي كان له، يعلن اننا نحن لا نريد لبنان للاستعمار مستقراً، وهم العرب لا يريدونه للاستعمار اليهم ممراً، فنحن وهم اذن نريده "وطناً عزيزاً، مستقلاً، سيداً حراً"؟...
وأما دعاة الوحدويات الطوباوية الانتهازية الفاشلة، فآن لهم ان يدركوا ان الطريق المستقيم الى الوحدوية العربية الحقيقية تمر - كما كرر الرياض منذ 1928 مرات - عبر وحدة اللبنانيين واجتماعهم في عروبة صافية... وكأنه، هو، كان يجرؤ، بسبب من رصيده، فيصرخ مذذاك: "ارفعوا ايديكم عن لبنان"!
* * *
نعم، تلك هي الطريق الى عروبة لا تكون هي كذلك للبيع ولا للايجار...
ترى هل يتسع صدر القمة العربية لصرخة من زعماء لبنان الحر؟
صرخة تكرّس كون رسالة لبنان الميثاقية هي التي تحرر العرب من عواصف الصحراء، سواء كانت ارهاباً أم حروباً على الارهاب... أم تبرؤاً واجلاً من هذه وذاك. (النهار اللبنانية)
انها عيدية نتوقف، ويجب ان يتوقف عندها اللبنانيون، كل اللبنانيين من منطلق "نمط المحبة والسلام" الذي تحدث عنه وليد جنبلاط.
أية عيدية نعني؟
بالضبط، كلام وليد جنبلاط الذي لا أحد سواه من وزنه يكتسب كلامه المغزى التاريخي الذي نفتقده في هذه الأيام الببغائية الكئيبة.
* * *
فماذا أكثر من اعلان وليد جنبلاط أنه يلتقي والبطريرك في "صرخة الضمير والألم والوجدان علّنا جميعاً نتحصّن من ورائه ومعه"؟.
ماذا أكثر من هذا الاعلان يمكن ان يهزّ "جمهورية الولايات الطائفية غير المتحدة" التي استحالها لبنان؟
ذلك ان اللبنانيين يحتاجون، كي يصنعوا، مرة اخرى، من "الولايات" وطناً، الى أكثر من التهكّم (ولو كان في نهاية التحليل تهكماً ذاتياً!...) على الرؤساء المنصَّبين عليها، وكأن كل واحد منهم (صحيح!) يرى فيها جمهوريته مختلفة عن جمهورية الرئيسين الآخرين...
والصفة "التاريخية" في كلام الوليد (الخالي من مجاملة لا يحتاج اليها) انه يعود بنا ليس الى لقاء المختارة - دير القمر فحسب، بل أبعد منه الى ذخر كمال جنبلاط وتطلع الدروز المنوَّرين الى إرث الأمير فخر الدين المعني العربي، مؤسس الاستقلال اللبناني والوحدة اللبنانية. فضلاً عن اطلاق الامير، من خمسة قرون، تطلعات حضارية نهضوية هي بالذات ما نحتاج اليه اليوم ليستعيد لبنان رسالته العربية ويتحصن في وجه "عواصف الصحراء"، أكانت ارهاباً أم حروباً على الارهاب.
* * *
أوَنحن في حاجة الى أن نتذكّر ونذكّر أن الموارنة اختاروا الجبل اللبناني وطناً سقوه بزوم قلوبهم والعقول، هرباً من الارهاب؟
ويا ليت مردّدي التصريحات والبيانات اليومية العنترية - البوليسية الهوية - يدركون ان بقاء لبنان وطناً غير معرّض للبيع ولا هو معروض للإيجار... يا ليت هؤلاء يدركون ان البقاء اللبناني رهن بعودة الايمان بلبنان، وليس بتلاوة مزامير التبرؤ الخبيث والاعتذار الجبان.
وبالإيمان، أي بتواصل "الضمير والألم والوجدان" كما بين السيد البطريرك وزعيم المختارة، نعيد بناء لبنان للبنانيين الأحرار، لبنان - نكرر - لا نعرضه للايجار كما فعلنا، ولا نسبغ البطولات على من باعه مرة، فمرتين، ومن يدري ربما مرات!!!... "قبل صياح الديك".
