&
تناقلت وكالات الانباء والصحف وشبكات الانترنت العالمية منذ فترة، فضلاً عن بعض علماء الآثار المعروفين، خبر المصير المأسوي الذي ينتظر آثار مدينة آشور التاريخية في العراق التي تعتبر القبلة والرمز التاريخي لوجود الشعب الآشوري، ومعها مئة موقع آثري آشوري آخر، غرقاً في مياه مشروع "سد مكحول" شمال العراق. فالحكومة العراقية، وبحجة "سد مكحول" عازمة على اغراق اهم عاصمة للعالم واهم مركز للتجارة العالمية في زمنها ومصدر تاريخي غني بالمعلومات التي لم تصلنا الى الان، ولا تقدر كنوزها المدفونة بثمن في رأي علماء الآثار. والسد المزعوم ليس بتلك الضرورة الملحة التي تقتضي انشاءه في تلك المنطقة، ففي الامكان تلافي وضع تلك المواقع الاثرية المهمة جدا ضمن قائمة الاضرار الجانبية للمشروع.
لا نعتب على المستشارين الهندسيين الذين أرتأوا بتر الجذور التاريخية لعراق آشور من اجل سد! بل نستغرب فعل الحكومة العراقية غير المسؤول حيال آثار تدرك الحكومة قيمتها، خاصة لدى الآشوريين السكان الاصليين وبناة حضارة العراق، والعراقيين والعالم في صورة عامة، كان يسع رأس السلطة الذي لا يغيب رأيه في مشاريع كهذه اصدار الأوامر بتغيير موقع السد بحيث لا يضر بتلك المناطق الأثرية التي هي امانة في اعناق السلطات الحاكمة، لا لكونها رموزاً آثرية فحسب بل لانها من ممتلكات الوطن، فالحكومات زائلة والاوطان باقية.
أنشاء "سد مكحول" في منطقة محرمة يعتبر تجاوزاً للتعليمات الصادرة من الجهات العراقية نفسها حول اعتبار المناطق الأثرية مناطق محرمة. فعمليات التطوير التي تستلزم انشاء السدود تسبقها دوماً استشارات مكثفة تأخذ برأي وزارات عديدة لتلافي تعارض المشروع مع الانشطة والاموال غير المنقولة للوزارات الاخرى لتحديد الاضرار التي ستسفر عن المشروع، ولوضع الجدوى الاقتصادية للمشروع، وتلك من البديهيات الفنية التي يبدو ان الجهات الرسمية في العراق تجاهلتها.
يبدو سوء تخمين الاضرار المادية والمعنوية التي ستلحق بالشعب الآشوري امراً لا يسترعي الانتباه اذ هاجر معظم الآشوريين من الوطن بسبب عدم الاستقرار، والشعب الآشوري غير قادر على حماية نفسه فكيف بآثاره! لذا أضحت آثارنا محط نهب وسلب وتهريب حتى على يد المسؤولين العراقيين!
نسأل المسؤولين العراقيين: لمصلحة من يتم تنفيذ مؤامرة أغراق آثار مدينة آشور المقدسة؟ ولماذا مدينة آشور بالذات؟ هل يمكن ان تقدم مصر على أغراق الاهرامات بحجة مشروع سد؟!
يبدو ان ابعاد المؤامرة الكبرى ضد الشعب الآشوري أخذت تنجلي. فالمستجدات السلبية التي يعانيها شعبنا على الساحة القومية واضحة المعالم وتشريده من ارض الاجداد حقق هدف اقتلاع شعبنا من جذوره التاريخية فجاء مشروع اغراق آثار مدينة آشور التاريخية المقدسة ليكمل حلقات المؤامرة.
انها جريمة بشعة بحق التاريخ المجيد لأمة آشور العظيمة التي اعطت العالم اكثر مما اخذت، فإغراق آثار مدينة آشور في العراق ليس بالحدث العابر الذي يمكن السكوت عليه ليمر من دون مساءلة. الشعب الآشوري كله قلق على مصير آثاره التي باتت بسبب الوضع الحالي في العراق من السلع المهربة والمتداولة في أسواق المزادات العالمية، وليس من حق اي كان ان يتصرف بالآثار الآشورية كملك شخصي مستغلاً موقعه او نفوذه او امواله، فللآثار اصحابها الشرعيون، وسيأتي اليوم الذي يطالبون فيه بقوة القانون.
نسأل العالم التدخل الفوري. نتوجه الى الحكومة والمنظمات غير الحكومية والجامعات وعلماء الآثار ان يقفوا ضد جريمة إغراق آثار مدينة آشور التاريخية المقدسة والمركز التاريخي لأول فكر حضاري ترك بصماته على الحضارة البشرية. (كندا) (عن "النهار" اللبنانية)