* * *
ولنفصح: لماذا فخر الدين الكبير، في عيد مار مارون؟
أوَفقط لنهضويته وانفتاحه، وتوحيده اللبنانيين واغتصاب استقلالهم من الامبراطورية العثمانية؟
لا، لا... أكثر، أكثر.
لأنه أدرك ان لبنان المستقل يجب أن يقوم على اتحاد الجبل وبقاعه بالساحل المتوسطي... فأقام عاصمة لإمارته في بيروت بالذات (وكان مالكاً صيدا، فليتذكّر من قد لا تزال له اذنان للسمع...) أعظم من عاصمته الجبلية في دير القمر.
بيروت، يا بيروت...
أوَلهذا هدموك بالأمس، الأمس القريب، كما طرد منك العثمانيون اميرك فخر الدين وهدموا قصره وأحرقوا حدائقه الغنّاء وخنقوا مرفأه الذي جعله يحاكي أوروبا؟... ومن بيروت كنا قد ابحرنا، امويين موحّدين، الى الأندلس لنقيم مجداً ظل وحده مجد العرب العرب وعزهم، بعدما سقطت الخلافة الاسلامية في قبضة الغزاة الجنزكيزخانيين وسائر اصناف المماليك.
* * *
بيروت، يا بيروت...
أينَك يا رياض الصلح الصيداوي الأصل، تحقق حلم فخر الدين مرة أخرى؟... وقد كان ميثاقك الوطني عودة الى عهد الاستقلال الأول، لأنك والشيخ بشارة الخوري جعلتماه عام 1943 ميثاقاً بين تطلعات "الساحل" وحزبيات "الجبل" ومعاقل "البقاع" البعلبكي التاريخ.
اذذاك قام "الوطن النهائي" من تآلف مكوِّناته وقد الزم كل زعيم طائفته بهذا التآلف. واذ نسلّم ان الطائف جاء يطوي زمن فكفكة الوطن والتنكر للرسالة، فأعاد تكريس "نهائية" هذا الوطن في الدستور... نتساءل لماذا جعل الحكم "الطائفي" (بكل معاني الكلمة...) الدستور ومناصبه والرئاسات - وأي رئاسات!!! - مجموعة مغانم وأسلاب، كلها معروضة للإيجار وكلها دكاكين لبيع الوطن بالجملة والمفرّق، مواطنين مواطنين.
* * *
... الآن، ها هو العصب الجبلي يعود، وكأنه، كما مع كمال جنبلاط، يجوهر في رؤيويته موازين .1943 وها هي البيعة المارونية، بعدما بخست اثمان تزعمها، وديعة في الصرح البطريركي، ومَن أحرى؟
فمتى يستقيم الميثاق الجديد ويكتمل برياض صلحٍ في الحجم العربي الذي كان له، يعلن اننا نحن لا نريد لبنان للاستعمار مستقراً، وهم العرب لا يريدونه للاستعمار اليهم ممراً، فنحن وهم اذن نريده "وطناً عزيزاً، مستقلاً، سيداً حراً"؟...
وأما دعاة الوحدويات الطوباوية الانتهازية الفاشلة، فآن لهم ان يدركوا ان الطريق المستقيم الى الوحدوية العربية الحقيقية تمر - كما كرر الرياض منذ 1928 مرات - عبر وحدة اللبنانيين واجتماعهم في عروبة صافية... وكأنه، هو، كان يجرؤ، بسبب من رصيده، فيصرخ مذذاك: "ارفعوا ايديكم عن لبنان"!
* * *
نعم، تلك هي الطريق الى عروبة لا تكون هي كذلك للبيع ولا للايجار...
ترى هل يتسع صدر القمة العربية لصرخة من زعماء لبنان الحر؟
صرخة تكرّس كون رسالة لبنان الميثاقية هي التي تحرر العرب من عواصف الصحراء، سواء كانت ارهاباً أم حروباً على الارهاب... أم تبرؤاً واجلاً من هذه وذاك. (النهار اللبنانية)
التعليقات